ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي ادَّعَى قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّهَا لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

564 حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

565 حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُضَيْرٍ ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

566 حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

567 حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، قَالَ : قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَجِيءَ بِالْبَيْتِ مِنَ الشِّعْرِ ، فَإِنَّ أَصْحَابَكَ كَانُوا يَجِيئُونَ بِالْبَيْتِ وَبِالْبَيْتَيْنِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَلْفِظُ بِشَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ وَجُعِلَ فِي إِمَامِهِ ، وَرَآهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا يُعْرَضُ عَلَيْهِ إِمَامُهُ ، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقْرَأَ فِي كِتَابِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْتَ شِعْرٍ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ، هُوَ مَا رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ ، عَنْ قَوْلِهِ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ ، وَلَا مَعْنَى لِتَوَهُّمِ الْمُنْكِرِ صِحَّةِ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِنْ قَالَ بِتَصْحِيحِهِ إِبَاحَةُ مَا دُونَ امْتِلَاءِ الْجَوْفِ مِنْ هِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنْهُ دُونَ الدَّلَالَةِ عَلَى النَّهْيِ عَمَّا هُوَ دُونَ الِامْتِلَاءِ ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ عِنْدَهُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ مَا دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنْهُ ، إِلَّا لِغَفْلَةٍ ، بَلْ فِي ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْوَاضِحُ ، لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِفِكْرٍ صَحِيحٍ ، أَنَّهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيٌ عَنْ قَلِيلِ مَا هُجِيَ بِهِ مِنَ الشِّعْرِ وَكَثِيرِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الِامْتِلَاءَ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ نَظِيرَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يُورِثُ الْوَرْيَ ، فَإِنَّ مَا دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنْهُ نَظِيرُ مَا دُونَ الِامْتِلَاءِ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي مِنْ حُكْمِهِ أَنْ يُورِثَ الِامْتِلَاءُ مِنْهُ الْوَرْيَ ، وَذَلِكَ لَا شَكَّ كُلُّهُ دَاءٌ مَكْرُوهٌ ، وَضُرٌ عَلَى الْأَبْدَانِ مَحْذُورٌ ، يَتَّقِيهِ كُلُّ ذِي فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَيَهْرُبُ مِنْهُ كُلُّ ذِي بِنْيَةٍ سَلِيمَةٍ . فَإِنْ كَانَ نَظِيرَ الشِّعْرِ الَّذِي هُجِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَهُ شَبِيهًا لِتَمْثِيلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِهِ ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ بِتَشْبِيهِهِ إِيَّاهُ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُولِي الْأَلْبَابِ مِنْ أُمَّتِهِ ، عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ وَالْحَذَرِ مِنْهُ ، نَظِيرُ مَا فِي فِطْرَتِهِمْ وَبِنْيَتِهِمْ مِنَ اتِّقَاءِ قَلِيلِ مَا أَفْسَدَ أَجْوَافَهُمْ وَكَثِيرِهِ ، وَأَوْرَثَهَا الدَّاءَ ، مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يُورِثُهَا الْوَرْيَ كَثِيرُهُ . وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ صِحَّةُ مَا قُلْنَا ، وَفَسَادُ مَا خَالَفَنَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْتَ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مُرْسَلٌ ، وَرَاوِيهِ بَعْدُ مُجَالِدٌ ، وَوَاجِبٌ فِي خَبَرِ مُجَالِدٍ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ ، التَّثَبُّتُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّصِلًا ، فَكَيْفَ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ مُرْسَلًا مُنْقَطِعًا ؟ قِيلَ لَهُ : مَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَنَّ مَرَاسِيلَ الْعُدُولِ الَّذِينَ شَأْنُهُمُ التَّحَفُّظُ مِنَ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ لَا يَجُوزُ الرِّوَايَةُ عَنْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ ، لِلَّهِ تَعَالَى دِينٌ لَازِمٌ مَنْ بَلَغَتْهُ قَبُولُهَا وَالدَّيْنُونَةُ بِهَا ، مَعَ بَيَانِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ عَلَيْهِ قَبُولَ خَبَرِ مُجَالِدٍ وَنُظَرَائِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَبَعْدُ ، فَإِنَّنَا لَمْ نَجْعَلْ عِلَّتَنَا فِي تَصْحِيحِ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ وَقُلْنَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ، الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحْدَهُ ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي نَتَّفِقُ نَحْنُ وَمُخَالِفُونَا عَلَيْهَا الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ . وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ لِلزَّاعِمِ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : النَّهْيُ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ : أَخْبَرَنَا عَنِ النَّهْيِ الَّذِي وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ ، إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتُ ، أَمَخْصُوصٌ لَهُ الشِّعْرُ خَاصَّةً ، أَمْ ذَلِكَ عَامٌ فِي كُلِّ مَا امْتَلَأَ الْجَوْفُ مِنْهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ غَيْرُهُ ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِهِ الشِّعْرُ خَاصَّةً ، دُونَ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ غَيْرِهِ ، قِيلَ لَهُ : الْجَائِزُ إِذًا أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ رِوَايَةَ أَسَاجِيعِ الْكُهَّانِ وَخُطَبِ الْخُطَبَاءِ ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا مِنْ عُلُومِ الدِّينِ شَيْءٌ ؟ فَإِنْ قَالَ : ذَلِكَ كَذَلِكَ ، خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ ، لِإِبَاحَتِهِ الْجَهْلَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ بِمَا لَمْ يُبِحِ اللَّهُ الْجَهْلَ بِهِ ، وَمَنْ تَرْكِ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يَسَعُ تَرْكُ حِفْظِهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَالَ : ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ . قِيلَ : فَقَدْ بَطَلَ إِذًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَعْنِيًّا بِهِ الشِّعْرُ خَاصَّةً . وَذَلِكَ تَرْكٌ مِنْهُ لِقَوْلِهِ . وَإِنْ قَالَ : بَلْ ذَلِكَ مَعْنِي بِهِ كُلُّ مَا امْتَلَأَ مِنْهُ جَوْفُ الْمَرْءِ كَائِنًا مَا كَانَ ذَلِكَ الَّذِي امْتَلَأَ مِنْهُ ، شِعْرًا أَوْ غَيْرَهُ ، تَرَكَ الْقَوْلَ بِالْخَبَرِ ، وَقِيلَ لَهُ : فَقَدْ يَجِبُ إِذًا ، إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحِكْمَةِ ، أَنْ يَكُونَ مُمْتَلِئًا قَلْبُهُ مِنَ الْقَيْحِ الَّذِي يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ امْتِلَائِهِ مِنْ ذَلِكَ . وَذَلِكَ قَوْلٌ إِنْ قَالَهُ لَا يَخْفَى فَسَادُهُ عَلَى ذِي فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ . وَإِنْ قَالَ : بَلْ ذَلِكَ مَعْنِيٌّ بِهِ الِامْتِلَاءُ مِنْ بَعْضِ الْمَعَانِي دُونَ بَعْضٍ . قِيلَ لَهُ : فَمَا ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي عُنِيَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ ؟ فَإِنْ سَمَّى شَيْئًا بِعَيْنِهِ مِنْ صُنُوفِ الْعُلُومِ عُورِضَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِ ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ . وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ امْتِلَاءِ الْقَلْبِ مِنْ بَعْضِ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ مِنْ غَيْرِ عُلُومِ الدِّينِ ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي الْقَلْبِ غَيْرُهُ ، وَلَا شَيْءَ يُخَالِطُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ أَبْيَنُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ، بِخِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى الِامْتِلَاءِ مِنَ الشِّعْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُهُ . وَأُخْرَى : أَنَّ الشِّعْرَ كَلَامٌ كَسَائِرِ الْكَلَامِ غَيْرِهِ ، حَسَنُهُ حَسَنٌ ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ ، كَمَا حَسَنُ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ حَسَنٌ ، وَقَبِيحُ غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ قَبِيحٌ ، غَيْرَ أَنَّ لَهُ بِأَنَّهُ مُؤْتَلِفُ النِّظَامِ ، مُتَّسِقُ الْأَوْزَانِ الْفَضْلَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ مَنْثُورِ الْكَلَامِ ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ مَعْنَى غَيْرِهِ مِنَ الْكَلَامِ ، فِي أَنْ يَكُونَ سَبِيلُهُ سَبِيلَهُ ، فِي أَنَّ مَا حَسُنَ قِيلُهُ وَرِوَايَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ حَسُنَ مِنْهُ ، وَمَا قَبُحَ قِيلُهُ وَرِوَايَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ قَبُحَ . فَأَمَّا الِامْتِلَاءُ مِنْ مَعْنًى مِنْهُ حَتَّى لَا يُخَالِطَ الْقَلْبَ غَيْرُهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَأُمُورِ الدِّينِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ ، مِنْ أَيِّ الْمَعَانِي كَانَ ذَلِكَ ، فَلَا وَجْهَ لِأَنْ يُخَصَّ بِذَلِكَ الشِّعْرَ دُونَ غَيْرِهِ . وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ كَذَلِكَ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ دُونَ مَا خَالَفَهُ . وَأَمَّا الَّذِينَ أَنْكَرُوا رِوَايَةَ جَمِيعِ أَصْنَافِ الشِّعْرِ ، وَقِيلَ جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ اعْتلِالًا مِنْهُمْ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ الْأَخْبَارَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ ، غَيْرُ جَائِزٍ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهَا فِي الدِّينِ . وَالصَّحِيحُ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ أَمْرِ حَسَّانَ وَغَيْرِهِ مِنْ شُعَرَاءِ الصَّحَابَةِ بِهِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ لَهُمُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ ، وَاسْتِنْشَادِهِ إِيَّاهُمْ ، وَتَمَثُّلِهِ أَحْيَانًا مِنْ ذَلِكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْبَيْتِ . وَالشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ ، وَإِخْبَارِهِ أَصْحَابَهُ أَنَّ هِجَاءَ مَنْ هَجَا مِنْ شُعَرَاءِ أَصْحَابِهِ الْمُشْرِكِينَ أَشَدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ نَضْحِهِمْ إِيَّاهُمْ بِالنَّبْلِ . وَلَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَبِيلَةً مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ أَسْلَمُوا بِوَعِيدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ فِي شَعْرِهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا كَانَتْ نِكَايَتُهُ فِي الْعَدُوِّ النِّكَايَةُ الَّتِي تَدْعُو أُمَّةً مِنْهُمْ إِلَى الْإِذْعَانِ بِالطَّاعَةِ ، وَالدُّخُولِ فِي الدِّينِ ، وَالْمُسَالَمَةِ ، أَبْلَغَ فِي الْمَكِيدَةِ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ وَالضِّرَابِ بِالسَّيْفِ ، وَأَنَّ مَا كَانَ مَبْلَغُهُ فِي نَكَايَةِ الْعَدُوِّ هَذَا الْمَبْلَغِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْفُلَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ . وَإِذَا كَانَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْفُلَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ لَمْ يُجُزْ أَنْ يُقَالَ : لَا يَحِلُّ قِيلُهُ وَرِوَايَتُهُ ، بَلْ هُوَ إِلَى وجُوبِ قِيلِهِ وَرِوَايَتِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى لُزُومِ تَرْكِهِ وَتَرْكِ رِوَايَتِهِ . وَيُقَالُ لِجَمِيعِ مَنْ أَنْكَرَ قِيلَ الشِّعْرِ وَرِوَايَتِهِ : أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ حدثناؤُهُ : { وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلَِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } مُخْتَلَفٌ فِيهِ حُكْمُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُمْ أَمْ مُتَّفَقٌ ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُ مُتَّفَقٌ خَالَفُوا فِي ذَلِكَ نَصَّ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ حدثناؤُهُ خَالَفَ بَيْنَ أَحْكَامِهِمْ ، فَأَخْرَجَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ . وَإِنْ قَالُوا : بَلْ هُوَ مُخْتَلَفٌ قِيلَ لَهُمْ : فَقَدْ وَضَحَ إِذَنْ أَنَّ الْمَذْمُومَ مِنَ الشُّعَرَاءِ غَيْرُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ صِفَتُهُمْ خِلَافَ هَذِهِ الصُّفَّةِ ، فَأَمَّا مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَعَمِلَ الصَّالِحَاتِ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا فَغَيْرُ مَذْمُومِينَ ، بَلْ هُمْ مَحْمُودُونَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،