بَابُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، فَجَرَّدَ خِلَافَ حَدِيثِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، وَخَالَفَ بَعْضٌ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، وَقَدْ كَتَبْتُ عَلَيْهِ فِيهَا حُجَجًا اخْتَصَرْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْضَهَا ، فَكَانَ مِمَّا رُدَّ بِهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ أَنْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ } ، فَقُلْتُ لَهُ : لَسْتُ أَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَحْرِيمَ أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ بِحَالٍ ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ ، قُلْتُ : فَقُلْهُ ، قَالَ : فَقَدْ قُلْتُهُ ، قُلْتُ : فَمَنِ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ حدثناؤُهُ بِهِمَا ؟ قَالَ : عَدْلَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ ، فَقُلْتُ : فَلِمَ أَجَزْتَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَقُلْتُ : لِمَ أَجَزْتَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَحْدَهَا ؟ قَالَ : لِأَنَّ عَلِيًّا أَجَازَهَا ، قُلْتُ : فَخِلَافٌ هِيَ لِلْقُرْآنِ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ خَالَفَ الْقُرْآنَ ، وَقُلْتُ لَهُ : يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ أَنْ يُخَالِفَ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : فَإِنْ قُلْتُهُ ، فَيُقَالُ لَكَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } إِلَى : { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } ، وَقَالَ : { ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } ، فَزَعَمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَلَا بِالْمَرْأَةِ ، وَأَغْلَقْ بَابًا ، وَأَرْخَى سِتْرًا ، أَوْ خَلَا بِهَا فِي صَحْرَاءَ وَهُمَا يَتَصَادَقَانِ بِأَنْ لَمْ يَمَسَّهَا ، كَانَ لَهَا الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَخَالَفْتَ الْقُرْآنَ ، قَالَ : لَا ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا قُلْتَ ، وَإِذَا قَالَا : لَمْ نَجْعَلْهُ لِلْقُرْآنِ خِلَافًا ، قُلْتُ : فَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَيِّنِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَلَمْ تَقُولُوا هَذَا فِيهِ ، وَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَذَكَرَ لَهُ غَيْرَهُمَا ؟ وَقُلْتُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : شَاهِدَيْنِ ، وَشَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا تَتِمُّ بِهِ الشَّهَادَةُ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَى مَنْ أَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ يَمِينٌ ، لَا أَنَّهُ حَرَّمَ أَنْ يُحْكَمَ بِأَقَلَّ مِنْهُ ، وَمَنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهُ ، فَهُوَ حُكْمٌ غَيْرُ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ ، كَمَا يَكُونُ أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقَّ فَيَنْكُلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ ، فَيَلْزَمُهُ عِنْدَكَ مَا نَكَلَ عَنْهُ ، وَعِنْدَنَا إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي فَهُوَ حُكْمٌ غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَشَاهِدَيْنِ ، قَالَ : فَإِنَّا نَدْخُلُ عَلَيْكُمْ فِيهَا وَفِي الْقَسَامَةِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي .
قُلْتُ : فَهَذَا الْقَوْلُ خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ ؟ قَالَ : بَلْ عَامٌّ ، قُلْتُ : فَأَنْتَ إِذًا أَشَدُّ النَّاسِ لَهُ خِلَافًا ، قَالَ : وَأَيْنَ ؟ قُلْتُ : أَنْتَ تَزْعُمُ لَوْ أَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ فِي مَحِلَّةٍ أَحْلَفْتَ أَهْلَهَا خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَغَرَّمْتَهُمُ الدِّيَةَ ، وَأَعْطَيْتَ وَلِيَّ الدَّمِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ، وَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي عَامٌّ ، فَلَا يُعْطَى أَحَدٌ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَأَحْلَفْتَ أَهْلَ الْمَحِلَّةِ وَلَمْ تُبَرِّئْهُمْ ، وَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ فِيَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا حَلَفَ بَرِئَ مِمَّا ادُّعِيَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قُلْتَ هَذَا بِأَنَّ عُمَرَ قَضَى بِهِ ، قُلْتُ : فَمَنِ احْتَجَّ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتِ عَنْهُ أَوْلَى بِالْحُجَّةِ مِمَّنِ احْتَجَّ بِقَضَاءِ غَيْرِهِ ، فَإِنْ قَالَ : بَلْ مَنِ احْتَجَّ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : فَقَدِ احْتَجَجْتَ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَعَمْتَ أَنَّ قَوْلَهُ : الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَامٌّ ، قَالَ : مَا هُوَ بِعَامٍّ ، قُلْنَا : فَلِمَ امْتَنَعْتَ مِنْ أَنْ تَقُولَ بِمَا إِذَا كَشَفْتَ عَنْهُ أُعْطِيتَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَنْ تَقُولَ بِهِ ، وَقُلْتَ بِمَا إِذَا كَشَفْتَ عَنْهُ وَوُجِدَ عَلَيْكَ خِلَافُهُ ؟ قَالَ : فَقَدْ جَعَلْتُمُ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ تَامَّةً فِي شَيْءٍ نَاقِصَةً غَيْرَهُ ، وَكَذَلِكَ جَعَلْتُمُ الشَّاهِدَيْنِ تَامَّيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الزِّنَا ، وَجَعَلْتُمْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ تَامَّيْنِ فِي الْمَالِ نَاقِصَيْنِ فِي الْحُدُودِ ، وَجَعَلْتُمْ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ تَامَّةً بَيْنَهُمْ نَاقِصَةً بَيْنَ غَيْرِهِمْ ، وَشَهَادَةَ الْمَرْأَةِ تَامَّةً فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ نَاقِصَةً فِي غَيْرِهَا ، قَالَ : وَاحْتَجَّ فِي الْقَسَامَةِ بِأَنْ قَالَ : أَعْطَيْتَهُمْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ، قُلْتُ : فَكَذَلِكَ أَعْطَيْتَ فِي قَسَامَتِكَ ، وَاحْتَجَّ بِأَنْ قَالَ : أَحْلَفْتَهُمْ عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ ، قُلْتُ : فَقَدْ يَعْلَمُونَ بِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ مِمَّنْ يَصْدُقُونَ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ، وَإِقْرَارُ الْقَاتِلِ عِنْدَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ ، وَلَا يَحْكُمُ بِادِّعَائِهِمْ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، قَالَ : الْعِلْمُ مَا رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ ، أَوْ سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ ، قُلْتُ : وَلَا عِلْمَ ثَالِثَ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَإِذَا اشْتَرَى ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عَبْدًا وُلِدَ بِالْمَشْرِقِ مُنْذُ خَمْسِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ بَاعَهُ ، فَادَّعَى الَّذِي ابْتَاعَهُ أَنَّهُ كَانَ آبِقًا ، فَكَيْفَ تُحَلِّفُهُ ؟ قَالَ : الْبَتَّةَ ، قَالَ : يَقُولُ لَكَ : تَظْلِمُنِي ، فَإِنَّ هَذَا وُلِدَ قَبْلِي ، وَبِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِي ، وَتُحَلِّفُنِي عَلَى الْبَتَّةِ ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَا أُحِيطُ بِأَنْ لَمْ يَأْبَقْ قَطُّ عِلْمًا ، قَالَ : يُسْأَلُ ، قُلْتُ : يَقُولُ لَكَ : فَأَنْتَ تُحَلِّفُنِي عَلَى مَا تَعْلَمُ أَنِّي لَا أَبَرُّ فِيهِ ، قَالَ : وَإِذَا سَأَلْتَ وِسْعَكَ أَنْ تَحْلِفَ ، قُلْتُ : أَفَرَجُلٌ قُتِلَ أَبُوهُ فَغُبِّيَ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَسَأَلَ أَوْلَى أَنْ يُعْلَمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ : بَلْ مَنْ قُتِلَ أَبُوهُ ، قُلْتُ : فَقَدْ عِبْتَ يَمِينَهُ عَلَى الْقَسَامَةِ ، وَنَحْنُ لَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَحْلِفَ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ ، وَالْعِلْمُ يُمَكِّنُهُ ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْقَسَامَةِ سُنَّةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقُلْتَ بِرَأْيِكَ : يَحْلِفُ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي وَصَفْتَ ، قَالَ : فَقَدْ خَالَفَ حَدِيثَكُمُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ بُجَيْدٍ ، قُلْتُ : أَفَأَخَذْتَ بِحَدِيثِ سَعِيدٍ وَابْنِ بُجَيْدٍ ، فَتَقُولُ : اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ بِأَحَدِهَا ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَقَدْ خَالَفْتَ كُلَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَسَامَةِ ، قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَلِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ؟ قَالَ : هُوَ مُنْقَطِعٌ ، وَالْمُتَّصِلُ أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ ، وَالْأَنْصَارِيُّونَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ صَاحِبِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ ؟ قُلْتُ : لَا يَثْبُتُ ثُبُوتَ حَدِيثِ سَهْلٍ ، بِهَذَا صِرْنَا إِلَى حَدِيثِ سَهْلٍ دُونَهُ ، قَالَ : فَإِنَّ صَاحِبَكُمْ قَالَ : لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ إِلَّا بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ ، أَوْ دَعْوَى مِنْ مَيِّتٍ ، ثُمَّ وَصَفَ اللَّوْثَ بِغَيْرِ مَا وَصَفْتَ ، قُلْتُ : قَدْ رَأَيْتُنَا تَرَكْنَاهُ عَلَى أَصْحَابِنَا ، وَصِرْنَا إِلَى أَنْ نَقْضِيَ فِيهِ بِمِثْلِ الْمَعْنَى الَّذِي قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا بِشَيْءٍ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ ، قَالَ : وَأَعْطَيْتُمُ بِالْقَسَامَةِ فِي النَّفْسِ ، وَلَمْ تُعْطُوا بِهَا فِي الْجِرَاحِ ، قُلْتُ : أَعْطَيْنَا بِهَا حَيْثُ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الْجِرَاحُ مُخَالِفَةٌ لِلنَّفْسِ ، قُلْتُ : لِأَنَّ الْمَجْرُوحَ قَدْ يَتَبَيَّنُ مِنْ جُرْحِهِ ، وَيُدِّلُ عَلَى مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ ، وَلَا يَتَبَيَّنُ الْمَيِّتُ ذَلِكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْنَا : فَبِهَذَا لَمْ نُعْطِ بِهَا فِي الْجِرَاحِ كَمَا أَعْطَيْنَا بِهَا فِي النَّفْسِ ، وَالْقَضِيَّةُ الَّتِي خَالَفُوا بِهَا : الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، أَنَّهُمْ أَحْلَفُوا أَهْلَ الْمَحِلَّةِ وَلَمْ يُبْرِئُوهُمْ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَمِينَ مَوْضِعَ بَرَاءَةٍ ، وَقَدْ كَتَبْنَا الْحُجَّةَ فِي هَذَا مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا كَتَبْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، وَمَا رَأَيْنَاهُمُ ادَّعَوَا الْحُجَّةَ فِي شَيْءٍ إِلَّا تَرَكُوهُ ، وَلَا عَابُوا شَيْئًا إِلَّا دَخَلُوا فِي مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِي اللهُ عَنْهُ : وَمِنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدِ بْنِ قِبْطِيٍّ ، أَحَدِ بَنِي حَارِثَةَ ، قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ : وَايْمُ اللَّهِ ، مَا كَانَ سَهْلٌ بِأَكْثَرَ عِلْمًا مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ ، قَالَ : وَاللَّهِ مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْنُ ، وَلَكِنَّ سَهْلًا أَوْهَمَ ، مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْلِفُوا عَلَى مَا لَا عَلِمَ لَهُمْ بِهِ ، وَلَكِنَّهُ كَتَبَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ حِينَ كَلَّمَتْهُ الْأَنْصَارُ : أَنَّهُ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَبْيَاتِكُمْ فَدُوهُ ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلُوهُ ، وَلَا يَعْلَمُونَ لَهُ قَاتِلًا ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ لِي قَائِلٌ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ بُجَيْدٍ ؟ قُلْتُ : لَا أَعْلَمُ ابْنَ بُجَيْدٍ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُرْسَلٌ ، وَلَسْنَا وَلَا إِيَّاكَ نُثْبِتُ الْمُرْسَلَ ، وَقَدْ عَلِمْتَ سَهْلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ سِيَاقًا لَا يُثْبِتُهُ إِلَّا الْأَثْبَاتُ ، فَأَخَذْتُ بِهِ لِمَا وَصَفْتُ ، قَالَ : فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْخُذَ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ ؟ قُلْتُ : مُرْسَلٌ ، وَالْقَتِيلُ أَنْصَارِيٌّ ، وَالْأَنْصَارِيُّونَ أَوْلَى بِالْعِنَايَةِ بِالْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ إِذَا كَانَ كُلٌّ ثِقَةً ، وَكُلٌّ عِنْدَنَا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ثِقَةٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،