أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ وَمِنْهُمُ الْعَامِلُ الَظَّرِيفُ وَالْكَامِلُ النَّظِيفُ كَانَ مُودَعُ الْقُرْآنِ شِعَارَهُ وَظَاهِرُ الْبَيَانِ دِثَارَهُ لَهُ اللِّسَانُ الْمَبْسُوطُ وَالْبَيَانُ بِالْحَقِّ مَرْبُوطٌ ، أُوقِفَ عَلَى مَرَاتِبِ الْمَأْسُورِينَ وَمَقَامَاتِ أَهْلِ الْبَلَاءِ مِنَ الْمَأْخُوذِينَ فَتَمَنَّى مَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الصَّفَاءِ وَالِاعْتِلَاءِ فَعُومِلَ بِمَا تَمَنَّى مِنَ الْمِحَنِ وَالِابْتِلَاءِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَطَاءٍ |
15603 سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ صَاحِبُ الْجُنَيْدِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : صَحِبْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ عِدَّةَ سِنِينَ مُتَأَدِّبَا بِآدَابِهِ وَكَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةٌ ، وَفِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَاثُ خَتْمَاتٍ وَبَقِيَ فِي خَتْمِهِ يَسْتَنْبِطُ مُودَعَ الْقُرْآنِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يَسْتَرْوِحُ إِلَى مَعَانِي مُودَعِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتِمَهَا وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ } ، فَقَالَ فِي الْبَيْتِ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْقَلْبِ آثَارُ رَبِّ إِبْرَاهِيمَ وَلِلْبَيْتِ أَرْكَانٌ وَلِلْقَلْبِ أَرْكَانٌ فَأَرْكَانُ الْبَيْتِ الصُّمُّ مِنَ الصُّخُورِ وَأَرْكَانُ الْقَلْبِ مَعَادِنُ النُّورِ |
15604 سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نُصَيْرٍ الرَّازِيَّ ، بِنَيْسَابُورَ صَاحِبُ يُوسُفَ بْنِ الْحُسَيْنِ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ آدَابَ السُّنَّةِ غَمَرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ ، وَلَا مَقَامَ أَشْرَفُ مِنْ مُتَابَعَةِ الْحَبِيبِ فِي أَوَامِرِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَنِيَّةً وَعَقْدًا |
15605 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : قُرِنَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ بِثَلَاثٍ ، قُرِنَتِ الْفِتْنَةُ بِالْمَنِيَّةِ وَقُرِنَتِ الْمِحْنَةُ بِالِاخْتِيَارِ ، وَقُرِنَتِ الْبَلْوَى بِالدَّعَاوَى ، وَسُئِلَ : إِلَامَ تَسْكُنُ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ ؟ قَالَ : إِلَى قَوْلِهِ { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ؛ لِأَنَّ فِي بِسْمِ اللَّهِ هَيْبَتُهُ ، وَفِي اسْمِهِ الرَّحْمَنِ عَوْنُهُ وَنُصْرَتُهُ ، وَفِي اسْمِهِ الرَّحِيمِ مَوَدَّتُهُ وَمَحَبَّتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي فِي لَطَافَتِهَا فِي هَذِهِ الْأَسَامِي فِي غَوَامِضِهَا |
15606 سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : إِذَا كَانَتْ نَفْسُكَ غَيْرَ نَاظِرَةٍ لِقَلْبِكَ فَأَدِّبْهَا بِمُجَالَسَةِ الْحُكَمَاءِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَضِيءَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ فَلْيُلَاقِ بِهَا أَهْلَ الْفَهْمِ وَالْعَقْلِ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : الْقَلْبُ إِذَا اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ أَسْرَعَتْ إِلَيْهِ هَدَايَا الْجَنَّةِ وَهِيَ الْمَكْرُوهُ ؛ لِأَنَّ الْمَكَارِهَ هَدَايَا الْجَنَّةِ إِلَى أَبْدَانِ الصَّادِقِينَ وَمَنْ فَرَّ بِنَفْسِهِ إِلَى حِصْنِ الْمَكْرُوهِ رَحَلَتْ شَهَوَاتُ الطَّمَعِ عَنْ قَلْبِهِ ، وَقَالَ : مِنْ عَلَامَةِ الصِّدْقِ رِضَا الْقَلْبِ بِحُلُولِ الْمَكْرُوهِ |
15607 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ : قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ : مَنْ تَأَدَّبَ بِآدَابِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِبِسَاطِ الْكَرَامَةِ وَمَنْ تَأَدَّبَ بِآدَابِ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِبِسَاطِ الْقُرْبَةِ وَمَنْ تَأَدَّبَ بِآدَابِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِبِسَاطِ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ |
15609 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : أَدْنِ قَلْبَكَ مِنْ مُجَالَسَةِ الذَّاكِرِينَ لَعَلَّهُ يَنْتَبِهُ عَنْ غَفْلَتِهِ وَأَقِمْ شَخْصَكَ فِي خِدْمَةِ الصَّالِحِينَ لَعَلَّهُ يَتَعَوَّدُ بِبَرَكَتِهَا طَاعَةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ |
15610 قَالَ : وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ ، وَأَنَا حَاضِرٌ عَنْ أَقْرَبِ شَيْءٍ إِلَى مَقْتِ اللَّهِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ ، فَقَالَ : رُؤْيَةُ النَّفْسِ وَأَفْعَالِهَا وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مُطَالَبَةُ الْأَعْوَاضِ عَنْ أَفْعَالِهَا ، وَقَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مِنْ عَلَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ أَرْبَعَةٌ : صِيَانَةُ سَرِّهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، وَحِفْظُ جوَارِحِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، وَاحْتِمَالُ الْأَذَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ ، وَمُدَارَاتُهُ مَعَ الْخَلْقِ عَلَى تَفَاوُتِ عُقُولِهِمْ |
15611 سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : مَنْ شَاهَدَ الْحَقَّ بِالْحَقِّ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْأَسْبَابُ كُلُّهَا وَمَا دَامَ مُلَاحِظًا لِشَيْءٍ فَهُوَ غَيْرُ مَشَاهِدٍ لِحَقِيقَةِ الْحَقِّ وَهَذَا مَقَامُ مَنْ صَفَتْ لَهُ الْوَلَايَةُ ، فَلَمْ يَحْجُبْ عَنْهُ الْمُنْتَهَى وَالْغَايَةَ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } ، فَقَالَ : الْمُضْطَجِعُونَ عَلَى مَرَاتِبَ : مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ ، وَمُضْطَجِعُ فِي نَفْسِهِ وَمُضْطَجِعٌ فِي دُنْيَاهُ ، فَالْمُضْطَجِعُ عَلَى فِرَاشِهِ فَهُوَ الظَّالِمُ مَتَى انْتَبَهَ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أُعْطِيَ ثَوَابَهُ عَشَرَةَ أَمْثَالِهَا ، وَالْمُضْطَجِعُ فِي دُنْيَاهُ فَهُوَ الْمُقْتَصِدُ مَتَى انْتَبَهَ وَجِلَ مِنْ مُطَالَعَةِ الدُّنْيَا وَاسْتَغْفَرَ أُعْطِيَ ثَوَابَهُ سَبْعمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَأَمَّا الْمُضْطَجِعُ فِي نَفْسِهِ فَهُوَ السَّابِقُ مَتَى شَاهِدَ نَفْسَهُ وَرَأَى ضَلَالَتَهَا ظَنَّ أَنَّهُ مِنَ الْهَالِكِينَ ، حِينَئِذٍ يَفْتَقِرُ إِلَى اللَّهِ بِطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ نَفْسِهِ فَهَذَا مِمَّنْ ثَوَابُهُ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } |