ذِكْرُ مَنْ لَمْ نَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

ذِكْرُ مَنْ لَمْ نَذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

193 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : وقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَلِيبِ بِبَدْرٍ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : غَفَرَ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ وَهِلَ ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ }

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

194 حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ ، عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنَّهُ وَهِلَ ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُلَانُ ، يَا فُلَانُ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ الَّذِيَ كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

195 حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَنْبَأَنَا مُغِيرَةُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُولَئِكَ الرَّهْطِ ، عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَصْحَابِهِ ، فَأُلْقُوا فِي الطُّوَى قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جَزَى اللَّهُ شَرًّا مِنْ قَوْمِ نَبِيٍّ ، مَا كَانَ أَسْوَأَ الطَّرْدِ ، وَأَشَدَّ التَّكْذِيبِ قَالَ : فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا ؟ قَالَ : مَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لِقَوْلِي مِنْهُمْ ، أَوْ : لَهُمْ أَفْهَمُ لِقَوْلِي مِنْكُمْ قَالُوا : فَخَبَرُ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَوَتْهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ ، إِذْ قَالُوا لَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ لِأَهْلِ الْقَلِيبِ : أَتُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ بِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَمَا أَنْتُمْ بِأَفْهَمَ لَهُ مِنْهُمْ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ مَا قُلْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ : مَا أَنْتُمْ بِأَعْلَمَ ، لَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ بَنِي آدَمَ وَكَلَامَهُمْ ، قَالُوا : وَلَوْ كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَامَ النَّاسِ وَهُمْ مَوْتَى ، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ، ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، وَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } مَعْنًى قَالُوا : وَفِي فَسَادِ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا مَعْنَى لَهُ ، صِحَّةُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْوَاتَ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ لَا يَسْمَعُونَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ شَيْئًا . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةٌ , عُدُولٌ نَقَلَتُهَا ، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْإِيمَانُ بِهَا وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مِنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِ خَلْقِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا شَاءَ ، وَيُفْهِمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ ، وَيُنَعِّمُ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ ، وَيُعَذِّبُ فِي قَبْرِهِ الْكَافِرَ ، وَمَنِ اسْتَحَقَّ مِنْهُمُ الْعَذَابَ كَيْفَ أَرَادَ ، عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآثَارُ وَصَحَّتْ بِهِ الْأَخْبَارُ . وَلَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ } ، وَلَا فِي قَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ فِي دَفْعِ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ إِذْ قَالُوا لَهُ فِي خِطَابِهِ أَهْلِ الْقَلِيبِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَلَا فِي إِنْكَارِ مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ مُخْبِرَهُمْ عَنِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ : إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ، إِذْ كَانَ قَوْلُهُ : { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، وَقَوْلُهُ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، مُحْتَمِلًا مِنَ التَّأْوِيلِ أَوْجُهًا سِوَى التَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ الْمُوَجِّهُ تَأْوِيلَهُ إِلَى أَنَّهُ لَا مَيِّتَ يَسْمَعُ مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ شَيْئًا . فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى بِطَاقَتِكَ وَقُدْرَتِكَ ، إِذْ كَانَ خَالِقُ السَّمْعِ غَيْرَكَ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ هُوَ الَّذِي يُسْمِعُهُمْ إِذَا شَاءَ ، إِذْ كَانَ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ : { وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ } . وَذَلِكَ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقَ لِلرَّشَادِ بِيَدِ اللَّهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ ، فَنَفَى جَلَّ حدثناؤُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يُسْمِعَ الْمَوْتَى إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ ، كَمَا نَفَى أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى هِدَايَةِ الضُّلَّالِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، أَنَّهُ جَلَّ حدثناؤُهُ أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِسْمَاعِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ ، بِقَوْلِهِ : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ } ، ثُمَّ نَفَى عَنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُدْرَةَ عَلَى مَا أَثْبَتَهُ وَأَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ : { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسْمِعُهُمْ دُونَكَ ، وَبِيَدِهِ الْإِفْهَامُ وَالْإِرْشَادُ وَالتَّوْفِيقُ ، وَإِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ ، فَبَلِّغْ مَا أَرْسِلْتَ بِهِ . فَهَذَا أَحَدُ أَوْجُهِهِ , وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُمُ الْأَعْمَالُ ، وَخَرَجُوا مِنْ دَارِ الْأَعْمَالِ إِلَى دَارِ الْجَزَاءِ ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِيَّاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبَ رَبُّكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ، لَا يُسْمِعُهُمْ دُعَاؤُكَ إِلَى الْحَقِّ إِسْمَاعًا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ خَتَمَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا ، كَمَا خَتَمَ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُهُمْ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا إِلَى مَسَاكِنِهِمْ مِنَ الْقُبُورِ إِيمَانٌ وَلَا عَمَلٌ ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ امْتِحَانٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ دَارُ مُجَازَاةٍ ، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وجُوهِ الْمَعَانِي . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا مِنَ الْمَعَانِي مَا وَصَفْنَا ، فَلَيْسَ لِمُوَجِّهِهِ إِلَى أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَيِّتٌ شَيْئًا بِحَالٍ حُجَّةٌ ، إِذْ كَانَ لَا خَبَرَ بِذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَحِّحُهُ ، وَلَا فِي الْفِعْلِ شَاهِدٌ بِحَقِيقَتِهِ ، بَلْ تَأْوِيلُ مُخَالِفِيهِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِمَا رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنْهُ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الْأَحْيَاءِ ، عَلَى مَا وَرَدَتْ بِهِ عَنْهُ الْآثَارُ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، وَقَوْلَهُ لَهُ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، لَمَّا كَانَ عَامًّا ظَاهِرُهُ فِي كُلِّ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وَفِي جَمِيعِ الْمَوْتَى ، مِنْ غَيْرِ خُصُوصِ بَعْضٍ مِنْهُمْ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقَائِلِ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعُوا فِي حَالِ مَا هُمْ فِي الْبَرْزَخِ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ حدثناؤُهُ جَعَلَ بَيَانَ مَا نَزَلَ إِلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِي قُبُورِهِمَا حِينَ يُسْأَلَانِ عَنْ دِينِهِمَا : أَنَّهُمَا يَسْمَعَانِ خَفْقَ نِعَالِ مُتَّبِعِي جَنَائِزِهِمَا إِذَا وَلَّوْا عَنْهُمَا مُدْبِرِينَ ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } ، وَقَوْلَهُ : { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، مَعْنِيٌّ بِهِ إِسْمَاعُ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ جَمِيعِهَا ، وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ : قَدْ يَسْمَعُونَ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : وَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ، إِنَّهُ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ : قَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَا قُلْتَ ، بِمَعْنَى : فَهِمْتُ عَنْكَ مَا قُلْتَ ، وَاسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ ، بِمَعْنَى : افْهَمْ عَنِّي مَا أَقُولُ ؟ قِيلَ لَهُ : إِنْ ذَلِكَ لَوْ وَجَّهْنَاهُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي قُلْتُهُ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِي أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ السَّمَاعَ الْمَفْهُومَ حُجَّةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّا إِنْ قُلْنَا : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ ، لَمْ يَخْلُ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ لَهُمْ عَنْ سَمَاعٍ مِنْهُمْ خَفْقَ نِعَالِهِمْ ، أَوْ عَنْ خَبَرٍ أُخْبِرُوا بِهِ فِي قُبُورِهِمْ ، وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُ مُحَقَّقٌ قَوْلُنَا فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ يُسْمِعُ مِنْ شَاءَ مِنَ الْأَمْوَاتِ مَا شَاءَ مِنْ كَلَامِ الْأَحْيَاءِ ، وَيُعَرِّفُ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ ، وَيُنَعِّمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فِي قَبْرِهِ بِمَا شَاءَ ، وَيُعَذِّبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَيْفَ شَاءَ ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا ، أَعْنِي خَبَرَ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْحَقِّ مُوَارَاةَ جِيفَةِ كُلِّ مَيِّتٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَنْ أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ ، مَا وُجِدَ إِلَى ذَلِكَ السَّبِيلُ ، مُؤْمِنًا كَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ أَوْ كَافِرًا ، وَذَلِكَ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ أَنْ يُجْعَلُوا فِي قَلِيبٍ ، وَلَمْ يَتْرُكْهُمْ بِالْعَرَاءِ مُطَرَّحِينَ ، بَلْ أَمَرَ بِجِيَفِهِمْ أَنْ تُوَارَى فِي الْقَلِيبِ . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ ، فَالْحَقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَنُّوا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَفْعَلُوا فِي مَنْ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ بِالْقَتْلِ ، وَفِي غَيْرِ مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ فَيُوَارُوا جِيفَتَهُ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا شَيْءَ يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ مِنْ خَوْفِ كَرَّةِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّتُهُ فِي مُشْرِكِي أَهْلِ الْحَرْبِ ، فَالْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ بِحَيْثُ لَا أَحَدَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ بِحَضْرَتِهِ يَلِي أَمْرَهُ ، وَحَضَرَهُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ ، أَحَقُّ وَأَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ السُّنَّةَ فِيهِمْ سُنَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُشْرِكِي بَدْرٍ فِي أَنْ يُوَارُوا جِيفَتَهُ وَيَدْفِنُوهُ وَلَا يَتْرُكُوهُ مَطْرُوحًا بِالْعَرَاءِ مِنَ الْأَرْضِ ، وَبِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ إِذْ مَاتَ ، فَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ فَوَارِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَذِنَ بِمِثْلِ فِعْلِهِ بِمُشْرِكِي بَدْرٍ مِنْ دَفْنِهِ إِيَّاهُمْ ، فِي مَوَاطِنَ أُخَرَ ، وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ بَعْضُ النَّظَرِ ، وَذَلِكَ مَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

196 حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ، قَالُوا جَمِيعًا : أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ : مَنْ قَتَلَ هَذِهِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا ، أَرْدَفْتُهَا خَلْفِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَقْتُلَنِيَ فَقَتَلْتُهَا ، فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَفْنِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لِشَاغِلٍ شَغَلَهُمْ ، أَوْ أَمْرٍ مَنَعَهُمْ مِنْهُ ، لَمْ أَرَهُمْ حَرِجِينَ بِتَرْكِهِمْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ ، لَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْهُ بِبَدْرٍ وَفِيهِ أَيْضًا الْبَيَانُ أَنَّ الْمَوْتَ إِذَا كَثُرَ فِي مَوْضِعٍ بِطَاعُونٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ كَثُرَ الْقَتْلُ فِي مَعْرَكَةِ حَرْبٍ وَالْتِقَاءِ زُحُوفٍ حَتَّى تَعْظُمَ مَؤُونَةُ حَفْرِ قَبْرٍ لِكُلِّ رَجُلٍ وَلِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ ، أَنَّ لِمَنْ حَضَرَهُمْ دَفْنَ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْهُمْ وَالْقَلِيلَةِ مِنْهُمْ فِي حَفِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ، كَالَّذِي فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى مُشْرِكِي بَدْرٍ مِنْ جَمْعِهِ جَمِيعَهُمْ ، فِي قَلِيبٍ وَاحِدٍ ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ بِقَتْلَى الْمُسْلِمِينَ ، إِذْ فَشَا الْقَتْلُ فِيهِمْ وَكَثُرَ ، دَفَنَ الثَّلَاثَةَ مِنْهُمْ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،