مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ ، صَحِبَ أَبَا تُرَابٍ النَّخْشَبِيَّ وَلَقِيَ يَحْيَى بْنَ الْجَلَّاءِ ، لَهُ التَّصَانِيفُ الْمَشْهُورَةُ ، كَتَبَ الْحَدِيثَ ، مُسْتَقِيمُ الطَّرِيقَةِ ، يَرُدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُخَالِفِينَ تَابِعٌ لِلْآثَارِ |
15399 حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ قَالَ : نُورُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْقَلْبِ وَإِشْرَاقُهُ فِي عَيْنَيِ الْفُؤَادِ فِي الصَّدْرِ ، فَبِذِكْرِ اللَّهِ يَرْطُبُ الْقَلْبُ وَيَلِينُ ، وَبِذْكِرِ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ يَقْسُو الْقَلْبُ وَيَيْبَسُ ، فَإِذَا شُغِلَ الْقَلْبُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِذِكْرِ الشَّهَوَاتِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ شَجَرَةٍ إِنَّمَا رُطُوبَتُهَا وَلِينُهَا مِنَ الْمَاءِ فَإِذَا مُنِعَتِ الْمَاءَ يَبِسَتْ عُرُوقُهَا وَذَبُلَتْ أَغْصَانُهَا وَإِذَا مُنِعَتِ السَّقْيَ وَأَصَابَهَا حَرُّ الْقَيْظِ يَبِسَتِ الْأَغْصَانُ فَإِذَا مَدَدْتَ غُصْنًا مِنْهَا انْكَسَرَ فَلَا يَصْلُحُ إِلَّا لِلْقَطْعِ فَيَصِيرُ وَقُودَ النَّارِ ، فَكَذَلِكَ الْقَلْبُ إِذَا يَبِسَ وَخَلَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَأَصَابَتْهُ حَرَارَةُ النَّفْسِ وَنَارُ الشَّهْوَةِ وَامْتَنَعَتِ الْأَرْكَانُ مِنَ الطَّاعَةِ فَإِذَا مَدَدْتَهَا انْكَسَرَتْ فَلَا تَصْلُحُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَطَبًا لِلنَّارِ ، وَإِنَّمَا يَرْطُبُ الْقَلْبُ بِالرَّحْمَةِ وَمَا مِنْ نُورٍ فِي الْقَلْبِ إِلَّا وَمَعَهُ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ ، فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ ، وَالْعَبْدُ مَا دَامَ فِي الذِّكْرِ فَالرَّحْمَةُ دَائِمَةٌ عَلَيْهِ كَالْمَطَرِ فَإِذَا قَحَطَ فَالصَّدْرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالسَّنَةِ الْجَدْبَاءِ الْيَابِسَةِ ، وَحَرِيقُ الشَّهَوَاتِ فِيهَا كَالسَّمَائِمِ وَالْأَرْكَانُ مُعَطَّلَةٌ عَنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ، فَدَعَا اللَّهُ الْمُوَحِّدِينَ إِلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخُمُسِ ؛ رَحْمَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَهَيَّأَ لَهُمْ فِيهَا أَلْوَانَ الْعِبَادَةِ لِيَنَالَ الْعَبْدُ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ وَفِعْلٍ شَيْئًا مِنْ عَطَايَاهُ ، وَالْأَفْعَالُ كَالْأَطْعِمَةِ وَالْأَقْوَالُ كَالْأَشْرِبَةِ فَهِيَ عُرْسُ الْمُوَحِّدِينَ هَيَّأَهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ لِأَهْلِ رَحْمَتِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِمْ دَنَسٌ وَلَا غُبَارٌ ، فَإِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْمُوَحِّدِينَ لِيبَاهِيَ بِهِمْ يَوْمَ الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ فِي تِلْكَ الْعَرَصَاتِ الْمَلَائِكَةَ لِأَنَّ آدَمَ وَوَلَدَهُ ظَهَرَ خَلْقُهُمْ مِنْ يَدِهِ بِالْمَحَبَّةِ وَالْمَلَائِكَةُ ظَهَرَ خَلْقُهُمْ مِنَ الْقُدْرَةِ لِقَوْلِهِ : كُنْ فَكَانَ ، فَمِنْ مَحَبَّتِهِ لِلْآدَمِيِّينَ يَفْرَحُ بِتَوْبَتِهِمْ ، خَلَقَهُمْ وَالشَّهَوَاتِ وَالشَّيَاطِينَ فِي دَارِ الِابْتِلَاءِ لِيبَاهِيَ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ وَيَقُولُ : يَا مَعْشَرَ مَلَائِكَتِي إِنَّ مَحَاسِنَكُمْ خَرَجَتْ مِنْكُمْ وَمَنَ النُّورِ خَلَقْتُكُمْ وَأَنْتُمْ فِي أَعَالِي الْمَمْلَكَةِ تُعَايِنُونُ عَظَمَتِي وَحُجَّتِي وَسُلْطَانِي وَقَدْ عُرِّيتُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالشَّيَاطِينِ ، وَالْآدَمِيُّونَ خَرَجَتْ مِنْهُمْ هَذِهِ الْمَحَاسِنُ مِنْ نُفُوسِهِمُ الشَّهْوَانِيَّةِ وَالشَّيَاطِينُ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ فِي أَدَانِي الْمَمْلَكَةِ وَمِنَ التُّرَابِ خَلَقْتُهُمْ فَلِذَلِكَ اسْتَوْجَبُوا مِنِّي دَارِي وَجَوَارِي |
15400 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ : كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ يَسُرَّهُ مَا يَضُرُّهُ |
15402 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيَّ ، يَقُولُ : مَنْ جَهِلَ أَوْصَافَ الْعُبُودِيَّةِ فَهُوَ بِنُعُوتِ الرُّبُوبِيَّةِ أَجْهَلُ وَقَالَ : الدُّنْيَا عَرُوسُ الْمُلُوكِ وَمِرْآةُ الزُّهَّادِ أَمَّا الْمُلُوكُ فَتَجَمَّلُوا بِهَا وَأَمَّا الزُّهَّادُ فَنَظَرُوا إِلَيْهَا وَأَبْصَرُوا آفَتَهَا فَتَرَكُوهَا |
15403 قَالَ : وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنِ الْخَلْقِ ، فَقَالَ : ضَعْفٌ ظَاهِرٌ وَدَعْوَى عَرِيضَةٌ وَقَالَ : اجْعَلْ مُرَاقَبَتَكَ لِمَنْ لَا يَغِيبُ نَظَرُهُ إِلَيْكَ وَاجْعَلْ شُكْرَكَ لِمَنْ لَا تَنْقَطِعُ نِعَمُهُ عَنْكَ وَاجْعَلْ خُضُوعَكَ لِمَنْ لَا تَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ |
15404 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى ، قال حدثنا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، قال حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رِزَامٍ الْآبُلِّيُّ ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنِ الْهُجَيْمِيِّ ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : { رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ } ، قَالَ : يَا مُوسَى إِنَّهُ لَا يَرَانِي حَيٌّ إِلَّا مَاتَ ، وَلَا يَابِسٌ إِلَّا تَدَهْدَهَ وَلَا رَطْبٌ إِلَّا تَفَرَّقَ إِنَّمَا يَرَانِي أَهْلُ الْجَنَّةِ الَّذِينَ لَا تَمُوتُ أَعْينَهُمْ وَلَا تَبْلَى أَجْسَامُهُمْ |