إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ
إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ الْهَرَوِيُّ يُعْرَفُ بابن بستنبه صَحِبَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ أَدْهَمَ مِنْ أَقْرَانِ أَبِي يَزِيدَ مِنَ الْمَذْكُورِينَ بِالتَّوَكُّلِ وَالتَّجْرِيدِ تُوفِّيَّ بِقِزْوِينَ وَكَانَ أَهْلُ هَرَاةَ يُعَظِّمُونَهُ فَحَجَّ مُتَجَرِّدًا فَقِيلَ : إِنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ أَنْ قَالَ : اللَّهُمَّ اقْطَعْ رِزْقِي عَنْ أَمْوَالِ , أَهْلِ هِرَاةَ وَزَهِّدْهُمْ فِيَّ , فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ تَأْتِي عَلَيْهِ الْأَيَّامُ الْكَثِيرَةُ لَا يَطْعَمُ فِيهَا شَيْئًا فَإِذَا مَرَّ بِسُوقِ هِرَاةَ قَالُوا : هَذَا الْفَاعِلُ يُنْفِقُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا |
14913 سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ النَّصْرأَبَاذِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَيْبَانَ يَقُولُ : بَقِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بستنيه فِي الْبَادِيَةِ مَا أَكَلَ وَمَا شَرِبَ وَمَا اشْتَهَى شَيْئًا فَقَالَ : عارَضَتْنِي نَفْسِي أَنَّ لِيَ مَعَ اللَّهِ رُتْبَةً فَلَمْ أَشْعُرْ أَنْ كَلَّمَنِي رَجُلٌ عَنْ يَمِينِي فَقَالَ : يَا إِبْرَاهِيمُ , تَرَائِي اللَّهَ فِي سِرِّكَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ , قَالَ : تَدْرِي كَمْ لِي هَاهُنَا لَمْ آكُلْ وَلَمْ أَشْرَبْ وَلَمْ أَشْتَهِ شَيْئًا وَأَنَا زَمِنٌ مَطْرُوحٌ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ أَعْلَمُ , قَالَ : ثَمَانِينَ يَوْمًا وَأَنَا أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَقَعَ لِي خَاطِرُكَ وَلَوْ أَقْسَمْتُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الشَّجَرَ ذَهَبًا لَجَعَلَهُ فَكَانَتْ بَرَكَةُ رُؤْيَتِهِ تَنْبِيهًا لِي وَرُجُوعًا إِلَى حَالَتِي الْأُولَى |
14914 سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ : قَالَ أَبِي : مَنْ أَرَادَ أَلَّا يُحْجَبَ دُعَاؤُهُ مِنَ السَّمَاءِ فَلْيَتَعَاهَدْ مِنْ نَفْسِهِ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ : أَوَّلًا أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ غَلَبَةً ، لَا يَأْكُلُ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلِبَاسُهُ غَلَبَةً ، لَا يَلْبَسُ إِلَّا مَا لَابُدَّ مِنْهُ ، وَنَوْمُهُ غَلَبَةً ، لَا يَنَامُ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَكَلَامُهُ غَلَبَةً ، لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ , وَالْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ مُتَضَرِّعًا حَافِظًا لِإِرَادَتِهِ دَائِمًا حَافِظًا لِأَعْضَائِهِ كُلِّهَا , قَالَ : وَطَرِيقُ الْجَنَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : أَوَّلُهَا : أَنْ يَسْكُنَ قَلْبُكَ بِمَوْعُودِ اللَّهِ ، وَالثَّانِي : الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ ، وَالثَّالِثُ : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ فِي جَمِيعِ النَّوَافِلِ ، قَالَ : وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْلُغَ الشُّرَفَ كُلَّ الشُّرَفِ فَلْيَخْتَرْ سَبْعًا عَلَى سَبْعٍ ؛ فَإِنَّ الصَّالِحِينَ اخِتَارُوهَا حَتَّى بَلَغُوا سنَامَ الْخَيْرِ : أَوَّلُهَا أَنْ يَخْتَارَ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى ، وَالْجُوعَ عَلَى الشِّبَعِ ، وَالدُّونَ عَلَى الْمُرْتَفِعِ ، وَالذُّلَّ عَلَى الْعِزِّ ، وَالتَّوَاضُعَ عَلَى الْكِبْرِ ، وَالْحُزْنَ عَلَى الْفَرَحِ ، وَالْمَوْتَ عَلَى الْحَيَاةِ , وَقَالَ : كُلُّ مَنْ أَصَابَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فَقَدْ أَصَابَ الشَّرَفَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ : أَوَّلُهَا فَتْحُ الْقَلْبِ ، يَعْنِي يَفْتَحُ اللَّهُ قَلْبَهُ فَيَجْعَلُهُ مَأْوَى الذِّكْرِ وَالْمُنَاجَاةِ ، وَالثَّانِي : غَنْمُهُ الْبِرَّ ، فَكُلُّ بِرٍّ يَرْزُقْهُ اللَّهُ يَرَاهُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ لَهُ فَيَتَقَبَّلُهُ بِالِمِنَّةِ ، وَيَحْفَظُهُ بِالْخَوْفِ ، وَيُتَمِّمُهُ بِالْخَشْيَةِ ، وَيُسْلِمُهُ بِالْإِخْلَاصِ ، وَيَحْفَظُهُ بِالصَّبِرِ ، وَالثَّالِثُ : يَجِدُ الظَّفَرَ عَلَى عَدُوِّهِ لِيَسْتَقِيمَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَرْزُقَهُ اللَّهُ الظَّفَرَ عَلَى عَدُوِّهِ |
14915 حَدَّثَنَا أَبِي , حدثنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ , حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , حدثنا أَبِي , حدثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ حَبِيبٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى التَّيْمِيِّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ لَيْثٍ , عَنْ طَاوسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَدَّى إِلَى أُمَّتِي حَدِيثًا يُقِيمُ بِهِ سَنَةً أَوْ يَلْثُمُ بِهِ بِدْعَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ |
دَاوُدُ الْبَلْخِيُّ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ : وَمِنْ مُتَقَدِّمِي شُيُوخِ الْمَشْرِقِ دَاوُدُ الْبَلْخِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ وَشَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ , وَحَاتِمٌ الْأَصَمُّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ غَيْرَ دَاوُدَ الْبَلْخِيِّ , فَإِنَّهُ لَمْ يُنْشَرْ عَنْهُ كَانْتِشَارِ إِبْرَاهِيمَ , وَشَقِيقٍ وَحَاتِمٍ وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِيمَا وَقَعَ إِلَيْنَا إِلَّا مَا يَحْكِي عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ أَنَّهُ قَالَ : أَصْحَبْتُ رَجُلًا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَمَكَّةَ فَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ فَإِذَا عَنْ يَمِينِهِ جَفْنَةُ ثَرِيدٍ وَكُوزُ مَاءٍ فَأَكَلَ وَأَطْعَمَنِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِبَعْضِ الْمَشَايخِ مِمَّنْ لَهُ آيَاتٌ وَكَرَامَاتٌ فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ ذَاكَ أَخِي دَاوُدُ وَوَصَفَ مِنْ حَالِهِ مَا أَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ وَمَسْكَنُهُ مِنْ وَرَاءِ نَهْرِ بَلْخٍ بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا الصَّادِرُ تَفْخَرُ عَلَى الْبِقَاعِ بِكَيْنُونَةِ دَاوُدَ فِيهَا ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ مَاذَا عَلَّمَكَ وَقَالَ لَكَ ؟ قُلْتُ : عَلَّمَنِي اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فَقَالَ الشَّيْخُ : فَمَا هُوَ ؟ قُلْتُ لَهُ إِنَّهُ لَكَبِيرٌ فِي قَلْبِي أَنْ أُنْطِقَ بِهِ لِسَانِي فَإِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ مَرَّةً وَإِذَا رَجُلٌ يَحْجِزُنِي فَقَالَ : سَلْ تُعْطَهْ فَرَاعَنِي ذَلِكَ وَفَزِعْتَ مِنْهُ فَزَعًا شَدِيدًا فَقَالَ : لَا بَأْسَ وَلَا رَوْعَ , أَنا أَخُوكَ الْخَضِرُ , فَقَالَ : إِنَّ أَخِي دَاوُدَ عَلَّمَكَ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ وَاللَّهُ يثَبِّتُ بِهِ قَلْبَكَ وَيُقَوِّي بِهِ ضَعْفَكَ وَيُؤْنِسُ بِهِ وَحْشَتَكَ وَيُؤَمِّنُ بِهِ رَوْعَتَكَ وَيُجَدِّدُ بِهِ رَغْبَتَكَ وَيُعِينُكَ , إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا اتَّخَذُوا الرِّضَا عَنِ اللَّهِ لِبَاسًا وَحُبَّهُ دِثَارًا وَالْأَثَرَةَ شِعَارًا فَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : رَأَيْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ مَرْوِيَّةً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَحِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَمَّارٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فَأَحَبَبْتُ أَنْ لَا أَخْلِيَ الْكِتَابَ مَنْ ذِكْرِ دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ |