ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالسِّدْرِ
ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالسِّدْرِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ : اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غُسْلًا وَلَا مَعْنَى لِطَرْحِ وَرَقَاتٍ مِنَ السِّدْرِ فِي الْمَاءِ كَفِعْلِ الْعَامَّةِ لِأَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالسِّدْرِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْوَرَقَاتِ الَّتِي تَطْرَحُهَا الْعَامَّةُ ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا مُوسَى أَنْ يَغْسِلَ دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ ، وَمَاءَ الرَّيْحَانِ ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ : يُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا ثَلَاثًا ، أَوْ خَمْسًا ، أَوْ سَبْعًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سِدْرٌ ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ ؟ فَقَالَتْ : لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ |
2872 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ هَمَّامَ ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى : أَنِ اغْسِلْ ، دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ |
2873 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ ؟ فَقَالَتْ : لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يُغْسَلَ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدُوا سِدْرًا ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ الْأُشْنَانُ ، وَقَالَ مَرَّةً : وَرَقَ الْغُبَيْرَاءِ ، وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ : يُجْعَلُ الرَّيْحَانُ ، وَقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ : يُجْعَلُ الْخَطْمِيُّ ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : حُرْضٌ ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِذَا لَمْ يُوجَدِ السِّدْرُ جُعِلَ مَكَانَهُ الْخَطْمِيُّ ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ |
ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالْأُشْنَانِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ : إِذَا طَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ دَعَا بِأَشْنَانٍ فَغَسَلَهُ ، وَقَالَ مَالِكٌ : يُغْسَلُ الْمَيِّتُ بِالْحُرْضِ وَالسِّدْرِ ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالْمَوْتَى يَخْتَلِفُونَ فَإِنْ كَانَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْتُ أَنْ يُغْسَلَ بِالْأُشْنَانِ وَيُبَالَغَ فِي دَلْكِهِ لَيُنْقَى الْوَسَخُ ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : يُدَلَّكُ بِالْأُشْنَانِ إِذَا كَانَ وَسِخًا وَطَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أُحِبُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ : لَا أَدْرِي أَنْ يُتْعَبَ فِي غُسْلِهِ ، وَلْيَفْعَلْ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْحَيِّ الْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يُوجِعَهُ وَيُتْعِبَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَإِنِ احْتَاجَ لِوَسَخٍ بِهِ إِلَى الْأُشْنَانِ رَفَقَ بِهِ كَمَا يَرْفُقُ بِهِ لَوْ كَانَ مَرِيضًا ، وَلَا يُعَنِّفْ بِهِ وَلَا يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا لَوْ كَانَ حَسَنًا عَلِيلًا فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ أَلَمَهُ |
ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُغْسَلُ ثَلَاثًا هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا ، لَا يُقْصَرُ عَنْ ثَلَاثٍ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : يُغْسَلُ وِتْرًا ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ : ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مُنْتَهًى لَا يُجْزَى دُونَهُ وَلَا يُجَاوِزُهُ ، وَلَكِنْ يُغْسَلُ فَيُنْقَّى ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُجْزِي الْمَيِّتَ فِي الْغُسْلِ كَمَا يُجْزِي الْجُنُبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثٌ أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ ، وَقَدْ أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهِنَّ فِيمَا زَادَ ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ وَفِي الْخَمْسِ ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْصُرَ الْغُسْلُ عَنْ ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي الْخَمْسِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْغَاسِلِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ وِتْرًا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَرْخِي إِذَا أُدِيمَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ هَذِهِ الْحَالَ |
ذِكْرُ تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : يُضْفَرُ شَعْرُ رَأْسِهَا كُلُّهُ ، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَ قُرُونٍ ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ خَلْفَهَا ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ ، وَبِهِ نَقُولُ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ : لَيْسَ مَشْطُ رَأْسِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ بِوَاجِبٍ ، وَلَكِنْ يُفَرِّقُ شَعْرُهَا وَيُرْسِلُهُ مَعَ خَدَّيْهَا ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : يُرْسَلُ مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا ، ثُمَّ يُسْدَلُ الْخِمَارُ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَبْلُ |
ذِكْرُ الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُعَادُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِلَى سَبْعِ مِرَارٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ ، كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُعَادُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً ، وَقَالَ أَحْمَدُ كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ إِسْحَاقُ نَحْوًا مِنْهُ ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ : إِذَا غُسِلَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ ، وَلَا يُزَادُ عَلَى الثَّالِثَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُعَادُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالنُّعْمَانُ ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالنُّعْمَانُ : يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَذَلِكَ نَقُولُ ، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ حُكْمِ الْحَيِّ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ حَيٍّ شَيْءٌ بَعْدَمَا اغْتَسَلَ لَمْ يَنْقُضْ ذَلِكَ غُسْلَهُ ، وَإِيجَابُ الْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ |