بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا
239 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا تَذْهَبُ تَسْتَأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ : ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي السَّمَاءِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِيمَا تَغْرُبُ فِيهِ |
240 مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ { فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } وَكَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَيْرُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ دَاوُدَ , وَهُوَ مِمَّا يُخَطِّئُهُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ : إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ أَصْحَابُ حَمَّادٍ فَلَمْ يَرْفَعُوهُ فَمِمَّنْ خَالَفَهُ فِيهِ مِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ الْأَنْمَاطِيُّ |
241 كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ , حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا { فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } يَهْمِزُهَا وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ , حَدَّثَنَا حَمَّادٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمُوَافَقَةِ هَذَا الْمَعْنَى |
242 كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ يَعْنِي الطَّاحِيَّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَقْرَأَنِي أُبَيٌّ كَمَا أَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } مُخَفَّفَةً وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ : مُخَفَّفَةً . وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَقُلْ : مُخَفَّفَةً فَفِيمَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا مَا يُثْبِتُ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ شَدَّ ذَلِكَ |
243 مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ , أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرٍو , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَالَفَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَنَحْنُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : { عَيْنٍ حَمِئَةٍ } وَقَالَ عَمْرٌو : ( حَامِيَةٍ ) قَالَ : فَسَأَلْنَا كَعْبًا فَقَالَ : إنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ لَتَغْرُبُ فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ |
244 حَدَّثَنَا يُونُسُ , حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ فِي شَاهِدِ { حَمِئَةٍ } , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ أَبِي حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ } ؟ قَالَ : ( فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ : أَتَسْأَلُ هَذَا عَنِ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا نَزَلَ فِي بَيْتِي . فَقَالَ : كَيْفَ تَقْرَؤُهَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ فَقُلْتُ : { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ } قَالَ أَبُو حَاضِرٍ : فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَا أَشُدُّ قَوْلَكَ بِقَوْلِ صَاحِبِنَا تُبَّعٍ : قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ قَبْلِي مُسْلِمًا مَلِكًا تَدِينُ لَهُ الْمُلُوكُ وَتَحْشِدُ بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ عِلْمٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ وَأَتَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ فَالْخُلُبُ فِي لُغَتِنَا : الطِّينُ , وَالثَّأْطُ : الْحَمْأَةُ , وَالْحَرْمَدُ : الْأَسْوَدُ . فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لِي : هَذِهِ قَوَافِي مُخْتَلِفَةٌ وَقَدْ رَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ مِنْهُمْ أَبُو بِجَادٍ الْحَارِثِيُّ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْشِدُونَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْتَ لِي عَنْ يُونُسَ , وَهُوَ : قَدْ كَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ خَالِي قَدْ أَتَى طَرَفَ الْبِلَادِ مِنَ الْمَكَانِ الْأَبْعَدِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ حَتَّى تَلْتَئِمَ قَوَافِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَتَعُودَ كُلُّهَا إلَى الْحَرْفِ وَلَا تَخْتَلِفَ |
245 وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ , حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ , حَدَّثَنَا عَبْدَةُ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , أَحْبَرَنَا ابْنُ حَاضِرٍ أَوْ أَبُو حَاضِرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَرَأَ مُعَاوِيَةُ فِي الْكَهْفِ ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) فَقُلْتُ : إنَّا نَقْرَؤُهَا { حَمِئَةٍ } فَسَأَلَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْهَا فَقَالَ : كَمَا قَرَأْتَهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُلْتُ : فِي بَيْتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ : فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إلَى كَعْبٍ يَسْأَلُهُ أَيْنَ تَجِدُ الشَّمْسَ تَغْرُبُ فِي التَّوْرَاةِ ؟ قَالَ : فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ : فَقُلْتُ : لِابْنِ عَبَّاسٍ لَوْ كُنْتُ عِنْدَكُمْ لَرَفَدْتُكَ بِمَا تَزْدَادُ بِهِ بَصِيرَةً فِي حَمِئَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَمَاذَا هُوَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَجُدُ فِيمَا كَانَ مِنْ قَوْلِ تُبَّعٍ مَا ذَكَرَهُ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ كَلَفِهِ بِالْعِلْمِ وَإِمْعَانِهِ إيَّاهُ . بَلَغَ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ يَبْتَغِي أَسْبَابَ أَمْرٍ مِنْ حَكِيمٍ مُرْشِدِ فَرَأَى مَغَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطٍ حَرْمَدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا الْخُلُبُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : الطِّينُ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ : فَمَا الثَّأْطُ ؟ قُلْتُ : الْحَمَأَةُ قَالَ : فَمَا الْحَرْمَدُ ؟ قُلْتُ : الْأَسْوَدُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ : اكْتُبْ مَا يَقُولُ هَذَا الرَّجُلُ فَقَالَ قَائِلٌ : حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيٍّ هَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَيْتُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ ; لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَفِي هَذَا غُرُوبُهَا فِي طِينَةٍ سَوْدَاءَ وَالطِّينُ فَإنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ الطِّينَ قَدْ يَكُونُ فِي السَّمَاءِ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْ أَضْيَافِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا كَانَ جَوَابًا مِنْهُمْ لِإِبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ : { فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ } فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الطِّينَ فِي السَّمَاءِ كَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَفِي شِعْرِ تُبَّعٍ الَّذِي رَوَيْتَهُ : فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَغِيبَهَا وَأَنَّهُ فِي الْأَرْضِ لَا فِي السَّمَاءِ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هُوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ وَفِيمَا سِوَاهَا وَمَعَ هَذَا فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الرُّؤْيَةُ الَّتِي أَرَادَهَا تُبَّعٌ رُؤْيَةَ يَقِينٍ وَعِلْمٍ بِالْقَلْبِ لَا رُؤْيَةَ عَيْنٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رُؤْيَةِ الْقُلُوبِ وَيَقِينِهَا لَا عَلَى رُؤْيَةِ الْأَبْصَارِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الِالْتِئَامِ بِغَيْرِ تَضَادٍّ فِيهِ وَلَا اخْتِلَافٍ وَقَدْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَعْنِي حَمِئَةً غَيْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ مَا قَرَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ , وَهُوَ ( حَامِيَةٌ ) مِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ |
246 كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ , حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ , حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ , عَنْ هَارُونَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ : ( حَامِيَةً ) يَقُولُ : حَارَّةٍ وَمِنْهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ , حَدَّثَنَا خَلَفٌ , حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ , عَنْ شِبْلٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ : ( حَامِيَةٍ ) بِأَلِفٍ كَمِثْلِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عَنِ الَّذِي كَانَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ مِنْ عَمْرٍو وَمِنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَيْضًا وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافَقَةَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَمِئَةٍ وَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى ( حَامِيَةٍ ) وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ وَتَرَكْنَا مَا سِوَاهُ مِمَّا لَا يَتَّصِلُ أَسَانِيدُهُ وَكَانَ مِمَّنْ قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَيْضًا عَاصِمٌ وَسُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَذَكَرَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ وَيَخْتَارُهُ لِكَثْرَةِ عَدَدِ الْقُرَّاءِ ; وَلِأَنَّ عَاصِمًا لِقِرَاءَتِهِ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا لَيْسَ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ يَقُولُ : إِنْ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ تُؤْخَذُ بِصِحَّةِ الْمَخْرَجِ فَمَا نَعْلَمُ لِقِرَاءَةٍ مِنْ صِحَّةِ الْمَخْرَجِ مَا صَحَّ لِقِرَاءَةِ عَاصِمٍ ; لِأَنَّهُ يَقُولُ : قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : وَكُنْتُ أَنْصَرِفُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَمُرُّ بِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَا يُغَيِّرُ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ : وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَصَدَقَ وَقَدْ كُنَّا أَخَذْنَا قِرَاءَةَ عَاصِمٍ حَرْفًا حَرْفًا عَنْ رَوْحِ بْنِ الْفَرَجِ وَحَدَّثَنَا أَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيِّ , وَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى عَاصِمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَقُلْتُ لِعَاصِمٍ : عَلَى مَنْ قَرَأْتَ ؟ فَقَالَ : عَلَى السُّلَمِيِّ وَقَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ وَقَرَأَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ عَاصِمٌ : وَكُنْتُ أَجْعَلُ طَرِيقِي عَلَى زِرٍّ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ وَقَرَأَ زِرٌّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ |
247 وَلَقَدْ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ , حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيَّ , عَنْ عَاصِمٍ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : قَرَأْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَأَكْثَرْتُ وَأَمْسَكْتُ عَلَيْهِ فَأَكْثَرْتُ وَأَقْرَأْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ حَتَّى خَتَمَا الْقُرْآنَ وَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِحُرُوفِ الْقُرْآنِ فَمَا خَالَفَ عَلِيًّا فِي حَرْفٍ فَلَوْ أَضَافَ مُضِيفٌ قِرَاءَةَ عَاصِمٍ كُلَّهَا إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَا كَانَ مُعَنَّفًا ، وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ |