جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي جَمَاعَةٍ
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنَ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، فَأَجَازَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْخَوَارِجِ ، فَقَالَ : صَلِّ مَعَهُمْ ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ : لَا تَضُرُّ الْمُؤْمِنَ صَلَاتُهُ خَلْفَ الْمُنَافِقِ ، وَلَا تَنْفَعُ الْمُنَافِقَ صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ خَلْفَهُ ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي صَاحِبِ الْبِدْعَةِ : صَلِّ خَلْفَهُ وَعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ صَاغِرًا هَدْيًا . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : وَمَنْ صَلَّى مِنْ مُسْلِمٍ بَالِغٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْمُودِ الْحَالِ فِي دِينِهِ ، أَيْ حَالُهُ بَلَغَ يُخَالِفُ الْجَهْرَ فِي الدِّينِ ، وَقَدْ صَلَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ مَنْ لَا يَجْهَرُونَ حَالَهُ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِمْ . وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَأَمَرَ بَعْضُهُمْ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُمْ بِالْإِعَادَةِ ، كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ : فِي الرَّجُلِ يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ : لَا تُقَدِّمُوهُ ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجَهْمِيِّ يُصَلَّى خَلْفَهُ : يُعِيدُ ، وَالْقَدَرِيُّ إِذَا كَانَ يَرُدُّ الْأَحَادِيثَ وَيُخَاصِمُ فَلْيُعِدْ ، وَالرَّافِضِيُّ يُصَلِّي خَلْفَهُ يُعِيدُ ، وَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً إِلَى هَوَاهُ . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَيُصَلَّى خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ |
2057 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : حدثنا هِشَامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ ، قَالَ : جَاءَنِي أَبُو ذَرٍّ ، وَحُذَيْفَةُ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ : وَرَاءَكَ ، رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : أَكَذَاكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ وَحَضَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَحُذَيْفَةُ دَارَ أَبِي مُوسَى ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ ، وَحَضَرَ ابْنُ عُمَرَ مَسْجِدَ مَوْلًى فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي ، فَصَلَّى الْمَوْلَى |
2058 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ أَطْلُبُهُ فِي دَارِهِ ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى ، فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ ، وَحُذَيْفَةُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِحُذَيْفَةَ : أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلَامِ ؟ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : إِي وَاللَّهِ لَقَدْ قُلْتُ ذَاكَ ، كَرِهْتُ أَنْ يُقَالَ : قَرَأَهُ فُلَانٌ وَقَرَأَهُ فُلَانٌ ، كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ، قَالَ : وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَى فَأَمَّهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي دَارِهِ |
2059 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، قَالَ : أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ بِطَائِفَةِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : وَلِعَبْدِ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَسْجِدِ أَرْضٌ يَعْمَلُهَا ، وَإِمَامُ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مَوْلًى ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِكَ مِنِّي ، فَصَلَّى الْمَوْلَى وَقَالَ عَطَاءٌ : صَاحِبُ الرَّبْعِ يَؤُمُّ مَنْ جَاءَهُ ، قُلْتُ لَهُ : مَا الرَّبْعُ ؟ قَالَ : الْمَنْزِلُ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ |
ذِكْرُ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَأْمُومِ يُصَلِّي أَمَامَ الْإِمَامِ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ مِنَ الزِّحَامِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ أَمَامَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ إِذَا ضَاقَ الزِّحَامُ فِي الْجُمُعَةِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا يُجْزِي الْمَأْمُومَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَ إِمَامِهِ ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ يَقُولُ : هُوَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بِمِصْرَ |
ذِكْرُ التَّكْبِيرِ قَبْلَ إِمَامِهِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسَانِيدَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَالسُّنَّةُ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرَ ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ مَنْ وَرَاءَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُعِيدُ تَكْبِيرَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَلَمْ يَقُولُوا : يَخْرُجُ لَمَّا كَبَّرَ قَبْلَ إِمَامِهِ لِمَا دَخَلَ فِيهِ بِتَسْلِيمٍ أَوْ كَلَامٍ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُجْزِيهِ تَكْبِيرُهُ حَتَّى يَقْطَعَ بِسَلَامٍ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ أَعَادَ ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ |
ذِكْرُ انْتِظَارِ الْإِمَامِ وَهُوَ رَاكِعٌ إِذَا سَمِعَ وَقْعَ النِّعَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ يَسْمَعُ حِسَّ أَقْدَامِ النَّاسِ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يُدْرِكُوهُ ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ ، وَأَبِي مِجْلَزٍ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ ، وَهُوَ : أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ ، هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنْ لَا يَنْتَظِرَهُمْ ، وَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ إِلَّا خَالِصَةً لِلَّهِ ، وَلَا يُرِيدُ بِالْمُقَامِ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هُوَ ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَالنُّعْمَانِ ، وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا يَنْتَظِرُهُمْ يَرْكَعُ كَمَا كَانَ يَرْكَعُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ بِحَبْسِ الْإِمَامِ مَنْ سَبَقَ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ مَعْنًى ، وَرُبَّمَا اتَّصَلَ مَجِيءُ النَّاسِ |
ذِكْرُ الْإِمَامِ يَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ الْقَوْمِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ وَسَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطِيئَتِي ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ وَبِهَذَا نَقُولُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ غَيْرِ ، وَاحِدٍ ، أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ ، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَلَيْسَ يَثْبُتُ عَنْ وَاحِدٍ ، مِنْهُمَا مَا رُوِيَ عَنْهُ |
2060 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ السَّلَامِ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ : الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَلَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَهُمْ |