بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْقِصَاصِ :

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْقِصَاصِ : فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ، وَمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ اللَّهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى ، فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الَّذِي كُتِبَ مِمَّا مَعْنَاهُ فَرْضٌ فِي قَتْلَانَا ، فَأَمِنَ عُقُوبَةَ قَاتِلِيهِمْ ، هُوَ الْقِصَاصُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهُ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاتِلِ فِي قَتْلِهِ الَّذِي قَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْقِصَاصُ لَا مَا سِوَاهُ ، ثُمَّ أَعْقَبَ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْعَفْوِ الْمَذْكُورٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ طَارِئٌ عَلَى الْقِصَاصِ الْمَذْكُورِ وُجُوبُهُ فِيهَا وَمُغَيِّرٌ لَحِقِّ الْقَاتِلِ الَّذِي كَانَ لَهُ مِنَ الْقِصَاصِ إِلَى مَا سِوَاهُ مِمَّا يَتَّبِعُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ ، وَيُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْعَفْوِ ، مَا هُوَ ؟ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ ، مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ فِي مُتَّبِعِيهِمْ : إِنَّهُ أَنْ يَعْفُوَ الَّذِي لَهُ الدَّمُ عَنِ الَّذِي هُوَ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى شَيْءٌ يَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ بَدَلًا مِنَ الْقِصَاصِ ، فَيَتَّبِعُهُ بِهِ بِمَعْرُوفٍ ، وَيُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِإِحْسَانٍ ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْقَاتِلَ لَوْ أَبَى ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُؤْخَذْ بِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنَّ لِلَّذِي لَهُ الدَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي هُوَ لَهُ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ ، شَاءَ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَبِي ، وَقَالَ آخَرُونَ سِوَاهُ : إِنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَنْ يَأْخُذَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ شَاءَ أَوْ أَبَى مِنْ جِهَةِ ذِكْرِ أَنَّهَا تُوجِبُ لَهُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ ، وَهَيَ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ الدِّيَةَ ، وَأَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنَ الدِّيَةِ وَهُوَ الْقِصَاصُ ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ الْقِصَاصُ ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنَ الدِّيَةِ ، فَاخْتَارَ الَّذِي لَهُ الدَّمُ رَدَّ الْأَغْلَظِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلِهِ إِلَى الْأَيْسَرِ الَّذِي كَانَ يَجِبُ لَهُ لَوْ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ أَيْسَرَ مِنَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْقِصَاصَ ، كَانَ قَدْ نَزَلَ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبِ لَهُ إِلَى مَا دُونَهُ ، وَهُوَ الدِّيَةُ ، فَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ شَاءَ الْقَاتِلُ أَوْ أَبَى وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّ الْعَفْوَ مِنَ الَّذِي قَالَ لَهُ الْقِصَاصُ تُوجِبُ الدِّيَةَ لَهُ عَلَى الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، شَاءَ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ أَبَى ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ : أَنَّهُ الْأُولَى بِالشَّافِعِيِّ بِعَقَبِ حِكَايَتِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ : أَنَّ الدَّمَ الْعَمْدَ لَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَالُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، إِنْ كَانَ حَيًّا ، وَبِمَشِيئَةِ الْوَرَثَةِ إِنْ كَانَ مَيِّتًا لَا نَعْلَمُ فِي تَأْوِيلِ الْعَفْوَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، فَتَأَمَّلْنَاهَا لِنَقِفَ عَلَى الْأَوْلَى مِنْهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَبَدَأْنَا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ اسْتَحَقَّ الدِّيَةَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ ، طَالِبٌ لِبَقِيَّتِهِ فَوَجَدْنَا مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ غَيْرَ الَّذِي أَوْجَبَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ ، وَلَمْ يَجْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا جَزَاءً مِنَ الْآخَرِ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، عَقَلْنَا : أَنَّ مَنَ نَزَلَ عَنِ الْمَجْعُولِ لَهُ مِنْهُمَا ، فَقَدْ نَزَلَ عَنِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ ، مِمَّا لَمْ يُوجِبْهُ لَهُ ، فَكَانَ مَعْقُولًا : أَنْ لَا يَجِبَ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا بِرِضَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِنُزُولِهِ عَنْ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنَ الْقِصَاصِ يُوجِبُ لَهُ الدِّيَةَ الْوَاجِبَةَ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ ، لَوَجَبَتْ لَهُ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ ، وَهِيَ الْعَاقِلَةُ ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وُجُوبُ بُطْلَانِ هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ ثَنَّيْنَا بِقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّ الْعَفْوَ يُوجِبُ لَهُ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ شَاءَ أَوْ أَبَى ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي حَدِيثِ ذِي النِّسْعَةِ مِنْ قَوْلِهِ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ : اعْفُ عَنْهُ يَعْنِي قَاتِلَ وَلِيِّهِ فَأَبَى ، فَقَالَ لَهُ : فَخُذْ أَرْشًا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ عَفْوَهُ لَا أَرْشَ مَعَهُ لَوْ عَفَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَمَّا أَبَاهُ : فَخُذْ أَرْشًا وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا قَدْ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

4288 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ بِخَبْلٍ يَعْنِي بِالْخَبْلِ الْجِرَاحَ فَوَلِيُّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ : بَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ ، أَوْ يَقْتَصَّ ، أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ ، فَإِنْ أَبَى الرَّابِعَةَ ، فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ ، فَإِنْ قَبِلَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ، ثُمَّ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَهُ النَّارُ خَالِدًا فِيهَا مُخَلَّدًا وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَقْتَصَّ ، أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ ، فَكَانَ مَعْقُولًا فِي ذَلِكَ أَنَّ عَفْوَهُ لَا أَخْذَ دِيَةٍ مَعَهُ ، كَمَا أَخْذُهُ الدِّيَةَ لَا عَفْوَ مَعَهُ ، فَفَسَدَ بِذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا ثُمَّ ثَلَّثْنَا بِمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ إِيجَابِهِ لِلْوَلِيِّ أَخْذَ الدِّيَةِ مِنَ الْقَاتِلِ شَاءَ أَوْ أَبَى ، بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا كَتَبَ عَلَيْنَا فِي قَتْلَانَا الْقِصَاصَ لَا مَا سِوَاهُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنْ لَا يَتَحَوَّلَ الْحَقُّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ إِلَى مَا سِوَاهُ إِلَّا بِرِضَا مَنْ يَتَحَوَّلُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، فَفَسَدَ بِذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا وَلَمْ يَبْقَ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ الْقَوْلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ عَنِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ الْقِصَاصُ ، وَأَنْ لَا يَتَحَوَّلَ إِلَى مَا سِوَاهُ إِلَّا بِرِضَا الْقَاتِلِ ، وَمَنْ لَهُ الدَّمُ جَمِيعًا بِذَلِكَ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،