ذِكْرُ أَبِي طَالِبٍ وَضَمِّهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِ
252 أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ الْبَصْرِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : كَانَ أَبُو طَالِبٍ تُلْقَى لَهُ وِسَادَةٌ يَقْعُدُ عَلَيْهَا ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ غُلاَمٌ فَقَعَدَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : وَإِلَهِ رَبِيعَةَ ، إِنَّ ابْنَ أَخِي لَيُحْسِنُ بِنَعِيمٍ.
253 أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ ، أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ ، أَوْ أَبَا طَالِبٍ ، شَكَّ خَالِدٌ ، قَالَ : لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ عَطَفَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ : فَكَانَ لاَ يُسَافِرُ سَفَرًا إِلاَّ كَانَ مَعَهُ فِيهِ وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الشَّأْمِ فَنَزَلَ مَنْزِلَهُ فَأَتَاهُ فِيهِ رَاهِبٌ ، فَقَالَ : إِنَّ فِيكُمْ رَجُلاَّ صَالِحًا فَقَالَ : إِنَّ فِينَا مَنْ يَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيَفُكُّ الأَسِيرَ ، وَيَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ أَوْ نَحْوًا مِنْ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ فِيكُمْ رَجُلاَّ صَالِحًا ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ أَبُو هَذَا الْغُلاَمِ ؟ قَالَ : فَقَالَ : هَأَنَذَا وَلِيُّهُ أَوْ قِيلَ : هَذَا وَلِيُّهُ ، قَالَ : احْتَفِظْ بِهَذَا الْغُلاَمِ وَلاَ تَذْهَبِ بِهِ إِلَى الشَّأْمِ إِنَّ الْيَهُودَ حُسُدٌ ، وَإِنِّي أَخْشَاهُمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : مَا أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقُولُهُ فَرَدَّهُ ، قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مُحَمَّدًا ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ.
254 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، قَالُوا : لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً خَرَجَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّأْمِ فِي الْعِيرِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ وَنَزَلُوا بِالرَّاهِبِ بَحِيرَا ، فَقَالَ لأَبِي طَالِبٍ فِي النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا قَالَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَفِظَ بِهِ فَرَدَّهُ أَبُو طَالِبٍ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ وَشَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَعَ أَبِي طَالِبٍ يَكْلَؤُهُ اللَّهُ وَيَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَعَايِبِهَا لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَهُوَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ حَتَّى بَلَغَ أَنْ كَانَ رَجُلاَّ أَفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً ، وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا ، وَأَكْرَمَهُمْ مُخَالَطَةً ، وَأَحْسَنَهُمْ جِوَارًا ، وَأَعْظَمَهُمْ حِلْمًا وأَمَانَةً ، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا ، وَأَبْعَدَهُمْ مِنَ الْفُحْشِ ، وَالأَذَى وَمَا رُئِيَ مُلاَحِيًا وَلاَ مُمَارِيًا أَحَدًا حَتَّى سَمَّاهُ قَوْمُهُ الأَمِينَ ؛ لِمَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الأُمُورِ الصَّالِحَةِ فِيهِ ، فَلَقَدْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ الأَمِينُ ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَحْفَظُهُ وَيَحُوطُهُ وَيُعَضِّدُهُ وَيَنْصُرُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
251 أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ قَالَ : كَانَ أَبُو طَالِبٍ تُوضَعُ لَهُ وِسَادَةٌ بِالْبَطْحَاءِ مَثْنِيَّةً يَتَّكِئُ عَلَيْهَا ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَبَسَطَهَا ثُمَّ اسْتَلْقَى عَلَيْهَا قَالَ : فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ فَأَرَادَ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَيْهَا فَسَأَلَ عَنْهَا ، فَقَالُوا : أَخَذَهَا ابْنُ أَخِيكَ ، فَقَالَ : وَحِلِّ الْبَطْحَاءِ ؛ إِنَّ ابْنَ أَخِي هَذَا لَيُحْسِنُ بِنَعِيمٍ.
250 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ (ح) وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ ، قَالُوا : لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَبَضَ أَبُو طَالِبٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِ ، فَكَانَ يَكُونُ مَعَهُ ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ لاَ مَالَ لَهُ ، وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا لاَ يُحِبُّهُ وَلَدَهُ ، وَكَانَ لاَ يَنَامُ إِلاَّ إِلَى جَنْبِهِ ، وَيَخْرُجُ فَيَخْرُجُ مَعَهُ ، وَصَبَا بِهِ أَبُو طَالِبٍ صَبَابَةً لَمْ يَصْبُ مِثْلَهَا بِشَيْءٍ قَطُّ ، وَكَانَ يَخُصُّهُ بِالطَّعَامِ ، وَكَانَ إِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا ، وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَبِعُوا ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُغَذِّيَهُمْ قَالَ : كَمَا أَنْتُمْ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنِي ، فَيَأْتِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ ، فَكَانُوا يُفْضِلُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ لَمْ يَشْبَعُوا ، فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ : إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ ، وَكَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُونَ رُمْصًا شُعْثًا ، وَيُصْبِحُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دَهِينًا كَحِيلاً.
262 أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقُلْتُ : إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ ، يَعْنِي أَبَاهُ قَالَ : اذْهَبْ فَوَارِهِ وَلاَ تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ، فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي مَا عُرِّضَ بِهِنَّ مِنْ شَيْءٍ.
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَاغْتَسَلْتُ.
260 قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ وَوَارِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ قَالَ : فَفَعَلْتُ مَا قَالَ ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا وَلاَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِهَذِهِ الآيَةِ :