بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
2197 فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ أَبِي هِنْدٍ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا . قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتِ الْهِجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ إِنَّمَا هِيَ هِجْرَةُ السُّوءِ لَا الْهِجْرَةُ الْأُخْرَى الْمَذْكُورَةُ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ أَيْ إِنَّهَا الْهِجْرَةُ الَّتِي يُهْجَرُ بِهَا مَا كَانَ قَبْلَهَا مَا قَطَعَتْهُ التَّوْبَةُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِيهِ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْهِجْرَتَيْنِ |
2198 كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ . إِحْدَاهُمَا أَنْ يَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ , وَأَنْ يُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتِ التَّوْبَةُ , وَلَا تَزَالُ مَقْبُولَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا , فَإِذَا طَلَعَتْ طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا |
2199 مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ قَالَ : حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَا تُبَايِعُ هَذَا ؟ قَالَ : وَمَنْ هَذَا ؟ قُلْتُ : ابْنُ عَمِّي حَوْطُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : لَا إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَا تُهَاجِرُونَ إِلَى أَحَدٍ , وَلَكِنَّ النَّاسَ يُهَاجِرُونَ إِلَيْكُمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الْغَسِيلِ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : ابْنُ عَمِّي , وَلَمْ يُسَمِّهِ , وَزَادَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يُحِبُّهُ , وَلَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يُبْغِضُهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنُ الْغَسِيلِ قَالَ : حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ ، وَكَانَ أَبُوهُ بَدْرِيًّا قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ السَّاعِدِيُّ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْهِجْرَةِ , فَقَالَ هَذَا حَوْطُ بْنُ يَزِيدَ أَوْ يَزِيدُ بْنُ حَوْطٍ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِشَيْءٍ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَكَانَ وَقْتَ مُهَاجَرٍ وَلَيْسَ مَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ كَذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ |
2200 مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ جَمِيعًا قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى فُدَيْكُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ قَالَ خَرَجَ فُدَيْكٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ , فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُدَيْكُ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَآتِ الزَّكَاةَ وَاهْجُرِ السُّوءَ وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ تَكُنْ مُهَاجِرًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تِبْيَانُ الْهِجْرَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا مَنْ يَدْخُلُ فِيهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَأَنَّهَا بِهَجْرِ السُّوءِ وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّهَا خِلَافُ الْهِجْرَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ الْمُهَاجِرُ مِنْهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا بَيَانٌ لِمَا وَصَفْنَا وَقَدْ وَجَدْنَا مَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّابِقِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مِنْ دُورِ الْكُفْرِ مِنْ مَكَّةَ وَمِمَّنْ سِوَاهَا إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ , وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِيهَا هُمُ الَّذِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ مِنْهُمْ فِي أَمْرِهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ وَالْبَذْلَةِ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ أَعْظَمَ الدُّورِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْكُفَّارُ بِهِ ، وَالرَّاغِبُونَ عَنْهُ وَالْمُقَاتِلُونَ لَهُ وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ هُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَكَّةُ دَارَ إِسْلَامٍ . وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجَاشِعٍ لَمَّا أَتَاهُ بِأَخِيهِ بَعْدَ الْفَتْحِ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ : لَا بَلْ يُبَايِعُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَيَكُونُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |
2201 حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ خَيْرًا عَسَلَهُ قَالُوا : وَكَيْفَ يَعْسِلُهُ ؟ قَالَ : يَهْدِيهِ إِلَى عَمَلٍ صَالِحٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَيْهِ |
2202 وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ وَهَلْ تَدْرُونَ مَا عَسَلُهُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ جِيرَانُهُ أَوْ مَنْ حَوْلَهُ قَالَ فَطَلَبْنَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا الْعَرَبَ تَقُولُ هَذَا رُمْحٌ فِيهِ عَسَلٌ يُرِيدُونَ فِيهِ اضْطِرَابٌ فَشَبَّهُ سُرْعَتَهُ الَّتِي هِيَ اضْطِرَابُهُ بِاضْطِرَابِ مَا سِوَاهُ مِنَ الرُّمْحِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَيْلِهِ إِيَّاهُ إِلَى مَا يُحِبُّ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُ جَنَّتَهُ وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |
2203 حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ طَلَاقِ جَدِّهِ أَبِي عَمْرٍو فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ , فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ : طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ , ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ فَوَكَّلَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ فَسَخِطَتْهَا , فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ : مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا سُكْنَى , وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْأَلِيهِ , فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَا قَالَ , فَقَالَ : لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ , وَلَا سُكْنَى , وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ اخْرُجِي عَنْهُمْ , فَقَالَتْ : أَأَخْرُجُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ؟ فَقَالَ لَهَا : إِنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى فَهُوَ أَقَلُّ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ نَفْسِهَا بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أُضِيفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِمْ نَفَقَةٌ , وَلَا سُكْنَى , وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْإِيجَابِ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَصْرِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ . فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ تَمَتُّعَ الْمُطَلَّقَاتِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي كِتَابِهِ , وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } وَقَوْلُهُ : { مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } الْآيَةَ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَمِثْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ لَا عَلَى الْإِيجَابِ , فَيَكُونُ مِثْلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مُتَعِ الْمُطَلَّقَاتِ { حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } وَ { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْغِيبِ فِي ذَلِكَ وَالْحَضِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ جَمِيعًا مَدْخُولًا بِهِنَّ كُنَّ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهِنَّ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ |
2204 مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَمُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ عَنْ عَمِّهِ إِيَاسِ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : ذَلِكَ يَعْنِي لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْإِيجَابِ لِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ |