بَابُ حد من قطع الطريق أو سرق
628 محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة, عن الهيثم بن أبي الهيثم, عن الشعبي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقطع السارق في ثمر, ولا في كثر. قال محمد: وبه نأخذ, والثمر ما كان في رؤوس النخل والشجر لم يحرز في البيوت, فلا قطع على من سرقه, والكثر الجمار جمار النخل, فلا قطع على من سرقه, وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
629 محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عمرو بن مرة, عن عبد الله بن سلمة, عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا سرق الرجل قطعت يده اليمنى, فإن عاد قطعت رجله اليسرى, فإن عاد ضمن السجن حتى يحدث خيرا, إني لأستحي من الله أن أدعه ليست له يد يأكل بها, ويستنجي بها, ورجل يمشي عليها. قال محمد: وبه نأخذ, ولا يقطع من السارق إلا يده اليمنى, ورجله اليسرى, لا يزاد على ذلك شيئا إذا أكثر السرقة مرة بعد مرة, ولكنه يعزر, ويحبس حتى يحدث خيرا, وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
631 محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر, عن أبيه, عن يزيد بن أبي كبشة قال: أتي أبو الدرداء رضي الله عنه بجارية سوداء قد سرقت, وهو على دمشق, فقال: يا سلامة, أسرقت؟ قولي: لا, فقالت: لا. فقالوا: أتلقنها يا أبو الدرداء؟ قال: أتيتموني بامرأة لا تدري ما يراد بها, لتعترف فأقطعها.
632 محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة, عن حماد, عن إبراهيم قال: أتي أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنهما بسارق فقال: أسرقت؟ قل: لا, فقال: لا, فخلى سبيله. قال محمد: وأما نحن فنقول: لا ينبغي للحاكم أن يقول له: أسرقت؟ ولكن يسكت عنه حتى يقر, أو يدع, وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى, قال محمد: وإنما أراهما قالا للسارقين: قولا: لا؛ لقولهما: أسرقتما مخافة أن يجيبا بنعم بمسألتهما, إياهما ولم يفعلا. وكذلك قال أبو حنيفة في الشاهد يشهد عند الحاكم: لا ينبغي للحاكم أن يقول له: أتشهد بكذا وكذا؟ مخافة أن يقول: نعم, ولكن يدعه حتى يأتي بما عنده من الشهادة, فإن كانت شهادة قاطعة أنفذها, وإن كانت غير قاطعة ردها, وكذلك الحدود.
633 محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة, عن حماد, عن إبراهيم قال: إذا خرج الرجل فقطع الطريق, فأخذ المال وقتل, فللوالي أن يقتله أية قتلة شاء, إن شاء قتله صلبا, وإن شاء قتله بغير قطع ولا صلب, وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله, وإن أخذ المال ولم يقتل قطع يده ورجله من خلاف, فإن لم يأخذ المال ولم يقتل أوجع عقوبة وحبس حتى يحدث خيرا. قال محمد: وهذا كله قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى, وبه نأخذ, إلا في خصلة واحدة: إذا قتل وأخذ المال قتل صلبا, ولم تقطع يده ولا رجله, وإذا اجتمع حدان أحدهما يأتي على صاحبه بدئ بالذي يأتي على صاحبه, ودرئ الآخر.