بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1719 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ح وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَا : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ : قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ ؟ إِنَّهُ لَيَأْتِينِي كُتُبٌ قَالَ : قُلْتُ : لَا . قَالَ : فَتَعَلَّمْهَا قَالَ : فَتَعَلَّمْتُهَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا |
1720 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ لَهُ كُنْتُ أَكْتُبُ إِلَى يَهُودَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ , وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَا كَانَ يَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُتُبِ يَهُودَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ يَقْرَؤُهُ لَهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْضُرُونَهُ , وَهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى كِتْمَانِهِ بَعْضَ مَا فِيهِ , وَغَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى مَا يُرِيدُونَ , وَكَانَ مَا يَنْفُذُ مِنْ كُتُبِهِ إِلَى الْيَهُودِ جَوَابًا لِكُتُبِهِمْ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَتَحْتَاجُ الْيَهُودُ الْوَارِدَةُ عَلَيْهِمْ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ ؛ إِذْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ , فَلَعَلَّهُ أَنْ يُحَرِّفَ مَا فِي كُتُبِهِ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا يُرِيدُ , لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ , وَفِي قُلُوبِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مَا فِيهَا , فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا أَنْ يَتَعَلَّمَ لَهُ السُّرْيَانِيَّةَ لَيَقْرَأَ كُتُبَهُمْ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ قِرَاءَةً , فَيَأْمَنَ بِهَا كِتْمَانَ مَا فِيهَا , وَيَأْمَنَ بِهَا تَحْرِيفَ مَا فِيهَا , وَيَكُونَ كِتَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَرَدَ عَلَى الْيَهُودِ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ يَقْرَؤُهُ عَامَّتُهُمْ , يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ كِتْمَانِ بَعْضِ مَا فِيهِ , وَمِنْ تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى غَيْرِ مَا كَتَبَ بِهِ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |
1721 حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ , وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ يَسْلُكُونَ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ . فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا النُّصْرَةَ سُمِّيَ أَهْلُهَا بِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِيَّاهَا بِنَصْرِهِمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَبِقِتَالِهِمْ عَنِ الدِّينَ الَّذِي قَاتَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغُوا مِنْهُ مَا بَلَغُوا , وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّهَا أَهْلُهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ , وَبِهَجْرَتِهِمْ دَارَهُمُ الَّتِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الدَّارِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُمْ , فَجَعَلَهَا لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْطِنًا , وَلَهُمْ مَنَازِلَ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى الْفَرِيقَيْنِ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا , وَأَعْلَاهُمْ فِيهَا مَنْزِلَةً , وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَيِّرُ مَنْ جَمَعَهُمَا مَعَهُ بَيْنَهُمَا لِيَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِهَا , وَيَكْتَفِي بِهَا مِنَ الْأُخْرَى , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَالْمُخَيَّرُ مِنْهُمَا فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ |
1722 كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : خَيَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ فَاخْتَرْتُ النُّصْرَةَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوِ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ النُّصْرَةَ وَتَرَكَ الْهِجْرَةَ صَارَ النَّاسُ جَمِيعًا أَنْصَارًا , وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُهَاجِرًا , فَلَمْ يَجْعَلْ نَفْسَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ لِتَبْقَى الْهِجْرَةُ وَلِتَبْقَى النُّصْرَةُ جَمِيعًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ |
1723 كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ : أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ , فَإِنَّ أَحَدَنَا كَانَ إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْهِجْرَةَ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ اخْتَارَ النُّصْرَةَ عَلَى الْهِجْرَةِ , وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَفَهْدٌ , جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ , حَدَّثَهُ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالنَّوَّاسُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ , وَكَذَلِكَ حُذَيْفَةُ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فِي مَنْ يُعَدُّ مِنَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الْأَوْسِ وَلَا مِنَ الْخَزْرَجِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا كَانَ مِنْ تَشَكِّي امْرَأَةِ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ صَفْوَانًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ يَضْرِبُهَا إِذَا صَلَّتْ , وَيُفَطِّرُهَا إِذَا صَامَتْ , وَيَنَامُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ |
1724 حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ , وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ , وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ , قَالَ : فَقَالَ صَفْوَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَمَّا قَوْلُهَا : يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ , فَإِنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِي الَّتِي أَقْرَأُ بِهَا , فَتَقْرَأُ بِهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ . وَأَمَّا قَوْلُهَا : يُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ , فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ , وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : لَا تَصُومَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَأَمَّا قَوْلُهَا : لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ , لَا نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَشَكِّي امْرَأَةِ صَفْوَانَ , صَفْوَانَ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا إِذَا صَلَّتْ , وَإِخْبَارِ صَفْوَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِهِ الَّتِي يَقْرَأُ بِهَا , وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فِي ذَلِكَ : لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ ظَنَّ أَنَّهَا إِذَا قَرَأَتْ سُورَتَهُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُمَا بِقِرَاءَتِهِمَا إِيَّاهَا جَمِيعًا إِلَّا ثَوَابًا وَاحِدًا , مُلْتَمِسًا أَنْ تَكُونَ تَقْرَأُ غَيْرَ مَا يَقْرَأُ , فَيَحْصُلَ لَهُمَا ثَوَابَانِ , فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُمَا بِهِ ثَوَابَانِ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِيَّاهَا غَيْرُ قِرَاءَةِ الْآخَرِ إِيَّاهَا . وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الصِّيَامِ وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ صَفْوَانُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ , وَنَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِمَنْعِهَا إِيَّاهُ مِنْ نَفْسِهَا بِصَوْمِهَا , وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهَا لِغَيْبَتِهِ عَنْهَا , أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُهُ عَنْهَا , أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ , وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي ذَلِكَ , وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ |
1725 وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ . فَتَأَمَّلْنَا مَعَ ذَلِكَ مُوسَى بْنَ أَبِي عُثْمَانَ هَذَا : مَنْ هُوَ ؟ وَمَنْ أَبُوهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ ؟ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّبَّانِ وَأَنَّهُ مَوْلًى لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَعَرَفْنَا بِذَلِكَ مَنْ هُوَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , حَدَّثَنَا يَحْيَى , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ , قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ الرَّقِّيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَهَا عَنِ الصِّيَامِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ حَاجَةِ زَوْجِهَا إِلَيْهَا لِمَا يَمْنَعُ مِنْهُ الصِّيَامُ , لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ , وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الصَّلَاةُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ مِنَ النَّوْمِ , وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ لَمْ تَرْتَفِعْ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ هَذَا حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ ذَلِكَ . غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى انْتِشَارِ الشَّمْسِ وَبَيَاضِهَا . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , وَكَانَ مَعْقُولًا مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا اسْتَيْقَظْتُ فَصَلِّ أَيْ : فَصَلِّ كَمَا يَجِبُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا لَا فِيمَا سِوَاهَا , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَسْتَيْقِظُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ , وَلَا وَهُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ , وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا , مِنَ الطَّهَارَةِ , وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ , وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ , وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمُطْلَقِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا , لَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَحْظُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا , وَخِطَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَكَانَ لِصَفْوَانَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَفِيهِ تَعَلُّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ , وَعَسَاهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي سَفَرهِ الَّذِي نَامَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَعَلِمَ مَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ , وَاكْتَفَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِعَادَتِهِ عَلَيْهِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |