جِمَاعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

جِمَاعٌ مِنْ أَخْبَارِ الْبَكَّائِينَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

261 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَثَرَيْنِ فِي الْحَصَى مِنْ دُمُوعِ عَبْدِ اللَّهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

262 وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بَكَى حَتَّى رَأَيْتُهُ أَخَذَ بِكَفِّهِ مِنْ دُمُوعِهِ ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

263 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا صَدَقَةُ الدَّقِيقِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : لَوْ مَلَكْتُ الْبُكَاءَ لَبَكَيْتُ أَيَّامَ الدُّنْيَا . وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ مَجْنُونٌ لَوَضَعْتُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي ، ثُمَّ نُحْتُ عَلَى نَفْسِي فِي الطُّرُقِ وَالْأَحْيَاءِ ، حَتَّى تَأْتِيَنِي مَنِيَّتِي ، ثُمَّ بَكَى

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

264 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الضَّبِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ أَفْلَحَ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ حَاجًّا ؛ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ ، فَبَكَى حَتَّى عَلَا صَوْتُهُ . فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ ، فَلَوْ رَفَقْتَ بِصَوْتِكَ قَلِيلًا قَالَ : وَيْحَكَ يَا أَفْلَحُ وَلِمَ لَا أَبْكِي ؟ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ؛ فَأَفُوزَ بِهَا غَدًا عِنْدَهُ قَالَ : ثُمَّ طَافَ الْبَيْتَ ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى رَكَعَ عِنْدَ الْمَقَامِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ ، فَإِذَا مَوْضِعُ سُجُودِهِ مُبْتَلٌّ مِنْ دُمُوعِ عَيْنَيْهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

265 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ الْأَشْدَقِ يَذْكُرُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ، نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ سَاجِدٍ ، قَدْ أَطَالَ السُّجُودَ ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ نَظَرَ إِلَى مَوْضِعٍ سُجُودِهِ مُبْتَلًّا بِالدُّمُوعِ فَأَرْصَدَ َ لَهُ رَجُلًا فَقَالَ : إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ فَأْتِنِي بِهِ أَخْتَبِرُ عَقْلَهُ . فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ ، أَتَاهُ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ : رَأَيْتُ مِنْكَ مَنْظَرًا الْجَنَّةُ تُدْرَكُ بِدُونِهِ . فَصَرَخَ الرَّجُلُ صَرْخَةً أَفْزَعَ عَبْدَ الْمَلِكِ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ طَوِيلٍ وَهُوَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ : تَبًّا لِعَاصِيكَ مَا احْتَمَلَ مِنَ الْآثَامِ لَدَيْكَ قَالَ : فَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَبْكِي ، وَالرَّجُلُ مُوَلٍّ لَا يَلْتَفِتُ ، حَتَّى خَرَجَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

266 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ , عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كُنَّا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ ابْنِ ذَرٍّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ، فَذَكَرَ رَوَاجِفَ الْقِيَامَةِ وَزَلَازِلَهَا وَأَهْوَالَهَا ، وَشِدَّةَ الْأَمْرِ يَوْمَئِذٍ هُنَاكَ . قَالَ : وَاسْتَبْكَى ابْنُ ذَرٍّ ، وَبَكَى النَّاسُ يَوْمَئِذٍ بُكَاءً شَدِيدًا . قَالَ : فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عِجْلٍ يُقَالُ : لَهُ وَرَّادٌ , فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَصْرُخُ وَيَضْطَرِبُ ، حَتَّى هَدَأَ . قَالَ : ثُمَّ حُمِلَ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ صَرِيعًا قَالَ : فَجَعَلَ ابْنُ ذَرٍّ يَوْمَئِذٍ يَبْكِي وَيَقُولُ : لَيْسَ كُلُّنَا قَدْ أَتَاهُ الْأَمَانُ مِنَ اللَّهِ يَا وَرَّادُ غَيْرُكَ لَيْسَ كُلُّنَا قَدْ أَيْقَنَ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ غَيْرُكَ . وتالِلَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ مَا أَخُو بَنِي عِجْلٍ بِأَوْلَى بِالْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ مِنَّا وَمِنْكُمْ ، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ بَيْنَ خَوْفٍ وَرَجَاءٍ . وَإِنَّا فِيمَا نَدَبَنَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ لَمُشْتَرِكُونَ جَمِيعًا ، فَمَا الَّذِي قَصَّرَ بِنَا وَأَسْرَعَ بِهِ ؟ وَكَلَمَ قَلْبَهُ حَتَّى أَبْكَاهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَى مَا رَأَيْتُمْ مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ ؟ وَكُلُّنَا قَدْ سَمِعَ الْمَوْعِظَةَ , وَفَهِمَ التَّذْكِرَةَ ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدٍ مِنَّا سِوَاهُ لِذَلِكَ حَرَّكَهُ ، وَلَمْ تَنْبِضْ مِنْ أَحَدٍ مِنَّا فِي ذَلِكَ خَارِجَةٌ وَاللَّهِ إِنْ هَذَا يَا أَخَا بَنِي عِجْلٍ إِلَّا مِنْ صَفَاءِ قَلْبِكَ ، وَتَرَاكُمِ الذُّنُوبِ عَلَى قُلُوبِنَا ، وَمَا أَرَانَا نُؤْتَى إِلَّا مِنْ أَنْفُسِنَا قَالَ : ثُمَّ بَكَى ابْنُ ذَرٍّ ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : { إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } ، قَالَ عُمَرُ قَالَ أَبِي : كُنْتُ أَرَى وَرَّادًا الْعِجْلِيَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُقَنَّعَ الرَّأْسِ ، فَيَعْتَزَلُ نَاحِيَةً ، فَلَا يَزَالُ مُصَلِّيًا وَدَاعِيًا وَبَاكِيًا كَمْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ النَّهَارِ . ثُمَّ يَخْرُجُ , ثُمَّ يَعُودُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فَهُوَ كَذَلِكَ بَيْنَ صَلَاةٍ وَدُعَاءٍ وَبُكَاءٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ . ثُمَّ يَخْرُجُ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا ، وَلَا يَجْلِسُ إِلَى أَحَدٍ فَسَأَلْتُ عَنْهُ رَجُلًا مِنْ حَيِّهِ ، وَوَصَفْتُهُ لَهُ ، قُلْتُ : شَابٌّ مِنْ صِفَتِهِ ، مِنْ هَيْئَتِهِ قَالَ : بَخٍ يَا أَبَا عُمَرَ تَدْرِي عَمَّنْ تَسْأَلُ ؟ ذَاكُ وَرَّادٌ الْعِجْلِيُّ الَّذِي عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَضْحَكَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَبِي : فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ هِبْتُهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

267 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُكَيْنُ بْنُ مُكَيْنٍ ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عِجْلٍ قَالَ : كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ يَعْنِي وَرَّادًا فَسَأَلْتُ أُخْتًا لَهُ كَانَتْ أَصْغَرَ مِنْهُ قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ كَانَ لَيْلُهُ ؟ قَالَتْ : بُكَاءٌ عَامَّةَ اللَّيْلِ وَتَضَرُّعٌ قُلْتُ : فَمَا كَانَ طُعْمُهُ ؟ قَالَتْ : قُرْصٌ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ، وَقُرْصٌ فِي آخِرِهِ عِنْدَ السَّحَرِ قُلْتُ : فَتَحْفَظِينَ مِنْ دُعَائِهِ شَيْئًا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ إِذَا كَانَ ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، سَجَدَ ، ثُمَّ بَكَى ، ثُمَّ قَالَ : مَوْلَايَ عَبْدُكَ يُحِبُّ الِاتِّصَالَ بِطَاعَتِكَ ، فَأَعِنْهُ عَلَيْهَا بِتَوْفِيقِكَ أَيُّهَا الْمَنَّانُ مَوْلَايَ عَبْدُكَ يُحِبُّ اجْتِنَابَ سَخَطِكَ , فَأَعِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِمَنِّكَ عَلَيْهِ أَيُّهَا الْمَنَّانُ . مَوْلَايَ عَبْدُكَ عَظِيمُ الرَّجَاءِ لِخَيْرِكَ ، فَلَا تَقْطَعْ رَجَاءَهُ يَوْمَ يَفْرَحُ بِخَيْرِكَ الْفَائِزُونَ قَالَتْ : فَلَا يَزَالُ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ حَتَّى يُصْبِحَ قَالَتْ : وَكَانَ قَدْ كَلَّ مِنَ الِاجْتِهَادِ ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ جِدًّا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

268 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُكَيْنُ بْنُ مُكَيْنٍ ، هَذَا قَالَ : لَمَّا مَاتَ وَرَّادٌ الْعِجْلِيُّ ، فَحَمَلُوهُ إِلَى حُفْرَتِهِ ، نَزَلُوا لِيُدْلُوهُ فِي حُفْرَتِهِ ، فَإِذَا الْقَبْرُ مَفْرُوشٌ بِالرَّيْحَانِ , فَأَخَذَ بَعْضُ الْقَوْمِ الَّذِينَ نَزَلُوا الْقَبْرَ مِنْ ذَلِكَ الرَّيْحَانِ شَيْئًا ، فَمَكَثَ سَبْعِينَ يَوْمًا طَرِيًّا لَا يَتَغَيَّرُ ، يَغْدُو النَّاسُ وَيَرُوحُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ قَالَ : وَكَثُرَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ ، حَتَّى خَافَ الْأَمِيرُ أَنْ يُفْتَنَ النَّاسُ , فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الرَّيْحَانَ ، وَفَرَّقَ النَّاسَ . فَفَقَدَهُ الْأَمِيرُ مِنْ مَنْزِلِهِ لَا يَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

269 حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُخَوَّلٌ ، قَالَ : جَاءَنِي بَهِيمٌ يَوْمًا فَقَالَ لِي : تَعْلَمُ لِي رَجُلًا مِنْ جِيرَانِكَ أَوْ إِخْوَانِكَ يُرِيدُ الْحَجَّ تَرْضَاهُ يُرَافِقُنِي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ فَذَهَبْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْحَيِّ لَهُ صَلَاحٌ وَدِينٌ ، فَجَمَعْتُ بَيْنَهُمَا ، وَتَوَاطَآ عَلَى الْمُرَافَقَةِ . ثُمَّ انْطَلَقَ بَهِيمٌ إِلَى أَهْلِهِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ ، أَتَانِي الرَّجُلُ فَقَالَ : يَا هَذَا ، أُحِبُّ أَنْ تَزْوِيَ عَنِّي صَاحِبَكَ وَتَطْلُبَ رَفِيقًا غَيْرِي . فَقُلْتُ : وَيْحَكَ فَلِمَ ؟ فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ فِي الْكُوفَةِ لَهُ نَظِيرًا فِي حُسْنِ الْخَلْقِ وَالِاحْتِمَالِ ، وَلَقَدْ رَكِبْتُ مَعَهُ الْبَحْرَ فَلَمْ أَرَ إِلَّا خَيْرًا . قَالَ : وَيْحَكَ حُدِّثْتُ أَنَّهُ طَوِيلُ الْبُكَاءِ لَا يَكَادُ يَفْتُرُ ، فَهَذَا يُنَغِّصُ عَلَيْنَا الْعَيْشَ سَفَرَنَا كُلَّهُ . قَالَ : قُلْتُ : وَيْحَكَ إِنَّمَا يَكُونَ الْبُكَاءُ أَحْيَانًا عِنْدَ التَّذَكُّرِ ، يَرِقُّ الْقَلْبُ فَيَبْكِي الرَّجُلُ ، أَوَ مَا تَبْكِي أَحْيَانًا ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ جِدًّا مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهِ . قَالَ : قُلْتُ : اصْحَبْهُ ، فَلَعَلَّكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ , قَالَ : أَسْتَخِيرُ اللَّهَ . فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَا فِيهِ ، جِيءَ بِالْإِبِلِ ، وَوُطِّئَ لَهُمَا ، فَجَلَسَ بَهِيمٌ فِي ظِلِّ حَائِطٍ ، فَوَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ لِحْيَتِهِ ، وَجَعَلْتَ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدَّيْهِ ، ثُمَّ عَلَى لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ عَلَى صَدْرِهِ ، حَتَّى وَاللَّهِ رَأَيْتُ دُمُوعَهُ عَلَى الْأَرْضِ . قَالَ : فَقَالَ لِي صَاحِبِي : يَا مُخَوَّلُ , قَدِ ابْتَدَأَ صَاحِبُكَ ، لَيْسَ هَذَا لِي بِرَفِيقٍ . قَالَ : قُلْتُ : ارْفُقْ ، لَعَلَّهُ ذَكَرَ عِيَالَهُ وَمُفَارَقَتَهُ إِيَّاهُمْ فَرَقَّ . وَسَمِعَهَا بَهِيمٌ فَقَالَ : وَاللَّهِ يَا أَخِي مَا هُوَ ذَاكَ ، وَمَا هُوَ إِلَّا أَنِّي ذَكَرْتُ بِهَا الرِّحْلَةَ إِلَى الْآخِرَةِ . قَالَ : وَعَلَا صَوْتُهُ بِالنَّحِيبِ . قَالَ لِي صَاحِبِي : وَاللَّهِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ عَدَوَاتِكَ لِي أَوْ بُغْضِكَ إِيَّايَ ، أَنَا مَا لِي وَلِبَهِيمٍ ؟ إِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُرَافِقَ بَيْنَ بَهِيمٍ وَبَيْنَ ذَوَّادِ بْنِ عُلْبَةَ , وَدَاوُدَ الطَّائِيِّ ، وَسَلَّامٍ أَبِي الْأَحْوَصِ ، حَتَّى يَبْكِيَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، حَتَّى يَشْتَفُّوا أَوْ يَمُوتُوا جَمِيعًا . قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْفُقُ بِهِ ، وَقُلْتُ : وَيْحَكَ لَعَلَّهَا خَيْرُ سَفْرَةٍ سَافَرْتَهَا . قَالَ : وَكَانَ طَوِيلَ الْحَجِّ ، رَجُلًا صَالِحًا ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا تَاجِرًا مُوسِرًا ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ ، لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حُزْنٍ وَلَا بُكَاءٍ . قَالَ : فَقَالَ لِي : قَدْ وَقَعْتُ مَرَّتِي هَذِهِ ، وَلَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ خَيْرًا . قَالَ : وَكُلُّ هَذَا الْكَلَامِ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَهِيمٌ ، وَلَوْ عَلِمَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مَا صَحِبَهُ . قَالَ : فَخَرَجَا جَمِيعًا ، حَتَّى حَجَّا وَرَجَعَا ، مَا يَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ لَهُ أَخًا غَيْرَ صَاحِبِهِ . فَلَمَّا جِئْتُ أُسَلِّمُ عَلَى جَارِي قَالَ : جَزَاكَ اللَّهُ يَا أَخِي عَنِّي خَيْرًا ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِي هَذَا الْخَلْقِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ؛ كَانَ وَاللَّهِ يَتَفَضَّلُ عَلَيَّ فِي النَّفَقَةِ وَهُوَ مُعْدِمٌ وَأَنَا مُوسِرٌ ، وَيَتَفَضَّلُ عَلَيَّ فِي الْخِدْمَةِ وَأَنَا شَابٌّ قَوِيُّ , وَهُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ ، وَيَطْبِخُ لِي , وَأَنَا مُفْطِرٌ وَهُوَ صَائِمٌ قَالَ : قُلْتُ : فَكَيْفَ كَانَ أَمْرُكَ مَعَهُ فِي الَّذِي كُنْتَ تَكْرَهُهُ مِنْ طُولِ بُكَائِهِ ؟ قَالَ : أَلِفْتُ وَاللَّهِ ذَلِكَ الْبُكَاءَ ، وَسَرَّ قَلْبِي , حَتَّى كُنْتُ أُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَأَذَّى بِنَا أَهْلُ الرُّفْقَةِ . قَالَ : ثُمَّ وَاللَّهِ أَلِفُوا ذَلِكَ ، فَجَعَلُوا إِذَا سَمِعُونَا نَبْكِي بَكَوْا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ : مَا الَّذِي جَعَلَهُمْ أَوْلَى بِالْبُكَاءِ مِنَّا وَالْمَصِيرُ وَاحِدٌ ؟ قَالَ : فَجَعَلُوا وَاللَّهِ يَبْكُونَ وَنَبْكِي . قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَتَيْتُ بَهِيمًا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : كَيْفَ رَأَيْتَ صَاحِبَكَ ؟ قَالَ : كَخَيْرِ صَاحِبٍ ، كَثِيرَ الذِّكْرِ ، طَوِيلَ التِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ ، سَرِيعَ الدَّمْعَةِ ، مُحْتَمِلٌ لِهَفَوَاتِ الرَّفِيقِ ؛ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،