خِلَافَةُ الْإِمَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ
118 حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ ، إِمْلَاءً ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُوَيْهِ ، حدثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعُبَيْدِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ فِِيهِِ ضَعْفٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضْعُفَ أَنْ يُكَلِّمَهُ عِنْدَ النَّاسِ فَأَخَذَ يَوْمًا بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهَا وَأَتَى لَهُ بِشَيْءٍ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ : هَأنا اقْتَصَّ |
119 وَرَوَى شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ حُصَيْنٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ ، يَقُولُ : أَتَى رَجُلٌ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَحْمِلُهُ ، قَالَ : فَلَطَمَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ ، مَا رَضِيَ أَنْ مَنَعَهُ حَتَّى لَطَمَهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَتَانِي يَسْتَحْمِلُنِي فَحَمَلْتُهُ . فَبَلَغَنِي أَنَّهُ تَتَبَّعَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دُونَكَ فَاقْتَصَّ فَعَفَا عَنْهُ |
120 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ ، حدثنا أَبُو مَسْعُودٍ ، حدثنا , أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ فَارِسًا وَمِنْ أَبِيكَ . فَغَضِبْتُ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ لِخَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ فَكَبَبْتُهُ عَلَى أَنْفِهِ ، فَكَأَنَّمَا كَانَ غُرْلًا فَرَأَيْتُهُ فَتَوَاعَدَنِي الْأَنْصَارُ أَنْ يَسْتَقِيدُوا مِنِّي ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيبًا ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَئِنْ أُخْرِجْهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ أَقْرَبُ مِنْ أَنْ أُقِيدَهُمْ مَنْ وَدَعَهُ اللَّهُ الدِّينَ مَنْ يَرْغَبُونَ عَنِ اللَّهِ |
121 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حدثنا يُوسُفُ الْقَاضِي ، حدثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ يُقَالُ لَهَا : زيرًا ، وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ فَكَشَفَهَا الرِّيحُ فَشَدَّ عَلَيْهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالدِّرَّةِ ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعَهُ فَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ فَذَهَبَ سَعْدٌ يَدْعُو عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَنَاوَلَهُ عُمَرُ الدِّرَّةَ وَقَالَ : اقْتَصَّ فَعَفَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ ضَرَبَ أَيْضًا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَرَأَى جَمَاعَةً تَطُوفُ عَقِبَهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ مَذَلَّةٌ لِلتَّابِعِ وَفِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ . فَإِنْ قَالَ : عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقْتَصَّ مِنْ نَفْسِهِ . قِيلَ لَهُ : كَيْفَ وَقَدْ بَذَلَ مِنْ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَبْذُلهْ أَحَدٌ |
122 حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : هَاتَانِ رِجْلَايَ فَإِنْ وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ تَضَعُوهُمَا فِي الْقَيْدِ فَضَعُوهُمَا |
123 حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسيَنِ ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حدثنا أَبِي ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَشْرَفَ عَلَيْنَا عُثْمَانُ يَوْمَ الدَّارِ فَقَالَ : يَا قَوْمُ ، إِنْ وَجَدْتُمْ فِي كُتاُبِ اللَّهِ أَنْ تَضَعُوا رِجْلِي فِي قِيدٍ فَضَعُوهَا فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْطَى مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ مََنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ ، قِيلَ لَهُ : لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ ، بَلْ قَالَهُ مَنْ قَالَ ظَنًّا ، وَكَيْفَ يُقْبَلُ هَذَا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ وَهُوَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا وَأَبْذَلِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ عَطِيَّةً وَمَعْرُوفًا مَعَ أَنَّ الْأَيَّامَ لَا تَخْلُو مِنْ جُهَّالٍ يَقُولُونَ مَا لَا يَعْلَمُونَ |
124 حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ ، حدثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حدثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَسْمًا ، فَقَالَ له رَجُلٌ : إِنَّ هَذِهِ الَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَغَضِبَ حَتَّى رَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ : رَحِمَنَا اللَّهُ وَمُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ |
125 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدَانٍ ، حدثنا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حدثنا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : أَنَّ رَجُلًا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ يَقْسِمُ تِبْرًا فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ . قَالَ : وَيْحَكَ وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟ فَرَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ يَلْقَى مِنَ الْجُهَّالِ بِأَمْرِ اللَّهِ هَذَا ، وَيَضَعُونَ أَمْرَهُ وَفِعْلَهُ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَضَعَهُ ، فَكَيْفَ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ دُونَهُ . فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَلَّى رِجَالًا لَمْ يَسْتَحِقُّوا الْوَلَايَةَ وَذَكَرَ : الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ وَغَيْرَهُمْ . قِيلَ لَهُ : فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَعْدِلُوا ؟ فَإِنْ ذَكَرَ مَا تَبَيَّنَ مِنْ فِسْقِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ . قِيلَ لَهُ : فَمِنْ أَيْنَ كَانَ فِسْقُ غَيْرِهِ ؟ لَئِنْ جَازَ لَكُمُ ادِّعَاءُ الْفِسْقِ فِي وُلَاتِهِ لَيَجُوزَنَّ ذَلِكَ لِغَيْرِكُمْ فِي عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَقَدْ وَلَّى عُمَرُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى الْبَصْرَةِ فَرُمِيَ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ ، وَوَلَّى أَبَا هُرَيْرَةَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالُوا : خَانَ مَالَ اللَّهِ ، وَوَلَّى قُدَامَةَ الْبَحْرَيْنِ فَشَرِبَ . وَوَلَّى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَشْتَرَ وَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ ، وَوَلَّى الْأَحْنَفَ فَأَخَذَ الْمَالَ وَهَرَبَ . فَلِمَ خَصَصْتُمْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْإِنْكَارِ وَقَدْ وَلَّى كَمَا وَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، مَعَ أَنَّ الرَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَلَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمْرَتِهِ حَتَّى قَامَ خَطِيبًا مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ فِيمَا طَعَنُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا فِيهِ وَفِي أُسَامَةَ ابْنِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا |
126 حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُخارِقِ ، حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْزَةَ ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعْيدٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَا : حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمْرَتِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فقال : إِنْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ ، وَأَيْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا سَوَّغَ النَّاسُ مَقَالَتَهُمْ فِي عُثْمَانَ لِلِينِهِ وَحَيَائِهِ فَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِ ، وَكَثُرَ فِي أَيَّامِهِ مَنْ لَمْ يَصْحَبِ الرَسُولَ ، وَفُقِدَ مَنْ عَرَفَ فَضْلَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفُقِدَ مَنْ عَرَفَ فَضْلَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجْمَعِينَ . فَإِنْ طَعَنَ الْمُخَالِفُ بِأَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْرَجَ أَبَا ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ . قِيلَ لَهُ : لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ عُثْمَانَ نَفْيًا ، هُوَ أَعْدَلُ وَأَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ بِالْأَفَاضِلِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَ أَوْ يَنَالَهُمْ بِمَكْرُوهٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ عُثْمَانَ تَخْيِيرًا لِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْخُشُونَةِ ، لَمْ يَكُنْ يُدَارِي مِنَ النَّاسِ و كَانَ غَيْرُهُ يُدَارِي ، فَخَيَّرَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَأْذَنَهَ في الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَاخْتَارَ الرَّبَذَةَ لِيَتَبَاعَدَ نُزُولُهُ عَنِ النَّاسِ وَمُعَاشَرَتِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا : |
127 حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنِي حَامِدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَنْزَلَكَ هَذَا الْمَنْزِلَ ؟ فَقَالَ أُخْبِرُكَ : إِنِّي كُنْتُ بِالشَّامِ ، فَتَذَاكَرْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ هَذِهِ الْآيَةَ : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا } الْآيَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : هَذِهِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقُلْتُ أَنَا : هِيَ فِيهِمْ وَفِينَا . فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنِ أَقْدِمْ عَلَيَّ . فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَانْثَالَ عَلِيَّ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُونِي فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَيَّرَنِي ، فَقَالَ : انْزِلْ حَيْثُ شِئْتَ فَأَخْبَرَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ ، وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْخُرُوجِ لِمَا يَلَقَّى مِنَ النَّاسِ ، وَانْثِيَالِهِمْ عَلَيْهِ وَاجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَهُ ، وَكَانَ يَخَافُ الِافْتِتَانَ بِهِمْ وَيَحْذَرُهُمْ . وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ حَدِيثِ الشِّيعَةِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ حَدِيثِ حُصَيْنٍ ، قِيلَ : إِنَّ حَدِيثَكُمْ لَا يَدْفَعُ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنٍ الثَّابِتِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ . فَإِنْ جَعَلَ إِشْخَاصَ أَبِي ذَرٍّ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشَّامِ وَحَبْسَهُ بِالْمَدِينَةِ طَعْنًا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قِيلَ لَهُ : لِلْأَئِمَّةِ إِذَا أَحَسُّوا باخْتِلَافَ وَفِتْنَةٍ أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى حَسْمِهَا وَحَبْسِهَا ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَحَبَسَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَنَعَهُمْ أَيْضًا أَشْيَاءَ كَانَتْ لَهُمْ مُبَاحَةً مِنَ الْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا خَوْفًا أَنْ يَتَأَسَّى مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا وَرَعَ فيهم بِذَلِكَ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ . وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَا : |