الْفَصْلُ الْوَاحِدُ وَالثَّلَاثُونَ فِي رِوَايَةِ خَبَرَيْنِ يَشْتَمِلَانِ عَلَى جُمَلٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْبَدِيعَةِ وَأْخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الرَّفِيعَةِ وَأَحْوَالِهِ الْعَجِيبَةِ الْعَظِيمَةِ وَمَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ آدَابِهِ وَسُنَنِهِ وَشَرَائِعِهِ الْمُوَافِقَةِ لِقَضَايَا الْمَعْقُولِ فِي الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ اقْتَصَرْنَا مِنْ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

الْفَصْلُ الْوَاحِدُ وَالثَّلَاثُونَ فِي رِوَايَةِ خَبَرَيْنِ يَشْتَمِلَانِ عَلَى جُمَلٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْبَدِيعَةِ وَأْخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الرَّفِيعَةِ وَأَحْوَالِهِ الْعَجِيبَةِ الْعَظِيمَةِ وَمَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ آدَابِهِ وَسُنَنِهِ وَشَرَائِعِهِ الْمُوَافِقَةِ لِقَضَايَا الْمَعْقُولِ فِي الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ اقْتَصَرْنَا مِنْ ذِكْرِ أَخْلَاقِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

547 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : حدثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ وَثنا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ قَالَ : حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ : حدثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حدثنا جَمِيعُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ عَنِ ابْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ وَكَانَ وَصَّافًا عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنِّي أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَطْوَلُ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرُ مِنَ الْمُشَذَّبِ عَظِيمُ الْهَامَةِ ، رَجِلُ الشَّعَرِ ، إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ وَإِلَّا فَلَا ، يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفْرَةٌ ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ ، وَاسِعَ الْجَبِينِ أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرْنٍ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ أَقْنَى الْعِرْنِينِ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ كَثُّ اللِّحْيَةِ , سَهْلُ الْخَدَّيْنِ ، ضَلِيعُ الْفَمِ أَشْنَبُ ، مُفْلَجُ الْأَسْنَانِ ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ ، مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ ، بَادِنٌ ، مُتَمَاسِكٌ ، سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ مَوْصُولٌ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعَرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ عَارِي الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ , أَشْعَرُ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ , طَوِيلُ الزِّنْدَيْنِ رَحْبُ الرَّاحَةِ سَبْطُ الْقَصَبِ شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ سَائِلُ الْأَطْرَافِ خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ , إِذَا زَالَ زَالَ قُلْعًا يَخْطُو تَكَفِّيًا وَيَمْشِي هَوْنًا ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا خَافِضُ الطَّرْفِ , نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ , يَسُوقُ أَصْحَابَهُ , يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ . قُلْتُ : صِفْ لِي مَنْطِقَهُ . قَالَ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ , دَائِمَ الْفِكْرَةِ , لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ , لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ , طَوِيلَ السُّكُوتِ , يَفْتَحُ الْكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ , كَلَامُهُ فَصْلٌ لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ , يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا لَا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا وَلَا مَا كَانَ لَهَا وَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقَّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ , لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا , إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا , وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا , وَإِذَا تَحَدَّثَ اتْصَلَ بِهَا فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ , وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ , جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ . قَالَ : فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا . قَالَ الْحُسَيْنُ : سَأَلْتُ أَبِي عَنٍ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : كَانَ دُخُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ إِذَا آوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ : جُزْءًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجُزْءًا لِأَهْلِهِ وَجُزْءًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ جُزْءًا جَزَّأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَيَرُدُّ ذَلِكَ إِلَى الْعَامَّةِ وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ , وَقَسْمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ , فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ وَالْأُمَّةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْهُ وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ وَيَقُولُ : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ , وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا إِيَّاهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَاكَ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً . قَالَ : فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ : كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ ؟ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ وَلَا يُفَرِّقُهُمْ أَوْ قَالَ : يُنَفِّرُهُمْ وَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ , وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ وَيُحَذِّرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلَا خُلُقُهُ , يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنُهُ مُعْتَدِلَ الْأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمِيلُوا لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ لَا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يُجَاوِزُهُ الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً . فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ فَقَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ ولَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ , وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا إِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ لَا يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ أَوْ فاوَضَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصِرَفَ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ وَسِعَ النَّاسَ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ وَلَا تُؤبَنُ فِيهِ الْحُرُمُ وَلَا تُثْنَى فَلَتَاتُهُ مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ , وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ , وَيُؤْثِرُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ , وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ . قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ ؟ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ الْبِشْرِ سَهْلَ الْخُلُقِ , لَيِّنَ الْجَانِبِ , لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا فَحَّاشٍ وَلَا عَيَّابٍ وَلَا مَزَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي , وَلَا يُوئِسُ مِنْهُ رَاجِيَهُ وَلَا يَخِيبُ , فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ : الْمِرَاءِ وَالْإِكْثَارِ وَمَا لَا يَعْنِيهِ , وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ : كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا وَلَا يُعَيِّرُهُ , وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ , وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ , إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ , فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ , مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ , حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ , يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ , وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ , وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ مِنْ مِنْطَقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِنَّ أَصْحَابَهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ وَيَقُولُ : إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ حَاجَةٍ يَطْلُبُهَا فَأَرْشِدُوهُ وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْي أَوْ قِيَامٍ . قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : كَانَ سُكُوتُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعٍ : عَلَى الْحِلْمِ وَعَلَى الْحَذَرِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّفَكُّرِ فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِمَاعِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ أَوْ قَالَ تَفَكُّرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّهُ وَجَمَعَ الْحَذَرَ فِي أَرْبَعٍ : أَخْذُهُ بِالْحَسَنِ ؛ لِيُقْتَدَى بِهِ , وَتَرْكُهُ لِلْقَبِيحِ ؛ لِيُتَنَاهَى عَنْهُ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ , وَالْقِيَامُ فِيمَا يَجْمَعُ لَهُمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ : الْمُشَذَّبُ : الْمُفْرِطُ فِي الطُّولِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ جَرِيرٌ :
أَلْوِي بِهَا شَذْبُ الْعُرُوقِ مُشَذَّبٌ
فَكَأَنَّمَا وَكَنَتْ عَلَى طِرْبَالِ
قَوْلُهُ : رَجِلُ الشَّعَرِ : الَّذِي لَيْسَ بِالسَّبِطِ الَّذِي لَا تَكَسُّرَ فِيهِ [ ولا ] الْقَطَطُ : الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ يَقُولُ : هُوَ جَعْدٌ بَيْنَ هَذَيْنِ وَالْعَقيصَةُ : الشَّعَرُ الْمَعْقُوصُ وَهُوَ نَحْوٌ مِنَ الْمَظْفُورِ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَوْ ظَفَّرَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ وَقَوْلُهُ : أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغُ : الزَّجَجُ فِي الْحَوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَقَوُّسٌ مَعَ طُولٍ فِي أَطْرَافِهَا وَهُوَ السُّبُوغُ فِيهَا . قَالَ جَمِيلُ بْنُ مُعَمِّرٍ :
إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا
وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
وَقَوْلُهُ : فِي غَيْرِ قَرْنٍ الْقَرَنُ الْتِقَاءُ الْحَاجِبَيْنِ حَتَّى يَتَّصِلَا يَقُولُ : لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ يُقَالَ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ : أَبْلَجُ وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَحِبُّ هَذَا وَقَوْلُهُ : بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ يَقُولُ : إِذَا دُرَّ الْعِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ وَدُرُورُهُ غِلَظُهُ وَنُتُوؤُهُ وَامْتِلَاؤُهُ قَوْلُهُ : أَقْنَى الْعِرْنِينِ يَعْنِي : الْأَنْفُ يَكُونُ فِيهِ دِقَّةٌ مَعَ ارْتِفَاعٍ فِي قَصَبَتِهِ يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ أَقْنَى وَامْرَأَةُ قَنْيَاءُ وَالْأَشَمُّ أَنْ يَكُونَ الْأَنْفُ لَا قَنَا فِيهِ وَقَوْلُهُ : كَثُّ اللِّحْيَةِ الْكُثُوثَةُ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ غَيْرَ دَقِيقَةٍ وَلَا طَوِيلَةٍ وَلَكِنْ فِيهَا كَثَافَةٌ مِنْ غَيْرِ عِظَمٍ وَلَا طُولٍ وَقَوْلُهُ : ضَلِيعُ الْفَمِ أَحْسَبُهُ يَعْنِي خَلَّةً فِي الشَّفَتَيْنِ وَقَوْلُهُ : أَشْنَبَ الْأَشْنَبُ : هُوَ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ رِقَّةٌ وَتَحَدُّدٌ يُقَالُ مِنْهُ : رَجُلٌ أَشْنَبُ وَامْرَأَةٌ شَنْبَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ :
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ
وَفِي الثَّنَايَا وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ
وَالْمفْلَجُ الَّذِي فِي أَسْنَانِهِ تَفَرُّقٌ وَالْمَسْرُبَةُ : الشَّعَرُ بَيْنَ اللَّبَّةِ إِلَى السُّرَّةِ شَعَرٌ يَجْرِي كَالْخَطِّ قَالَ الْأَعْشَى :
الْآنَ لَمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتِي
وَعَضَضْتُ مِنْ نَابِي عَلَى جِذْمِ
وَقَوْلُهُ : جِيدُ دُمْيَةٍ الْجِيدُ الْعُنُقُ وَالدُّمْيَةُ الصُّورَةُ . وَقَوْلُهُ : ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَرَادِيسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هِيَ الْعِظَامُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَظِيمُ الْأَلْوَاحِ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْكَرَادِيسَ رُءُوسَ الْعِظَامِ وَالْكَرَادِيسُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ الزِّنْدَانُ الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِي السَّاعِدَيْنِ الْمُتَّصِلَانِ بِالْكَفَّيْنِ وَصَفَهُ بِطُولِ الذِّرَاعِ سَبِطُ الْقَصَبِ الْقَصَبُ كُلُّ عَظْمٍ ذِي مُخٍّ مِثْلُ الْعَضُدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَسُبُوطُهَا امْتِدَادُهَا يَصَفَهُ بِطُولِ الْعِظَامِ وَقَوْلُهُ : شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ يُرِيداَنِ فِيهِمَا بَعْضَ الْغِلَظِ وَالْأَخْمَصُ مِنَ الْقَدَمِ فِي بَاطِنِهَا مَا بَيْنَ صَدْرِهَا وَعَقِبِهَا وَهُوَ الَّذِي لَا يَلْصَقُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْوَطْء . قَالَ الْأَعْشَى يَصِفُ امْرَأَةً بِإِيطَائِهَا فِي الْمَشْيِ :
كَأَنَّ أَخْمَصَهَا بِالشَّوْكِ مُنْتَعِلُ
وَقَوْلُهُ : خُمْصَانُ الْأَخْمَصَيْنِ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ قَدَمَيْهِ فِيِ تَجَافٍ عَنِ الْأَرْضِ وَارْتِفَاعٌ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ خُمُوصَةِ الْبَطْنِ وَهِيَ ضَمْرَةٌ وَمِنْهُ يُقَالُ : رَجُلٌ خُمْصَانُ وَامْرَأَةٌ خُمْصَانَةٌ وَقَوْلُهُ : مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيتَانِ مَلْسَاوَانِ لَيْسَ فِي ظُهُورِهمَا تَكَسُّرٌ وَلِهَذَا قَالَ : يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ثَبَاتَ لِلْمَاءِ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ : إِذَا خَطَا تَكَفَّأَ يَعْنِي التَّمَايُلَ أَخَذَهُ مِنْ تَكَفِّي السُّفُنِ وَقَوْلُهُ : ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ يَعْنِي وَاسِعَ الْخُطَا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ أُرَاهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ غَاضٌّ بَصَرَهُ لَا يَرْفَعُهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْمُنْحَطُّ فَسَّرَهُ فَقَالَ : خَافِضُ الطَّرْفِ نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَوْلُهُ : إِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْوِي عُنُقَهُ دُونَ جَسَدِهِ فَإِنَّ فِيهِ بَعْضَ الْخِفَّةِ وَالطَّيْشِ وَقَوْلُهُ : دَمِثٌ : وَهُوَ اللَّيِّنُ السَّهْلُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ : دَمْثٌ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَ إِلَى دَمْثٍ وَقَوْلُهُ : أَعْرَضَ وَأَشَاحَ الْإِشَاحَةُ الْجَدُّ وَقَدْ يَكُونُ الْحَذَرَ وَقَوْلُهُ : يَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ الِافْتِرَارُ أَنْ تُكَشِّرَ الْأَسْنَانَ ضَاحِكَةً مِنْ غَيْرِ قَهْقَهَةٍ وَحَبُّ الْغَمَامِ الْبَرَدُ شَبَّهَ بِهِ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ قَالَ جَرِيرٌ :
تَجْرِي السِّوَاكُ عَلَى أَغَرَّ كَأَنَّهُ
بَرَدٌ تَحَدَّرَ مِنْ مُتُونِ غَمَامِ
وَقَوْلُهُ : يَدْخُلُونَ رُوَّادًا الرُّوَّادُ الطَّالِبُونَ وَاحِدُهُمْ رَائِدٌ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : الرَّائِدُ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ . وَقَوْلُهُ : لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ يَعْنِي عُدَّةٌ قَدْ أُعِدَّ لَهُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ أَيْ لَا يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ مَوْضِعًا يُعْرَفُ إِنَّمَا يَجْلِسُ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَهَى أَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ وَقَوْلُهُ : لَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ يَقُولُ : لَا يُوصَفُ فِيهِ النِّسَاءُ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

548 قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : حدثنا أبو إِسْمَاعِيلُ الْمُؤَدِّبُ ، عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : كَانَ رِجَالٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ فَأَقْبَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : أَفِي حَرَمِ اللَّهِ وَعِنْدَ بَيْتِ اللَّهِ تَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ بِكَ بَأْسٌ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِنْ لَمْ تُفْسِدْ نَفْسَكَ إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّعْرِ إِذَا أُبِّنَتْ فِيهِ النِّسَاءُ أَوْ تُرْوَى فِيهِ الْأَحْوَالُ وَقَوْلُهُ : لَا تَنْثَى فَلَتَاتُهُ الْفَلَتَاتُ السَّقَطَاتُ يَتَحَدَّثُ بِهَا يُقَالَ : نَثَوْتُ أَنْثُو وَالِاسْمُ مِنْهُ النَّثَا وَهَذِهِ الْهَاءُ الَّتِي فِي فَلَتَاتِهِ رَاجِعَةٌ عَلَى الْمَجْلِسِ أَلَا تَرَى إِلَى صَدْرِ الْكَلَامِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ وَيُقَالُ أَيْضًا : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَجْلِسِهِ فَلَتَاتٌ يَحْتَاجُ أَحَدٌ يَحْكِيهَا فَلَتَاتُهُ : يُرِيدُ فَلَتَاتِ الْمَجْلِسِ لَا يُحَدِّث بِهَا بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

549 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ الْمِصِّيصِيُّ مِنْ كِتَابِهِ وَمَا أَثْبَتْنَاهُ إِلَّا عَنْهُ قَالَ : حدثنا صُبَيْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَرْغَانِيُّ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَمِّيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلَا الْمُشَذَّبِ الذَّاهِبِ , وَالْمُشَذَّبُ : الطَّوِيلُ نَفْسُهُ إِلَّا إِنَّهُ الطَّوِيلُ النَّحِيفُ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ فَكَانَ يُنْسَبُ إِلَى الرَّبْعَةِ إِذَا مَشَى وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ يُمَاشِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُنْسَبُ إِلَى الطُّولِ إِلَّا طَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَرُبَّمَا مَاشَى الرَّجُلَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ فَيَطُولُهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا فَارَقَاهُ نُسِبَا إِلَى الطُّولِ , وَنُسِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرَّبْعَةِ وَيَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الرَّبْعَةِ , وَكَانَ لَوْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ وَالْأَمْهَقُ : الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ الَّذِي لَا يَضْرِبُ بَيَاضُهُ إِلَى الشُّهْبَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْآدَمَ وَكَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَالْأَزْهَرُ هُوَ الْأَبْيَضُ النَّاصِعُ الْبَيَاضِ الَّذِي لَا يَشُوبُهُ صُفْرَةٌ وَلَا حُمْرَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْأَلْوَانِ وَقَدْ نُعِتَ بَعْضُ نَعْتِهِ بِذَلِكَ وَلَكِنْ إِنَّمَا كَانَ الْمُشْرَبُ حُمْرَةً مَا ضَحَى مِنْهُ لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ وَمَا كَانَ تَحْتَ الثِّيَابِ فَهُوَ الْأَبْيَضُ الْأَزْهَرُ , لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ أَزْهَرُ فَمَنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ أَزْهَرُ فَعَنَى مَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ وَصَفَ مَا ضَحَى منه لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ , بِأَنَّهُ أَبْيَضُ مُشْرَبُ بِحُمْرَةٍ فَقَدْ أَصَابَ وَلَوْنُهُ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ الْبَيَاضُ الْأَزْهَرُ وإِنَّمَا الْحُمْرَةُ مِنْ قِبَلِ الشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ وَكَانَ عَرَقُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجِلَ الشَّعَرِ حَسَنَهُ لَيْسَ بِالسَّبْطِ وَلَا الْجَعْدِ الْقَطَطِ وَكَانَ إِذَا امْتَشَطَ بِالْمِشْطِ كَأَنَّهُ حُبُكُ الرِّمَالِ وَكَأَنَّهُ الْمُتُونُ الَّتِي فِي الْغَدَرِ إِذَا صَفَّقَتْهَا الرِّيَاحُ وَإِذَا نَكَتَهُ بِالْمِرْجَلِ أَخَذَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَتَحَلَّقَ حَتَّى يَكُونَ مُتَحَلِّقًا كَالْخَوَاتِيمِ وَكَانَ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ قَدْ سَدَلَ نَاصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَمَا تُسْدَلُ نَوَاصِي الْخَيْلِ حَتَّى جَاءَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْفِرْقِ فَفَرَقَ وَكَانَ شَعَرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ وَكَانَ رُبَّمَا جَعَلَهُ غَدَائِرَ تَخْرُجُ الْأُذُنُ الْيُمْنَى مِنْ بَيْنَ غَدِيرَتَيْنِ تَكْتَنِفَانِهَا وَتَخْرُجُ الْأُذُنُ الْيُسْرَى مِنْ بَيْنِ غَدِيرَتَيْنِ تَكْتَنِفَانِهَا يَنْظُرُ مَنْ كَانَ يَتَأَمَّلُهُمَا مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْغَدَائِرِ كَأَنَّهُمَا تُوقَدُ الْكَوَاكِبُ الدُّرِّيَّةُ بَيْنَ سَوَادِ شَعَرِهِ , وَكَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّأْسِ فِي فُودَيْ رَأْسِهِ الْفُودَانِ حَرْفًا الْفَرْقُ كَانَ أَكْثَرُ شَيْبِهِ فِي لِحْيَتِهِ حَوْلَ الذَّقْنِ وَكَانَ شَيْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الْفِضَّةِ يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ ظَهْرَيْ سَوَادِ الشَّعَرِ الَّذِي مَعَهُ فَإِذَا مَسَّ ذَلِكَ الشَّيْبَ بِصُفْرَةٍ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ خُيُوطُ الذَّهَبِ يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ ظَهْرَيْ سَوَادِ الشَّعَرِ الَّذِي مَعَهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا , وَأَنْوَرَهُمْ لَوْنًا لَمْ يَصِفْهُ وَاصِفٌ قَطُّ بِمَعْنَى صِفَتِهِ إِلَّا شَبَّهَ وَجْهَهُ بِالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ يَقُولُ هُوَ أَحْسَنُ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ مِنَ الْقَمَرِ ، يُعْرَفُ رِضَاهُ وَغَضَبُهُ فِي سِرَارِ وَجْهِهِ ، كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَضِيَ أَوْ سُرَّ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ الْمَرْآةُ وَإِذَا غَضِبَ تَلَوَّنَ وَجْهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَضِيَ كَمَا وَصَفَهُ صَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَمِينٌ مُصْطَفًى لِلْخَيْرِ يَدْعُو
كَضَوْءِ الْبَدْرِ زَايَلُهُ الظَّلَامُ
فَيَقُولُ النَّاسُ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَثِيرًا مَا يُنْشِدُ قَوْلَ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى :
لَوْ كُنْتَ مِنْ شَيْءٍ سِوَى بَشَرٍ
كُنْتَ الْمُنَوِّرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ
فَيَقُولُ مَنْ سَمِعَهُ : كَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ وَقَالَتْ عَمَّتُهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَعْدَمَا سَارَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا فَجَزِعَتْ عَلَيْهِ :
عَيْنَيَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
عَلَى الْمُصْطَفَى كَالْبَدْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ

عَلَى الْمُرْتَضَى لِلْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى
وَلِلدِّينِ وَالدُّنْيَا مُقِيمُ الْمَعَالِمِ

عَلَى الصَّادِقِ الْمَيْمُونِ ذِي الْحِلْمِ وَالنُّهَى
وَذِي الْفَضْلِ وَالدَّاعِي لَخَيْرِ التَّرَاجِمِ
فَشَبَّهَتْهُ بِالْبَدْرِ وَقَدْ نَعَتَتْهُ بِهَذَا النَّعْتِ وَوُفِّقَتْ لَهُ لِمَا أَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَحَبَّتِهِ فِي الصُّدُورِ , وَإِنَّهَا لَعَلَى دِينِ قَوْمِهَا . وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْلَى الْجَبِينِ إِذَا طَلَعَ جَبِينُهُ مِنْ بَيْنِ الشَّعَرِ أَوِ اطَّلَعَ مِنْ فَلَقٍ أَوْ عِنْدَ طَفَلِ اللَّيْلِ أَوِ اطَّلَعَ وَجْهُهُ عَلَى النَّاسِ يُرَى وَجَبِينُهُ كَأَنَّهُ ضَوْءُ السِّرَاجِ الْمُوقَدِ يَتَلَأْلَأُ وَكَانُوا يَقُولُونَ : هُوَ خَتْمُ قَمَرٍ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْلَ الْخَدَّيْنِ صَلْتَهُمَا , الصَّلْتُ الْخَدِّ : هُوَ الْأَسِيلُ الْخَدِّ الْمُسْتَوِي , الَّذِي لَا يَفُوتُ بَعْضُ لَحْمِ بَعْضِهِ بَعْضًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْوَجْهِ وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ , كَثَّ اللِّحْيَةِ , وَالْكَثُّ : الْكَثِيرُ مَنَابِتِ الشَّعْرِ وَكَانَتْ عَنْفَقَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزَةً فَنَيْكَاهُ حَوْلَ الْعَنْفَقَةِ كَأَنَّهُمَا بَيَاضُ اللُّؤْلُؤِ بِأَسْفَلِ عَنْفَقَتِهِ شَعَرٌ مُنْقَادٌ حَسَنَةٌ يَقَعُ انْقِيَادُهُمَا عَلَى شَعَرِ اللِّحْيَةِ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ مِنْهَا , وَالْفَنَيْكَانُ مَوَاضِعُ الطَّعَامِ حَوْلَ الْعَنْفَقَةِ مِنْ جَانِبَيْهَا جَمِيعًا وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ عِبَادِ اللَّهِ عُنُقًا لَا يُنْسَبُ إِلَى الطُّوَلِ وَلَا إِلَى الْقِصَرِ مَا ظَهَرَ مِنْ عُنُقِهِ لِلشَّمْسِ وَالرِّيَاحِ فَكَأَنَّهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ مُشْرَبٌ ذَهَبًا يَتَلَأْلَأُ فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ وَحُمْرَةِ الذَّهَبِ وَمَا غَيَّبَتْهُ الثِّيَابُ مِنْ عُنُقِهِ وَمَا تَحْتَهَا فَكَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ , وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرِيضَ الصَّدْرِ مَوْصُولَ مَا بَيْنَ لَبَّتِهِ إِلَى سُرَّتِهِ بِشَعَرٍ مُنْقَادٍ كَالْقَضِيبِ لَمْ يَكُنْ فِي صَدْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ شَعَرٌ غَيْرُهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْبَ الرَّاحَةِ سَائِلَ الْأَطْرَافِ , كَأَنَّ أَصَابِعَهُ قُضْبَانُ الْفِضَّةِ وَكَانَتْ كَفُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْيَنَ مِنَ الْخَزِّ ، وَكَأَنَّ كَفَّهُ كَفُّ عَطَّارٍ طِيبًا مَسَّهَا بِطِيبٍ أَوْ لَمْ يَمَسَّهَا بِهِ يُصَافِحُهُ الْمُصَافِحُ فَيَظَلُّ يَوْمَهُ يَجِدُ رِيحَهَا وَيَضَعُهَا عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ فَيُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَانِ جَمِيلَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مِنَ الْفَخِذَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَتَقَلَّعُ وَيَتَصَبَّبُ فِي صَبَبٍ يَخْطُو تَكَفِّيًا وَيَمْشِي الْهُوَيْنَا بِغَيْرِ تَبَخْتُرٍ يُقَارِبُ الْخُطَى وَالْمَشْيَ عَلَى الْهَيْبَةِ يَبْدُرُ الْقَوْمَ إِذَا مَشَى إِلَى خَيْرٍ أَوْ سَارَعَ إِلَيْهِ وَيَسُوقُهُمْ إِذَا لَمْ يُسَارِعْ إِلَى شَيءٍ مَشْيِهُ الْهُوَيْنَا وَكَانَ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِأَبِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْبَهَ النَّاسِ بِي خَلْقًا وَخُلُقًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،