بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ
بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَأَمَّا شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا فِي قَوْلِهِ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : فَجُلُّ الْعُلَمَاءِ وَمُعْظَمُهُمْ مِنَ الْمَاضِينَ يَتَأَوَّلُونَهَا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَرَوْنَهَا مُحْكَمَةً ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : هِيَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ : هِيَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَمِيعًا وَلَا حَظَّ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا |
238 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَأَخُوهُ نَصْرَانِيَّيْنِ ، وَهُمَا مِنْ لَخْمٍ وَكَانَ مَتْجَرُهُمَا إِلَى مَكَّةَ ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَا مَتْجَرَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا ، فَخَرَجُوا جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ وَأَوْصَى إِلَيْهِمَا ، فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ ، فَوَجَدُوا فِيهَا أَشْيَاءَ فَأَخَذَاهَا ، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَتَحُوا مَتَاعَهُ ، فَوَجَدُوا وَصِيَّتَهُ وَقَدْ كَتَبَ فِيهَا عَهِدَهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ ، فَفَقَدُوا الْأَشْيَاءَ ، فَسَأَلُوهُمَا ؟ فَقَالَا : هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ } ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ : مَا قَبَضْنَا لَهُ غَيْرَ هَذَا ، فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ بِذَهَبٍ مَعَهُمَا ، فَقَالُوا : هَذَا مِنْ مَتَاعِهِ ، فَقَالَا : اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ ، فَارْتَفَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى قَوْلُهُ : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا ، فَاسْتَحْلَفَاهُمَا ، ثُمَّ إِنَّ تَمِيمًا أَسْلَمَ وَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ يَقُولُ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَبَلَّغَ ، إِنِّي لَأَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ |
239 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ طَارِقٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَرَّ بِقَرْيَةٍ ، فَمَرِضَ وَمَعَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمَا مَالَهُ ، ثُمَّ قَالَ : ادْعُوَا لِي مَنْ أُشْهِدُهُ عَلَى مَا قَبَضْتُمَا ، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ قَالَ : فَدَعَوَا نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ ، فَأَشْهَدَهُمْ عَلَى مَا دَفَعَ إِلَيْهِمَا ، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمَيْنَ قَدِمَا بِالْمَالِ إِلَى أَهْلِهِ ، فَقَالُوا : قَدْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا آتَيْتُمُونَا بِهِ قَالَ : فَاسْتَحْلَفُوهُمَا بِاللَّهِ مَا دَفَعَ إِلَيْهِمَا غَيْرَ هَذَا ، ثُمَّ قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَسَأَلَهُمْ أَهْلُ الْمُتَوَفَّى ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُ هَلَكَ بِقَرْيَتِهِمْ وَتَرَكَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ ، فَعَلِمَ أَهْلُ الْمُتَوَفَّى أَنْ قَدْ عَثَرُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَيْنِ قَدِ اسْتَحَقَّا إِثْمًا ، فَانْطَلَقُوا إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا قَدْ جَاءَ عَلَى إِدْلَالِهِ ، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ ، فَالْآنَ حِينَ جَاءَ تَأْوِيلُهَا ، فَأَمَرَ الْمُسْلِمَيْنِ أَنْ يَحْلِفَا بِاللَّهِ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبِي ، وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَنْ يَحْلِفُوا بِاللَّهِ لَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا ، وَلَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَةِ هَذَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ ، وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ، ثُمَّ أَمَرَ أَهْلَ الْمُتَوَفَّى أَنْ يَحْلِفُوا بِاللَّهِ : أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى حَقٌّ فَحَلَفُوا ، فَأَمَرَهُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ الْمُسْلِمَيْنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ |
240 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ ، فَتُوُفِّيَ بِدَقُوقَاءَ ، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى وَصِيَّتِهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنَ النَّصَارَى مِنْ أَهْلِهَا ؛ فَأَشْهَدَهُمَا عَلَى وَصِيَّتِهِ ، ثُمَّ قَدِمَا الْكُوفَةَ ، فَأَحْلَفَهُمَا أَبُو مُوسَى دُبُرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا خَانَا وَلَا كَتَمَا وَلَا بَدَّلَا وَأَنَّ هَذِهِ لَوَصِيَّةٌ ، ثُمَّ أَجَازَ شَهَادَتَهُمَا |
241 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ أَبَا مُوسَى ، أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ |
242 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ : لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي السَّفَرِ وَلَا يَجُوزُ فِي السَّفَرِ إِلَّا فِي الْوَصِيَّةِ |
243 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : { اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ } قَالَ : مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } قَالَ : مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِلَّةِ |
244 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَخِي أَبِي حُرَّةَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيدَةَ فِي قَوْلِهِ : { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } قَالَ : مِنْ سَائِرِ الْمِلَلِ |
245 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ : فِي قَوْلِهِ : { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } قَالَ : مَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ |
246 أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ وِقَاءِ بْنِ إِيَاسَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ : { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } قَالَ : مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ |