فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ يُسَلِّمُ أَيِ الْمَأْمُومُ حِينَ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ)

قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ تُرْجِمَ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ السَّلَامَ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ لَهُ فَيَشْرَعُ الْمَأْمُومُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ الْإِمَامُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَبْتَدِئُ السَّلَامَ إِذَا أَتَمَّهُ الْإِمَامُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْأَمْرَيْنِ وُكِّلَ النَّظَرُ فِيهِ إِلَى الْمُجْتَهِدِ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الصُّورَتَيْنِ فَأَيَّهُمَا فَعَلَ الْمَأْمُومُ جَازَ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْمَأْمُومُ فِي سَلَامِهِ بَعْدَ الْإِمَامِ مُتَشَاغِلًا بِدُعَاءٍ وَغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذكره عَن بن عُمَرَ وَالْأَثَرُ الْمَذْكُورُ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ وَصله لَكِن عِنْد بن أبي شيبَة عَن بن عمر مَا يُعْطي مَعْنَاهُ وَقد تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عِتْبَانَ مُطَوَّلًا فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ وَأَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا جِدًّا وَفِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَتَمَّ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا مِنْ طَرِيق عبد الله وَهُوَ بن الْمُبَارك قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ السَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ وَاكْتَفَى بِتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عِتْبَانَ كَمَا ذَكَرْنَا وَاعْتِمَادُهُ فِيهِ عَلَى



[ قــ :817 ... غــ :840] قَوْلِهِ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا نَظِيرَ سَلَامِهِ وَسَلَامُهُ إِمَّا وَاحِدَةٌ وَهِيَ الَّتِي يَتَحَلَّلُ بِهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَإِمَّا هِيَ وَأُخْرَى مَعَهَا فَيَحْتَاجُ مَنِ اسْتَحَبَّ تَسْلِيمَةً ثَالِثَةً عَلَى الْإِمَامِ بَيْنَ التَّسْلِيمَتَيْنِ كَمَا تَقُولُهُ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ وَإِلَى رَدِّ ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ أَظُنُّهُ قَصَدَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يُوجِبُ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ وَقَدْ نَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الظَّنِّ بُعْدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَزَعَمَ الزَّعْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَعَلَى الْكَذِبِ وَيَنْزِلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ مُوَثَّقٌ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  عِنْدَهُ مَقْبُولٌ .

     قَوْلُهُ  مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ كَانَتْ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ وَلَفْظُ الدَّلْوِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ بَلِ الدَّلْوُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ بِنَصْبِ أَحَدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ السَّالِمِيَّ هَذَا الَّذِي يَكَادُ مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ بِمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى عِتْبَانَ يَعْنِي سَمِعْتُ عِتْبَانَ ثُمَّ سَمِعْتُ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ أَيْضًا قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ الْحُصَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَكَأَنَّ مَحْمُودًا سَمِعَ مِنْ عِتْبَانَ وَمِنْ الْحُصَيْنِ قَالَ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَسَاجِدِ فِي الْبُيُوتِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ هُوَ الَّذِي سَمِعَ مَحْمُودًا وَالْحُصَيْنَ قَالَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَمَحْمُودًا سَمِعَا جَمِيعًا مِنَ الْحُصَيْنِ قَالَ وَلَوْ رُوِيَ بِرَفْعِ أَحَدٍ بِأَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى مَحْمُودٍ لَسَاغَ وَوَافَقَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى يَعْنِي فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ أَيِ الْحُصَيْنُ انْتَهَى وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ فَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ هُنَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ هُنَاكَ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فَإِنَّ عِتْبَانَ مِنْ بَنِي سَالِمٍ أَيْضًا وَهُوَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ زِيَادِ بْنِ غُنْمِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَقِيلَ فِي نَسَبِهِ غَيْرُ ذَلِكَ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَنِي سَالِمٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فِي إِدْخَالِ أَخْبَرَنِي بَيْنَ ثُمَّ وَأَحَدٍ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ إِشْكَالٌ آخَرُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْحُصَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ صَاحِبَ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ أَنَّهَا تَعَدَّدَتْ لَهُ وَلِعِتْبَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْحُصَيْنَ الْمَذْكُورَ لَا صُحْبَةَ لَهُ بَلْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَبَاهُ فِي الصَّحَابَةِ وَقَدْ ذَكَرَ بن أَبِي حَاتِمٍ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْخًا غَيْرَ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَنُقِلَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الرِّجَالِ لِمَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ رِوَايَةً عَنِ الْحُصَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَلَوَدِدْتُ أَيْ فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ .

     قَوْلُهُ  اشْتَدَّ النَّهَارُ أَيِ ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ .

     قَوْلُهُ  فَأَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَحَبَّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَاعِلُ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ قَالَ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ لَا مَكَانَ وُقُوعِ الْإِشَارَتَيْنِ مِنْهُ وَمِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا مَعًا وَإِمَّا سَابِقًا وَلَاحِقًا.

قُلْتُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فَاعِلَ أَشَارَ هُوَ عِتْبَانُ لَكِنْ فِيهِ الْتِفَاتٌ إِذْ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ فَأَشَرْتُ إِلَخْ وَبِهَذَا تَتَوَافَقُ الرِّوَايَاتُ وَاللَّهُ أعلم