مَقَالَةُ الْخُلَفَاءِ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ
55 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، وَكَأَنَّ ذِرَاعَيْهِ سَعْفَتَانِ مُحْتَرِقَتَانِ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تُقَلِّبُونَ غَدًا فَتًى حُوَّلًا قُلَّبًا ، وَأَيُّ فَتَى أَهْلِ بَيْتٍ إِنْ نَجَا غَدًا مِنَ النَّارِ ؟ |
56 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : قَالَ مُعَاوِيَةُ ، وَهُوَ يُقَلَّبُ فِي مَرَضِهِ ، وَقَدْ صَارَ كَأَنَّهُ سَعَفَةٌ مُحْتَرِقَةٌ : أَيُّ شَيْخٍ تُقَلِّبُونَ إِنْ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ غَدًا ؟ |
57 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ صَالِحٍ الزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ ابْنَةَ رُقَيْقَةَ دَخَلَتْ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَقَالَ : انْدُبِينِي يَا بِنْتَ رُقَيْقَةَ ، فَسُجِّيَتْ بِثَوْبِهَا ثُمَّ قَالَتْ : أَلَا ابْكِيهِ أَلَا ابْكِيهِ أَلَا كُلُّ الْفَتَى فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِابْنَتَيْهِ : اقْلِبْنَنِي ، فَقَلَبَتْهُ هِنْدُ وَرَمْلَةُ ، فَقَالَ : إِنَّكُمَا لَتُقَلِّبَانِ حُوَّلًا قُلَّبًا ، إِنْ وُقِيَ كَبَّةَ النَّارِ غَدًا : لَا يَبْعَدَنَّ رَبِيعَةُ بْنُ مُكَدَّمٍ وَسَقَى الْغَوَادِيَ قَبْرَهُ بِذَنُوبِ |
58 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ عَامِرُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ : حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ ، عَنِ الْجَارُودِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَيِسَ ، قَعَدَ فِي عُلْيَةٍ لَهُ ، مُنْفَضِلًا بِمُلَاءَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قَدِ اسْتَرْخَى لَحْمُهُمَا ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ : حَكَى حَارِثُ الْجُولَانِ مِنْ فَقَدِ رَبِّهِ وَحُورَانُ مِنْهُ مُوحِشٌ مُتَمَاثِلُ ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ : وَلَكِنْ كَالشِّهَابِ سَنَاهُ يَخْبُو وَحَادِي الْمَوْتِ عَنْهُ مَا يُحَارُ |
59 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْخَنْسَاءِ قَالَ : كَانَ حُيَّيُّ بْنُ هَزَّالٍ السَّعْدِيُّ قَدْ قَالَ - يَعْنِي لِمُعَاوِيَةَ - بَيْتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ : إِذَا مُتَّ مَاتَ الْجُودُ وَانْقَطَعَ النَّدَى مِنَ النَّاسِ إِلَّا مِنْ قَلِيلٍ مُصَرَّدِ وَرُدَّتْ أَكُفُّ السَّائِلِينَ وَأَمْسَكُوا مِنَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِنَدَىً مُجَدَّدِ فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ : ابْعَثُوا إِلَى حُيَيٍّ يُنْشِدُنِي ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَنْشَدَهُ وَهُوَ ثَقِيلٌ |
60 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : دَخَلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ : وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدِ انْخَرَطَ أَنْفُكَ ، وَذَبُلَتْ شَفَتَاكَ ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُكَ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فِي مِثْلِ حَالِكَ إِلَّا مَا تَرَى فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : فَإِنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَخْلُقْ جَدِيدًا وَلَا هَضْبًا تُوَقِّلُهُ الْوِبَارُ وَلَكِنْ كَالشِّهَابِ يُضِي وَيَخْبُو وَحَادِي الْمَوْتِ عَنْهُ مَا يُحَارُ فَهَلْ مِنْ خَالِدٍ إِمَّا هَلَكْنَا وَهَلْ بِالْمَوْتِ يَا لَلنَّاسِ عَارُ |
61 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ : أَخَذَتْ مُعَاوِيَةَ قِرَّةٌ ، وَاتَّخَذَ لُحَفًا خِفَافًا ، فَكَانَتْ تُلْقَى عَلَيْهِ ، فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يُنَادِي بِهَا . فَإِذَا أُخِذَتْ عَنْهُ سَأَلَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : قَبَّحَكِ اللَّهُ دَارًا ، مَكَثْتُ فِيكِ عِشْرِينَ سَنَةً أَمِيرًا ، وَعِشْرِينَ سَنَةً خَلِيفَةً ، ثُمَّ صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى |
62 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَهُورٍ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ : دَخَلَتْ جَمَاعَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَرَأَوْا فِي جِلْدِهِ غُضُونًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَهَلِ الدُّنْيَا أَجْمَعُ إِلَّا مَا قَدْ جَرَّبْنَا وَرَأَيْنَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَقْبَلْنَا زَهْرَتَهَا بِجِدَّتِنَا ، وَبِاسْتِلْذَاذٍ مِنَّا لِعَيْشِنَا ، فَمَا لَبَّثْنَا الدُّنْيَا أَنْ نَقَضَتْ ذَلِكَ مِنَّا حَالًا بَعْدَ حَالٍ ، وَعُرْوَةً بَعْدَ عُرْوَةٍ ، فَأَصْبَحَتِ الدُّنْيَا وَقَدْ وَتَرَتْنَا ، وَأَحْلَقَتْنَا ، وَاسْتَلَامَتْ إِلَيْنَا ؛ فَأُفٍّ لِلدُّنْيَا مِنْ دَارٍ ، ثُمَّ أُفٍّ لِلدُّنْيَا مِنْ دَارٍ |
63 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُذَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : دَخَلَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ بَيْنَ جَارِيَتَيْنِ تُدْفِئَانِهِ وَتَرفَعَانِ عَنْهُ اللِّحَافَ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مَعْنُ بَكَى ؛ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ هَذَا الَّذِي يَلْتَمِسُونَ لِي . يُرِيدُ الْبَقَاءَ |
64 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيِّ قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاوِيَةَ الْوَفَاةُ ، جَعَلُوا يُدِيرُونَهُ فِي الْقَصْرِ ، فَقَالَ : هَلْ بَلَغْنَا الْخَضْرَاءَ ؟ فَصَرَخَتِ ابْنَتُهُ رَمْلَةُ فَقَالَ : مَا أَصْرَخَكِ ؟ قَالَتْ : نَحْنُ نُدَوِّرُ بِكَ فِي الْخَضْرَاءِ تَقُولُ هَلْ بَلَغْتُ الْخَضْرَاءَ بَعْدُ ؟ فَقَالَ : إِنْ عَزُبَ عَقْلُ أَبِيكِ فَطَالَمَا وَقَرَ |