فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، وكيف معنى الدلالة وتفسيرها «

( قَولُهُ بَابُ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالدَّلِيلِ بِالْإِفْرَادِ وَالدَّلِيلُ مَا يُرْشِدُ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَيَلْزَمُ مِنَ الْعِلْمِ بِهِ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْمَدْلُولِ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مَنْ أَرْشَدَ قَاصِدَ مَكَانٍ مَا إِلَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَكَيْفَ مَعْنَى الدَّلَالَةِ وَتَفْسِيرُهَا يَجُوزُ فِي الدَّلَالَةِ فَتْحُ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ أَعْلَى وَالْمُرَادُ بِهَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْإِرْشَادُ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ الْخَاصِّ الَّذِي لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ خَاصٌّ دَاخِلٌ تَحْتَ حُكْمِ دَلِيلٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ فَهَذَا مَعْنَى الدَّلَالَةِ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا فَالْمُرَادُ بِهِ تَبْيِينُهَا وَهُوَ تَعْلِيمُ الْمَأْمُورِ كَيْفِيَّةَ مَا أُمِرَ بِهِ وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ وَيُسْتَفَادُ مِنَ التَّرْجَمَةِ بَيَانُ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ وَبِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ فَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِنْبَاطُ وَيَخْرُجُ الْجُمُودُ عَلَى الظَّاهِرِ الْمَحْضِ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِ الْخَيْلِ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمُرَادُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ عَامٌّ فِي الْعَامِلِ وَفِي عَمَلِهِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ اقْتِنَاءِ الْخَيْلِ وَأَحْوَالِ مُقْتَنِيهَا وَسُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ أَشَارَ إِلَى أَنَّ حُكْمَهَا وَحُكْمَ الْخَيْلِ وَحُكْمَ غَيْرِهَا مُنْدَرِجٌ فِي الْعُمُومِ الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنَ الْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  وَسُئِلَ عَنِ الضَّبِّ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى ثَالِثِ أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمُرَادُهُ بَيَانُ حُكْمِ تَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ يُفِيدُ الْجَوَازَ إِلَى أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  وَسُئِلَ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُ السَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِصَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ التَّمِيمِيِّ وَحَدِيثُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي التَّفْسِيرِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلَفْظُهُ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ يَعْمَلُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ إِلَى آخَرِ السُّورَةِ قَالَ مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا حَسْبِي حَسْبِي وَحكى بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ وَفِيهِ نَظَرٌ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ عِنْدَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي بَابِ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَصَنِيعُ بن السكن يَقْتَضِي أَنه بن مُوسَى الْبَلْخِيُّ وَتَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَجَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْبَيْهَقِيِّ بِأَنَّهُ بن جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ الْحميدِي وَعبد الرَّحْمَن وَالِد مَنْصُور الْمَذْكُور هُوَ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ الْعَبْدَرِيِّ الْحَجَبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَوَقَعَ هُنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ وَشَيْبَةُ إِنَّمَا هُوَ جَدُّ مَنْصُورٍ لِأُمِّهِ لِأَنَّ اسْمَ أُمِّهِ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ وَعَلَى هَذَا فَيكْتب بن شَيْبَةَ بِالْأَلِفِ وَيُعْرَبُ إِعْرَابَ مَنْصُورٍ لَا إِعْرَابَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ الْكِرْمَانِيُّ هُنَا وَلِصَفِيَّةَ وَلِأَبِيهَا صُحْبَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ امْرَأَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا ذَكَرَ مِنَ الْمَتْنِ أَوَّلَهُ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى السَّنَدِ الثَّانِي وَمُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ شَيْخُهُ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا جَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَحَكَى الْمِزِّيُّ أَنَّهُ يُكْنَى أَبَا جَعْفَرٍ وَهُوَ كُوفِيٌّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ مَعَ الْبُخَارِيِّ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَآخَرُونَ وَوَثَّقَهُ مُطَيَّنٌ وبن عدي وَغَيرهمَا قَالَ بن حِبَّانَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.

قُلْتُ فَهُوَ مِنْ قُدَمَاءِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ مَا لَهُ عِنْدَهُ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ لَهُ مَوْضِعًا آخَرَ تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ وَآخَرُ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ وَلَهُ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَهُ مُتَابِعٌ فَمَا أَخْرَجَ لَهُ شَيْئًا اسْتِقْلَالًا وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْمَتْنَ هُنَا عَلَى لَفظه واما لفظ بن عُيَيْنَةَ فِيهِ فَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ السَّائِلَةِ أَسْمَاءُ بِنْتُ شَكَلٍ بِمُعْجَمَةٍ وَكَافٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ لَامٍ وَقِيلَ اسْمُ أَبِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ سَائِرِ شَرحه قَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ تَفْهَمِ السَّائِلَةُ غَرَضَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ ان تتبع الدَّم بالفرصة يُسمى تَوَضَّأ إِذَا اقْتَرَنَ بِذِكْرِ الدَّمِ وَالْأَذَى وانما قيل لَهُ ذَلِك لكَونه مِمَّا يستحيي مِنْ ذِكْرِهِ فَفَهِمَتْ عَائِشَةُ غَرَضَهُ فَبَيَّنَتْ لِلْمَرْأَةِ مَا خَفِيَ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْمَلَ يُوقَفُ عَلَى بَيَانِهِ مِنَ الْقَرَائِنِ وَتَخْتَلِفُ الْأَفْهَامُ فِي إِدْرَاكِهِ وَقَدْ عَرَّفَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ الْمُجْمَلَ بِمَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ وَيَقَعُ فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ كَالْقُرْءِ لِاحْتِمَالِهِ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَفِي الْمُرَكَّبِ مِثْلَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لِاحْتِمَالِهِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَمِنَ الْمُفْرَدِ الْأَسْمَاءُ الشَّرْعِيَّة مثل كتب عَلَيْكُم الصّيام فَقِيلَ هُوَ مُجْمَلٌ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِكُلِّ صَوْمٍ وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ حَدِيثَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ تَوَضَّئِي فَإِنَّهُ وَقَعَ بَيَانُهُ لِلسَّائِلَةِ بِمَا فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأُقِرَّتْ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيث بن عَبَّاسٍ



[ قــ :6965 ... غــ :7358] .

     قَوْلُهُ  أُمَّ حُفَيْدٍ بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ مُصَغَّرٌ اسْمُهَا هُزَيْلَةُ بِزَايٍ مُصَغَّرٌ بِنْتُ الْحَارِثَةِ الْهِلَالِيَّةِ أُخْت مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ وَهِي خَالَة بن عَبَّاسٍ وَخَالَةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَاسْمُ أُمِّ كُلٍّ مِنْهُمَا لُبَابَةُ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  وَأَضُبًّا بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ ضَبٍّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ .

     قَوْلُهُ  كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ بِقَافِ وَمُعْجَمَةٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَهُ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مَا أَكَلْنَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي أَكْلِ الثَّوْمِ وَالْبَصَلِ





[ قــ :6966 ... غــ :7359] .

     قَوْلُهُ  وَلْيَقْعُدْ فِي رِوَايَة الْكشميهني أَو ليعقد بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ فِي أَوَّلِهِ .

     قَوْلُهُ  أُتِيَ بِبَدْرٍ قَالَ بن وَهْبٍ يَعْنِي طَبَقًا هُوَ مَوْصُولٌ بِسَنَدِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ هُوَ مَنْقُولٌ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ لَفْظَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِّبُوهَا لِأَبِي أَيُّوبَ فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَحْفَظْهُ فَكَنَّى عَنْهُ بِذَلِكَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيَّنَهُ فَفِيهِ الْتِفَاتٌ لِأَنَّ نَسَقَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِي وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي .

     قَوْلُهُ  بَعْدَهُ كَانَ مَعَهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا فَاعِلُ كَرِهَ هُوَ أَبُو أَيُّوبَ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَمَّا رَآهُ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا وَأَمَرَ بِتَقْرِيبِهَا إِلَيْهِ كَرِهَ أَكْلَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ فَلَمَّا رَآهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا كَرِهَ أَكْلَهَا وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ على مَشْرُوعِيَّة مُتَابَعَته فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ فَلَمَّا امْتَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَكْلِ تِلْكَ الْبُقُولِ تَأَسَّى بِهِ فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَ تَخْصِيصِهِ فَقَالَ إِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَبْلَ كِتَابِ الْجُمُعَةِ إِنِّي أَخَافُ ان اوذي صَاحِبي وَعند بن خُزَيْمَةَ إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمحرم قَالَ بن بَطَّالٍ .

     قَوْلُهُ  قَرِّبُوهَا نَصٌّ عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي أُنَاجِي إِلَخْ.

قُلْتُ وَتَكْمِلَتُهُ مَا ذَكَرْتُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَفْضِيلِ الْمَلَكِ عَلَى الْبَشَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِيهِ مَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ وَهُوَ فِي الْأَغْلَبِ الْأَكْثَرِ جِبْرِيلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ جِبْرِيلَ عَلَى مِثْلِ أَبِي أَيُّوبَ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ نَبِيًّا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ عَلَى بَعْضِ تَفْضِيلُ جَمِيعِ الْجِنْسِ عَلَى جَمِيعِ الْجِنْسِ قَوْله.

     وَقَالَ  بْنُ عُفَيْرٍ هُوَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ مُصَغَّرٌ نُسِبَ لِجَدِّهِ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِتَحْدِيثِهِ لَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَسَاقَهُ عَلَى لَفْظِهِ وَسَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الَّذِي سَاقَهُ هُنَا قِطْعَةً مِنْهُ وَزَادَ هُنَاكَ عَنِ اللَّيْثِ وَأَبِي صَفْوَانَ طَرَفًا مِنْهُ مُعَلَّقًا وَذَكَرْتُ هُنَاكَ مَنْ وَصَلَهُمَا الْحَدِيثُ الْخَامِسُ





[ قــ :6967 ... غــ :7360] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي اسْمُ عَمِّهِ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ مَاتَ يَعْقُوبُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ أَخِيهِ سَعْدٍ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَاتَّفَقَا عَلَى أَخِيهِ انْتَهَى وَظَنَّ بَعْضُ مَنْ نَقَلَ كَلَامَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَخِيهِ لِيَعْقُوبَ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ اتَّفَقَا عَلَى التَّخْرِيجِ لِسَعْدٍ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ وَالِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ وَالضَّمِيرُ إِنَّمَا هُوَ لِسَعْدٍ وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ سَعِيدٌ لَا لِيَعْقُوبَ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ أَوَّلًا .

     قَوْلُهُ  قَالَا حَدَّثَنَا أَبِي أَيْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِك قَوْله ان امْرَأَة تقدم فِي مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ شَرْحُ الْحَدِيثِ وَأَنَّهَا لَمْ تُسَمَّ .

     قَوْلُهُ  زَادَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ إِلَخْ يُرِيدُ بِالسَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْمَتْنِ كُلِّهِ وَالْمَزِيدُ هُوَ .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ وَقَدْ مَضَى فِي مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ بِلَفْظِ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ زَادَنَا وَزَادَ لَنَا وَكَذَا زَادَنِي وَزَادَ لِي وَيَلْتَحِقُ بِهِ قَالَ لَنَا.

     وَقَالَ  لِي وَمَا أَشْبَهُهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ حَدَّثَنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنَّهُ حَمَلَ ذَلِكَ عَنْهُ سَمَاعًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَجِيزُهَا فِي الْإِجَازَةِ وَمَحَلُّ الرَّدِّ مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْقَائِلِ مِنَ التَّعْمِيمِ وَقَدْ وُجِدَ لَهُ فِي مَوْضِعٍ زَادَنَا حَدَّثَنَا وَذَلِكَ لَا يَدْفَعُ احْتِمَالَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَجِيزُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَقُولَ قَالَ لنا وَلَا يستجيز حَدثنَا قَالَ بن بَطَّالٍ اسْتَدَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِظَاهِرِ قَوْلِهَا فَإِنْ لَمْ أَجِدْكَ أَنَّهَا أَرَادَتِ الْمَوْتَ فَأَمَرَهَا بِإِتْيَانِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ وَكَأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِسُؤَالِهَا حَالَةَ أَفْهَمَتْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَنْطِقْ بِهَا.

قُلْتُ وَإِلَى ذَلِكَ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا الَّتِي فِيهَا كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ لَكِنَّ قَوْلَهَا فَإِنْ لَمْ أَجِدْكَ أَعَمُّ فِي النَّفْيِ مِنْ حَالِ الْحَيَاةِ وَحَالِ الْمَوْتِ وَدَلَالَتُهُ لَهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُطَابِقٌ لِذَلِكَ الْعُمُومِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ لَكِنْ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ لَا التَّصْرِيحِ وَلَا يُعَارِضُ جَزْمَ عُمَرَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ لِأَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ.

قُلْتُ فِي هَذَا الثَّانِي نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ فَهَذَا حُكْمٌ يُعْرَفُ بِالنَّصِّ وَالتَّرْجَمَةُ حُكْمٌ يُعْرَفُ بِالِاسْتِدْلَالِ فَالَّذِي قَالَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ مُسْتَقِيمٌ بِخِلَافِ هَذَا وَالَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ مِنَ اسْتِدْلَالِ أَبِي أَيُّوبَ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَكْلِ الثُّومِ بِامْتِنَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَةِ عُمُوم التأسى أقرب مِمَّا قَالَه