هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
81 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
81 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال : لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أشراط الساعة : أن يقل العلم ، ويظهر الجهل ، ويظهر الزنا ، وتكثر النساء ، ويقل الرجال ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ .

Narrated Anas:

I will narrate to you a Hadith and none other than I will tell you about after it. I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying: From among the portents of the Hour are (the following): -1. Religious knowledge will decrease (by the death of religious learned men). -2. Religious ignorance will prevail. -3. There will be prevalence of open illegal sexual intercourse. -4. Women will increase in number and men will decrease in number so much so that fifty women will be looked after by one man.

0081 Anas dit : Je vais vous rapporter un hadith qu’aucun ne vous rapportera après moi. J’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Parmi les signes précurseurs de l’Heure il y a : la diminution de la Science ; la propagation de l’ignorance et de l’adultère; le grand nombre de femme et la diminution du nombre des hommes, au point où chaque cinquantaine de femmes auront un seul tuteur.« 

":"ہم سے مسدد نے بیان کیا ان سے یحییٰ نے شعبہ سے نقل کیا ، وہ قتادہ سے اور قتادہ حضرت انس سے روایت کرتے ہیں ، انھوں نے فرمایا کہمیں تم سے ایک ایسی حدیث بیان کرتا ہوں جو میرے بعد تم سے کوئی نہیں بیان کرے گا ، میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو یہ فرماتے ہوئے سنا کہ علامات قیامت میں سے یہ ہے کہ علم ( دین ) کم ہو جائے گا ۔ جہل ظاہر ہو جائے گا ۔ زنا بکثرت ہو گا ۔ عورتیں بڑھ جائیں گی اور مرد کم ہو جائیں گے ۔ حتیٰ کہ 50 عورتوں کا نگراں صرف ایک مرد رہ جائے گا ۔

0081 Anas dit : Je vais vous rapporter un hadith qu’aucun ne vous rapportera après moi. J’ai entendu le Messager de Dieu dire : « Parmi les signes précurseurs de l’Heure il y a : la diminution de la Science ; la propagation de l’ignorance et de l’adultère; le grand nombre de femme et la diminution du nombre des hommes, au point où chaque cinquantaine de femmes auront un seul tuteur.« 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [81] قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ زَادَ الْأَصِيلِيُّ بن مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  لَأُحَدِّثَنَّكُمْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُمْ أَوَّلًا أَلا أحدثكُم فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ .

     قَوْلُهُ  لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي كَذَا لَهُ وَلِمُسْلِمٍ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِي وَلِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدِي وَعَرَفَ أَنَسٌ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَعَلَّ الْخِطَابَ بِذَلِكَ كَانَ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ أَوْ كَانَ عَامًّا وَكَانَ تَحْدِيثُهُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا النَّادِرَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَتْنُ فِي مرويه.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنَ التَّغْيِيرِ وَنَقْصِ الْعِلْمِ يَعْنِي فَاقْتَضَى ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لِفَسَادِ الْحَالِ لَا يُحَدِّثُهُمْ أَحَدٌ بِالْحَقِّ.

.

قُلْتُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ هُوَ بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ لِقَوْلِهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مِنَ الْقِلَّةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ غُنْدَرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سعيد عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَهَمَّامٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُدُودِ وَهِشَامٍ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ أَبِي التَّيَّاحِ وَلِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ أَنْ يَقِلَّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقِلَّتِهِ أَوَّلَ الْعَلَامَةِ وَبِرَفْعِهِ آخِرَهَا أَوْ أُطْلِقَتِ الْقِلَّةُ وَأُرِيدَ بِهَا الْعَدَمُ كَمَا يُطْلَقُ الْعَدَمُ وَيُرَادُ بِهِ الْقِلَّةُ وَهَذَا أَلْيَقُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ .

     قَوْلُهُ  وَتَكْثُرُ النِّسَاءُ قِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ الْفِتَنَ تَكْثُرُ فَيَكْثُرُ الْقَتْلُ فِي الرِّجَالِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ دُونَ النِّسَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ الْفُتُوحِ فَتَكْثُرُ السَّبَايَا فَيَتَّخِذُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عِدَّةَ مَوْطُوءَاتٍ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْقِلَّةِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَامَةٌ مَحْضَةٌ لَا لِسَبَبٍ آخَرَ بَلْ يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَنْ يَقِلَّ مَنْ يُولَدُ مِنَ الذُّكُورِ وَيَكْثُرُ مَنْ يُولَدُ مِنَ الْإِنَاثِ وَكَوْنُ كَثْرَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْعَلَامَاتِ مُنَاسِبَةٌ لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَقَولُهُ لِخَمْسِينَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ الْكَثْرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً .

     قَوْلُهُ  الْقَيِّمُ أَيْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِنَّ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ إِشْعَارًا بِمَا هُوَ مَعْهُودٌ مِنْ كَوْنِ الرِّجَالِ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَكَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْخَمْسَةَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا مُشْعِرَةً بِاخْتِلَالِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْصُلُ بِحِفْظِهَا صَلَاحُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَهِيَ الدِّينُ لِأَنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ يُخِلُّ بِهِ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ شرب الْخمر يخل بِهِ وَالنّسب لِأَن الزِّنَى يُخِلُّ بِهِ وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفِتَنِ تُخِلُّ بِهِمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ اخْتِلَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُؤْذِنًا بِخَرَابِ الْعَالَمِ لِأَنَّ الْخَلْقَ لايتركون هَمَلًا وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهُ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ إِذْ أَخْبَرَ عَنْ أُمُورٍ سَتَقَعُ فَوَقَعَتْ خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَيِّمِ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ كُنَّ مَوْطُوءَاتٍ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَبْقَى فِيهِ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ فَيَتَزَوَّجُ الْوَاحِدُ بِغَيْرِ عَدَدٍ جَهْلًا بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ أُمَرَاءِ التُّرْكُمَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَان مَعَ دَعْوَاهُ الْإِسْلَام وَالله الْمُسْتَعَان( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ) الْفَضْلُ هُنَا بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ أَيْ مَا فَضَلَ عَنْهُ وَالْفَضْلُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِلْمِ بِمَعْنَى الْفَضِيلَةِ فَلَا يُظَنُّ أَنَّهُ كَرَّرَهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [81] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ».
وبه قال: ( حدّثنا مسدد) بضم الميم وفتح السين والدال المهملتين ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بفتح القاف ابن دعامة ( عن أنس) وللأصيلي ابن مالك ( قال: لأحدثنكم) بفتح اللام أي والله لأحدّثنكم ولذا أكد بالنون وبه صرح أبو عوانة عن هشام عن قتادة ( حديثًا لا يحدّثكم أحد بعدي) ولمسلم لا يحدّث أحد بعدي بحذف المفعول، وللمؤلف من طريق هشام لا يحدّثكم غيري وحمل على أنه قاله لأهل البصرة وقد كان هو آخر من مات بها من الصحابة ( سمعت رسول الله) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي كلامه حال كونه ( يقول) : ( من) وللأصيلي وأبي ذر أن من ( أشراط الساعة أن يقل العلم) بكسر القاف من القلة وله في الحدود والنكاح أن يرفع العلم وكذا لمسلم ولا تنافي بينهما إما لأن القلّة فيه معبّر بها عن العدم.
قال في الفتح: وهذا أليق لاتحاد المخرج أو ذلك باعتبار زمانين مبدأ الاشتراط وانتهائه ( و) أن ( يظهر الجهل و) أن ( يظهر الزنا و) أن ( تكثر النساء و) أن ( يقل الرجال) لكثرة القتل بسبب الفتن وبقلتهم مع كثرة النساء يظهر الجهل والزنا ويرفع العلم لأن النساء حبائل الشيطان ( حتى) أي إلى أن ( يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) بالرفع صفة القيم وهو من يقوم بأمرهن، وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكرة: يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهنّ سواء كنّ موطوءات أم لا، ويحتمل أن يكون ذلك في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: الله الله فيتزوّج الواحد بغير عدد جهلاً بالحكم الشرعي، وقال القيم: بأل إشعارًا بما هو معهود من كون الرجال قوّامين على النساء، وهل المراد من قوله خمسين امرأة حقيقة العدد أو المجاز عن الكثرة؟ ويؤيد الثاني ما في حديث أبي موسى ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة.
22 - باب فَضْلِ الْعِلْمِ هذا ( باب فضل العلم) والباب السابق في أوّل كتاب العلم باب فضيلة العلماء، والمراد هنا الزيادة أي ما فضل عنه وهناك بمعنى الفضيلة وحينئذ فلا تكرار.
82 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الْعِلْمَ».
[الحديث 82 - أطرافه في: 3681، 7006، 7007، 7027، 7032] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء وسكون المثناة التحتية آخره راء ( قال: حدّثني) بالإفراد وفي رواية أبي ذر حدّثنا ( الليث) بن سعد إمام المصريين ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عقيل) بضم العين وفتح القاف وسكون المثناة التحتية ابن خالد الأيلي بفتح الهمزة، وفي رواية أبي ذر عن عقيل، وفي فتح الباري وللأصيلي وكريمة حدّثني الليث حدّثني عقيل ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري ( عن حمزة) بالمهملة والزاي ( ابن عبد الله بن عمر) بن الخطاب المكنى بأبي عمارة بضم العين القرشي العدوي المدني التابعي ( أن ابن عمر) رضي الله عنهما ( قال: سمعت رسول الله) أي كلامه ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( قال) وفي رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر يقول: ( بينا) بغير ميم ( أنا) مبتدأ وخبره ( نائم أتيت) بضم الهمزة وهو جواب بينا ( بقدح لبن فشربت) أي من اللبن ( حتى إني) بكسر همزة إن لوقوعها بعد حتى الابتدائية أو فتحها على جعلها جارّة ( لا أرى) بفتح الهمزة من الرؤية ( الري) بكسر الراء وتشديد الياء كذا في الرواية، وزاد الجوهري حكاية الفتح أيضًا، وقيل بالكسر الفعل وبالفتح المصدر ( يخرج في أظفاري) في محل نصب مفعول ثان لأرى إن قدرت الرؤية بمعنى العلم أو حال إن قدرت بمعنى الإبصار، وفي رواية ابن عساكر والحموي من أظفاري، وللمؤلف في التعبير من أطرافي، ويجوز أن تكون في هنا بمعنى على.
أي على أظفاري كقوله تعالى: { وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أي عليها، ويكون بمعنى يظهر عليها، والظفر إما منشأ الخروج أو ظرفه.
وقال: لأرى بلفظ المضارع لاستحضار هذه الرؤية للسامعين واللام فيه هي الداخلة في خبر إن للتأكيد كما في قولك: إن زيد القائم أو هي لام جواب قسم محذوف ورد بأنه ليس بصحيح فليس فيه قسم صريح ولا مقدر انتهى.
وعبر بيخرج المضارع موضع الماضي لاستحضار صورة الرؤية للسامعين وجعل الري مرئيًّا تنزيلاً له منزلة الجسم، وإلاّ فالري لا يرى فهو استعارة أصلية ( ثم أعطيت فضلي) أي ما فضل من لبن القدح الذي شربت منه ( عمر بن الخطاب) رضي الله عنه مفعول أعطيت الثاني ( قالوا) أي الصحابة: ( فما أوّلته) أي عبرته ( يا رسول الله؟ قال) أوّلته ( العلم) بالنصب ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف أي المؤوّل به العلم، ووجه تفسير اللبن بالعلم الاشتراك في كثرة النفع بهما وكونهما سببًا لصلاح ذاك في الأشباح، والآخر في الأرواح والفاء في فما أوّلته زائدة كهي في قوله تعالى: { فَلْيَذُوقُوهُ} [ص: 57] فافهم ذلك.
23 - باب الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا ( باب الفتيا) بضم الفاء ( وهو) أي العالم المفتي المجيب المستفتي عن سؤاله ( واقف) أي راكب ( على الدابّة) التي تركب، وفي بعض الروايات على ظهر الدابة ( وغيرها) سواء كان واقفًا على الأرض أو ماشيًا وعلى كل أحواله، وفي رواية أبوي ذر والوقت أو غيرها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [81] حدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: حدّثنا يَحْيَى عنْ شُعْبَةَ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ قالَ: لأحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثاً لَا يُحَدِّثُكُمْ أحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: ( منْ أشْراطِ السَّاعَةِ أنْ يَقلَّ العِلْمُ، ويَظْهَرَ الجَهلُ، ويَظْهَرَ الزِّنا، وتَكْثُرَ النِّساءُ ويَقِلَّ الرِّجالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسينَ امْرَأةً القَيِّمُ الوَاحدُ) .. مُطَابقَة هَذَا أَيْضا للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَفِي التَّرْجَمَة: رفع الْعلم، من لفظ الحَدِيث الأول، وفيهَا: ظُهُور الْجَهْل من لفظ هَذَا الحَدِيث.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة، وَالْكل قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَالْكل بصريون، وَبِهَذَا التَّرْتِيب وَقع فِي بَاب الْإِيمَان: ( أَن يحب لاخيه) .
وَفِي إِسْنَاده تحديث وعنعنة وَسَمَاع.
قَوْله: ( عَن أنس) ، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: عَن أنس بن مَالك.
بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْقدر عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار كِلَاهُمَا عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة عَنهُ بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عَمْرو بن عَليّ وَأبي مُوسَى، وَابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، ثَلَاثَتهمْ عَن غنْدر عَن شُعْبَة بِهِ.
فِي انتهائه، وَلِهَذَا قَالَ ثمَّة: ( يثبت الْجَهْل) ، وَهَهُنَا ( يظْهر) وَمن الدَّلِيل على إِطْلَاق الْقلَّة وَإِرَادَة الْعَدَم وَالرَّفْع أَنه وَقع هَهُنَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن غنْدر، وَغَيره عَن شُعْبَة: أَن يرفع الْعلم.
وَكَذَا فِي رِوَايَة سعيد عِنْد ابْن أبي شيبَة، وَهَمَّام عِنْد البُخَارِيّ فِي الْحُدُود، وَهِشَام عِنْده فِي النِّكَاح، كلهم عَن قَتَادَة، وَهُوَ مُوَافق لرِوَايَة أبي التياح.
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة، من طَرِيق هِشَام: أَن يقل، فَافْهَم.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة التَّعْرِيف فِي قَوْله: ( الْقيم) ، وَكَانَ حق الظَّاهِر أَن يُقَال: قيم وَاحِد؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَته الْإِشْعَار بِمَا هُوَ مَعْهُود من: { الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} ( النِّسَاء: 34) فَاللَّام للْعهد.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة تَخْصِيص هَذِه الْأَشْيَاء الْخَمْسَة بِالذكر؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَة ذَلِك أَنَّهَا مشعرة باختلال الضرورات الْخمس الْوَاجِبَة رعايتها فِي جَمِيع الْأَدْيَان الَّتِي بحفظها صَلَاح المعاش والمعاد ونظام أَحْوَال الدَّاريْنِ، وَهِي: الدّين وَالْعقل وَالنَّفس وَالنّسب وَالْمَال، فَرفع الْعلم مخل بِحِفْظ الدّين، وَشرب الْخمر بِالْعقلِ وبالمال أَيْضا، وَقلة الرِّجَال سَبَب الْفِتَن بِالنَّفسِ وَظُهُور الزِّنَا بِالنّسَبِ، وَكَذَا بِالْمَالِ.
وَمِنْهَا مَا قيل: لِمَ كَانَ اختلال هَذِه الْأُمُور من علاماتها؟ أُجِيب: لِأَن الْخَلَائق لَا يتركون سدى وَلَا نَبِي بعد هَذَا الزَّمَان، فَتعين خراب الْعَالم، وَقرب الْقِيَامَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث علم من أَعْلَام النُّبُوَّة، إِذْ أخبر عَن أُمُور ستقع فَوَقَعت، خُصُوصا فِي هَذِه الْأَزْمَان.
وَالله الْمُسْتَعَان.
22 - ( بابُ فَضْلِ العلْمِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الْعلم، وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر، لِأَن الْمَذْكُور فِي كل مِنْهُمَا الْعلم، وَلَكِن فِي كل وَاحِد بِصفة من الصِّفَات، فَفِي الأول: بَيَان رَفعه، وَفِي هَذَا بَيَان فَضله.
وَلَا يُقَال: إِن هَذَا الْبَاب مُكَرر لِأَنَّهُ ذكره مرّة فِي أول كتاب الْعلم، لأَنا نقُول: هَذَا الْبَاب بِعَيْنِه لَيْسَ بِثَابِت فِي أول كتاب الْعلم فِي عَامَّة النّسخ، وَلَئِن سلمنَا وجوده هُنَاكَ فَالْمُرَاد التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلمَاء، وَهَهُنَا التَّنْبِيه على فَضِيلَة الْعلم، وَقد حققنا الْكَلَام هُنَاكَ كَمَا يَنْبَغِي..
     وَقَالَ  بَعضهم: الْفضل هَهُنَا بِمَعْنى: الزِّيَادَة أَي: مَا فضل عَنهُ، وَالْفضل الَّذِي تقدم فِي أول كتاب الْعلم بِمَعْنى: الْفَضِيلَة، فَلَا يظنّ أَنه كَرَّرَه.
قلت: لم يبوب البُخَارِيّ هَذَا الْبَاب لبَيَان أَن الْفضل بِمَعْنى الزِّيَادَة، وَلم يقْصد بِهِ الْإِشَارَة إِلَى مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، بل قَصده من التَّبْوِيب بَيَان فَضِيلَة الْعلم، وَلَا سِيمَا الْبَاب من جملَة أَبْوَاب كتاب الْعلم، فَإِن كَانَ الْقَائِل أَخذ مَا قَالَه من قَوْله، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي الحَدِيث: ( ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر بن الْخطاب) ، فَإِنَّهُ لَا دخل لَهُ فِي التَّرْجَمَة، فَإِنَّهَا لَيست فِي بَيَان إِعْطَاء النَّبِي، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضله لعمر، رَضِي الله عَنهُ.
وَإِنَّمَا تَرْجَمته فِي بَيَان فضل الْعلم وَشرف قدره، واستنبط البُخَارِيّ بِأَن إعطاءه، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضله لعمر عبارَة عَن الْعلم، وَهُوَ عين الْفَضِيلَة، لِأَنَّهُ جُزْء من النُّبُوَّة، وَمَا فضل عَنهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، فَضِيلَة وَشرف، وَقد فسره: بِالْعلمِ، فَدلَّ على فَضِيلَة الْعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :81 ... غــ :81] قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ زَادَ الْأَصِيلِيُّ بن مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  لَأُحَدِّثَنَّكُمْ بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ أَلَا أُحَدِّثُكُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُمْ أَوَّلًا أَلا أحدثكُم فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ .

     قَوْلُهُ  لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي كَذَا لَهُ وَلِمُسْلِمٍ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِي وَلِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ غَيْرِي وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدِي وَعَرَفَ أَنَسٌ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ كَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَعَلَّ الْخِطَابَ بِذَلِكَ كَانَ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ أَوْ كَانَ عَامًّا وَكَانَ تَحْدِيثُهُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا النَّادِرَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَتْنُ فِي مرويه.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنَ التَّغْيِيرِ وَنَقْصِ الْعِلْمِ يَعْنِي فَاقْتَضَى ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لِفَسَادِ الْحَالِ لَا يُحَدِّثُهُمْ أَحَدٌ بِالْحَقِّ.

.

قُلْتُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ هُوَ بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ لِقَوْلِهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مِنَ الْقِلَّةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ غُنْدَرٍ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سعيد عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَهَمَّامٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُدُودِ وَهِشَامٍ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ أَبِي التَّيَّاحِ وَلِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ أَنْ يَقِلَّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقِلَّتِهِ أَوَّلَ الْعَلَامَةِ وَبِرَفْعِهِ آخِرَهَا أَوْ أُطْلِقَتِ الْقِلَّةُ وَأُرِيدَ بِهَا الْعَدَمُ كَمَا يُطْلَقُ الْعَدَمُ وَيُرَادُ بِهِ الْقِلَّةُ وَهَذَا أَلْيَقُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ .

     قَوْلُهُ  وَتَكْثُرُ النِّسَاءُ قِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ الْفِتَنَ تَكْثُرُ فَيَكْثُرُ الْقَتْلُ فِي الرِّجَالِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ دُونَ النِّسَاءِ.

     وَقَالَ  أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ الْفُتُوحِ فَتَكْثُرُ السَّبَايَا فَيَتَّخِذُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عِدَّةَ مَوْطُوءَاتٍ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْقِلَّةِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَامَةٌ مَحْضَةٌ لَا لِسَبَبٍ آخَرَ بَلْ يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَنْ يَقِلَّ مَنْ يُولَدُ مِنَ الذُّكُورِ وَيَكْثُرُ مَنْ يُولَدُ مِنَ الْإِنَاثِ وَكَوْنُ كَثْرَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْعَلَامَاتِ مُنَاسِبَةٌ لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَقَولُهُ لِخَمْسِينَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ الْكَثْرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً .

     قَوْلُهُ  الْقَيِّمُ أَيْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِنَّ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ إِشْعَارًا بِمَا هُوَ مَعْهُودٌ مِنْ كَوْنِ الرِّجَالِ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَكَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْخَمْسَةَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا مُشْعِرَةً بِاخْتِلَالِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْصُلُ بِحِفْظِهَا صَلَاحُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَهِيَ الدِّينُ لِأَنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ يُخِلُّ بِهِ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ شرب الْخمر يخل بِهِ وَالنّسب لِأَن الزِّنَى يُخِلُّ بِهِ وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفِتَنِ تُخِلُّ بِهِمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ اخْتِلَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُؤْذِنًا بِخَرَابِ الْعَالَمِ لِأَنَّ الْخَلْقَ لايتركون هَمَلًا وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهُ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ إِذْ أَخْبَرَ عَنْ أُمُورٍ سَتَقَعُ فَوَقَعَتْ خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَيِّمِ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ كُنَّ مَوْطُوءَاتٍ أَمْ لَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَبْقَى فِيهِ مَنْ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ فَيَتَزَوَّجُ الْوَاحِدُ بِغَيْرِ عَدَدٍ جَهْلًا بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ.

.

قُلْتُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ أُمَرَاءِ التُّرْكُمَانِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَان مَعَ دَعْوَاهُ الْإِسْلَام وَالله الْمُسْتَعَان

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :81 ... غــ : 81 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) بضم الميم وفتح السين والدال المهملتين ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن قتادة) بفتح القاف ابن دعامة ( عن أنس) وللأصيلي ابن مالك ( قال: لأحدثنكم) بفتح اللام أي والله لأحدّثنكم ولذا أكد بالنون وبه صرح أبو عوانة عن هشام عن قتادة ( حديثًا لا يحدّثكم أحد بعدي) ولمسلم لا يحدّث أحد بعدي بحذف المفعول، وللمؤلف من طريق هشام لا يحدّثكم غيري وحمل على أنه قاله لأهل البصرة وقد كان هو آخر من مات بها من الصحابة ( سمعت رسول الله) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي كلامه حال كونه ( يقول) :

( من) وللأصيلي وأبي ذر أن من ( أشراط الساعة أن يقل العلم) بكسر القاف من القلة وله في الحدود والنكاح أن يرفع العلم وكذا لمسلم ولا تنافي بينهما إما لأن القلّة فيه معبّر بها عن العدم.
قال في الفتح: وهذا أليق لاتحاد المخرج أو ذلك باعتبار زمانين مبدأ الاشتراط وانتهائه ( و) أن ( يظهر الجهل و) أن ( يظهر الزنا و) أن ( تكثر النساء و) أن ( يقل الرجال) لكثرة القتل بسبب الفتن وبقلتهم مع كثرة النساء يظهر الجهل والزنا ويرفع العلم لأن النساء حبائل الشيطان ( حتى) أي إلى أن ( يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) بالرفع صفة القيم وهو من يقوم بأمرهن، وقال أبو عبد الله القرطبي في التذكرة: يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهنّ سواء كنّ موطوءات أم لا، ويحتمل أن يكون ذلك في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول: الله الله فيتزوّج الواحد بغير عدد جهلاً بالحكم الشرعي، وقال القيم: بأل إشعارًا بما هو معهود من كون الرجال قوّامين على النساء، وهل المراد من قوله خمسين امرأة حقيقة العدد أو المجاز عن الكثرة؟ ويؤيد الثاني ما في حديث أبي موسى ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :81 ... غــ :81 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: حدّثنا يَحْيَى عنْ شُعْبَةَ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ قالَ: لأحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثاً لَا يُحَدِّثُكُمْ أحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: ( منْ أشْراطِ السَّاعَةِ أنْ يَقلَّ العِلْمُ، ويَظْهَرَ الجَهلُ، ويَظْهَرَ الزِّنا، وتَكْثُرَ النِّساءُ ويَقِلَّ الرِّجالُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسينَ امْرَأةً القَيِّمُ الوَاحدُ) ..
مُطَابقَة هَذَا أَيْضا للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَفِي التَّرْجَمَة: رفع الْعلم، من لفظ الحَدِيث الأول، وفيهَا: ظُهُور الْجَهْل من لفظ هَذَا الحَدِيث.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة، وَالْكل قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَالْكل بصريون، وَبِهَذَا التَّرْتِيب وَقع فِي بابُُ الْإِيمَان: ( أَن يحب لاخيه) .
وَفِي إِسْنَاده تحديث وعنعنة وَسَمَاع.
قَوْله: ( عَن أنس) ، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: عَن أنس بن مَالك.

بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْقدر عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار كِلَاهُمَا عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة عَنهُ بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن عَمْرو بن عَليّ وَأبي مُوسَى، وَابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، ثَلَاثَتهمْ عَن غنْدر عَن شُعْبَة بِهِ.
بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله: ( أَن يقل) ، بِكَسْر الْقَاف: من الْقلَّة ضد الْكَثْرَة.
قَوْله: ( الْقيم الْوَاحِد) ، بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْيَاء الْمُشَدّدَة، وَهُوَ الْقَائِم بِأُمُور النِّسَاء، وَكَذَا الْقيام والقوام.
يُقَال: فلَان قوام أهل بَيته وقيامه، وَهُوَ الَّذِي يُقيم شَأْنهمْ.
وَمِنْه قَوْله: تَعَالَى: { وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} ( النِّسَاء: 5) وقوام الْأَمر أَيْضا: ملاكه الَّذِي يقوم بِهِ، وأصل: قيم قيوم على وزن فيعل، اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء، وسبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ، فابدلت من الْوَاو يَاء، وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء.
وَلم يعكس الْأَمر هَهُنَا هرباً من الالتباس: بِقوم، الَّذِي هُوَ ماضٍ من التَّقْوِيم.
قَوْله: ( لأحدثنكم) اللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة، وَهُوَ جَوَاب قسم مَحْذُوف، أَي وَالله لاحدثنكم، وَلِهَذَا جَازَ دُخُول النُّون الْمُؤَكّدَة عَلَيْهِ، وَصرح بِهِ أَبُو عوَانَة من طَرِيق هِشَام عَن قَتَادَة، وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن غنْدر عَن شُعْبَة: ( أَلا أحدثكُم) .
فَيحْتَمل أَن يكون قَالَ لَهُم أَولا: أَلا أحدثكُم، فَقَالُوا: نعم.
فَقَالَ: لأحدثنكم.
قَوْله: ( حَدِيثا) قَائِم مقَام أحد المفعولين: لأحدثنكم.
قَوْله: ( لَا يُحَدثكُمْ أحد) جملَة من الْفِعْل وَالْمَفْعُول وَالْفَاعِل فِي مَحل النصب على أَنَّهَا صفة لقَوْله: ( حَدِيثا) .
قَوْله: ( بعدِي) ، كَلَام إضافي صفة: لأحد، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( لَا يحدث أحد بعدِي) .
بِحَذْف الْمَفْعُول، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه عَن غنْدر عَن شُعْبَة: ( لَا يُحَدثكُمْ بِهِ أحد بعدِي) .
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ من طَرِيق هِشَام: ( لَا يُحَدثكُمْ بِهِ غَيْرِي) .
وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة من هَذَا الْوَجْه: لَا يُحَدثكُمْ أحد سَمعه من رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعدِي.
قَوْله: ( سَمِعت) بَيَان أَو بدل لقَوْله: ( لأحدثنكم) وَقد مر تَوْجِيه كَيْفيَّة جعل الذَّات مسموعاً.
قَوْله: ( يَقُول) جملَة وَقعت حَالا.
قَوْله: ( أَن يقل الْعلم) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء، وَأَن: مَصْدَرِيَّة.
قَوْله: ( من أَشْرَاط السَّاعَة) خبر مقدم، وَالتَّقْدِير: من أَشْرَاط السَّاعَة قلَّة الْعلم.
قَوْله: ( وَيظْهر) فِي الْمَوْضِعَيْنِ، و: تكْثر ويقل، فِي الْأَخير كلهَا منصوبات بِتَقْدِير: أَن، لِأَنَّهَا عطف على قَوْله: ( أَن يقل الْعلم) وَالْكل على صِيغَة الْمَعْلُوم.
قَوْله: ( حَتَّى يكون) حَتَّى، هَهُنَا للغاية، بِمَعْنى إِلَى، و: أَن، بعْدهَا مقدرَة.
قَوْله: ( الْقيم) مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْم: يكون، و: الْوَاحِد، صفته.

بَيَان الْمعَانِي: قَوْله: ( وتكثر النِّسَاء ويقل الرِّجَال) قَالَ القَاضِي وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهمَا: يقل الرِّجَال بِكَثْرَة الْقَتْل فَيَمُوت الرِّجَال فتكثر النِّسَاء، وبقتلهم يكثر الْفساد وَالْجهل..
     وَقَالَ  أَبُو عبد الْملك: هُوَ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الْفتُوح فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الْوَاحِد عدَّة موطوآت..
     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ صرح بِالْعِلَّةِ فِي حَدِيث أبي مُوسَى الْآتِي فِي الزَّكَاة عِنْد المُصَنّف.
فَقَالَ: ( من قلَّة الرِّجَال وَكَثْرَة النِّسَاء) .
وَالظَّاهِر أَنَّهَا عَلامَة مَحْضَة لَا لسَبَب آخر.
قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث أبي مُوسَى شَيْء من التَّنْبِيه على الْعلَّة، لَا صَرِيحًا وَلَا دلَالَة، وَإِنَّمَا معنى قَوْله: ( من قلَّة الرِّجَال وَكَثْرَة النِّسَاء) مثل معنى قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث: ( وتكثر النِّسَاء ويقل الرِّجَال) ، وَالْعلَّة لهَذَا لَا تطلب إلاَّ من خَارج، وَقد ذكرُوا هذَيْن الْوَجْهَيْنِ، وَيُمكن أَن يُقَال: يكثر فِي آخر الزَّمَان ولادَة الْإِنَاث، ويقل ولادَة الذُّكُور، وبقلة الرِّجَال يظْهر الْجَهْل وَيرْفَع الْعلم، وَيَكْفِي كثرتهن فِي قلَّة الْعلم وَظُهُور الْجَهْل وَالزِّنَا، لِأَن النِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَهن ناقصات عقل وَدين.
قَوْله: ( لخمسين امْرَأَة) يحْتَمل أَن يُرَاد بهَا حَقِيقَة هَذَا الْعدَد، وَأَن يُرَاد بهَا كَونهَا مجَازًا عَن الْكَثْرَة، وَلَعَلَّ السِّرّ فِيهِ أَن الْأَرْبَعَة فِي كَمَال نِصَاب الزَّوْجَات، فَاعْتبر الْكَمَال مَعَ زِيَادَة وَاحِدَة عَلَيْهِ، ثمَّ اعْتبر كل وَاحِدَة بِعشر أَمْثَالهَا ليصير فَوق الْكَمَال مُبَالغَة فِي الْكَثْرَة، أَو لِأَن الْأَرْبَعَة مِنْهَا يُمكن تألف الْعشْرَة، لِأَن فِيهَا وَاحِد أَو اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة، وَهَذَا الْمَجْمُوع: عشرَة، وَمن العشرات المئات، وَمن المئات الألوف، فَهِيَ أصل جَمِيع مَرَاتِب الْأَعْدَاد، فزيد فَوق الأَصْل وَاحِد آخر ثمَّ اعْتبر كل وَاحِدَة مِنْهَا بِعشر أَمْثَالهَا أَيْضا تَأْكِيدًا للكثرة، ومبالغة فِيهَا.

الأسئلة والأجوبة: مِنْهَا مَا قيل: من أَيْن عرف أنس، رَضِي الله عَنهُ، أَن أحدا لَا يحدث بعده؟ أُجِيب: بِأَنَّهُ لَعَلَّه عرفه بِإِخْبَار الرَّسُول، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَو قَالَ بِنَاء على ظَنّه أَنه لم يسمع الحَدِيث غَيره من رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام..
     وَقَالَ  ابْن بطال: يحْتَمل أَن أنسا، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يبْق من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيره، أَو لما رأى من التَّغَيُّر وَنقص الْعلم فوعظهم بِمَا سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نقص الْعلم أَنه من أَشْرَاط السَّاعَة، ليحضهم على طلب الْعلم، ثمَّ أَتَى بِالْحَدِيثِ على نَصه.
قلت: يحْتَمل أَن يكون الْخطاب بذلك لأهل الْبَصْرَة خَاصَّة، لِأَنَّهُ آخر من مَاتَ بِالْبَصْرَةِ، رَضِي الله عَنهُ.
وَمِنْهَا مَا قيل: إِن قلَّة الْعلم تَقْتَضِي بَقَاء شَيْء مِنْهُ، وَفِي الحَدِيث السَّابِق: ( يرفع الْعلم) ، وَالرَّفْع عدم بَقَائِهِ، فبينهما تناف.
أُجِيب: بِأَن الْقلَّة قد تطلق وَيُرَاد بهَا الْعَدَم، أَو كَانَ ذَلِك بِاعْتِبَار الزمانين، كَمَا يُقَال مثلا: الْقلَّة فِي ابْتِدَاء أَمر الإشراط والعدم فِي انتهائه، وَلِهَذَا قَالَ ثمَّة: ( يثبت الْجَهْل) ، وَهَهُنَا ( يظْهر) وَمن الدَّلِيل على إِطْلَاق الْقلَّة وَإِرَادَة الْعَدَم وَالرَّفْع أَنه وَقع هَهُنَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن غنْدر، وَغَيره عَن شُعْبَة: أَن يرفع الْعلم.
وَكَذَا فِي رِوَايَة سعيد عِنْد ابْن أبي شيبَة، وَهَمَّام عِنْد البُخَارِيّ فِي الْحُدُود، وَهِشَام عِنْده فِي النِّكَاح، كلهم عَن قَتَادَة، وَهُوَ مُوَافق لرِوَايَة أبي التياح.
وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة، من طَرِيق هِشَام: أَن يقل، فَافْهَم.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة التَّعْرِيف فِي قَوْله: ( الْقيم) ، وَكَانَ حق الظَّاهِر أَن يُقَال: قيم وَاحِد؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَته الْإِشْعَار بِمَا هُوَ مَعْهُود من: { الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} ( النِّسَاء: 34) فَاللَّام للْعهد.
وَمِنْهَا مَا قيل: مَا فَائِدَة تَخْصِيص هَذِه الْأَشْيَاء الْخَمْسَة بِالذكر؟ أُجِيب: بِأَن فَائِدَة ذَلِك أَنَّهَا مشعرة باختلال الضرورات الْخمس الْوَاجِبَة رعايتها فِي جَمِيع الْأَدْيَان الَّتِي بحفظها صَلَاح المعاش والمعاد ونظام أَحْوَال الدَّاريْنِ، وَهِي: الدّين وَالْعقل وَالنَّفس وَالنّسب وَالْمَال، فَرفع الْعلم مخل بِحِفْظ الدّين، وَشرب الْخمر بِالْعقلِ وبالمال أَيْضا، وَقلة الرِّجَال سَبَب الْفِتَن بِالنَّفسِ وَظُهُور الزِّنَا بِالنّسَبِ، وَكَذَا بِالْمَالِ.
وَمِنْهَا مَا قيل: لِمَ كَانَ اختلال هَذِه الْأُمُور من علاماتها؟ أُجِيب: لِأَن الْخَلَائق لَا يتركون سدى وَلَا نَبِي بعد هَذَا الزَّمَان، فَتعين خراب الْعَالم، وَقرب الْقِيَامَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث علم من أَعْلَام النُّبُوَّة، إِذْ أخبر عَن أُمُور ستقع فَوَقَعت، خُصُوصا فِي هَذِه الْأَزْمَان.
وَالله الْمُسْتَعَان.