هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
759 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ ، فَأَمِّنُوا ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ - وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : آمِينَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وقال ابن شهاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : آمين
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ ، فَأَمِّنُوا ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ - وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ - وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : آمِينَ .

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, Say Amin when the Imam says it and if the Amin of any one of you coincides with that of the angels then all his past sins will be forgiven. Ibn Shihab said, Allah's Messenger (ﷺ) used to Say Amin.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہمیں امام مالک نے خبر دی انہوں نے ابن شہاب سے ، انہوں نے سعید بن مسیب اور ابوسلمہ بن عبدالرحمٰن کے واسطے سے ، انہوں نے حضرت ابوہریرہ رضی اللہ عنہ سے خبر دی کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب امام «آمين» کہے تو تم بھی «آمين» کہو ۔ کیونکہ جس کی «آمين» ملائکہ کے آمین کے ساتھ ہو گئی اس کے پچھلے تمام گناہ معاف کر دئیے جائیں گے ۔ ابن شہاب نے بیان کیا کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم «آمين» کہتے تھے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [780] قَوْله عَن بن شِهَابٍ فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ أخبرنَا بن شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَهُمَا وَاحِدٌ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُغَايَرَةٌ يَسِيرَةٌ لِلَفْظِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا دَعَا وَالْمُرَادُ دُعَاءُ الْفَاتِحَةِ مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا إِلَى آخِرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّأْمِينَ دُعَاءٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا بَلَغَ إِلَى مَوْضِعٍ اسْتَدْعَى التَّأْمِين وَهُوَ قَوْله وَلَا الضَّالّين وَيَرِدُ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالْمُرَادِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّأْمِينِ لِلْإِمَامِ قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِكَوْنِهَا قَضِيَّةً شَرْطِيَّةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِإِذَا يُشْعِرُ بِتَحْقِيقِ الْوُقُوعِ وَخَالَفَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَهِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ لَا يُؤَمِّنُ مُطْلَقًا وَأَجَابَ عَن حَدِيث بن شِهَابٍ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِي حَدِيثٍ غَيره وَهِي عِلّة غير قادحة فَإِن بن شِهَابٍ إِمَامٌ لَا يَضُرُّهُ التَّفَرُّدُ مَعَ مَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا أَنَّ ذَلِكَ جَاءَ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كَوْنَ الْإِمَامِ لَا يُؤَمِّنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ دَاعٍ فَنَاسَبَ أَنْ يَخْتَصَّ الْمَأْمُومُ بِالتَّأْمِينِ وَهَذَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ.

.
وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا اشْتَرَكَا فِي الْقِرَاءَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِي التَّأْمِينِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَقَالَ مَعْنَاهُ دَعَا قَالَ وَتَسْمِيَةُ الدَّاعِي مُؤَمِّنًا سَائِغَةٌ لِأَنَّ الْمُؤَمِّنَ يُسَمَّى دَاعِيًا كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا وَكَانَ مُوسَى دَاعِيًا وَهَارُونُ مُؤَمِّنًا كَمَا رَوَاهُبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَتُعُقِّبَ بِعَدَمِ الْمُلَازَمَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُؤَمِّنِ دَاعِيًا عَكْسُهُ قَالَه بن عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ صَحَّ فَإِطْلَاقُ كَوْنِ هَارُونَ دَاعِيًا إِنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيبِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ بَلَغَ مَوْضِعَ التَّأْمِينِ كَمَا يُقَالُ أَنْجَدَ إِذَا بَلَغَ نَجْدًا وَإِنْ لَمْ يدخلهَا قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا بعيد لُغَة وَشرعا.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا مَجَازٌ فَإِنْ وُجِدَ دَلِيلٌ يُرَجِّحُهُ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.

.

قُلْتُ اسْتَدَلُّوا لَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ قَالُوا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ يَقْتَضِي حَمْلَ قَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ عَلَى الْمَجَازِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَجَازِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَتَوَافَقَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقُولَهَا الْإِمَامُ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا وَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِهِمْ رِوَايَة معمر عَن بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالُوا آمِينَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ آمِينَ وَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالسَّرَّاجُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْإِمَامِ يُؤَمِّنُ وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ الْإِمَامُ آمِينَ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنَ الْخَبَرَيْنِ تَخْيِيرُ الْمَأْمُومِ فِي قَوْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَنْ قَرُبَ مِنَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي لِمَنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ لِأَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ أَخْفَضُ مِنْ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَدْ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ تَأْمِينَهُ فَمَنْ سَمِعَ تَأْمِينَهُ أَمَّنَ مَعَهُ وَإِلَّا يُؤَمِّنْ إِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَأْمِينِهِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِدُونِ الْوَجْه الَّذِي ذَكرُوهُ وَقد رده بن شِهَابٍ بِقَوْلِهِ وَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ كَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ حَقِيقَةُ التَّأْمِينِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدِ اعْتُضِدَ بِصَنِيعِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَاوِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَإِذَا تَرَجَّحَ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ فَيَجْهَرُ بِهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ يُسِرُّ بِهِ مُطْلَقًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ التَّأْمِينُ مَسْمُوعًا لِلْمَأْمُومِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقَدْ عُلِّقَ تَأْمِينُهُ بِتَأْمِينِهِ وَأَجَابُوا بِأَنَّ مَوْضِعَهُ مَعْلُومٌ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْرَ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخِلَّ بِهِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ الْمَأْمُومِ بِهِ وَقَدْ رَوَى رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالك فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ بن شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ جَهَرَ بِآمِينَ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ فِي حَدِيث الْبَاب عَن بن شِهَابٍ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ.

     وَقَالَ  آمِينَ وَلِلْحُمَيْدِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ وَلِأَبِي دَاوُدَ من طَرِيق أبي عبد الله بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَزَادَ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الأول وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوُ رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَوْمَأَ إِلَى النَّسْخِ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لِيُعَلِّمَهُمْ فَإِنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ .

     قَوْلُهُ  فَأَمِّنُوا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَأْخِيرِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَارَنَةُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ غَيْرَهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ التَّأْمِينَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَا لِتَأْمِينِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْأَمر عِنْد الْجُمْهُور للنَّدْب وَحكى بن بَزِيزَةَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وُجُوبَهُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ قَالَ وَأَوْجَبَهُ الظَّاهِرِيَّةُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ ثُمَّ فِي مُطْلَقِ أَمْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ وَلَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ الْمُوَالَاةُعَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا تَنْقَطِعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُ من وَافق زَاد يُونُس عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ قَبْلَ قَوْلِهِ فَمَنْ وَافَقَ وَكَذَا لِابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ بن شِهَابٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَافَقَةُ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمُرَادُ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ كَابْنِ حِبَّانَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يُرِيدُ مُوَافَقَةَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْإِخْلَاصِ بِغَيْرِ إِعْجَابٍ وَكَذَا جَنَحَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ أَوْ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ أَوْ فِي الدُّعَاءِ بِالطَّاعَةِ خَاصَّةً أَوِ المُرَاد بتأمين الْمَلَائِكَة استغفارهم للْمُؤْمِنين.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي إِيثَارِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقَظَةٍ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَظِيفَةِ فِي مَحَلِّهَا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا غَفْلَةَ عِنْدَهُمْ فَمَنْ وَافَقَهُمْ كَانَ مُتَيَقِّظًا ثُمَّ إِنَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بَزِيزَةَ وَقِيلَ الْحَفَظَةُ مِنْهُمْ وَقِيلَ الَّذِينَ يَتَعَاقَبُونَ مِنْهُمْ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ يَشْهَدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ بَعْدَ بَابٍ.

     وَقَالَ تِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِيَةِ أَيْضًا فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهَا لِسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ فِيمَنْ تَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي أَمَالِي الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ عَنْ بَحْرِ بْنِ نصر عَن بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ بِدُونِهَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة وبن خُزَيْمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى كِلَاهُمَا عَن بن وَهْبٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ من بن مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَأَبِي بَكْرِ بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ حفاظ أَصْحَاب بن عُيَيْنَة الْحميدِي وبن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْوَلِيدِ ابْنَيْ سَاجٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مُتَّصِلٌ إِلَيْهِ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ ثُمَّ هُوَ من مَرَاسِيل بن شِهَابٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ اعْتِضَادِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ وَالْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ التَّأْمِينَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظِ قُرْآنٍ وَلَا ذِكْرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ مَا نُقِلَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّ مَعْنَى آمِينَ أَيْ قَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ مَنْ قَالَهُ هَكَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ يُوَافِقُتَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَلِهَذَا شُرِعَتْ لِلْمَأْمُومِ مُوَافَقَتُهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إِنَّمَا يُؤَمِّنُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ لَا إِذَا تَرَكَ.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ الْخِلَافَ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى خِلَافِهِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا جَهَرَ بِهِ إِمَامُهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ التَّأْمِينَ مُخْتَصٌّ بِالْفَاتِحَةِ فَظَاهِرُ السِّيَاق يقتضى أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة كَانَت أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَهَا لَا أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا أصلا ( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ التَّأْمِينِ) أَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَةَ الْأَعْرَجِ لِأَنَّهَا مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِحَالِ الصَّلَاةِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَأَيُّ فَضْلٍ أَعْظَمَ مِنْ كَوْنِهِ قَوْلًا يَسِيرًا لَا كُلْفَةَ فِيهِ ثُمَّ قَدْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْمَغْفِرَة أه وَيُؤْخَذ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّة التَّأْمِين لكل من قَرَأَ الْفَاتِحَة سَوَاء كَانَ دَاخل الصَّلَاة أَو خَارِجهَا لقَوْله إِذا قَالَ أحدكُم لَكِن فِي رِوَايَة مُسلم من هَذَا الْوَجْه إِذا قَالَ أحدكُم فِي صلَاته فَيحمل الْمُطلق على الْمُقَيد نعم فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمد وسَاق مُسلم إسنادها إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا فَهَذَا يُمكن حمله على الْإِطْلَاق فَيُسْتَحَب التَّأْمِين إِذا أَمن الْقَارئ مُطلقًا لكل من سَمعه من مصل أَو غَيره وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد بالقارئ الإِمَام إِذا قَرَأَ الْفَاتِحَة فَإِن الحَدِيث وَاحِد اخْتلفت أَلْفَاظه وَاسْتدلَّ بِهِ بعض الْمُعْتَزلَة على أَن الْمَلَائِكَة أفضل من الْآدَمِيّين وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِك فِي بَاب الْمَلَائِكَة من بَدْءِ الْخَلْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَولُهُ بَابُ جَهْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ جَهْرِ الْإِمَامِ بِآمِينَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [780] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: آمِينَ» ".
[الحديث طرفه في: 6402] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا ( مالك) أي ابن أنس الأصبحي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبده الرحمن أنهما أخبراه، عن أبي هريرة، أن النبي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) : ( إذا أمَّن الإمام) أي إذا أراد الإمام التأمين أي أن يقول: آمين بعد قراءة الفاتحة ( فأمّنوا) فقولوا: آمين مقارنين له، كما قاله الجمهور، وعلّله إمام الحرمين، بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه، فلذلك لا يتأخر عنه، وظاهر قوله: إذا أمَّن الإمام فأمنوا، أن المأموم إنما يؤمن إذا أمن الإمام لا إذا ترك، وبه قال بعض الشافعية، وهو مقتضى إطلاق الرافعي الخلاف.
وادّعى النووي الاتفاق على خلافه، ونص الشافعي في الأم على أن المأموم يؤمن، ولو ترك الإمام عمدًا أو سهوًا واستدلّ به على مشروعية التأمين للإمام، قيل: وفيه نظر لكونها قضية شرطية.
وأجيب بأن التعبير بإذا يشعر بتحقيق الوقوع.
وخالف مالك في إحدى الروايتين عنه، وهي رواية ابن القاسم فقال: لا يؤمن الإمام في الجهرية، وفي رواية عنه: لا يؤمن مطلقًا.
وأوّلوا قوله: إذا أمَّن الإمام بدعاء الفاتحة من قوله: اهدنا إلخ، وحينئذٍ فلا يؤمن الإمام لأنه داعٍ.
قال القاضي أبو الطيب: هذا غلط، بل الداعي أولى بالاستيجاب، بل استبعد ابن العربي تأويلهم لغةً وشرعًا، وقال: الإمام أحد الداعين وأولهم وأولاهم.
اهـ.
وقد ورد التصريح بأن الإمام يقولها في رواية معمر عن ابن شهاب، عند أبي داود والنسائي، ولفظه: إذا قال الإمام { ولا الضالين} فقولوا: آمين.
فإن الملائكة تقول: وإن الإمام يقول آمين.
( فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) زاد الجرجاني في أماليه، عن أبي العباس الأصم، عن بحر بن نصر، عن ابن وهب عن يونس: وما تأخر: لكن قال الحافظ ابن حجر: إنها زيادة شاذة، وظاهره يشمل الصغائر والكبائر، لكن قد ثبت أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما.
ما اجتنبت الكبائر، فإذا كانت الفرائض لا تكفّر الكبائر فكيف تكفّرها سنّة التأمين إذا وافقت التأمين؟ وأجيب بأن المكفّر ليس التأمين الذي هو فعل المؤمّن، بل وفاق الملائكة، وليس ذلك إلى صنعه، بل فضل من الله تعالى، وعلامة على سعادة من وافق.
قاله التاج بن السبكي في الأشباه والنظائر: والحق أنه عامّ خصّ منه ما يتعلق بحقوق الناس، فلا تغفر بالتأمين للأدلة فيه، لكنه شامل للكبائر كما تقدم، إلا أن يدعي خروجها بدليل آخر.
وفي كلام ابن المنير ما يشير إلى أن المقتضي للمغفرة هو موافقة المأموم لوظيفة التأمين، وإيقاعه في محله على ما ينبغي، كما هو شأن الملائكة، فذكر موافقتهم ليس لأنه سبب للمغفرةبل للتنبيه على المسبب، وهو مماثلتهم في الإقبال والجدّ، وفعل التأمين على أكمل وجه.
اهـ.
وهو معارض بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، ووافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه.
فدلّ على أن المراد الموافقة في القول والزمان، لا في الإخلاص والخشوع وغيرهما مما ذكر.
وهل المراد بالملائكة الحفظة أو الذين يتعاقبون منهم؟ أو الأولى حمله على الأعم، لأن اللام للاستغراق، فيقولها الحاضر منهم ومن فوقهم إلى الملأ الأعلى، والظاهر الأخير.
وبالسند المتصل برواية مالك ( قال: ابن شهاب) الزهري: ( وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول:) ( آمين) بيّن بهذا أن المراد بقوله في الحديث: إذا أمّن حقيقة التأمين، لا ما أوّل به، وهو وإن كان مرسلاً فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة رواية.
وإذا قلنا بالراجح وهو مذهب الشافعي وأحمد: إن الإمام يؤمّن فيجهر به فى الجهرية، كما ترجم به المصنف وفاقًا للجمهور.
فإن قلت من أين يؤخذ الجهر من الحديث؟ أجيب بأنه لو لم يكن التأمين مسموعًا للمأموم لم يعلم به، وقد علّق تأمينه بتأمينه.
وقد أخرج السراج هذا الحديث بلفظ: فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قال: { ولا الضالين} جهر بالتأمين.
ولابن حبان من رواية الزبيدي، في حديث الباب عن ابن شهاب: فإذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين.
وزاد أبو داود من حديث أبي هريرة: حتى يسمع من يليه من الصف.
وفي حديث وائل بن حجر عند أبي داود: صليت خلف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فجهر: بآمين.
وقال الحنفية والكوفيون ومالك في رواية عنه بالإسرار: لأنه دعاء، وسبيله الإخفاء لقوله تعالى: { ادعوا ربكم تضرعًا وخفيةً} وحملوا ما روي من جهره عليه الصلاة والسلام به على التعليم، والمستحب الاقتصار على التأمين عقب الفاتحة من غير زيادة عليه اتباعًا للحديث.
وأما ما رواه البيهقي من حديث وائل بن حجر: أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: رب اغفر لي آمين.
فإن في إسناده أبا بكر النهشلي وهو ضعيف.
قال إمامنا الشافعي في الأم: فإن قال آمين رب العالمين كان حسنًا، ونقله النووي في زوائد الروضة.
وفي هذا الحديث التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي في الصلاة.
112 - باب فَضْلِ التَّأْمِينِ ( باب فضل التأمين) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [780] حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما أخبراه، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر لهُ ما تقدم من ذنبه) ) .
وقال ابن شهاب: وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( آمين) ) .
قول النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( آمين) ) هوَ مما أرسله الزهري في آخر الحديث.
وقد روي عن الزبيدي، عن الزهري بهذا الإسناد، أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، فقالَ: ( ( آمين) ) .
خرجه الدارقطني.
وقال: إسناده حسن.
كذا قال، ووصله وهم، إنما هو مدرج من قول الزهري، كما رواه مالك.
وروي ابن وهب هذا الحديث، عن مالك ويونس، عن الزهري، وزاد فيه بعد قوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) : ( ( فإن الملائكة تؤمن) ) – وذكر باقي الحديث.
خرجه البيهقي.
وخرجه ابن ماجه بهذه الزيادة –أيضاً – من رواية سفيان، عن الزهري.
دل هذا الحديث على أن الإمام والمأمومين يؤمنون جميعاً، وهذا قول جمهور أهل العلم.
روي عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي هريرة.
وقال عطاء: لقد كنت أسمع الآئمة يقولون على إثر أم القرآن: أمين، هم أنفسهم ومن وراءهم، حتى إن للمسجد للجة.
وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد.
وهو رواية المدنيين عن مالك واختيارهم.
وروى ابن القاسم، عن مالك، أن الإمام لا يؤمن، إنما يؤمن من خلفه، وهو اختيار المصريين من أصحابه.
وحملوا قوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) على أن المراد بتأمين الإمام دعاؤه بقراءة آخر الفاتحة، بدليل رواية أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا قال الإمام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين) ) وسيأتي فيما بعد – إن شاء الله.
وليس فيه ما يدل على أن الإمام لا يؤمن، بل فيه دليل على اقتران تأمين المأمومين بتأمين الإمام.
وقد خرج الإمام أحمد والنسائي من حديث معمر، عن الزهري،عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا قال الإمام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ) .
واختلفوا في الجهر بها على ثلاثة أقوال: أحدها: يجهر بها الإمام ومن خلفه، وهو قول عطاء والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة، وعامة أهل الحديث.
واستدل بعضهم بقوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) فدل على سماعهم لتأمينه وروي عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب محمد، إذا قال الإمام: { وَلا الضَّالِّينَ} سمعت لهم ضجة بـ ( ( آمين) ) .
خرجه حرب.
والثاني: يخفيها الإمام ومن خلفه، وهو قول الحسن والنخعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأصحابة.
والثالث: يخفيها المأموم كما يخفي سائر الأذكار، ويجهر بها الإمام، وهو قول للشافعي.
ومن أصحابه من حمله على حال على قلة المأمومين أو صغر المسجد بحيث يبلغهم تأمين الإمام، فإن لم يكن كذلك جهر المأمومون قولا واحداً.
وفي الجهر بالتأمين للإمام أحاديث مرفوعة يطول ذكرها.
وقال الإمام أحمد – في رواية أبي داود -: يجهر الإمام حتى يسمعكل من في المسجد.
قال أبو داود: وكان مسجده صغيراً.
وقال حرب: سمعت أحمد يجهر بآمين جهراً خفيفاً رقيقاً، وربما لم أسمعه يجهر بها.
قال: وسمعت إسحاق قال: يجهر بها حتى يسمع الصف الذي يليه.
قال: ويجهر بها كل صف حتى يسمع الصف الذي يليهم، حتى يؤمن أهل المسجد كلهم.
ويكون تأمين المأمومين مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده عند أصحابنا وأصحاب الشافعي، وقالوا: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير هذا، فإن الكل يؤمنون على دعاء الفاتحة، والملائكة يؤمنون – أيضاً – على هذا الدعاء، فيشرع المقارنة بالتأمين للإمام والمأموم، ليقارن ذلك تأمين الملائكة في السماء؛ بدليل قوله في رواية معمر: ( ( فإن الملائكة تقول: آمين، والإمام يقول: آمين) ) ، فعلل باقتران تأمين الإمام والملائكة، ويكون معنى قوله ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) – أي: إذا شرع في التأمين، أو أراده.
وورد أثر يدل على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام، من رواية ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عتاب العدوي، قال: صليت مع أبي بكر وعمر والأئمة بعدهما، فكان إذا فرغ الإمام من قراءة فاتحة الكتاب فقال: { وَلا الضَّالِّينَ} قال: آمين، ورفع بها صوته، ثم أنصت، وقال من خلفه: آمين، حتى يرجع الناس بها، ثم يستفتح القراءة.
إسناده ضعيف.
وتأمين الملائكة هو على دعاء القارئ، هذا هو الصحيح الذي يفهممن الحديث.
وقد ذكر ابن عبد البر وغيره فيهِ أقوالاً أخر، مرغوباً عن ذكرها؛ لبعدها وتعسفها من غير دليل.
وقد قال عكرمة: إذا أقيمت الصلاة فصف أهل الأرض صف أهل السماء، فإذا قال أهل الأرض: { وَلا الضَّالِّينَ} قالت الملائكة: آمين، فوافق آمين أهل الأرض آمين لأهل السماء؛ غفر لأهل الأرض ما تقدم من ذنوبهم.
وروى العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: إذا قرأ الإمام بأم القرآن فاقرأ بها واسبقه؛ فإنه إذا قال: { وَلا الضَّالِّينَ} قالت الملائكة: آمين.
فمن وافق ذلك قمن أن يستجاب لهم.
ولا يستجب أن يصل آمين بذكر آخر، مثل أن يقول: آمين رب العالمين؛ لأنه لم تأت به السنة، هذا قول أصحابنا.
وقال الشافعي: هو حسن: ولا يسحتب أن يقدم على التأمين دعاء؛ لأن التأمين على دعاء الفاتحة، وهو هداية الصراط المستقيم، وهو أهم الأدعية وأجلها.
ومن السلف من استحب ذلك للمأموم، منهم: الربيع بن خثيم والثوري.
وروى أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) حدثنا أبو مالك النخعي، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا قالالإمام: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فسل موجبة، ثم قل: آمين.
أبو مالك هذا، ضعيف.
وروى أبو بكر النهشلي، عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله اليحصبي، عن وائل بن حجر، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قال: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} قال: ( ( رب اغفر لي، آمين) ) .
خرجه البيهقي وغيره.
وهذا الإسناد لا يحتج به.
وروى أبو حمزة، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يستحبون ذلك.
وأبو حمزة، هو ميمون الأعور، ضعيف.
وظاهر الأحاديث: يدل على أن يوصل التأمين بالفاتحة من غير سكوت.
وروى ابن المبارك: ثنا عاصم الأحوال، عن حفصة بنت سيرين، عن عبد الله بن مسعود، قال: إذا قرأ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ووصل بآمين، فوافق تأمينه تأمين الملائكة استجيبت الدعوة.
حفصة، لم تسمع من ابن مسعود.
واستحب الشافعية أن يسكت بين الفاتحة والتأمين سكتة لطيفة؛ ليفصل القرآن عما ليس منه.
والتأمين سنة في الصلاة، وليس بواجب عند جمهور العلماء.
وروى إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، عن أحمد، قال: آمين أمر من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا أمن القارئ فأمنوا) ) فهذا أمر منه، والأمر أوكد من الفعل.
112 - باب فضل التأمين

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ)
أَيْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْجَهْرِ وَالتَّأْمِينُ مَصْدَرُ أَمَّنَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ قَالَ آمِينَ وَهِيَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ الْإِمَالَةَ وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخْرَى شَاذَّةٌ الْقَصْرُ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهدا وَأنْكرهُ بن دَرَسْتَوَيْهِ وَطَعَنَ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَحَكَى عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنَّهُ إِنَّمَا أَجَازَهُ فِي الشِّعْرِ خَاصَّةً وَالتَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَآمِينَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ مِثْلَ صَهٍ لِلسُّكُوتِ وَتُفْتَحُ فِي الْوَصْلِ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ كَيْفَ وَإِنَّمَا لَمْ تُكْسَرْ لِثِقَلِ الْكَسْرَةِ بَعْدَ الْيَاءِ وَمَعْنَاهَا اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ جَمِيعُهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَقَوْلِ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ آمِنَّا بِخَيْرٍ وَقِيلَ كَذَلِكَ يَكُونُ وَقِيلَ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ تَجِبُ لِقَائِلِهَا وَقِيلَ لِمَنِ اسْتُجِيبَ لَهُ كَمَا اسْتُجِيبَ لِلْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَعَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ التَّابِعِيِّ مِثْلُهُ وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ.

     وَقَالَ  مَنْ مَدَّ وَشَدَّدَ مَعْنَاهَا قَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ.

     وَقَالَ  مَنْ قَصَرَ وَشَدَّدَ هِيَ كَلِمَةٌ عِبْرَانِيَّةٌ أَوْ سُرْيَانِيَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ الصَّحَابِيِّ أَنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ بِآمِينَ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ.

.

قُلْتُ لَهُ أَكَانَ بن الزُّبَيْرِ يُؤَمِّنُ عَلَى أَثَرِ أُمِّ الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ وَيُؤَمِّنُ مَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا آمِينَ دُعَاءٌ قَالَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ قَامَ الْإِمَامُ فَيُنَادِيهِ فَيَقُولُ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ وَقَولُهُ حَتَّى إِنَّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِلْمَسْجِدِ أَيْ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ لَلَجَّةً اللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ وَاللَّجَّةُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الصَّوْتُ الْمُرْتَفِعُ وَرَوَى لَلَجَبَةً بِمُوَحَّدَةٍ وَتَخْفِيفِ الْجِيم حَكَاهُ بن التِّينِ وَهِيَ الْأَصْوَاتُ الْمُخْتَلِطَةُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ لَرَجَّةً بِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّامِ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  لَا تَفُتْنِي بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ النُّسَخِ بِالْفَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَإِنَّمَا فِيهَا بِالْمُثَنَّاةِ مِنَ الْفَوَاتِ وَهِيَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنَ السَّبْقِ وَمُرَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَ الْإِمَامِ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَمِّنُ.

     وَقَالَ  مَعْنَاهُ لَا تُنَازِعْنِي بِالتَّأْمِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الْمَأْمُومِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ وَجْهٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُؤَذِّنُ لِمَرْوَانَ فَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِالضَّالِّينَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الصَّفِّ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَشْتَغِلُ بِالْإِقَامَةِ وَتَعْدِيلِ الصُّفُوفِ وَكَانَ مَرْوَانُ يُبَادِرُ إِلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِ مَرْوَانَ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مُؤَذِّنًا بِالْبَحْرَيْنِ وَأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ بِآمِينَ وَالْإِمَامُ بِالْبَحْرَيْنِ كَانَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ بَيَّنَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ بِلَالٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْتَبِقْنِي بِآمِينَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ قِيلَ إِنَّ أَبَا عُثْمَانَ لَمْ يَلْقَ بِلَالًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَنَّ بِلَالًا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِرْسَالِ وَرَجَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَوْصُولِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُضَعِّفُ التَّأْوِيلَ السَّابِقَ لِأَنَّ بِلَالًا لَا يَقَعُ مِنْهُ مَا حَمَلَ هَذَا الْقَائِلُ كَلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ وَتَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْإِقَامَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَسَبَبُهَا مُحْتَمَلٌ فَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّك بهَا قَالَ بن الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ قَوْلِ عَطَاءٍ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ حَكَمَ بِأَنَّ التَّأْمِينَ دُعَاءٌ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ الدَّاعِي بِخِلَافِ قَوْلِ الْمَانِعِ إِنَّهَا جَوَابٌ لِلدُّعَاءِ فَيَخْتَصُّ بِالْمَأْمُومِ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّأْمِينَ قَائِمٌ مَقَامَ التَّلْخِيصِ بَعْدَ الْبَسْطِ فَالدَّاعِي فَصَّلَ الْمَقَاصِدَ بِقَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَى آخِرِهِ وَالْمُؤْمِنُ أَتَى بِكَلِمَةٍ تَشْمَلُ الْجَمِيعَ فَإِنْ قَالَهَا الْإِمَامُ فَكَأَنَّهُ دَعَا مَرَّتَيْنِ مُفَصِّلًا ثُمَّ مُجْمِلًا .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  نَافِعٌ إِلَخْ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن بن جريج أخبرنَا نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا خَتَمَ أُمَّ الْقُرْآنِ قَالَ آمِينَ لَا يَدَعُ أَنْ يُؤَمِّنَ إِذَا خَتَمَهَا وَيَحُضُّهُمْ عَلَى قَوْلِهَا قَالَ وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا وَقَولُهُ وَيَحُضُّهُمْ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَقَولُهُ خَيْرًا بِسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ فَضْلًا وَثَوَابًا وَهِيَ رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِغَيْرِهِ خَبَرًا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حَدِيثًا مَرْفُوعًا وَيُشْعِرُ بِهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَانَ بن عُمَرَ إِذَا أَمَّنَ النَّاسُ أَمَّنَ مَعَهُمْ وَيَرَى ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ وَرِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلُ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ رُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ بن جريج ومناسبة أثر بن عُمَرَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَانَ يُؤَمِّنُ إِذَا خَتَمَ الْفَاتِحَةَ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا أَو مَأْمُوما

[ قــ :759 ... غــ :780] قَوْله عَن بن شِهَابٍ فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ عَنْ مَالِكٍ أخبرنَا بن شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَهُمَا وَاحِدٌ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُغَايَرَةٌ يَسِيرَةٌ لِلَفْظِ الزُّهْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا دَعَا وَالْمُرَادُ دُعَاءُ الْفَاتِحَةِ مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا إِلَى آخِرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّأْمِينَ دُعَاءٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا بَلَغَ إِلَى مَوْضِعٍ اسْتَدْعَى التَّأْمِين وَهُوَ قَوْله وَلَا الضَّالّين وَيَرِدُ ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالْمُرَادِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّأْمِينِ لِلْإِمَامِ قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِكَوْنِهَا قَضِيَّةً شَرْطِيَّةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِإِذَا يُشْعِرُ بِتَحْقِيقِ الْوُقُوعِ وَخَالَفَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَهِي رِوَايَة بن الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ لَا يُؤَمِّنُ مُطْلَقًا وَأَجَابَ عَن حَدِيث بن شِهَابٍ هَذَا بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِي حَدِيثٍ غَيره وَهِي عِلّة غير قادحة فَإِن بن شِهَابٍ إِمَامٌ لَا يَضُرُّهُ التَّفَرُّدُ مَعَ مَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا أَنَّ ذَلِكَ جَاءَ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كَوْنَ الْإِمَامِ لَا يُؤَمِّنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ دَاعٍ فَنَاسَبَ أَنْ يَخْتَصَّ الْمَأْمُومُ بِالتَّأْمِينِ وَهَذَا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ.

.
وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ كَمَا اشْتَرَكَا فِي الْقِرَاءَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِي التَّأْمِينِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَقَالَ مَعْنَاهُ دَعَا قَالَ وَتَسْمِيَةُ الدَّاعِي مُؤَمِّنًا سَائِغَةٌ لِأَنَّ الْمُؤَمِّنَ يُسَمَّى دَاعِيًا كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا وَكَانَ مُوسَى دَاعِيًا وَهَارُونُ مُؤَمِّنًا كَمَا رَوَاهُ بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَتُعُقِّبَ بِعَدَمِ الْمُلَازَمَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُؤَمِّنِ دَاعِيًا عَكْسُهُ قَالَه بن عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ صَحَّ فَإِطْلَاقُ كَوْنِ هَارُونَ دَاعِيًا إِنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيبِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ بَلَغَ مَوْضِعَ التَّأْمِينِ كَمَا يُقَالُ أَنْجَدَ إِذَا بَلَغَ نَجْدًا وَإِنْ لَمْ يدخلهَا قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا بعيد لُغَة وَشرعا.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا مَجَازٌ فَإِنْ وُجِدَ دَلِيلٌ يُرَجِّحُهُ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.

.

قُلْتُ اسْتَدَلُّوا لَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ قَالُوا فَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ يَقْتَضِي حَمْلَ قَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ عَلَى الْمَجَازِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَجَازِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ أَيْ أَرَادَ التَّأْمِينَ لِيَتَوَافَقَ تَأْمِينُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مَعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقُولَهَا الْإِمَامُ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا وَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ تَأْوِيلِهِمْ رِوَايَة معمر عَن بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالُوا آمِينَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ آمِينَ وَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ آمِينَ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالسَّرَّاجُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْإِمَامِ يُؤَمِّنُ وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقُلِ الْإِمَامُ آمِينَ وَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنَ الْخَبَرَيْنِ تَخْيِيرُ الْمَأْمُومِ فِي قَوْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَنْ قَرُبَ مِنَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي لِمَنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ لِأَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ أَخْفَضُ مِنْ جَهْرِهِ بِالْقِرَاءَةِ فَقَدْ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ تَأْمِينَهُ فَمَنْ سَمِعَ تَأْمِينَهُ أَمَّنَ مَعَهُ وَإِلَّا يُؤَمِّنْ إِذَا سَمِعَهُ يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ لِأَنَّهُ وَقْتُ تَأْمِينِهِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَلَيْسَتْ بِدُونِ الْوَجْه الَّذِي ذَكرُوهُ وَقد رده بن شِهَابٍ بِقَوْلِهِ وَكَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ آمِينَ كَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَّنَ حَقِيقَةُ التَّأْمِينِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَقَدِ اعْتُضِدَ بِصَنِيعِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَاوِيهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَإِذَا تَرَجَّحَ أَنَّ الْإِمَامَ يُؤَمِّنُ فَيَجْهَرُ بِهِ فِي الْجَهْرِيَّةِ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ يُسِرُّ بِهِ مُطْلَقًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ التَّأْمِينُ مَسْمُوعًا لِلْمَأْمُومِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقَدْ عُلِّقَ تَأْمِينُهُ بِتَأْمِينِهِ وَأَجَابُوا بِأَنَّ مَوْضِعَهُ مَعْلُومٌ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْرَ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخِلَّ بِهِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ الْمَأْمُومِ بِهِ وَقَدْ رَوَى رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالك فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ بن شِهَابٍ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ جَهَرَ بِآمِينَ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ فِي حَدِيث الْبَاب عَن بن شِهَابٍ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ.

     وَقَالَ  آمِينَ وَلِلْحُمَيْدِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ بِلَفْظِ إِذَا قَالَ وَلَا الضَّالِّينَ وَلِأَبِي دَاوُدَ من طَرِيق أبي عبد الله بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ وَزَادَ حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الأول وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوُ رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَوْمَأَ إِلَى النَّسْخِ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ لِيُعَلِّمَهُمْ فَإِنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ .

     قَوْلُهُ  فَأَمِّنُوا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَأْخِيرِ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِ عَنْ تَأْمِينِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَارَنَةُ وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَةُ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ غَيْرَهُ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ التَّأْمِينَ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَا لِتَأْمِينِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْأَمر عِنْد الْجُمْهُور للنَّدْب وَحكى بن بَزِيزَةَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وُجُوبَهُ عَلَى الْمَأْمُومِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ قَالَ وَأَوْجَبَهُ الظَّاهِرِيَّةُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ ثُمَّ فِي مُطْلَقِ أَمْرِ الْمَأْمُومِ بِالتَّأْمِينِ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ وَلَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ الْمُوَالَاةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا تَنْقَطِعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا كَالْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُ من وَافق زَاد يُونُس عَن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ قَبْلَ قَوْلِهِ فَمَنْ وَافَقَ وَكَذَا لِابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ بن شِهَابٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَافَقَةُ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمُرَادُ الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ كَابْنِ حِبَّانَ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ يُرِيدُ مُوَافَقَةَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْإِخْلَاصِ بِغَيْرِ إِعْجَابٍ وَكَذَا جَنَحَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ فَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةِ أَوْ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ أَوْ فِي الدُّعَاءِ بِالطَّاعَةِ خَاصَّةً أَوِ المُرَاد بتأمين الْمَلَائِكَة استغفارهم للْمُؤْمِنين.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ الْحِكْمَةُ فِي إِيثَارِ الْمُوَافَقَةِ فِي الْقَوْلِ وَالزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ عَلَى يَقَظَةٍ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَظِيفَةِ فِي مَحَلِّهَا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا غَفْلَةَ عِنْدَهُمْ فَمَنْ وَافَقَهُمْ كَانَ مُتَيَقِّظًا ثُمَّ إِنَّ ظَاهره أَن المُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ جَمِيعهم وَاخْتَارَهُ بن بَزِيزَةَ وَقِيلَ الْحَفَظَةُ مِنْهُمْ وَقِيلَ الَّذِينَ يَتَعَاقَبُونَ مِنْهُمْ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَنْ يَشْهَدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ بَعْدَ بَابٍ.

     وَقَالَ تِ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْآتِيَةِ أَيْضًا فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ وَنَحْوِهَا لِسُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ فِيمَنْ تَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَائِدَةٌ وَقَعَ فِي أَمَالِي الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ عَنْ بَحْرِ بْنِ نصر عَن بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا تَأَخَّرَ وَهِيَ زِيَادَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ بَحْرِ بْنِ نَصْرٍ بِدُونِهَا وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة وبن خُزَيْمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى كِلَاهُمَا عَن بن وَهْبٍ وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ من بن مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَأَبِي بَكْرِ بن أبي شيبَة كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ بِإِثْبَاتِهَا وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ بِدُونِهَا وَكَذَلِكَ حفاظ أَصْحَاب بن عُيَيْنَة الْحميدِي وبن الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْوَلِيدِ ابْنَيْ سَاجٍ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مُتَّصِلٌ إِلَيْهِ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ ثُمَّ هُوَ من مَرَاسِيل بن شِهَابٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ اعْتِضَادِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ وَالْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَنِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْهُ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ التَّأْمِينَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظِ قُرْآنٍ وَلَا ذِكْرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُمْ مَا نُقِلَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّ مَعْنَى آمِينَ أَيْ قَاصِدِينَ إِلَيْكَ وَبِهِ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ مَنْ قَالَهُ هَكَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِمَامِ يُوَافِقُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ وَلِهَذَا شُرِعَتْ لِلْمَأْمُومِ مُوَافَقَتُهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إِنَّمَا يُؤَمِّنُ إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ لَا إِذَا تَرَكَ.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ الْخِلَافَ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى خِلَافِهِ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَى تَعْيِينِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ فِيمَا جَهَرَ بِهِ إِمَامُهُ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ التَّأْمِينَ مُخْتَصٌّ بِالْفَاتِحَةِ فَظَاهِرُ السِّيَاق يقتضى أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة كَانَت أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَهَا لَا أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا أصلا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
جهر الإمام بالتأمين
وقال عطاء: أمين دعاء، أمن ابن الزبير ومن وراءه حتى إن للمسجد للجة، وكان أبو هريرة ينادي الإمام: لا تسبقني بآمين.

وقال نافع: كان ابن عمر لا يدعه، ويحضهم، وسمعت منه في ذلك خبراً.

قال عبد الرزاق: أنا ابن جريج: قلت لعطاء: كان ابن الزبير يؤمن على إثر أم القرآن؟ قال: نعم، حتى إن للمسجد للجة.
قال: إنما آمين دعاء قال: وكان أبو هريرة يدخل المسجد، وقد قام الإمام فيه، فيقول: لا تسبقني بآمين.

وروى يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنه كان مؤذنا للعلاء بن الحضرمي بالبحرين، فاشترط عليه أن لا يسبقه بآمين.
وروى عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قالَ: قالَ بلال: يارسول الله، لا تسبقني بآمين.

وهذا مرسل.

وخرجه أبو داود، وعنده عن أبي عثمان، عن بلال.

وهو خطأ -: قاله أبو حاتم الرازي.
قال: وهو مرسل.

وقيل: إن أبا عثمان لم يسمع من بلال بالكلية؛ لأنه قدم المدينة في خلافة
عمر، وقد كان بلال انتقل إلى الشام قبل ذلك.

وقد رواه هشام بن لاحق، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن سلمان، عن
بلال، فوصله.

وهشام، تركه الإمام أحمد وغيره.

وقول عطاء في آمين: إنها دعاء، يريد به – والله أعلم – أن معنى آمين اللهم استجب، ونحو هذا من الدعاء.

وفي ( ( سنن أبي داود) ) عن أبي زهير النميري – وكان من الصحابة – أنه كان يقول: إذا دعا أحدكم بدعاء فليختمه بآمين؛ فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة.
وذكر أنه خرج مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات ليلة، قال: فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسمع منه، ثم قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أوجب إن ختم بآمين) ) .

وخرج ابن عدي بإسناد ضعيف، عن أبي هريرة – مرفوعاً -: ( ( آمين قوة الدعاء) ) .

وفي ( ( آمين) ) لغتان: المد، والقصر، والميم مخففة، وحكي عن بعضهم تشديدها، وقالوا: معناها قاصدين نحوك.
وزعم بعضهم أن آمين اسم من أسماء الله.
وفيه أقوال أخر لا تكاد تصلح.

و ( ( اللجة) ) – بفتح اللام وتشديد الجيم -: اختلاط الأصوات والضجات
و ( ( الرجة) ) – بالراء – مثلها.

وقول أبي هريرة: ( ( لا تسبقني بآمين) ) يدل على فضل شهود المأموم مع إمامه آمين.

وروي عن أبي الدرداء، أنه سمع إقامة الصلاة، فقالَ: أسرعوا بنا ندرك آمين.

وقد قال وكيع: من أدرك آمين مع إمامه فقد أدرك معه فضلية تكبيرة الإحرام.

وأنكر الإمام أحمد ذلك، وقال: لا تدرك فضلية تكبيرة الإحرام إلا بإدراكها مع الإمام.

قال البخاري:
[ قــ :759 ... غــ :780 ]
- حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما أخبراه، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
( ( إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر لهُ ما تقدم من ذنبه) ) .

وقال ابن شهاب: وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( ( آمين) ) .
قول النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
( ( آمين) ) هوَ مما أرسله الزهري في آخر الحديث.
وقد روي عن الزبيدي، عن الزهري بهذا الإسناد، أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته، فقالَ:
( ( آمين) ) .

خرجه الدارقطني.

وقال: إسناده حسن.

كذا قال، ووصله وهم، إنما هو مدرج من قول الزهري، كما رواه مالك.

وروي ابن وهب هذا الحديث، عن مالك ويونس، عن الزهري، وزاد فيه بعد قوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) : ( ( فإن الملائكة تؤمن) ) – وذكر باقي الحديث.

خرجه البيهقي.

وخرجه ابن ماجه بهذه الزيادة – أيضاً – من رواية سفيان، عن الزهري.

دل هذا الحديث على أن الإمام والمأمومين يؤمنون جميعاً، وهذا قول جمهور أهل العلم.

روي عن أبي بكر وعمر وابن عمر وأبي هريرة.

وقال عطاء: لقد كنت أسمع الآئمة يقولون على إثر أم القرآن: أمين، هم أنفسهم ومن وراءهم، حتى إن للمسجد للجة.

وبهذا قال الثوري وأبو حنيفة والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد.

وهو رواية المدنيين عن مالك واختيارهم.

وروى ابن القاسم، عن مالك، أن الإمام لا يؤمن، إنما يؤمن من خلفه، وهو اختيار المصريين من أصحابه.

وحملوا قوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) على أن المراد بتأمين الإمام دعاؤه بقراءة آخر الفاتحة، بدليل رواية أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا قال الإمام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين) ) وسيأتي فيما بعد – إن شاء الله.

وليس فيه ما يدل على أن الإمام لا يؤمن، بل فيه دليل على اقتران تأمين المأمومين بتأمين الإمام.

وقد خرج الإمام أحمد والنسائي من حديث معمر، عن الزهري، عن ابن
المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا قال الإمام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ) .

واختلفوا في الجهر بها على ثلاثة أقوال:
أحدها: يجهر بها الإمام ومن خلفه، وهو قول عطاء والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة، وعامة أهل الحديث.

واستدل بعضهم بقوله: ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) فدل على سماعهم لتأمينه وروي عن عطاء، قال: أدركت مائتين من أصحاب محمد، إذا قال الإمام: { وَلا الضَّالِّينَ} سمعت لهم ضجة بـ ( ( آمين) ) .

خرجه حرب.
يخفيها الإمام ومن خلفه، وهو قول الحسن والنخعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأصحابة.

والثالث: يخفيها المأموم كما يخفي سائر الأذكار، ويجهر بها الإمام، وهو قول للشافعي.

ومن أصحابه من حمله على حال على قلة المأمومين أو صغر المسجد بحيث يبلغهم تأمين الإمام، فإن لم يكن كذلك جهر المأمومون قولا واحداً.

وفي الجهر بالتأمين للإمام أحاديث مرفوعة يطول ذكرها.

وقال الإمام أحمد – في رواية أبي داود -: يجهر الإمام حتى يسمع كل من في المسجد.
قال أبو داود: وكان مسجده صغيراً.

وقال حرب: سمعت أحمد يجهر بآمين جهراً خفيفاً رقيقاً، وربما لم أسمعه يجهر بها.
قال: وسمعت إسحاق قال: يجهر بها حتى يسمع الصف الذي يليه.
قال: ويجهر بها كل صف حتى يسمع الصف الذي يليهم، حتى يؤمن أهل المسجد كلهم.

ويكون تأمين المأمومين مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده عند أصحابنا وأصحاب الشافعي، وقالوا: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير هذا، فإن الكل يؤمنون على دعاء الفاتحة، والملائكة يؤمنون – أيضاً – على هذا الدعاء، فيشرع المقارنة بالتأمين للإمام والمأموم، ليقارن ذلك تأمين الملائكة في السماء؛ بدليل قوله في رواية معمر:
( ( فإن الملائكة تقول: آمين، والإمام يقول: آمين) ) ، فعلل باقتران تأمين الإمام والملائكة، ويكون معنى قوله ( ( إذا أمن الإمام فأمنوا) ) – أي: إذا شرع في التأمين، أو أراده.

وورد أثر يدل على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام، من رواية ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عتاب العدوي، قال: صليت مع أبي بكر وعمر والأئمة بعدهما، فكان إذا فرغ الإمام من قراءة فاتحة الكتاب فقال: { وَلا الضَّالِّينَ} قال: آمين، ورفع بها صوته، ثم أنصت، وقال من خلفه: آمين، حتى يرجع الناس
بها، ثم يستفتح القراءة.

إسناده ضعيف.

وتأمين الملائكة هو على دعاء القارئ، هذا هو الصحيح الذي يفهم من
الحديث.

وقد ذكر ابن عبد البر وغيره فيهِ أقوالاً أخر، مرغوباً عن ذكرها؛ لبعدها وتعسفها من غير دليل.

وقد قال عكرمة: إذا أقيمت الصلاة فصف أهل الأرض صف أهل السماء، فإذا قال أهل الأرض: { وَلا الضَّالِّينَ} قالت الملائكة: آمين، فوافق آمين أهل الأرض آمين لأهل السماء؛ غفر لأهل الأرض ما تقدم من ذنوبهم.

وروى العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: إذا قرأ الإمام بأم القرآن فاقرأ بها واسبقه؛ فإنه إذا قال: { وَلا الضَّالِّينَ} قالت الملائكة: آمين.
فمن وافق ذلك قمن أن يستجاب لهم.

ولا يستجب أن يصل آمين بذكر آخر، مثل أن يقول: آمين رب العالمين؛ لأنه لم تأت به السنة، هذا قول أصحابنا.

وقال الشافعي: هو حسن:
ولا يسحتب أن يقدم على التأمين دعاء؛ لأن التأمين على دعاء الفاتحة، وهو هداية الصراط المستقيم، وهو أهم الأدعية وأجلها.

ومن السلف من استحب ذلك للمأموم، منهم: الربيع بن خثيم والثوري.

وروى أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) حدثنا أبو مالك النخعي، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا قال الإمام: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فسل موجبة، ثم قل: آمين.

أبو مالك هذا، ضعيف.

وروى أبو بكر النهشلي، عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله اليحصبي، عن وائل بن حجر، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قال: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} قال:
( ( رب اغفر لي، آمين) ) .

خرجه البيهقي وغيره.

وهذا الإسناد لا يحتج به.

وروى أبو حمزة، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يستحبون ذلك.

وأبو حمزة، هو ميمون الأعور، ضعيف.

وظاهر الأحاديث: يدل على أن يوصل التأمين بالفاتحة من غير سكوت.

وروى ابن المبارك: ثنا عاصم الأحوال، عن حفصة بنت سيرين، عن عبد الله بن مسعود، قال: إذا قرأ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ووصل بآمين، فوافق تأمينه تأمين الملائكة استجيبت الدعوة.

حفصة، لم تسمع من ابن مسعود.

واستحب الشافعية أن يسكت بين الفاتحة والتأمين سكتة لطيفة؛ ليفصل القرآن عما ليس منه.
والتأمين سنة في الصلاة، وليس بواجب عند جمهور العلماء.

وروى إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، عن أحمد، قال: آمين أمر من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا أمن القارئ فأمنوا) ) فهذا أمر منه، والأمر أوكد من الفعل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ
وَقَالَ عَطَاءٌ: آمِينَ دُعَاءٌ.
أَمَّنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً.

وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِي الإِمَامَ: لاَ تَفُتْنِي بِآمِينَ.

وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَدَعُهُ، وَيَحُضُّهُمْ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرًا.

( باب جهر الإمام بالتأمين) عقب قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية.

والتأمين مصدر أمّن بالتشديد، أي قال: آمين وهو بالمد والتخفيف مبني على الفتح لاجتماع ساكنين، نحو كيف.
وإنما لو يكسر لثقل الكسرة بعد الياء، ومعناه عند الجمهور: اللهم استجب.

وقيل هو اسم من أسماء الله تعالى، رواه عبد الرزاق عن أبي هريرة بإسناد ضعيف.

وأنكره جماعة منهم النووي، وعبارته في تهذيبه: هذا لا يصح لأنه ليس في أسماء الله تعالى اسم مبني ولا غير معرب، وأسماء الله تعالى لا تثبت إلا بالقرآن أو السُّنَّة.
وقد عدم الطريقان.

وما حكي من تشديد ميمها فخطأ.


( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق: ( آمين دعاء) يقتضي أن يقوله الإمام، لأنه فى مقام الداعي، بخلاف قول المانع.
إنه جواب مختص بالمأموم، ويؤيد ذلك قول عطاء: ( أمن ابن الزبير) عبد الله على إثر أم القرآن ( و) أمن ( من وراءه) من المقتدين بصلاته ( حتى إن للمسجد) أي لأهل المسجد ( للجة) بلامين، الأولى لام الابتداء الواقعة في اسم إن المكسورة بعد حتى، واللام الثانية من نفس الكلمة، والجيم مشدّدة، هي الصوت المرتفع.
ويروى: لجلبة، بفتح الجيم واللام الموحدة، وهي الأصوات المختلفة.

وفي اليونينية مما صحح عليه من غير رقم: لزجة، بالزاي المنقوطة، وفي غيرها بالراء بدل اللام، وعزاها في الفتح لرواية البيهقى.

ومناسبة قول عطاء هذا للترجمة أنه حكم بأن التأمين دعاء، فاقتضى ذلك أن يقوله الإمام لأنه في مقام الداعي، بخلاف قول المانع إنها جواب الدعاء فتختص بالمأموم، وجوابه أن التأمين بمثابة التلخيص بعد البسط، فالداعي يفصل والمؤمن يجمل، وموقعها بعد القائل: اللَّهمّ استجب لنا ما دعوناك به، من الهداية إلى { الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} ولا تجعلنا من { المغضوب عليهم} تلخيص، ذلك تحت قوله: آمين.

فإن قالها الإمام فكأنه دعا مرتين مفصلاً ثم مجملاً، وإن قالها المأموم فكأنه اقتدى بالإمام، حيث دعا بدعاء الفاتحة فدعا بها هو مجملاً.

( وكان أبو هريرة) رضي الله عنه ( ينادي الإمام) هو العلاء بن الحضرمي، كما عند عبد الرزاق ( لا تفتني) بضم الفاء وسكون المثناة الفوقية، من الفوات، ولابن عساكر: لا تسبقني ( بآمين) من السبق.

وعند البيهقي: كان أبو هريرة يؤذن لمروان، فاشترط أبو هريرة أن لا يسبقه ( بالضالين) حتى يعلم أنه دخل في الصف، وكأنه كان يشتغل بالإمامة، وتعديل الصفوف، وكان مروان يبادر إلى الدخول في الصلاة قبل فراغ أبي هريرة، فكان أبو هريرة، ينهاه عن ذلك.

( وقال نافع) مولى ابن عمر، مما وصله عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه قال: ( كان ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه إذا ختم أم القرآن ( لا يدعه) أي التأمين، ( ويحضّهم) بالضاد المعجمة على قوله عقبها، قال نافع: ( وسمعت منه) أي من ابن عمر ( في ذلك) أي التأمين ( خيرًا) بسكون المثناة التحتية، أي فضلاً وثوارًا، وللحموي والمستملي وابن عساكر: خبرًا بفتح الموحدة أي حديثًا مرفوعًا.


[ قــ :759 ... غــ : 780 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا،

فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»..
     وَقَالَ  ابْنُ شِهَابٍ "وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: آمِينَ» ".
[الحديث 780 - طرفه في: 6402] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا ( مالك) أي ابن أنس الأصبحي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبده الرحمن أنهما أخبراه، عن أبي هريرة، أن النبي) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: أن رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) :
( إذا أمَّن الإمام) أي إذا أراد الإمام التأمين أي أن يقول: آمين بعد قراءة الفاتحة ( فأمّنوا) فقولوا: آمين مقارنين له، كما قاله الجمهور، وعلّله إمام الحرمين، بأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه، فلذلك لا يتأخر عنه، وظاهر قوله: إذا أمَّن الإمام فأمنوا، أن المأموم إنما يؤمن إذا أمن الإمام لا إذا ترك، وبه قال بعض الشافعية، وهو مقتضى إطلاق الرافعي الخلاف.

وادّعى النووي الاتفاق على خلافه، ونص الشافعي في الأم على أن المأموم يؤمن، ولو ترك الإمام عمدًا أو سهوًا واستدلّ به على مشروعية التأمين للإمام، قيل: وفيه نظر لكونها قضية شرطية.

وأجيب بأن التعبير بإذا يشعر بتحقيق الوقوع.

وخالف مالك في إحدى الروايتين عنه، وهي رواية ابن القاسم فقال: لا يؤمن الإمام في الجهرية، وفي رواية عنه: لا يؤمن مطلقًا.
وأوّلوا قوله: إذا أمَّن الإمام بدعاء الفاتحة من قوله: اهدنا إلخ، وحينئذٍ فلا يؤمن الإمام لأنه داعٍ.

قال القاضي أبو الطيب: هذا غلط، بل الداعي أولى بالاستيجاب، بل استبعد ابن العربي تأويلهم لغةً وشرعًا، وقال: الإمام أحد الداعين وأولهم وأولاهم.
اهـ.

وقد ورد التصريح بأن الإمام يقولها في رواية معمر عن ابن شهاب، عند أبي داود والنسائي، ولفظه: إذا قال الإمام { ولا الضالين} فقولوا: آمين.
فإن الملائكة تقول: وإن الإمام يقول آمين.

( فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) زاد الجرجاني في أماليه، عن أبي العباس الأصم، عن بحر بن نصر، عن ابن وهب عن يونس: وما تأخر: لكن قال الحافظ ابن حجر: إنها زيادة شاذة، وظاهره يشمل الصغائر والكبائر، لكن قد ثبت أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما.
ما اجتنبت الكبائر، فإذا كانت الفرائض لا تكفّر الكبائر فكيف تكفّرها سنّة التأمين إذا وافقت التأمين؟
وأجيب بأن المكفّر ليس التأمين الذي هو فعل المؤمّن، بل وفاق الملائكة، وليس ذلك إلى صنعه، بل فضل من الله تعالى، وعلامة على سعادة من وافق.
قاله التاج بن السبكي في الأشباه

والنظائر: والحق أنه عامّ خصّ منه ما يتعلق بحقوق الناس، فلا تغفر بالتأمين للأدلة فيه، لكنه شامل للكبائر كما تقدم، إلا أن يدعي خروجها بدليل آخر.

وفي كلام ابن المنير ما يشير إلى أن المقتضي للمغفرة هو موافقة المأموم لوظيفة التأمين، وإيقاعه في محله على ما ينبغي، كما هو شأن الملائكة، فذكر موافقتهم ليس لأنه سبب للمغفرة بل للتنبيه على المسبب، وهو مماثلتهم في الإقبال والجدّ، وفعل التأمين على أكمل وجه.
اهـ.

وهو معارض بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، ووافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه.
فدلّ على أن المراد الموافقة في القول والزمان، لا في الإخلاص والخشوع وغيرهما مما ذكر.
وهل المراد بالملائكة الحفظة أو الذين يتعاقبون منهم؟ أو الأولى حمله على الأعم، لأن اللام للاستغراق، فيقولها الحاضر منهم ومن فوقهم إلى الملأ الأعلى، والظاهر الأخير.

وبالسند المتصل برواية مالك ( قال: ابن شهاب) الزهري: ( وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول:) ( آمين) بيّن بهذا أن المراد بقوله في الحديث: إذا أمّن حقيقة التأمين، لا ما أوّل به، وهو وإن كان مرسلاً فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة رواية.

وإذا قلنا بالراجح وهو مذهب الشافعي وأحمد: إن الإمام يؤمّن فيجهر به فى الجهرية، كما ترجم به المصنف وفاقًا للجمهور.

فإن قلت من أين يؤخذ الجهر من الحديث؟
أجيب بأنه لو لم يكن التأمين مسموعًا للمأموم لم يعلم به، وقد علّق تأمينه بتأمينه.

وقد أخرج السراج هذا الحديث بلفظ: فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قال: { ولا الضالين} جهر بالتأمين.

ولابن حبان من رواية الزبيدي، في حديث الباب عن ابن شهاب: فإذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين.

وزاد أبو داود من حديث أبي هريرة: حتى يسمع من يليه من الصف.

وفي حديث وائل بن حجر عند أبي داود: صليت خلف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فجهر: بآمين.

وقال الحنفية والكوفيون ومالك في رواية عنه بالإسرار: لأنه دعاء، وسبيله الإخفاء لقوله تعالى: { ادعوا ربكم تضرعًا وخفيةً} وحملوا ما روي من جهره عليه الصلاة والسلام به على التعليم، والمستحب الاقتصار على التأمين عقب الفاتحة من غير زيادة عليه اتباعًا للحديث.


وأما ما رواه البيهقي من حديث وائل بن حجر: أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: رب اغفر لي آمين.
فإن في إسناده أبا بكر النهشلي وهو ضعيف.

قال إمامنا الشافعي في الأم: فإن قال آمين رب العالمين كان حسنًا، ونقله النووي في زوائد الروضة.

وفي هذا الحديث التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ جَهْرِ الإمامِ بِالتَّأمِين)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم جهر الإِمَام وجهر النَّاس بالتأمين، على وزن: التفعيل، من: أَمن يُؤمن، إِذا قَالَ: آمين، وَهُوَ بِالْمدِّ وَالتَّخْفِيف فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَعند جَمِيع الْقُرَّاء كَذَلِك.
وَحكى الواحدي عَن حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: الإمالة فِيهَا، وفيهَا ثَلَاث لُغَات أخر، وَهِي شَاذَّة: الأولى: الْقصر، حَكَاهُ ثَعْلَب وَأنكر عَلَيْهِ ابْن درسْتوَيْه.
الثَّانِيَة: الْقصر مَعَ التَّشْدِيد.
وَالثَّالِثَة: الْمَدّ مَعَ التَّشْدِيد، وَجَمَاعَة من أهل اللُّغَة قَالُوا: إنَّهُمَا خطأ..
     وَقَالَ  عِيَاض: حُكيَ عَن الْحسن الْمَدّ وَالتَّشْدِيد، قَالَ: وَهِي شَاذَّة مَرْدُودَة، وَنَصّ ابْن السّكيت وَغَيره من أهل اللُّغَة: على أَن التَّشْدِيد لحن الْعَوام وَهُوَ خطأ فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة، وَاخْتلف الشَّافِعِيَّة فِي بطلَان الصَّلَاة بذلك، وَفِي ( التَّجْنِيس) : وَلَو قَالَ: آمين، بتَشْديد الْمِيم، فِي صلَاته تفْسد، وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحب ( الْهِدَايَة) بقوله: وَالتَّشْدِيد خطأ فَاحش، وَلكنه لم يذكر هُنَا فَسَاد الصَّلَاة بِهِ، لِأَن فِيهِ خلافًا، وَهُوَ: أَن الْفساد قَول أبي حنيفَة، وَعِنْدَهُمَا: لَا تفْسد، لِأَنَّهُ يُوجد فِي الْقُرْآن مثله، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: { وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} ( الْمَائِدَة: 2) .
وعَلى قَوْلهمَا الْفَتْوَى، وَأما وزن: آمين، فَلَيْسَ من أوزان كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ مثل: هابيل وقابيل.
وَقيل: هُوَ تعريب همين.
وَقيل: أَصله: يَا الله استجب دعاءنا، وَهُوَ اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، إلاَّ أَنه أسقط اسْم النداء، فأقيم الْمَدّ مقَامه، فَلذَلِك أنكر جمَاعَة الْقصر فِيهِ، وَقَالُوا: الْمَعْرُوف فِيهِ الْمَدّ.
وروى عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد ضَعِيف أَنه اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى.
وَعَن هِلَال بن يسَاف التَّابِعِيّ مثله، وَهُوَ اسْم فعل مثل: صه، بِمَعْنى: أسكت.
وَيُوقف عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ، فَإِن وصل بِغَيْرِهِ حرك لالتقاء الساكنين، وَيفتح طلبا للخفة لأجل الْبناء: كأين وَكَيف.
وَأما مَعْنَاهُ، فَقيل: ليكن كَذَلِك، وَقيل: قبل.
وَقيل: لَا تخيب رجاءنا.
وَقيل: لَا يقدر على هَذَا غَيْرك، وَقيل: طَابع الله على عباده يدْفع بِهِ عَنْهُم الْآفَات، وَقيل: هُوَ كنز من كنوز الْعَرْش لَا يعلم تَأْوِيله الا الله.
وَقيل: من شدد وَمد، فَمَعْنَاه: قَاصِدين إِلَيْك.
وَنقل ذَلِك عَن جَعْفَر الصَّادِق.
وَقيل: من قصر وشدد فَهِيَ كلمة عبرانية أَو سريانية، وَعَن أبي زُهَيْر النميري، قَالَ: ( وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل ألح فِي الدُّعَاء فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجب إِن ختم، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: بِأَيّ شَيْء يخْتم؟ قَالَ: بآمين، فَإِنَّهُ إِن ختم بآمين فقد وَجب) .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قلت: أَبُو زُهَيْر صَحَابِيّ، وَهُوَ بِضَم الزَّاي وَفتح الْهَاء.
وَفِي ( المجتبي) : لَا خلاف أَن: آمين، لَيْسَ من الْقُرْآن حَتَّى قَالُوا بارتداد من قَالَ: إِنَّه مِنْهُ، وَإنَّهُ مسنون فِي حق الْمُنْفَرد وَالْإِمَام وَالْمَأْمُوم والقارىء خَارج الصَّلَاة، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي التَّأْمِين بعد الْفَاتِحَة إِذا أَرَادَ ضم سُورَة إِلَيْهَا، وَالأَصَح أَنه يَأْتِي بهَا.

وقالَ عَطَاءٌ آمِينَ دُعَاءٌ أمَّنَ بنُ الزُّبَيْرِ ومَنْ وَرَاءَهُ حَتَّى إنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عَطاء لما قَالَ: آمين، دَعَاهُ وَالدُّعَاء يشْتَرك فِيهِ الإِمَام وَالْمَأْمُوم، ثمَّ أكد ذَلِك بِمَا رَوَاهُ عَن ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَابْن الزبير: هُوَ عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج: ( عَن عَطاء قلت لَهُ: أَكَانَ ابْن الزبير يُؤمن على إِثْر أم الْقُرْآن؟ قَالَ: نعم، ويؤمن من وراءة حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ للجة، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا آمين دُعَاء) .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج: ( عَن عَطاء، قَالَ: كنت أسمع الْأَئِمَّة ابْن الزبير وَمن بعده يَقُولُونَ: آمين، وَيَقُول من خَلفه: آمين، حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ للجة) .
وَفِي ( المُصَنّف) : حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة قَالَ: لَعَلَّه عَن ابْن جريج عَن عَطاء: ( عَن ابْن الزبير، قَالَ: كَانَ لِلْمَسْجِدِ رجة، أَو قَالَ: لجة، إِذْ قَالَ الإِمَام { وَلَا الضَّالّين} ) .
وروى الْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن أبي أَيُّوب ( عَن عَطاء قَالَ: أدْركْت مِائَتَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْمَسْجِد إِذا قَالَ الإِمَام { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} سَمِعت لَهُم رجة: بآمين) قَوْله: ( حَتَّى إِن لِلْمَسْجِدِ للجة) كلمة: إِن، بِالْكَسْرِ، وللمسجد أَي: وَلأَهل الْمَسْجِد، للجة: اللَّام الأولى للتَّأْكِيد، وَالثَّانيَِة من نفس الْكَلِمَة، وبتشديد الْجِيم: وَهِي الصَّوْت الْمُرْتَفع، وَكَذَلِكَ اللجلجة، ويروى: ( لجلبة) ، بِفَتْح الْجِيم وَاللَّام وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وَهِي الْأَصْوَات المختلطة.
وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: لرجة، بالراء مَوضِع اللَّام.
قَوْله: ( آمين دُعَاء) مُبْتَدأ وَخبر مقول القَوْل.
قَوْله: ( أَمن ابْن الزبير) ابْتِدَاء كَلَام من إِخْبَار عَطاء)
وكانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِي الإمامَ لَا تَفُتْنِي بِآمِينَ
مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يَقْتَضِي أَن يَقُول الإِمَام وَالْمَأْمُوم كِلَاهُمَا: آمين، وَلَا يخْتَص بِهِ أَحدهمَا.
قَوْله: ( لَا تفتني) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، هِيَ تَاء الْخطاب، وَضم الْفَاء وَسُكُون التَّاء: من الْفَوات وَمَعْنَاهُ: لَا تدعني أَن يفوت مني القَوْل بآمين.
ويروى: لَا يسبقني، من السَّبق، وَهَكَذَا وصل ابْن أبي شيبَة هَذَا التَّعْلِيق فَقَالَ: حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا كثير بن زيد عَن الْوَلِيد بن رَبَاح ( عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يُؤذن بِالْبَحْرَيْنِ فَقَالَ للْإِمَام: لَا تسبقني بآمين) .
وَأخْبرنَا أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام عَن مُحَمَّد عَنهُ مثله.
انْتهى.
وَكَانَ الإِمَام بِالْبَحْرَيْنِ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ، وروى صَاحب ( الْمحلى) : عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ مُؤذنًا للعلاء بن الْحَضْرَمِيّ بِالْبَحْرَيْنِ، فَاشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يسْبقهُ بآمين.
وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي رَافع أَن أَبَا هُرَيْرَة، كَانَ يُؤذن لمروان بن الحكم فَاشْترط أَن لَا يسْبقهُ بالضالين، حَتَّى يعلم أَنه قد دخل الصَّفّ، فَكَانَ إِذا قَالَ مَرْوَان: { وَلَا الضَّالّين} قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: آمين، يمد بهَا صَوته..
     وَقَالَ : إِذا وَافق تَأْمِين أهل الأَرْض تَأْمِين أهل السَّمَاء غفر لَهُم.
وَرُوِيَ عَن بِلَال نَحْو قَول أبي هُرَيْرَة أخرجه أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن رَاهَوَيْه أخبرنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان ( عَن بِلَال أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله لَا تسبقني بآمين) .
وَقد أول الْعلمَاء قَوْله: لَا تسبقني على وَجْهَيْن: الأول: أَن بِلَالًا كَانَ يقْرَأ الْفَاتِحَة فِي السكتة الأولى من سكتتي الإِمَام، فَرُبمَا يبْقى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد فرغ مِنْهَا فاستمهله بِلَال فِي التَّأْمِين بِقدر مَا يتم فِيهِ قِرَاءَة بَقِيَّة السُّورَة، حَتَّى ينَال بركَة مُوَافَقَته فِي التَّأْمِين.
الثَّانِي: أَن بِلَالًا كَانَ يُقيم فِي الْموضع الَّذِي يُؤذن فِيهِ من وَرَاء الصُّفُوف، فَإِذا قَالَ: قد قَامَت الصَّلَاة، كبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرُبمَا سبقه بِبَعْض مَا يَقْرَؤُهُ، فاستمهله بِلَال قدر مَا يلْحق الْقِرَاءَة والتأمين.
قلت: هَذَا الحَدِيث مُرْسل،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم فِي ( الْأَحْكَام) : قيل إِن أَبَا عُثْمَان لم يدْرك بِلَالًا،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: رَفعه خطأ، وَرَوَاهُ الثِّقَات عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان مُرْسلا،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَقيل عَن أبي عُثْمَان عَن سلمَان، قَالَ: قَالَ بِلَال، وَهُوَ ضَعِيف لَيْسَ بِشَيْء.
قلت: عَاصِم هُوَ الْأَحول، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن ابْن مل النَّهْدِيّ.

وَقَالَ نافِعٌ كانَ ابنُ عُمَرَ لاَ يَدَعُهُ ويَحُضُّهُمْ وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خَيْرا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه كَانَ لَا يتْرك التَّأْمِين، وَهَذَا يتَنَاوَل أَن يكون إِمَامًا أَو مَأْمُوما، وَكَانَ فِي الصَّلَاة أَو خَارج الصَّلَاة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج: أَخْبرنِي نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ إِذا ختم أم الْقُرْآن قَالَ: آمين، لَا يدع أَن يُؤمن إِذا خَتمهَا، ويحضهم على قَوْلهَا.
قَوْله: ( لَا يَدعه) أَي: لَا يتْركهُ.
قَوْله: ( ويحضهم) ، بالضاد الْمُعْجَمَة أَي: يحثهم على القَوْل بآمين، وَأَن لَا يتْركُوا.
قَوْله: ( وَسمعت مِنْهُ) أَي: من ابْن عمر ( فِي ذَلِك) ، أَي: فِي القَوْل بآمين ( خيرا) ، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وَهِي رِوَايَة الْكشميهني، أَي: فضلا وثوابا..
     وَقَالَ  السفاقسي: أَي خيرا مَوْعُودًا لمن فعله.
وَفِي رِوَايَة غَيره: خيرا، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، حَدِيثا مَرْفُوعا.
ويستأنس فِي ذَلِك بِمَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ: كَانَ ابْن عمر إِذا أَمن النَّاس أَمن مَعَهم، ويروى: ذَلِك من السّنة.



[ قــ :759 ... غــ :780 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسفَ قَالَ أخْبرنَا مالِكٌ عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ وأبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنَّهُمَا أخْبَرَاهُ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنُوا فإنَّهُ منْ وافَقَ تأمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
وقالَ ابنُ شِهَابٍ وَكَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ آمِينَ.
( الحَدِيث 780 طرفه فِي: 6402) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الْقَوْم بالتأمين عِنْد تَأْمِين الإِمَام.

وَرِجَاله قد ذَكرُوهُ غير مرّة، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.

وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة التَّثْنِيَة من الْمَاضِي فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.

وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن يحيى بن يحيى، وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي، وَالتِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي كريب عَن زيد بن الْحبابُ، وَالنَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الْمَلَائِكَة عَن قُتَيْبَة، خمستهم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( إِذا أَمن الإِمَام) أَي: إِذا قَالَ الإِمَام: آمين، بعد قِرَاءَة الْفَاتِحَة ( فَأمنُوا) أَي: فَقولُوا: آمين.
قَوْله: ( فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الشان.
قَوْله: ( من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة) ، زَاد يُونُس عَن ابْن شهَاب عِنْد مُسلم: ( فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن) قبل قَوْله: ( فَمن وَافق) ، كَذَا فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: عَن ابْن شهَاب عِنْد البُخَارِيّ فِي الدَّعْوَات،.

     وَقَالَ  ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : ( فَإِن الْمَلَائِكَة تَقول: آمين) ، ثمَّ قَالَ: يُرِيد أَنه إِذا أَمن كتأمين الْمَلَائِكَة من غير إعجاب وَلَا سمعة وَلَا رِيَاء خَالِصا لله تَعَالَى، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يغْفر لَهُ.
قلت: هَذَا التَّفْسِير ينْدَفع بِمَا فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) : عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِذا قَالَ أحدكُم: آمين،.

     وَقَالَ ت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء، ووافقت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه)
.
انْتهى.
وَزَاد فِيهِ مُسلم: ( إِذا قَالَ أحدكُم فِي الصَّلَاة) وَلم يقلها البُخَارِيّ وَغَيره، وَهِي زِيَادَة حَسَنَة نبه عَلَيْهَا عبد الْحق فِي ( الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) ، وَفِي هَذَا اللَّفْظ فَائِدَة أُخْرَى.
وَهِي: اندراج الْمُنْفَرد فِيهِ، وَغير هَذَا اللَّفْظ إِنَّمَا هُوَ فِي الإِمَام وَفِي الْمَأْمُوم أَو فيهمَا، وَالله أعلم.

وَاخْتلفُوا فِي هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة، فَقيل هم الْحفظَة، وَقيل: الْمَلَائِكَة المتعاقبون، وَقيل: غير هَؤُلَاءِ لما روى الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: ( إِذا قَالَ القاريء: { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} ،.

     وَقَالَ  من خَلفه: آمين، وَوَافَقَ ذَلِك قَول أهل السَّمَاء: آمين، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه)
.
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ أَيْضا فِي ( مُسْنده) وَقيل: هم جَمِيع الْمَلَائِكَة، بِدَلِيل عُمُوم اللَّفْظ لِأَن الْجمع الْمحلى بِاللَّامِ يُفِيد الِاسْتِغْرَاق بِأَن يَقُولهَا الْحَاضِرُونَ من الْحفظَة وَمن فَوْقهم حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى، وَأهل السَّمَوَات.
قَوْله: ( غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) وَوَقع فِي رِوَايَة بَحر بن نصر: عَن ابْن وهب عَن يُونُس فِي آخر هَذَا الحَدِيث: ( وَمَا تَأَخّر) ذكرهَا الْجِرْجَانِيّ فِي ( أَمَالِيهِ) قيل: إِنَّهَا شَاذَّة لِأَن ابْن الْجَارُود روى فِي ( الْمُنْتَقى) : عَن بَحر بن نصر بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن حَرْمَلَة، وَفِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، وَالَّذِي وَقع فِي نُسْخَة لِابْنِ مَاجَه: عَن هِشَام بن عمار وَأبي بكر ابْن أبي شيبَة، كِلَاهُمَا عَن ابْن عُيَيْنَة بِإِثْبَات هَذِه الزِّيَادَة غير صَحِيح، لِأَن ابْن أبي شيبَة قد روى هَذَا الحَدِيث فِي ( مُسْنده) و ( مُصَنفه) بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، وَكَذَلِكَ الْحفاظ من أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة مثل الْحميدِي وَابْن الْمَدِينِيّ وَغَيرهمَا رووا بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة، ثمَّ قَوْله: ( غفر) ، ظَاهره يعم غفران جَمِيع الذُّنُوب الْمَاضِيَة إلاّ مَا يتَعَلَّق بِحُقُوق النَّاس، وَذَلِكَ مَعْلُوم من الْأَدِلَّة الخارجية المخصصة لعمومات مثله، وَأما الْكَبَائِر فَإِن عُمُوم اللَّفْظ يَقْتَضِي الْمَغْفِرَة، ويستدل بِالْعَام مَا لم يظْهر الْمُخَصّص.

قَوْله: (.

     وَقَالَ  ابْن شهَاب)
إِلَى آخِره، صورته صُورَة إرْسَال لَكِن مُتَّصِل إِلَيْهِ بِرِوَايَة عَنهُ، وَلَيْسَ بتعليق، وَوَصله الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( الغرائب) من طَرِيق حَفْص بن عمر الْعَدنِي عَن مَالك،.

     وَقَالَ : تفرد بِهِ حَفْص ابْن عمر، وَهُوَ ضَعِيف، وَيُؤَيّد مَا ذكره ابْن شهَاب فِي هَذَا الحَدِيث من حَيْثُ الْمَعْنى مَا أخرجه النَّسَائِيّ فِي ( سنَنه) من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِذا قَالَ الإِمَام: { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين، فَإِن الْمَلَائِكَة تَقول: آمين، وَإِن الإِمَام يَقُول: آمين، فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن الإِمَام يُؤمن، خلافًا لمَالِك، كَمَا قَالَ بَعضهم عَنهُ، وَفِي ( الْمُعَارضَة) قَالَ مَالك: لَا يُؤمن الإِمَام فِي صَلَاة الْجَهْر،.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: يُؤمن،.

     وَقَالَ  ابْن بكير: هُوَ بِالْخِيَارِ، وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَن الإِمَام لَا يَأْتِي بِهِ فَإِن قلت: مَا جَوَابه عَن الحَدِيث على هَذِه الرِّوَايَة؟ قلت: جَوَابه أَنه إِنَّمَا سمي الإِمَام مُؤمنا بِاعْتِبَار التَّسَبُّب، والمسبب يجوز أَن يُسمى باسم الْمُبَاشر، كَمَا يُقَال: بنى الْأَمِير دَاره، وَاسْتدلَّ بعض الْمَالِكِيَّة لمَالِك أَن الإِمَام لَا يَقُولهَا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِذا قَالَ الإِمَام: { وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين) ، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم ذَلِك بَينه وَبَين الْقَوْم، وَالْقِسْمَة تنَافِي الشّركَة، وحملوا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِذا أَمن الإِمَام) على بُلُوغ مَوضِع التَّأْمِين، وَقَالُوا: سنة الدُّعَاء تَأْمِين السَّامع دون الدَّاعِي، وَآخر الْفَاتِحَة دُعَاء فَلَا يُؤمن الإِمَام، لِأَنَّهُ دَاع..
     وَقَالَ  القَاضِي أَبُو الطّيب: هَذَا غلط بل الدَّاعِي أولى بالاستيجاب، واستبعد أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ تأويلهم لُغَة وَشرعا،.

     وَقَالَ : الإِمَام أحد الداعين وأولهم وأولاهم.

وَفِيه: أَن الْمُؤْتَم يَقُولهَا بِلَا خلاف.

وَفِيه: رد على الإمامية فِي قَوْلهم: إِن التَّأْمِين يبطل الصَّلَاة، لِأَنَّهُ لفظ لَيْسَ بقرآن وَلَا ذكر..
     وَقَالَ  السفاقسي: وَزَعَمت طَائِفَة من المبتدعة أَن لَا فَضِيلَة فِيهَا، وَعَن بَعضهم: إِنَّهَا تفْسد الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: يَقُولهَا الإِمَام سنة وَالْمَأْمُوم فرضا.

وَفِيه أَنه مِمَّا تمسك بِهِ الشَّافِعِي فِي الْجَهْر بالتأمين، وَذكر الْمُزنِيّ فِي ( مُخْتَصره) :.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: لَا يجْهر الإِمَام فِي الصَّلَاة الَّتِي يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَالْمَأْمُوم يُخَافت.
وَفِي ( الْخُلَاصَة) للغزالي: وَمن سنَن الصَّلَاة أَن يجْهر بالتأمين فِي الجهرية، وَفِي ( التَّلْوِيح) : ويجهر فِيهَا الْمَأْمُوم عِنْد أَحْمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد،.

     وَقَالَ  جمَاعَة: يخفيها، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والكوفيين وَأحد قولي مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد، وَفِي الْقَدِيم: يجْهر، وَعَن القَاضِي حُسَيْن عَكسه، قَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ غلط، وَلَعَلَّه من النَّاسِخ، وَاحْتج أَصْحَابنَا بِمَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو يعلى الْموصِلِي فِي ( مسانيدهم) وَالطَّبَرَانِيّ فِي ( مُعْجَمه) وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي ( سنَنه) وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) من حَدِيث شُعْبَة عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر بن العنبس ( عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه أَنه: صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغ { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين، وأخفى بهَا صَوته) .
وَلَفظ الْحَاكِم فِي كتاب ( الْقرَاءَات) : ( وخفض بهَا صَوته) ..
     وَقَالَ : حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن سُفْيَان عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر بن العنبس عَن وَائِل بن حجر، وَاللَّفْظ لأبي دَاوُد: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ: { وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين، وَرفع بهَا صَوته) وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: ( وَمد بهَا صَوته) ،.

     وَقَالَ : حَدِيث حسن، وروى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق آخر عَن عَليّ بن صَالح، وَيُقَال الْعَلَاء بن صَالح الْأَسدي، عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر بن العنبس ( عَن وَائِل بن حجر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه: صلى فجهر بآمين، وَسلم عَن يَمِينه وشماله وسكتا عَنهُ) .
وروى النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل ( عَن أَبِيه، قَالَ: صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا افْتتح الصَّلَاة كبر) الحَدِيث، وَفِيه: ( فَلَمَّا فرغ من الْفَاتِحَة قَالَ: آمين، يرفع بهَا صَوته) .
وروى أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه عَن بشر بن رَافع عَن عبد الله ابْن عَم أبي هُرَيْرَة، قَالَ: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَلا { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين، حَتَّى يسمع من الصَّفّ الأول) ، وَزَاد ابْن مَاجَه: ( فيرتج بهَا الْمَسْجِد) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) وَالْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) .

     وَقَالَ : على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( سنَنه) .

     وَقَالَ : إِسْنَاده صَحِيح.
قلت: الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن سُفْيَان يُعَارضهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن شُعْبَة عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر أبي العنبس عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه،.

     وَقَالَ  فِيهِ: ( وخفض بهَا صَوته) .
فَإِن قلت: قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول: حَدِيث سُفْيَان أصح من حَدِيث شُعْبَة، وَأَخْطَأ شُعْبَة فِي مَوَاضِع، فَقَالَ حجر أبي العنبس: وَإِنَّمَا هُوَ حجر بن العنبس، ويكنى أَبَا السكن، وَزَاد فِيهِ عَلْقَمَة، وَإِنَّمَا هُوَ حجر عَن أبي وَائِل،.

     وَقَالَ : خفض بهَا صَوته، وَإِنَّمَا هُوَ: مد بهَا صَوته قلت: تخطئه مثل شُعْبَة خطأ، وَكَيف وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث؟ وَقَوله: ( هُوَ حجر بن العنبس) ، وَلَيْسَ بِأبي العنبس، لَيْسَ كَمَا قَالَه، بل هُوَ أَبُو العنبس حجر بن العنبس، وَجزم بِهِ ابْن حبَان فِي ( الثِّقَات) ، فَقَالَ: كنيته كاسم أَبِيه، وَقَول مُحَمَّد: يكنى أَبَا السكن، لَا يُنَافِي أَن تكون كنيته أَيْضا أَبَا العنبس، لِأَنَّهُ لَا مَانع أَن يكون لشخص كنيتان.
وَقَوله: ( وَزَاد فِيهِ عَلْقَمَة) ، لَا يضر، لِأَن الزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة، وَلَا سِيمَا من مثل شُعْبَة.
وَقَوله:.

     وَقَالَ : وخفض بهَا صَوته وَإِنَّمَا هُوَ وَمد بهَا صَوته، يُؤَيّد مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن وَائِل بن حجر قَالَ: ( صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعته حِين قَالَ { غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين، فأخفى بهَا صَوته) فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم شُعْبَة فِيهِ لِأَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن سَلمَة بن كهيل وَغَيرهمَا رَوَوْهُ عَن سَلمَة بن كهيل فَقَالُوا: وَرفع بهَا صَوته، وَهُوَ الصَّوَاب، وَطعن صَاحب ( التَّنْقِيح) فِي حَدِيث شُعْبَة هَذَا بِأَنَّهُ: قد رُوِيَ عَنهُ خِلَافه، كَمَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا شُعْبَة عَن سَلمَة بن كهيل سَمِعت حجرا أَبَا العنبس يحدث ( عَن وَائِل الْحَضْرَمِيّ أَنه: صلى خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَالَ: { وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين، رَافعا صَوته) ، قَالَ: فَهَذِهِ الرِّوَايَة توَافق رِوَايَة سُفْيَان..
     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمعرفَة) إِسْنَاد هَذِه الرِّوَايَة صَحِيح، وَكَانَ شُعْبَة يَقُول: سُفْيَان أحفظ..
     وَقَالَ  يحيى بن معِين: إِذا خَالف شُعْبَة قَول سُفْيَان فَالْقَوْل قَول سُفْيَان: قَالَ: وَقد أجمع الْحفاظ: البُخَارِيّ وَغَيره، أَن شُعْبَة أَخطَأ قلت: قَول الدَّارَقُطْنِيّ: وهم شُعْبَة، يدل على قلَّة اعتنائه بِكَلَام هَذَا الْقَائِل وَإِثْبَات الْوَهم لَهُ، لكَونه غير مَعْصُوم مَوْجُود فِي سُفْيَان، فَرُبمَا يكون هُوَ وهم، وَيُمكن أَن يكون كلا الإسنادين صَحِيحا.
وَقد قَالَ بعض الْعلمَاء: وَالصَّوَاب أَن الْخَبَرَيْنِ بالجهر بهَا وبالمخافتة صَحِيحَانِ، وَعمل بِكُل مِنْهُمَا جمَاعَة من الْعلمَاء.
فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه هَذَا: الحَدِيث فِيهِ أَرْبَعَة أُمُور: اخْتِلَاف سُفْيَان وَشعْبَة فِي اللَّفْظ وَفِي الكنية.
وَحجر لَا يعرف حَاله.
واختلافهما أَيْضا حَيْثُ جعل سُفْيَان من رِوَايَة حجر عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن وَائِل.
قلت: الْجَواب عَن الأول: لَا يضر اختلا سُفْيَان وَشعْبَة، لِأَن كلا مِنْهُمَا إِمَام عَظِيم الشَّأْن، فَلَا تسْقط رِوَايَة أَحدهمَا بروية الآخر، وَمَا يُقَال من الْوَهم فِي أَحدهمَا يصدق فِي الآخر، فَلَا ينْتج من ذَلِك شَيْء.
وَعَن الثَّانِي: أَيْضا، لَا يضر الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور فِي الِاسْم والكنية، كَمَا شرحناه الْآن.
وَعَن الثَّالِث: أَنه مَمْنُوع، وَكَيف لَا يعرف حَاله وَقد ذكره الْبَغَوِيّ وَأَبُو الْفرج وَابْن الْأَثِير وَغَيرهم فِي جملَة الصَّحَابَة، وَلَئِن نزلناه من رُتْبَة الصَّحَابَة إِلَى رُتْبَة التَّابِعين فقد وجدنَا جمَاعَة أثنوا عَلَيْهِ ووثقوه، مِنْهُم: الْخَطِيب أَبُو بكر الْبَغْدَادِيّ.
قَالَ: صَار مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى النهروان وَورد الْمَدَائِن فِي صحبته، وَهُوَ ثِقَة احْتج بحَديثه غير وَاحِد من الْأَئِمَّة، وَذكره ابْن حبَان فِي ( الثِّقَات) ،.

     وَقَالَ  ابْن معِين: كُوفِي ثِقَة مَشْهُور.
وَعَن الرَّابِع: إِن دُخُول عَلْقَمَة فِي الْوسط لَيْسَ بِعَيْب لِأَنَّهُ سَمعه من عَلْقَمَة أَولا بنزول، ثمَّ رَوَاهُ عَن وَائِل بعلوِّ، بَين ذَلِك الْكَجِّي فِي ( سنَنه الْكَبِير) .
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَفِي إِسْنَاده بشر بن رَافع الْحَارِثِيّ، وَقد ضعفه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن معِين،.

     وَقَالَ  ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه: بشر بن رَافع أَبُو الأسباط الْحَارِثِيّ ضَعِيف، وَهُوَ يروي هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله ابْن عَم أبي هُرَيْرَة، وَأَبُو عبد الله هَذَا لَا يعرف لَهُ حَال، وَلَا روى عَنهُ غير بشر، والْحَدِيث لَا يَصح من أَجله، فَسقط بذلك قَول الْحَاكِم: على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وتحسين الدَّارَقُطْنِيّ إِيَّاه.

وَاحْتج أَصْحَابنَا أَيْضا بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي كتاب الْآثَار: حَدثنَا أَبُو حنيفَة حَدثنَا حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: ( أَربع يخفيهم الإِمَام: التَّعَوُّذ.
وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم.
وسبحانك اللَّهُمَّ.
وآمين)
.
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي ( مُصَنفه) : أخبرنَا معمر عَن حَمَّاد بِهِ فَذكره إلاّ أَنه قَالَ عوض قَوْله: ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ.
اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد)
.
ثمَّ قَالَ: أخبرنَا الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: ( خمس يخفيهن الإِمَام) ، فَذكرهَا وَزَاد: ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك) .
وَبِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( تَهْذِيب الْآثَار) : حَدثنَا أَبُو بكر ابْن عَيَّاش عَن أبي سعيد عَن أبي وَائِل، قَالَ: ( لم يكن عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يجهران بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَلَا بآمين) ، وَقَالُوا أَيْضا: آمين دُعَاء، وَالْأَصْل فِي الدُّعَاء الْإخْفَاء.

وَفِيه: من الْفَضَائِل: تَفْضِيل الْإِمَامَة، لِأَن تَأْمِين الإِمَام يُوَافق تَأْمِين الْمَلَائِكَة، وَلِهَذَا شرعت للْإِمَام مُوَافَقَته.