هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5341 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5341 حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة رضي الله عنها ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه ، حتى الشوكة يشاكها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Aisha:

(the wife of the Prophet) Allah's Messenger (ﷺ) said, No calamity befalls a Muslim but that Allah expiates some of his sins because of it, even though it were the prick he receives from a thorn.

":"ہم سے ابو الیمان حکم بن نافع نے بیان کیا ، انہوں نے کہا ہم کو شعیب نے خبر دی ، ان سے زہری نے بیان کیا ، انہوں نے کہا مجھ کو عروہ بن زبیر نے خبر دی اور ان سے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی زوجہ مطہرہ حضرت عائشہ صدیقہ رضی اللہ عنہا نے بیان کیا کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جو مصیبت بھی کسی مسلمان کو پہنچتی ہے اللہ تعالیٰ اسے اس کے گناہ کا کفارہ کر دیتا ہے ( کسی مسلمان کے ) ایک کانٹا بھی اگر جسم کے کسی حصہ میں چبھ جائے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5640] .

     قَوْلُهُ  مَا مِنْ مُصِيبَةٍ أَصْلُ الْمُصِيبَةِ الرَّمْيَةُ بِالسَّهْمِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ أَصَابَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَة الْآيَةَ قَالَ وَقِيلَ الْإِصَابَةُ فِي الْخَيْرِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّوْبِ وَهُوَ الْمَطَرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَفِي الشَّرِّ مَأْخُوذَةٌ مِنْ إِصَابَةِ السَّهْمِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ الْمُصِيبَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يَنْزِلُ بِالْإِنْسَانِ مُطْلَقًا وَفِي الْعُرْفِ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ خَاصَّةً وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  تُصِيبُ الْمُسْلِمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَيُونُسَ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِهَذَا السَّنَدِ مَا مِنْ وَجَعٍ أَوْ مَرَضٍ يُصِيب الْمُؤمن وَلابْن حبَان من طَرِيق بن أَبِي السَّرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ منطَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى الشَّوْكَةَ جَوَّزُوا فِيهِ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَ فَالْجَرُّ بِمَعْنَى الْغَايَةِ أَيْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الشَّوْكَةِ أَوْ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ مُصِيبَةٍ وَالنَّصْبُ بِتَقْدِيرِ عَامل أَي حَتَّى وجد أَنه الشَّوْكَةَ وَالرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي تُصِيبُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ قَيَّدَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَحَلِّ كَذَا قَالَ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَسُوغُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ مِنْ زَائِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  يُشَاكُهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يَشُوكُهُ غَيْرُهُ بِهَا وَفِيهِ وَصْلُ الْفِعْلِ لِأَن الأَصْل يشاك بهَا.

     وَقَالَ  بن التِّينِ حَقِيقَةُ هَذَا اللَّفْظِ يَعْنِي قَوْلَهُ يُشَاكُهَا أَنْ يُدْخِلَهَا غَيْرُهُ.

.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ الْحَقِيقَةَ أَنْ لَا يُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ مَا إِذَا دَخَلَتْ هِيَ بِغَيْرِ إِدْخَالِ أَحَدٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ شَوْكَةٌ فَإِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَيْهَا هُوَ الْحَقِيقَةُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهِيَ أَنْ تَدْخُلَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ أَوْ بِفِعْلِ أَحَدٍ فَمَنْ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ إِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ يُجَوِّزُ مِثْلَ هَذَا وَيُشَاكُهَا ضُبِطَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ بِفَتْحِهِ وَنَسَبَهَا بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لِصِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ لَكِنِ الْجَوْهَرِيُّ إِنَّمَا ضَبَطَهَا لِمَعْنًى آخَرَ فَقَدَّمَ لَفْظَ يُشَاكُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ قَالَ وَالشَّوْكَةُ حِدَّةُ النَّاسِ وَحِدَّةُ السِّلَاحِ وَقَدْ شَاكَ الرَّجُلُ يُشَاكُ شَوْكًا إِذَا ظَهَرَتْ فِيهِ شَوْكَتُهُ وَقَوِيَتْ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ أَيْ يَكُونُ ذَلِكَ عُقُوبَةً بِسَبَبِ مَا كَانَ صَدَرَ مِنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لمغفرة ذَنبه وَوَقع فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا حُصُولَ الثَّوَابِ وَرَفْعَ الْعِقَابِ وَشَاهِدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ مَا ضُرِبَ عَلَى مُؤْمِنٍ عِرْقٌ قَطُّ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ حَسَنَةً وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَةً وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ عَنْهَا إِلَّا كَتَبَ الله لَهُ بهَا حَسَنَة أَو حط عَنهُ بِهَا خَطِيئَةً كَذَا وَقَعَ فِيهِ بِلَفْظِ أَوْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَيَحْتَمِلُ التَّنْوِيعَ وَهَذَا أَوْجَهُ وَيَكُونُ الْمَعْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَطَايَا أَوْ حَطَّ عَنْهُ خَطَايَا إِنْ كَانَ لَهُ خَطَايَا وَعَلَى هَذَا فَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ لَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ يُزَادُ فِي رَفْعِ دَرَجَتِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَالْفَضْلُ وَاسِعٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَبٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ الْعَبْدَرِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَجَعٌ فَجَعَلَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَشْتَكِي فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَوْ صَنَعَ هَذَا بَعْضُنَا لَوَجَدْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ الصَّالِحِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّهُ لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ نَكْبَةٌ شَوْكَةٌ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعَقُّبٌ عَلَى الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ ظَنَّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الْمُصَابَ مَأْجُورٌ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَسْبِ والمصائب لَيست مِنْهَا بل الْأجر علىالصبر وَالرِّضَا وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ صَرِيحَةٌ فِي ثُبُوتِ الْأَجْرِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُصِيبَةِ.

.
وَأَمَّا الصَّبْرُ وَالرِّضَا فَقَدْرٌ زَائِدٌ يُمْكِنُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِمَا زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ قَالَ الْقَرَافِيُّ الْمَصَائِبُ كَفَّارَاتٌ جَزْمًا سَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا أَمْ لَا لَكِنْ إِنِ اقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا عَظُمَ التَّكْفِيرُ وَإِلَّا قَلَّ كَذَا قَالَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُصِيبَةَ كَفَّارَةٌ لِذَنْبٍ يُوَازِيهَا وَبِالرِّضَا يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَابِ ذَنْبٌ عُوِّضَ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ بِمَا يُوَازِيهِ وَزَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِلْمُصَابِ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ كَفَّارَةً لِذَنْبِكَ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَهَا كَفَّارَةً فَسُؤَالُ التَّكْفِيرِ طَلَبٌ لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَهُوَ إِسَاءَةُ أَدَبٍ عَلَى الشَّارِعِ كَذَا قَالَ وَتُعُقِّبَ بِمَا وَرَدَ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَاهُوَ وَاقِعٌ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَالُ الْوَسِيلَةِ لَهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ.

.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فَهُوَ مَشْرُوعٌ لِيُثَابَ مَنِ امْتَثَلَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ)
كَذَا لَهُمْ إِلَّا أَنَّ الْبَسْمَلَةَ سَقَطَتْ لِأَبِي ذَرٍّ وَخَالَفَهُمُ النَّسَفِيُّ فَلَمْ يُفْرِدْ كِتَابَ الْمَرْضَى مِنْ كِتَابِ الطِّبِّ بَلْ صَدَّرَ بِكِتَابِ الطِّبِّ ثُمَّ بَسْمَلَ ثُمَّ ذَكَرَ بَابُ مَا جَاءَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِلَى آخِرِ كِتَابِ الطِّبِّ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كِتَابُ وَالْمَرْضَى جَمْعُ مَرِيضٍ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ هُنَا مَرَضُ الْبَدَنِ وَقَدْ يُطْلَقُ الْمَرَضُ عَلَى مَرَضِ الْقَلْبِ إِمَّا لِلشُّبْهَةِ كَقَوْلِه تَعَالَى فِي قُلُوبهم مرض وَإِمَّا لِلشَّهْوَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قلبه مرض وَوَقَعَ ذِكْرُ مَرَضِ الْبَدَنِ فِي الْقُرْآنِ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مُنَاسَبَةِ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الطِّبِّ وَالْكَفَّارَةُ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ التَّكْفِيرِ وَأَصْلُهُ التَّغْطِيَةُ وَالسَّتْرُ وَالْمَعْنَى هُنَا أَنَّ ذُنُوبَ الْمُؤْمِنِ تَتَغَطَّى بِمَا يَقَعُ لَهُ مِنْ أَلَمِ الْمَرَضِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَتْ لَهُ كَفَّارَةٌ بَلْ هُوَ الْكَفَّارَةُ نَفْسُهَا فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ شَجَرُ الْأَرَاكِ أَوِ الْإِضَافَةُ بِمَعْنَى فِي أَوْ هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هُوَ مِنَ الْإِضَافَةِ إِلَى الْفَاعِلِ وَأَسْنَدَ التَّكْفِيرَ لِلْمَرَضِ لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَعْمَلْ سوءا يجز بِهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِلْبَابِ أَنَّ الْآيَةَ أَعَمُّ إِذِ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ سَيِّئَة فَإِنَّهُ يجازى بهَا.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَضَ كَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُكَفِّرًا لِلْخَطَايَا فَكَذَلِكَ يَكُونُ جَزَاءً لَهَا.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ إِلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُجَازَى عَلَى خَطَايَاهُ فِي الدُّنْيَا بِالْمَصَائِبِ الَّتِي تَقَعُ لَهُ فِيهَا فَتَكُونُ كَفَّارَةً لَهَا وَعَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ فِي الْكَفَّارَةِ خَاصَّةً وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ تَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ انْتَهَى وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا أَوْرَدَهُ الطَّبَرِيُّ وَتعقبه وَنقل بن التِّين عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَالْأَوَّلُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ذَكَرَهَا ثُمَّ أَوْرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَلَى شَرْطِهِ مَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ تَأْوِيلِهَا وَمِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ مَنْ يعْمل سوءا يجز بِهِ فَقَالَ إِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ مَا عَمِلْنَاهُ هَلَكْنَا إِذًا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَعَمْ يُجْزَى بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ مُصِيبَةٍ فِي جَسَدِهِ مِمَّا يُؤْذِيهِ وَأَخْرَجَهُ أَحْمد وَصَححهُ بن حِبَّانَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فَقَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْتَ تَمْرَضُ أَلَسْتَ تَحْزَنُ قَالَ.

.

قُلْتُ بَلَى قَالَ هُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا نَزَلَتْ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز بِهِ بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا وَالشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ

[ قــ :5341 ... غــ :5640] .

     قَوْلُهُ  مَا مِنْ مُصِيبَةٍ أَصْلُ الْمُصِيبَةِ الرَّمْيَةُ بِالسَّهْمِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ أَصَابَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَة الْآيَةَ قَالَ وَقِيلَ الْإِصَابَةُ فِي الْخَيْرِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الصَّوْبِ وَهُوَ الْمَطَرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَفِي الشَّرِّ مَأْخُوذَةٌ مِنْ إِصَابَةِ السَّهْمِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ الْمُصِيبَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يَنْزِلُ بِالْإِنْسَانِ مُطْلَقًا وَفِي الْعُرْفِ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ خَاصَّةً وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  تُصِيبُ الْمُسْلِمَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَيُونُسَ جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِهَذَا السَّنَدِ مَا مِنْ وَجَعٍ أَوْ مَرَضٍ يُصِيب الْمُؤمن وَلابْن حبَان من طَرِيق بن أَبِي السَّرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا وَنَحْوُهُ لِمُسْلِمٍ من طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى الشَّوْكَةَ جَوَّزُوا فِيهِ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَ فَالْجَرُّ بِمَعْنَى الْغَايَةِ أَيْ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الشَّوْكَةِ أَوْ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ مُصِيبَةٍ وَالنَّصْبُ بِتَقْدِيرِ عَامل أَي حَتَّى وجد أَنه الشَّوْكَةَ وَالرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي تُصِيبُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ قَيَّدَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَحَلِّ كَذَا قَالَ وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَسُوغُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ مِنْ زَائِدَةٍ .

     قَوْلُهُ  يُشَاكُهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يَشُوكُهُ غَيْرُهُ بِهَا وَفِيهِ وَصْلُ الْفِعْلِ لِأَن الأَصْل يشاك بهَا.

     وَقَالَ  بن التِّينِ حَقِيقَةُ هَذَا اللَّفْظِ يَعْنِي قَوْلَهُ يُشَاكُهَا أَنْ يُدْخِلَهَا غَيْرُهُ.

.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ الْحَقِيقَةَ أَنْ لَا يُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ مَا إِذَا دَخَلَتْ هِيَ بِغَيْرِ إِدْخَالِ أَحَدٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ شَوْكَةٌ فَإِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَيْهَا هُوَ الْحَقِيقَةُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهِيَ أَنْ تَدْخُلَ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ أَوْ بِفِعْلِ أَحَدٍ فَمَنْ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ إِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ يُجَوِّزُ مِثْلَ هَذَا وَيُشَاكُهَا ضُبِطَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ بِفَتْحِهِ وَنَسَبَهَا بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ لِصِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ لَكِنِ الْجَوْهَرِيُّ إِنَّمَا ضَبَطَهَا لِمَعْنًى آخَرَ فَقَدَّمَ لَفْظَ يُشَاكُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ قَالَ وَالشَّوْكَةُ حِدَّةُ النَّاسِ وَحِدَّةُ السِّلَاحِ وَقَدْ شَاكَ الرَّجُلُ يُشَاكُ شَوْكًا إِذَا ظَهَرَتْ فِيهِ شَوْكَتُهُ وَقَوِيَتْ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ أَيْ يَكُونُ ذَلِكَ عُقُوبَةً بِسَبَبِ مَا كَانَ صَدَرَ مِنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لمغفرة ذَنبه وَوَقع فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ الْمَذْكُورَةِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَمِثْلُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا حُصُولَ الثَّوَابِ وَرَفْعَ الْعِقَابِ وَشَاهِدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ مَا ضُرِبَ عَلَى مُؤْمِنٍ عِرْقٌ قَطُّ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ حَسَنَةً وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَةً وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ.

.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ عَنْهَا إِلَّا كَتَبَ الله لَهُ بهَا حَسَنَة أَو حط عَنهُ بِهَا خَطِيئَةً كَذَا وَقَعَ فِيهِ بِلَفْظِ أَوْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنَ الرَّاوِي وَيَحْتَمِلُ التَّنْوِيعَ وَهَذَا أَوْجَهُ وَيَكُونُ الْمَعْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَطَايَا أَوْ حَطَّ عَنْهُ خَطَايَا إِنْ كَانَ لَهُ خَطَايَا وَعَلَى هَذَا فَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَنْ لَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ يُزَادُ فِي رَفْعِ دَرَجَتِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَالْفَضْلُ وَاسِعٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَبٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ الْعَبْدَرِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَجَعٌ فَجَعَلَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَشْتَكِي فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ لَوْ صَنَعَ هَذَا بَعْضُنَا لَوَجَدْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ الصَّالِحِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّهُ لَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ نَكْبَةٌ شَوْكَةٌ الْحَدِيثَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعَقُّبٌ عَلَى الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ ظَنَّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الْمُصَابَ مَأْجُورٌ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَسْبِ والمصائب لَيست مِنْهَا بل الْأجر علىالصبر وَالرِّضَا وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ صَرِيحَةٌ فِي ثُبُوتِ الْأَجْرِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُصِيبَةِ.

.
وَأَمَّا الصَّبْرُ وَالرِّضَا فَقَدْرٌ زَائِدٌ يُمْكِنُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِمَا زِيَادَةً عَلَى ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ قَالَ الْقَرَافِيُّ الْمَصَائِبُ كَفَّارَاتٌ جَزْمًا سَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا أَمْ لَا لَكِنْ إِنِ اقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا عَظُمَ التَّكْفِيرُ وَإِلَّا قَلَّ كَذَا قَالَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُصِيبَةَ كَفَّارَةٌ لِذَنْبٍ يُوَازِيهَا وَبِالرِّضَا يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَابِ ذَنْبٌ عُوِّضَ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الثَّوَابِ بِمَا يُوَازِيهِ وَزَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِلْمُصَابِ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ كَفَّارَةً لِذَنْبِكَ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ جَعَلَهَا كَفَّارَةً فَسُؤَالُ التَّكْفِيرِ طَلَبٌ لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَهُوَ إِسَاءَةُ أَدَبٍ عَلَى الشَّارِعِ كَذَا قَالَ وَتُعُقِّبَ بِمَا وَرَدَ مِنْ جَوَازِ الدُّعَاءِ بِمَا هُوَ وَاقِعٌ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَالُ الْوَسِيلَةِ لَهُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ.

.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فَهُوَ مَشْرُوعٌ لِيُثَابَ مَنِ امْتَثَلَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَعًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَا جَاءَ فِى كَفَّارَةِ الْمَرَضِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}
( باب ما جاء في كفارة المرض) ولأبي ذر كما في الفرع كتاب المرضى.
=وقال في الفتح: كتاب المرضى باب ما جاء في كفارة المرض كذ لهم إلا أن البسملة سقطت لأبي ذر، وخالفهم النسفيّ فلم يفرد كتاب المرضى من كتاب الطب بل صدر بكتاب الطب ثم بسمل ثم ذكر باب ما جاء في كفارة المرض واستمر على ذلك إلى آخر كتاب الطب ولكل وجه، والمرضى جمع مريض والمرض خروج الجسم عن المجرى الطبيعي ويعبر عنه بأنه حالة تصدر بها الأفعال خارجة عن الموضوع لها غير سليمة والكفارة صيغة مبالغة من الكفر وهو التغطية ومعناه أن ذنوب المؤمن تتغطى بما يقع له من ألم المرض، وقوله كفارة لمرض هو من الإضافة إلى الفاعل وأسند التكفير للمرض لكونه سببه.
وقال في الكواكب: الإضافة بيانية كنحو شجر الأراك أي كفارة هي مرض أو الإضافة بمعنى في كأن المرض ظرف للكفارة بل هو من باب إضافة الصفة إلى الموصوف وبهذا يجاب عن استشكال أن المرض ليست له كفارة بل هو الكفارة نفسها لغيره.

( وقول الله تعالى) في سورة النساء ( { من يعمل سوءًا بجز به} ) [النساء: 123] استدلّ بهذه الآية المعتزلة على أنه تعالى لا يعفو عن شيء من السيئات.
وأجيب: بأنه يجوز أن يكون المراد من هذا ما يصل للإنسان في الدنيا من الهموم والآلام والأسقام، ويدل له آية { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا} [المائدة: 38] وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية.
قال أبو بكر الصديق: كيف الفلاح بعد هذه الآية؟ فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تنصب ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء" قال: بلى.
قال: "فهو ما تجزون به".
رواه أحمد وعبد بن حميد وصححه الحاكم، ورواه غيرهم أيضًا وعند أحمد والبيهقي وحسنه الترمذي عن آمنة
بنت عبد الله قالت: سألت عائشة عن هذه الآية { من يعمل سوءًا يجز به} فقالت: سألت عنها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الهم والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كفه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى أن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير".


[ قــ :5341 ... غــ : 5640 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع الحمصي قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عروة بن الزبير) بن العوّام ( عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنها ( قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( ما من مصيبة تصيب المسلم) واحدة المصائب وهي كل ما يؤذي ويصيب يقال إصابة ومصابة ومصابًا والمصوبة بضم الصاد مثل المصيبة وأجمعت العرب على همز المصائب وأصله الواو وكأنهم شبهوا الأصلي بالزائد ويجمع على مصاوب وهو الأصل وقوله مصيبة تصيب من التجانس المغاير إذ إحدى كلمتي المادة اسم والأخرى فعل ومثله أزفت الآزفة ( إلا كفر الله بها عنه) من سيئاته ( حتى الشوكة يشاكها) جوّز أبو البقاء فيه أوجه الإعراب فالجر على أن حتى جارة بمعنى إلى والنصب بفعل محذوف أي حتى يجد الشوكة والرفع عطفًا على الضمير في تصيب، وقوله يشاكها بضم أوّله أي يشوكه غيره بها ففيه وصل الفعل لأن الأصل يشاك بها.

وهذا الحديث أخرجه مسلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( كتابُ المَرْضَى)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْوَال المرضى، وَهُوَ جمع مَرِيض، وَالْمَرَض خُرُوج الْجِسْم عَن المجرى الطبيعي، ويعبر عَنهُ بِأَنَّهُ حَالَة أَو ملكة تصدر بهَا الْأَفْعَال عَن الْمَوْضُوع لَهَا غير سليمَة، وَقدم ابْن بطال عَلَيْهِ: كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور، وَذكره بعد كتاب الْأَدَب.

( بابُُ مَا جاءَ فِي كَفَّارةِ المَرَض)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا جَاءَ من الْأَخْبَار فِي كَفَّارَة الْمَرَض، وَالْكَفَّارَة صِيغَة الْمُبَالغَة من الْكفْر، وَهُوَ التغطية قيل: الْمَرَض لَيْسَ لَهُ كَفَّارَة بل هُوَ كَفَّارَة للْغَيْر.
وَأجِيب بِأَن الْإِضَافَة بَيَانِيَّة، نَحْو: شجر الْأَرَاك، أَي: كَفَّارَة هِيَ مرض أَو الْإِضَافَة بِمَعْنى: فِي، فَكَانَ الْمَرَض ظرف لِلْكَفَّارَةِ، أَو هُوَ من بابُُ إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف، ثمَّ إعلم بِأَنَّهُ قد جرت الْعَادة بَين المؤلفين على أَنهم إِذا ذكرُوا لفظ: الْكتاب، فِي أَي شَيْء كَانَ يذكرُونَ عَقِيبه لفظ: الْبابُُ بابُُا بعد بابُُ إِلَى أَن تَنْتَهِي الْإِشَارَة بالأبواب إِلَى الْأَنْوَاع الَّتِي تَتَضَمَّن الْكتاب وَالْبابُُ بِمَعْنى النَّوْع، يَأْتِي: وَهَكَذَا وَقعت هَذِه التَّرْجَمَة عقيب التَّرْجَمَة بِكِتَاب المرضى عِنْد الْأَكْثَرين وَخَالفهُم النَّسَفِيّ فَلم يفرد كتاب المرضى من كتاب الطِّبّ، بل صدر بِكِتَاب الطِّبّ ثمَّ ذكر التَّسْمِيَة، ثمَّ قَالَ: مَا جَاءَ.
.
إِلَى آخِره، وَلِهَذَا وَقع فِي بعض النّسخ هُنَا مَوضِع كتاب المرضى كتاب الطِّبّ.

وقَوْلِ الله تَعَالَى: { من يعْمل سوءا يجز بِهِ} ( النِّسَاء: 123) .

وَقَول الله بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: مَا جَاءَ، لِأَنَّهُ مجرور محلا بِالْإِضَافَة.
قَالَ الْكرْمَانِي: وَجه مُنَاسبَة الْآيَة بِالْكتاب هُوَ أَن الْآيَة أَعم من يَوْم الْقِيَامَة، فَيتَنَاوَل الْجَزَاء فِي الدُّنْيَا بِأَن يكون مَرضه عُقُوبَة لتِلْك الْمعْصِيَة، فَيغْفر لَهُ بِسَبَب ذَلِك الْمَرَض.
وَقيل: الْحَاصِل أَن الْمَرَض كَمَا جَازَ أَن يكون مكفراً للخطايا كَذَلِك يكون جُزْءا لَهَا..
     وَقَالَ  ابْن بطال: ذهب أَكثر أهل التَّأْوِيل إِلَى أَن معنى الْآيَة أَن الْمُسلم يجازى على خطاياه فِي الدُّنْيَا بالمصائب الَّتِي تقع لَهُ فِيهَا، فَتكون كَفَّارَة لَهَا..
     وَقَالَ  اللَّيْث: عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: لما نزل قَوْله تَعَالَى: { من يعْمل سوءا يُجز بِهِ} خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لقد أنزلت عَليّ آيَة هِيَ خير لأمتي من الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا، ثمَّ قَرَأَهَا، ثمَّ قَالَ: إِن العَبْد إِذا أذْنب ذَنبا فتصيبه شدَّة أَو بلَاء فِي الدُّنْيَا فَإِن الله تَعَالَى أكْرم من أَن يعذبه ثَانِيًا.



[ قــ :5341 ... غــ :5640 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ الحَكَمُ بنُ نافِعٍ أخبرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْر أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، زَوُجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المسْلِمَ إلاَّ كَفَّرَ الله بِها عنْهُ حتَّى الشَّوْكَةُ يُشاكُها.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن التَّرْجَمَة فِيمَا جَاءَ فِي كَفَّارَة الْمَرَض.
وَحَدِيث عَائِشَة مِمَّا جَاءَ فِي ذَلِك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم من طَرِيق مَالك بن أنس وَيُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مُصِيبَة يصاب بهَا الْمُسلم إلاَّ كفر بهَا عَنهُ، حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها ... وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إلاَّ رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة.

قَوْله: ( مَا من مُصِيبَة) أصل الْمُصِيبَة الرَّمية بِالسَّهْمِ ثمَّ اسْتعْملت فِي كل نازلة،.

     وَقَالَ  الرَّاغِب: أصَاب يسْتَعْمل فِي الْخَيْر وَالشَّر، قَالَ الله عز وَجل: { إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم وَإِن تصبك مُصِيبَة} ( التَّوْبَة: 50)
الْآيَة قَالَ: وَقيل: الْإِصَابَة فِي الْخَيْر مَأْخُوذَة من الصوب، وَهُوَ الْمَطَر الَّذِي ينزل بِقدر الْحَاجة من غير ضَرَر، وَفِي الشَّرّ مَأْخُوذَة من أصابة السهْم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْمُصِيبَة فِي اللُّغَة مَا ينزل بالإنسان مُطلقًا، وَفِي الْعرف: مَا نزل بِهِ من مَكْرُوه خَاصَّة، وَهُوَ المُرَاد هُنَا.
قَوْله: ( حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها) قَالَ الطَّيِّبِيّ: الشَّوْكَة مُبْتَدأ، أَو يشاكها خَبره، وَرِوَايَة الْجَرّ ظَاهِرَة، وَالضَّمِير فِي: يشاكها، مَفْعُوله الثَّانِي، وَالْمَفْعُول الأول مُضْمر.
أَي: يشاك الْمُسلم تِلْكَ الشَّوْكَة.
قيل: وَيجوز النصب بِتَقْدِير عَامل أَي: حَتَّى وجد الشَّوْكَة يشاكها.
قَوْله: ( يشاكها) بِالضَّمِّ، قَالَ الْكسَائي: شكت الرجل الشَّوْكَة أَي: أدخلت فِي جسده شَوْكَة، وشيك، هُوَ مَا لم يسم فَاعله، يشاك شوكاً،.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: شاكتني الشَّوْكَة إِذا دخلت فِي جَسَدِي، وَيُقَال: أشكت فلَانا أَي: آذيته بِالشَّوْكَةِ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَهُوَ متعدٍ إِلَى مفعول وَاحِد، فَمَا هَذَا الضَّمِير؟ قلت: هُوَ من بابُُ وصل الْفِعْل أَي: يشاك بهَا، فَحذف الْجَار وأوصل الْفِعْل..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: حَقِيقَة قَوْله: ( يشاكها) أَي: يدخلهَا غَيره.
قلت: يردهُ مَا رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكَة، بِإِضَافَة الْفِعْل إِلَيْهَا، وَهُوَ الْحَقِيقَة، وَلَكِن لَا يمْنَع: إِرَادَة الْمَعْنى الْأَعَمّ، وَهُوَ أَن تدخل هِيَ بِغَيْر فعل أحد، أَو تدخل بِفعل أحد.
فَإِن قلت: على هَذَا يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز.
قلت: هَذَا لَا يمْنَع عِنْد من يجوز الْجمع بَين إِرَادَة الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، وَأما عِنْد من يمْنَع ذَلِك فَيكون من بابُُ عُمُوم الْمجَاز.