هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4295 حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ : { إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ } قَالَ : نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
4295 حدثني إسحاق بن منصور ، أخبرنا روح ، أخبرنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن مروان الأصفر ، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أحسبه ابن عمر : { إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } قال : نسختها الآية التي بعدها
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [4546] .

     قَوْلُهُ  نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا قَدْ عُرِفَ بَيَانُهُ مِنْ حَدِيثي بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَسَخَتْهَا أَيْ أَزَالَتْ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَبَيَّنَتْ أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لَكِنَّهَا لَا تَقَعُ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ فِرَارًا مِنْ إِثْبَاتِ دُخُولِ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُكْمًا وَمَهْمَا كَانَ مِنَ الْأَخْبَارِ يَتَضَمَّنُ الْأَحْكَامَ أَمْكَنَ دُخُولُ النَّسْخِ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا كَانَ خَبَرًا مَحْضًا لَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا كَالْإِخْبَارِ عَمَّا مَضَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأُمَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّسْخِ فِي الْحَدِيثِ التَّخْصِيصَ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يُطْلِقُونَ لَفْظَ النَّسْخِ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاسَبَةِ بِمَا يُخْفِي الْإِنْسَانُ مَا يُصَمِّمُ عَلَيْهِ وَيَشْرَعُ فِيهِ دُونَ مَا يَخْطِرُ لَهُ وَلَا يسْتَمر عَلَيْهِ وَالله أعلم ( .

     قَوْلُهُ  سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلَمْ أَرَ الْبَسْمَلَةَ لِغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  صِرٌّ بَرْدٌ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صر الصِّرُّ شِدَّةُ الْبَرْدِ .

     قَوْلُهُ  شَفَا حُفْرَةٍ مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ حَرْفُهَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَلِلنَّسَفِيِّ بِضَمِّالْجِيمِ وَالرَّاءِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَالْجُرُفُ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ شَفَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى غَيْرُ شَفَا هُنَا وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى شَفَا حُفْرَةٍ شَفَا جُرُفٍ وَهُوَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْإِضَافَةِ وَإِلَّا فَمَدْلُولُ جُرُفٍ غَيْرُ مَدْلُولِ حُفْرَةٍ فَإِنَّ لَفْظَ شَفَا يُضَافُ إِلَى أَعْلَى الشَّيْءِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  شَفَا جُرُفٍ وَإِلَى أَسْفَل الشَّيْء وَمِنْه شَفَا حُفْرَةٍ وَيُطْلَقُ شَفَا أَيْضًا عَلَى الْقَلِيلِ تَقُولُ مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ غَيْرَ شَفَا أَيْ غَيْرَ قَلِيلٍ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْبِ وَمِنْهُ أَشْفَى عَلَى كَذَا أَيْ قَرُبَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تُبَوِّئُ تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ أَيْ تَتَّخِذُ لَهُمْ مَصَافَّ وَمُعَسْكَرًا.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ تُبَوِّئُ تُنْزِلُ بَوَّأَهُ أَنْزَلَهُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَبَاءَةِ وَهِيَ الْمَرْجِعُ وَالْمَقَاعِدُ جَمْعُ مَقْعَدٍ وَهُوَ مَكَانُ الْقُعُودِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ .

     قَوْلُهُ  رِبِّيُّونَ الْجُمُوعُ وَاحِدُهَا رِبِّيٌّ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ قَالَ الرِّبِّيُّونَ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ وَاحِدُهَا رِبِّيٌّ وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ مِنْ تَغْيِيرِ النَّسَبِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ إِنْ كَانَتِ النِّسْبَةُ إِلَى الرب وَعَلَيْهَا قِرَاءَة بن عَبَّاسٍ رَبِّيُّونَ بِفَتْحِ الرَّاءَ وَقِيلَ بَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الرُّبَّةِ أَيِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِكَسْرِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا تَغْيِيرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تُحِسُّونَهُمْ تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلًا وَقَعَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَاحِدُهَا رِبِّيٌّ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا بِلَفْظِهِ وَزَادَ يُقَالُ حَسَسْنَاهُمْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ أَيِ اسْتَأْصَلْنَاهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان ذَلِك فِي غَزْوَة أحد قَوْله غزا وَاحِدُهَا غَازٍ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْله أَو كَانُوا غزا لَا يدخلهَا رفع ولاجر لِأَنَّ وَاحِدُهَا غَازٍ فَخَرَجَتْ مَخْرَجَ قَائِلٍ وَقُوَّلٍ انْتهى وَقَرَأَ الْجُمْهُور غزا بِالتَّشْدِيدِ جَمْعُ غَازٍ وَقِيَاسُهُ غُزَاةٌ لَكِنْ حَمَلُوا الْمُعْتَلَّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ غَزَا بِالتَّخْفِيفِ فَقِيلَ خَفَّفَ الزَّايَ كَرَاهِيَةَ التَّثْقِيلِ وَقِيلَ أَصْلُهُ غُزَاةٌ وَحَذَفَ الْهَاءَ .

     قَوْلُهُ  سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا سَنَحْفَظُ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَهِيَ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَكَذَلِكَ قَرَأَ وَقَتْلُهُمْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْمَوْصُولِ لِأَنَّهُ مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالنُّونِ لِلْمُتَكَلِّمِ الْعَظِيمِ وَقَتْلَهُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَوْصُولِ لِأَنَّهُ مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ وَتَفْسِيرُ الْكِتَابَةِ بِالْحِفْظِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ كَمَا مَضَى وَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  نُزُلًا ثَوَابًا وَيَجُوزُ وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَقَوْلِكَ أَنْزَلْتُهُ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَة أَيْضا بفصه وَالنُّزُلُ مَا يُهَيَّأُ لِلنَّزِيلِ وَهُوَ الضَّيْفُ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى سُمِّيَ بِهِ الْغَدَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلضَّيْفِ وَفِي نُزُلٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مَصْدَرٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ جَمْعُ نَازِلٍ كَقَوْلِ الْأَعْشَى أَوْ تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلٌ أَيْ نُزُولٌ وَفِي نَصْبِ نُزُلًا فِي الْآيَةِ أَقْوَالٌ مِنْهَا أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ لِأَنَّ مَعْنَى لَهُمْ جَنَّاتٌ نُنْزِلُهُمْ جَنَّاتٍ نُزُلًا وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ يُنْزِلُهُمْ جَنَّاتٍ رِزْقًا وَعَطَاءً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي فِيهَا أَيْ مُنْزَلَةً عَلَى أَنَّ نُزُلًا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَعَلَيْهِ يَتَخَرَّجُ التَّأْوِيلُ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ الْمُسَوَّمُ الَّذِي لَهُ سيماء بعلامة أَو بصوفة أَو بِمَا كَانَ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ الْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ.

     وَقَالَ  سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى الْمُسَوَّمَةُ الرَّاعِيَةُ أَمَّا التَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ الْمُعَلَّمَةُ بِالسِّيمَاءِ.

     وَقَالَ  أَيْضًا فِي قَوْلِهِ من الْمَلَائِكَة مسومين أَي معلمين والمسوم الَّذِي لَهُ سيماء بعلامة أَو بصوفة أَو بِمَا كَانَ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَرُوِّينَاهُ فِي تَفْسِيرِ الثَّوْرِيِّ رِوَايَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَأما قَول بن جُبَيْرٍ فَوَصَلَهُ أَبُو حُذَيْفَةَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَيْهِ وَأما قَولبن أَبْزَى فَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَوْرَدَ مِثْلَهُ عَن بن عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ لِلْعَوْفِيِّ عَنْهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مُسَوَّمَةٍ مُرْعَاةً مِنْ أَسَمْتُهَا فَصَارَتْ سَائِمَةً .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  سعيد جُبَيْرٍ وَحَصُورًا لَا يَأْتِي النِّسَاءَ وَقَعَ هَذَا بَعْدَ ذِكْرِ الْمُسَوَّمَةِ وَصَلَهُ الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِهِ وَأَصْلُ الْحَصْرِ الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ يُقَالُ لِمَنْ لَا يَأْتِي النِّسَاءَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَبْعِهِ كَالْعِنِّينِ أَوْ بِمُجَاهِدَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْمَمْدُوحُ وَالْمُرَادُ فِي وَصْفِ السَّيِّدِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عِكْرِمَةُ مِنْ فَوْرِهِمْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ عِكْرِمَةَ فِي قَوْله ويأتوكم من فورهم هَذَا قَالَ فَوْرُهُمْ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ غَضِبُوا لِيَوْمِ بَدْرٍ بِمَا لَقُوا وَأَخْرَجَهُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلهم من فورهم هَذَا قَالَ مِنْ وُجُوهِهِمْ هَذَا وَأَصْلُ الْفَوْرِ الْعَجَلَةُ وَالسُّرْعَةُ وَمِنْهُ فَارَتِ الْقِدْرُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْغَضَبِ لِأَنَّ الْغَضْبَانَ يُسَارِعُ إِلَى الْبَطْشِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً وَيَخْرُجُ مِنْهَا الْحَيُّ وَصَلَهُ عَبْدُ بن حميد من طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ قَالَ النَّاسُ الْأَحْيَاءُ مِنَ النُّطَفِ الْمَيِّتَةِ وَالنُّطَفُ الْمَيِّتَةُ مِنَ النَّاسِ الْأَحْيَاءِ .

     قَوْلُهُ  الْإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ وَالْعَشِيُّ مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ وَقَعَ هَذَا أَيْضًا عِنْدَ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ ( .

     قَوْلُهُ  مِنْهُ آيَات محكمات)
قَالَ مُجَاهِد الْحَلَال وَالْحرَام وَأخر متشابهات يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَقَوْلِهِ وَمَا يُضِلُّ بِهِ الا الْفَاسِقين وَكَقَوْلِهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَكَقَوْلِهِ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ هَكَذَا وَقَعَ فِيهِ وَفِيهِ تَغْيِيرٌ وَبِتَحْرِيرِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَرِيبًا إِلَى مُجَاهِدٍ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى مِنْهُ آيَات محكمات قَالَ مَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهُ مُتَشَابِهٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  زَيْغٌ شَكٌّ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة الْمُشْتَبِهَاتُ هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ كَذَلِكَ وَلَفْظُهُ.

.
وَأَمَّاالَّذين فِي قُلُوبهم زيغ قَالَ شَكٌّ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَة الْمُشْتَبِهَاتُ الْبَابُ الَّذِي ضَلُّوا مِنْهُ وَبِهِ هَلَكُوا قَوْله والراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ الْآيَةَ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ الرَّاسِخُونَ كَمَا يَسْمَعُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا الْمُتَشَابِهُ وَالْمُحْكَمُ فَآمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ فَأَصَابُوا وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِدٌ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَن تكون الْوَاو فِي وَالرَّاسِخُونَ عَاطِفَةً عَلَى مَعْمُولِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ بِهَا الْقِرَاءَةُ لَكِنْ أَقَلَّ دَرَجَاتِهَا أَنْ تَكُونَ خَبَرًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى تُرْجَمَانِ الْقُرْآنِ فَيُقَدَّمُ كَلَامُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ دُونَهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى ذَمِّ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهِ لِوَصْفِهِمْ بِالزَّيْغِ وَابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ وَصَرَّحَ بِوَفْقِ ذَلِكَ حَدِيثُ الْبَابِ وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى مَدْحِ الَّذِينَ فَوَّضُوا الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ كَمَا مَدَحَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَيْبِ وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مِثْلَ ذَلِكَ أَعْنِي وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ آمَنَّا بِهِ تَنْبِيهٌ سَقَطَ جَمِيعُ هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هُنَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ وَثَبَتَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شَيْخِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ آثَارٌ أُخْرَى فَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ .

     قَوْلُهُ  تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدٌ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تَقِيَّةً

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ)
.

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ إِصْرًا عَهْدًا وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله وَلَا تحمل علينا اصرا أَيْ عَهْدًا وَأَصْلُ الْإِصْرِ الشَّيْءُ الثَّقِيلُ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّدِيدِ وَتَفْسِيرُهُ بِالْعَهْدِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ شَدِيدٌ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ إِصْرًا قَالَ عَهْدًا لَا نُطِيقُ الْقِيَامَ بِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ غُفْرَانَكَ مَغْفِرَتُكَ فَاغْفِرْ لَنَا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ غُفْرَانَكَ أَيْ مَغْفِرَتَكَ أَيِ اغْفِرْ لَنَا.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ غُفْرَانَكَ مَصْدَرٌ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ أَمْرٍ فَنُصِبَ.

     وَقَالَ  سِيبَوَيْهِ التَّقْدِيرُ اغْفِرْ غُفْرَانَكَ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّرَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ أَيْ نَسْتَغْفِرُكَ غُفْرَانَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :4295 ... غــ :4546] .

     قَوْلُهُ  نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا قَدْ عُرِفَ بَيَانُهُ مِنْ حَدِيثي بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَسَخَتْهَا أَيْ أَزَالَتْ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَبَيَّنَتْ أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لَكِنَّهَا لَا تَقَعُ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ فِرَارًا مِنْ إِثْبَاتِ دُخُولِ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُكْمًا وَمَهْمَا كَانَ مِنَ الْأَخْبَارِ يَتَضَمَّنُ الْأَحْكَامَ أَمْكَنَ دُخُولُ النَّسْخِ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا كَانَ خَبَرًا مَحْضًا لَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا كَالْإِخْبَارِ عَمَّا مَضَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأُمَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّسْخِ فِي الْحَدِيثِ التَّخْصِيصَ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يُطْلِقُونَ لَفْظَ النَّسْخِ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاسَبَةِ بِمَا يُخْفِي الْإِنْسَانُ مَا يُصَمِّمُ عَلَيْهِ وَيَشْرَعُ فِيهِ دُونَ مَا يَخْطِرُ لَهُ وَلَا يسْتَمر عَلَيْهِ وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِصْرًا: عَهْدًا، وَيُقَالُ غُفْرَانَكَ مَغْفِرَتَكَ فَاغْفِرْ لَنَا.

هذا ( باب) بالتنوين ( { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} ) [البقرة: 285] عن أنس بن مالك فيما رواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه لما نزلت هذه الآية على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "حق له أن يؤمن".

( وقال ابن عباس) : فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى: { ولا تحمل علينا إصرًا} أي ( عهدًا) [البقرة: 286] .
وهو تفسير باللازم لأن الوفاء بالعهد شديد وأصل الإصر الشيء الثقيل، ويطلق على الشديد وقال النابغة:
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم ... والحامل الاصر عنهم بعد ما عرفوا
وفسره بعضهم هنا بشماتة الأعداء، ( ويقال: غفرانك) أي ( مغفرتك فاغفر لنا) وهذا تفسير أبي عبيدة، وقال الزمخشري: منصوب بإضمار فعله يقال: غفرانك لا كفرانك أي نستغفرك ولا نكفرك فقدّره جملة خبرية.
قال في الدر: وهذا ليس مذهب سيبويه إنما مذهبه أن يقدر بجملة طلبية كأنه قيل اغفر غفرانك والظاهر أن هذا من المصادر اللازم إضمار عاملها لنيابتها عنه.


[ قــ :4295 ... غــ : 4546 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنِ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ { إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} [البقرة: 284] قَالَ: نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا.
[الحديث 4545 - أطرافه في: 4546] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( إسحاق بن منصور) الكوسج التميمي المروزي وسقط ابن منصور لغير أبي ذر قال: ( أخبرنا) ولأبي ذر: حدّثنا ( روح) هو ابن عبادة قال: ( أخبرنا شعبة) بن الحجاج ( عن خالد الحذاء) البصري ( عن مروان الأصفر) البصري أيضًا ( عن رجل من أصحاب رسول الله) ولأبي ذر من أصحاب النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : أي الأصفر ( أحسبه) أي الرجل المبهم ( ابن عمر) جزم في السابقة به فلعل قوله هنا أحسبه كان قبل جزمه وكان قد نسي ثم تذكر ( { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه} قال) : أي ابن عمر ( نسختها الآية التي بعدها) { لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: 286] أي لا يكلف الله تعالى أحدًا فوق طاقته لطفًا منه تعالى بخلقه ورأفة بهم وإحسانًا إليهم، فأزالت ما كان أشفق منه الصحابة في قوله: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} أي هو وإن حاسب وسأل لكنه لا يعذب إلا على ما يملك الشخص دفعه فأما ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها فهذا لا يكلف به الإنسان.

فإن قلت: إن النسخ لا يدخل الخبر لأنه يوهم الكذب أي يوقعه في الوهم أي الذهن حيث يخبر بالشيء ثم بنقيضه وهذا محال على الله تعالى.
أجيب: بأن المذكور هنا وإن كان خبرًا لكنه يتضمن حكمًا وما كان كذلك أمكن دخول النسخ فيه سائر الأحكام، وإنما الذي لا يدخله النسخ من الأخبار ما كان خبرًا محضًا لا يتضمن حكمًا كالإخبار عما مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك على أنه قد جوز جماعة النسخ في الخبر المستقبل لجواز المحو فيما يقدره قال الله تعالى: { يمحو الله ما يشاء ويثبت} [الرعد: 39] والأخبار تتبعه وعلى هذا القول البيضاوي، وقيل يجوز على الماضي أيضًا لجواز أن يقول الله لبث نوح في قومه ألف سنة ثم يقول لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا وعلى هذا القول الإمام الرازي والآمدي، وقال البيهقي النسخ هنا بمعنى التخصيص أو التبيين، فإن الآية الأولى وردت مورد العموم فبينت التي بعدها أن مما يخفى شيئًا لا يؤاخذ به وهو حديث النفس الذي لا يستطاع دفعه.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابٌُ: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} (الْبَقَرَة: 284)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: { آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه} إِلَى آخر السُّورَة.
قَوْله: (آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه) ، إِخْبَار من الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك (فَإِن قلت) قَالَ: آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ، وَلم يقل: آمن الرَّسُول بِاللَّه،.

     وَقَالَ : { والمؤمنون كل آمن بِاللَّه} (قلت) : الْكفْر مُمْتَنع فِي حق الرَّسُول وَغير مُمْتَنع فِي حق الْمُؤمنِينَ.
قَوْله: (والمؤمنون) ، عطف على الرَّسُول.
قَوْله: (كل آمن بِاللَّه) إِخْبَار عَن الْجَمِيع، وَالتَّقْدِير: والمؤمنون كلهم آمنُوا بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتب الْمنزلَة، وَإِن كَانَ بَعضهم نسخ شَرِيعَة بعض بِإِذن الله تَعَالَى.
قَوْله: { لَا نفرق} أَي: تَقولُونَ لَا نفرق، وَعَن أبي عمر: لَا يفرق، بِالْيَاءِ، على أَن الْفِعْل لكل وَاحِد، وَقَرَأَ عبد الله، لَا يفرقون.
قَوْله: { وَقَالُوا سمعنَا} أَي: أجبنا قَوْله: { غفرانك} مَنْصُوب بإضمار فعله فَقَالَ: غفرانك لَا كُفْرَانك.
أَي: نستغفرك وَلَا نكفرك.
قَوْله: (نفسا إِلَّا وسعهَا) الوسع مَا يسع الْإِنْسَان وَلَا يضيق عَلَيْهِ، وَالنَّفس يعم الْملك وَالْجِنّ وَالْإِنْس، قَالَه ابْن الْحصار.
قَوْله: (لَهَا مَا كسبت) خص الْخَيْر بِالْكَسْبِ.
وَالشَّر بالاكتساب لِأَن فِي الِاكْتِسَاب اعتمالاً وقصدا وجهدا.
قَوْله: (إِن نَسِينَا) المُرَاد بِالنِّسْيَانِ الَّذِي هُوَ السَّهْو.
وَقيل: التّرْك والإغفال.
قَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا نسوا شَيْئا مِمَّا أَمرهم الله بِهِ أَو أخطأوا أعجلت لَهُم الْعقُوبَة فَيحرم عَلَيْهِم شَيْء من الْمطعم وَالْمشْرَب على حسب ذَلِك الذَّنب، فَأمر الله تَعَالَى نبيه وَالْمُؤمنِينَ أَن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك.
قَوْله: (وأخطأنا) قيل: من الْقَصْد والعمد.
وَقيل: من الْخَطَأ الَّذِي هُوَ الْجَهْل والسهو،.

     وَقَالَ  ابْن زيد: إِن نَسِينَا شَيْئا مِمَّا افترضته علينا.
أَو أَخْطَأنَا شَيْئا مِمَّا حرمته علينا.
(فَإِن قلت) : النسْيَان وَالْخَطَأ متجاوز عَنْهُمَا.
فَمَا فَائِدَة الدُّعَاء بترك الْمُؤَاخَذَة بهما؟ (قلت) : المُرَاد استدامته والثبات عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْله: { اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} (الْفَاتِحَة: 6) وَتَفْسِير: الإصر.
يَأْتِي الْآن.
قَوْله: (على الَّذين من قبلنَا) وهم الْيَهُود، وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يشق، وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى فرض عَلَيْهِم خمسين صَلَاة وَأمره بأدائهم ربع أَمْوَالهم فِي الزَّكَاة وَمن أصَاب ثَوْبه نَجَاسَة قطعهَا وَمن أصَاب مِنْهُم ذَنبا أصبح وذنبه مَكْتُوب على بابُُه وَنَحْوه من الأثقال والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم.
قَوْله: { لَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} فِيهِ سَبْعَة أَقْوَال: (الأول) : مَا لَا يُطَاق ويشق من الْأَعْمَال.
(الثَّانِي) : الْعَذَاب.
(الثَّالِث) : حَدِيث النَّفس والوسوسة.
(الرَّابِع) : الغلمة وَهِي شدَّة شَهْوَة الْجِمَاع، لِأَنَّهَا رُبمَا جرت إِلَى جَهَنَّم.
(الْخَامِس) : الْمحبَّة حُكيَ أَن ذَا النُّون تكلم فِي الْمحبَّة فَمَاتَ أحد عشر نفسا فِي الْمجْلس.
(السَّادِس) : شماتة الْأَعْدَاء.
قَالَ الله تَعَالَى إِخْبَارًا عَن مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام: وَلَا تشمت بِي الْأَعْدَاء.
(السَّابِع) : الْفرْقَة والقطيعة.
قَوْله: { واعف عَنَّا} (الْبَقَرَة: 286) أَي: تجَاوز عَنَّا (واغفر لنا) أَي: اسْتُرْ علينا (وارحمنا) أَي: لَا توقعنا بتوفيقك فِي الذُّنُوب (أَنْت مَوْلَانَا) أَي: ناصرنا وولينا { وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين} الَّذين جَحَدُوا دينك وأنكروا وحدانيتك وعبدوا غَيْرك.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ إصْرا عَهْدا
هَذَا وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: { وَلَا تحمل علينا إصرا} أَي: عهدا قلت: المُرَاد بالعهد الْمِيثَاق الَّذِي لَا نطيقه وَلَا نستطيع الْقيام بِهِ..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: الإصر العبء الَّذِي يأصر حامله أَي يحْبسهُ مَكَانَهُ لَا يسْتَقلّ لثقله.
وَعَن ابْن عَبَّاس (لَا تحمل علينا إصرا) لَا تمسخنا قردة وَلَا خنازير، وَقيل: ذَنبا لي فِيهِ تَوْبَة وَلَا كَفَّارَة وقرىء آصار، على الْجمع.

وَيُقالُ: غُفْرَانَكَ مَغْفِرَتَكَ فاغْفِرْ لَنَا
هَذَا تَفْسِير أبي عُبَيْدَة.
قلت: كل وَاحِد من الغفران وَالْمَغْفِرَة مصدر: وَقد مضى الْآن وَجه النصب.



[ قــ :4295 ... غــ :4546 ]
- ح دَّثني إسْحَاقُ أخْبَرنا رَوْحٌ أخْبَرنَا شُعْبَةُ عنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانِ الأصْفَرِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أحْسبُهُ ابنَ عُمَرَ { وَإنْ تُبْدُوا مَا فِي أنْفسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ} قَالَ نَسَخَتْها الآيَةَ الَّتِي بَعْدَها.


هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث السَّابِق، قبل هَذَا الْبابُُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ، وَإِسْحَاق هُوَ ابْن مَنْصُور، ذكره أَبُو نعيم وَأَبُو مَسْعُود وَخلف وروح بن عبَادَة.
قَوْله: (الْآيَة) الَّتِي بعْدهَا هِيَ قَوْله تَعَالَى: { لَا يُكَلف نفسا إلاَّ وسعهَا} .


( { سُورَةُ آل عِمْرَانَ} )

أَي: هَذَا تَفْسِير سُورَة آل عمرَان.

كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر دون غَيره.
وَهُوَ حسن لِأَن ابْتِدَاء الْأَمر بِبسْم الله الرحمان الرَّحِيم يتبارك فِيهِ: وَلما فرغ من بَيَان سُورَة الْبَقَرَة شرع فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان، وابتدأ بالبسملة لما ذكرنَا، وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل أَمر ذِي بَال الحَدِيث وَهُوَ مَشْهُور.