هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
372 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ ، وَرَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ عَنَزَةً ، فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ ، مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ العَنَزَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
372 حدثنا محمد بن عرعرة ، قال : حدثني عمر بن أبي زائدة ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم ، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء ، فمن أصاب منه شيئا تمسح به ، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه ، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة ، فركزها وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء ، مشمرا صلى إلى العنزة بالناس ركعتين ، ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنزة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن وهب بن وهب السوائي ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ ، وَرَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ عَنَزَةً ، فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ ، مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ العَنَزَةِ .

Narrated Abu Juhaifa:

I saw Allah's Messenger (ﷺ) in a red leather tent and I saw Bilal taking the remaining water with which the Prophet had performed ablution. I saw the people taking the utilized water impatiently and whoever got some of it rubbed it on his body and those who could not get any took the moisture from the others' hands. Then I saw Bilal carrying a short spear (or stick) which he planted in the ground. The Prophet came out tucking up his red cloak, and led the people in prayer and offered two rak`at (facing the Ka`ba) taking a short spear (or stick) as a Sutra for his prayer. I saw the people and animals passing in front of him beyond the stick.

0376 D’après Awn ben Abu Juhayfa, son père dit : « J’ai vu le Messager de Dieu dans une tente en cuir rouge, puis j’ai vu Bilal apporter le reste de l’eau utilisée par le Messager de Dieu dans ses ablutions. Et j’ai vu aussi les gens qui accouraient pour avoir un peu de cette eau. Celui qui arrivait à en avoir une quantité l’utilisait pour s’essuyer; mais celui qui n’a rien pu obtenir, il prenait quelques gouttes des mains encore humides de son voisin. Enfin, j’ai vu aussi Bilal planter une pique dans le sol, et ce avant que le Prophète de Dieu ne sortit vêtu d’un manteau rouge dont il avait retroussé les pans. Il a ensuite présidé une prière de deux ra’ka en se mettant devant la pique. Et j’ai remarqué aussi que durant la prières, les gens et les bêtes passaient près de ladite pique. »  

":"ہم سے محمد بن عرعرہ نے بیان کیا ، کہا کہ مجھ سے عمر ابن ابی زائدہ نے بیان کیا عون بن ابی حجیفہ سے ، انھوں نے اپنے والد ابوحجیفہ وہب بن عبداللہ سے کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو ایک سرخ چمڑے کے خیمہ میں دیکھا اور میں نے یہ بھی دیکھا کہ بلال رضی اللہ عنہ آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم کو وضو کرا رہے ہیں اور ہر شخص آپ کے وضو کا پانی حاصل کرنے کے لیے ایک دوسرے سے آگے بڑھنے کی کوشش کر رہا ہے ۔ اگر کسی کو تھوڑا سا بھی پانی مل جاتا تو وہ اسے اپنے اوپر مل لیتا اور اگر کوئی پانی نہ پا سکتا تو اپنے ساتھی کے ہاتھ کی تری ہی حاصل کرنے کی کوشش کرتا ۔ پھر میں نے بلال رضی اللہ عنہ کو دیکھا کہ انھوں نے اپنی ایک برچھی اٹھائی جس کے نیچے لوہے کا پھل لگا ہوا تھا اور اسے انھوں نے گاڑ دیا ۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ( ڈیرے میں سے ) ایک سرخ پوشاک پہنے ہوئے تہبند اٹھائے ہوئے باہر تشریف لائے اور برچھی کی طرف منہ کر کے لوگوں کو دو رکعت نماز پڑھائی ، میں نے دیکھا کہ آدمی اور جانور برچھی کے پرے سے گزر رہے تھے ۔

0376 D’après Awn ben Abu Juhayfa, son père dit : « J’ai vu le Messager de Dieu dans une tente en cuir rouge, puis j’ai vu Bilal apporter le reste de l’eau utilisée par le Messager de Dieu dans ses ablutions. Et j’ai vu aussi les gens qui accouraient pour avoir un peu de cette eau. Celui qui arrivait à en avoir une quantité l’utilisait pour s’essuyer; mais celui qui n’a rien pu obtenir, il prenait quelques gouttes des mains encore humides de son voisin. Enfin, j’ai vu aussi Bilal planter une pique dans le sol, et ce avant que le Prophète de Dieu ne sortit vêtu d’un manteau rouge dont il avait retroussé les pans. Il a ensuite présidé une prière de deux ra’ka en se mettant devant la pique. Et j’ai remarqué aussi que durant la prières, les gens et les bêtes passaient près de ladite pique. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [376] .

     قَوْلُهُ  أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيِ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَأْتِي بَاقِي مَبَاحِثِهِ فِي أَبْوَابِ السُّتْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ هُوَ الْقَبَاءُ الْمُفَرَّجُ مِنْ خَلْفُ وَحَكَى أَبُو زَكَرِيَّا التَّبْرِيزِيُّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِيِّ جَوَازَ ضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [376] حدثنا محمد بن عرعرة: حدثني عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة فركزها، وخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء مشمرا، صلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة.
هذا الحديث قد خرجه في مواضع متعددة، مختصرا وتاما، وقد سبق في ( ( أبواب الوضوء) ) بعضه، ويأتي في مواضع متفرقة - أيضا.
والمقصود منه هاهنا: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج في حلة حمراء مشمرا وصلى بالناس، فدل على جواز الصلاة في الثوب الأحمر.
قال أبو عبيد: الخلة: برود اليمن من مواضع مختلفة منها.
قال: والحلة إزار ورداء، لا يسمى حلة حتى يكون ثوبين.
انتهى.
وكذلك فسر سفيان الثوري الحلة الحمراء في هذا الحديث ببردالحبرة -: حكاه عنه عبد الرزاق، وهو في ( ( مسند الإمام أحمد) ) وكتاب الترمذي.
وحينئذ؛ فالحلة الحمراء التي لبسها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانت بردا مخططا فيه خطط حمر، ولم يكن كله أحمر.
وقد بوب البخاري في ( ( كتاب: اللباس) ) : ( ( باب: الثوب الأحمر) ) ، ثم خرج فيه من حديث البراء بن عازب، قال: رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء.
والقول في هذا الحديث كالقول في حديث أبي جحيفة.
ثم قال: ( ( باب: الميثرة الحمراء) ) ، وخرج فيه من حديث البراء، قال: نهانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لبس الحرير والديباج والقسي والإستبرق ومياثر الحمر.
( ( المياثر) ) : مراكب، سميت مياثر لوثارتها – وهو لينها ووطأتها، وكانت من زي العجم.
وقد قيل: أنها كانت من ديباج أو حرير -: قاله أبو عبيد وغيره.
وفسر يزيد بن أبي زياد المثيرة بجلود السباع.
وقد خرج النسائي من حديث المقدام بن معدي كرب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه نهى عن مياثر النمور.
وفي الصلاة في الثوب الأحمر حديث آخر: خرجه الطبراني من رواية سعد بن الصلت، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبس يوم العيد بردة حمراء.
ورواه حجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابربن عبد الله، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبس بردة الأحمر في العيدين والجمعة.
كذا رواه حفص بن غياث، عن حجاج.
وخالفه هشيم، فرواه عن حجاج، عن أبي جعفر – مرسلا -، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يلبس يوم الجمعة بردة الأحمر، ويعتم يوم العيدين.
خرجه ابن سعد من هذين الوجهين.
والمرسل أشبه.
وقد اختلف العلماء في لبس الأحمر: فرخص فيه ابن المسيب، والشعبي، والنخعي، والحسن، وعلي بن حسين، وابنه أبو جعفر.
وروي عن علي بن أبي طالب، أنه كان يلبس بردا أحمر.
وفي ( ( صحيح مسلم) ) ، أن أسماء بنت أبي بكر أرسلت إلى ابن عمر تقول له: بلغني انك تحرم مياثر الأرجوان، فقال: هذه مثيرتي أرجوان.
والأرجوان: الشديد الحمرة.
وكرهت طائفة الثياب الحمر، منهم: طاوس، ومجاهد، وعطاء.
وروي عن الحسن وابن سيرين، قالا: هو زينة آل قارون.
وهو المنصوص عن أحمد في رواية المروذي، وسوى بين الرجال والنساء في كراهته.
وروى عن عطاء وطاوس ومجاهد الرخصة فيه للنساء خاصة.
وروي عن عائشة، أنها كانت تلبس درعا أحمر.
وفي كراهة الأحمر من اللباس أحاديث متعددة، خرجها أبو داود وغيره، يطول ذكرها هاهنا، وربما تذكر في موضع آخر – أن شاء الله تعالى.
ومنهم من رخص فيما حمرته خفيفة، وكره الشديد الحمرة، ورويذلك عن مالك وأحمد، ورجحه كثير من أصحابنا.
وفي ( ( صحيح مسلم) ) ، عن علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن لبس المعصفر.
وخرجه النسائي، وزاد فيه: المفدم.
والمفدم: المشبع بالعصفر.
وفي ( ( صحيح مسلم) ) – أيضا – عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علي ثوبين معصفرين، فقال: ( ( إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها) ) .
وقد اختلف في لبس المعصفر: فكرهه طائفة، روي عن عمر وعثمان وابن عمر وأنس، وهو قول الزهري وسعيد بن جبير ومالك وأحمد.
ورخصوا فيه للنساء.
وحكى ابن عبد البر الاجماع على جوازه لهن.
وفي الرخصة لهن فيه حديث مرفوع.
خرجه أبو داود.
وهذا قد يخالف رواية المروذي عن أحمد بكراهة الأحمر للنساء، كما تقدم، لكن تلك مقيدة بإرادة الزينة به، فقد تكون الرخصة محمولة على من لم يرد به الزينة.
وهذا القول روي عن ابن عباس، أنه يكره المعصفر للتزين به، ويرخص فيما امتهن منه.
ورخص طائفة في المعصفر مطلقا للرجال والنساء، روي عن أنس، وعن أبي وائل، وعروة، وموسى بن طلحة، والشعبي، وأبي قلابة، وابن سيرين، والنخعي وغيرهم، وهو قول الشافعي.
وكرهت طائفة المشبع منه – وهو المفدم – دون التخفيف، روي عنعطاء وطاوس ومجاهد.
وحكي عن مالك وأحمد – أيضا -؛ فإنه قال في المصبوغ بالدم: أن كانت حمرته تشبه المعصفر أكرهه، وقال: لا بأس بالمورد، وما كان خفيفا.
وحكى الترمذي في ( ( كتابه) ) هذا القول عن أهل الحديث: أنهم كرهوا لبس المعصفر، ورأوا: أن ما صبغ بالمدر أو غير ذلك فلا بأس به، إذا لم يكن معصفرا.
وقد روي عن علي وابن عمر الرخصة في المصبوغ بالمشق – وهو المغرة -، وقالا: إنما هو مدر أو تراب.
وفي كراهة المصبوغ بالمغرة: حديث خرجه أبو داود، في إسناده مقال.
ومن الناس من قال: يكره المعصفر خاصة، دون سائر ألوان الحمرة.
وقال: لم يصح في غيره نهي.
ومنهم من حمل أحاديث الرخصة على الجواز، وأحاديث النهي على كراهة التنزيه، وهذه هي طريقة ابن جرير الطبري.
وزعم الخطابي أن المكروه من الأحمر ما صبغ من الثياب بعد نسجه، فأما ما صبغ غزله ثم نسج – كعصب اليمن – فغير داخل في النهي.
وكذلك الشافعي فرق في المصبوغات بين ما صبغ قبل نسجه وبعده، واستحسن لبس ما صبغ غزله، دون ما صبغ بعد نسجه للزينة.
واختلف القائلون بكراهة الأحمر، فيما إذا كان في الثوب شيء منحمرة: هل يكره أم لا؟ فروي عن ابن عمر، أنه اشترى عمامة واعتم بها، فرأى فيها خيطا أحمر، فردها.
وكذلك روى المروذي عن أحمد، أنه أمره أن يشتري له تكة لا تكون فيها حمرة.
وخرج أبو داود من حديث رافع بن خديج، قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر، فرأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط عهن حمر، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ألا أرى الحمرة قد علتكم؟) ) فقمنا سراعا، فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها.
وفي إسناده رجل لا يعرف.
وخرج الطبراني وغيره من حديث إسحاق بن راهويه، قال: قلت لأبي قرة: أذكر ابن جريج، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الله بن سرجس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى يوما وعليه نمرة، فقال لرجل من أصحابه: ( ( أعطني نمرتك، وخذ نمرتي) ) ، فقال: يا رسول الله، نمرتك أجود من نمرتي.
قال: ( ( اجل؛ ولكن فيها خيط احمر، فخشيت أن انظر، إليه فيفتنني) ) -؟ فأقر به أبو قرة، وقال نعم.
وهذا غريب.
ورخص فيه آخرون.
روي عن الحسن، وقد سبق.
ونص عيه أحمد في رواية أخرى عنه في كساء أسود عليه علم أحمر، قال: لا بأس به.
ويستدل لهذا.
بحديث لبس النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلة حمراء وبردا أحمر؛ فإن المراد بالحلة البرد المخطط بحمرة، كما قاله سفيان الثوري وغيره.
18 - باب الصلاة في المنبر والسطوح والخشب ولم ير الحسن بأسا أن يصلي على الجمد والقناطر، وأن جرى تحتها بول، أو فوقها أو أمامها، إذا كان بينهما سترة.
وصلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الأمام.
وصلى ابن عمر على الثلج.
مقصود البخاري بهذا الباب: أنه تجوز الصلاة على ما علا على وجه الأرض، سواء كان موضوعا عليها وضعا، كمنبر وسرير من خشب أو غيره، أو كان مبنيا عليها.
كسطح المسجد وغرفة مبنية عليه أو على غيره، وكذلك ما علا على وجه الأرض مما يذوب، كالثلج والجليد.
فهذه ثلاثة مسائل: الأولى: الصلاة على ما وضع على الأرض مما يتأبد فيها، أو ينقل عنها كمنبر وسرير ونحوه، فيجوز ذلك عند أكثر العلماء.
قال أبو طالب: سألت أحمد عن الصلاة على السرير الفريضة والتطوع؟ قال: نعم، إذا كان يمكنه مثل السطح.
وقال حرب: سألت إسحاق عنالصلاة على السرير من الخشب؟ قال: لا بأس به.
وروى حرب بإسناده، عن الأوزاعي، أنه لم ير بأسا بالصلاة على الأسرة وأشباهها.
وليس في هذا اختلاف بين العلماء، إلا خلاف شاذ قديم.
روى أبو نعيم الفضل بن دكين: ثنا أبو بكر بن عياش، عن إسماعيل بن سميع، عن علي بن كثير، قال: رأى عمار رجلا يصلي على رابية، فمده من خلفه، فقال: هاهنا صل في القرار.
ولعل هذا المصلي كان إماما لقوم يصلون تحته، وسيأتي الكلام على ذلك - إن شاء الله تعالى.
المسألة الثانية: الصلاة فيما بني على وجه الأرض كغرفة في المسجد، أو فوق سطح المسجد، وكله جائز لا كراهة فيه بغير خلاف، إلا في مواضع يسيرة اختلف فيها؛ وقد أشار البخاري إلى بعضها: فمنها: صلاة المأموم فوق سطح المسجد بصلاة الإمام في أسفل المسجد، وقد حكى عن أبي هريرة أنه فعله.
وحكى ابن المنذر فعل ذلك عن أبي هريرة وسالم بن عبد الله.
قال: وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، وحكي عن مالك: أنه أن صلى الجمعة على سطح المسجد أعادها ظهرا.
ومذهب مالك: أن الجمعة لا تصلى فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام.
وفي سائر الصلوات عنه روايتان: الجواز، والكراهة، وهي آخر الروايتين عنه.
وممن يرى جواز ذلك: الثوري وأحمد وإسحاق.
وروي سفيان، عن يونس بن عبيد، عن عبد ربه، قال: رأيت أنس بن مالك صلى يوم الجمعة في غرفة بالبصرة بصلاة الإمام.
واحتج أحمدبهذا.
وروى ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، قال: رأيت أبا هريرة يصلي على سطح المسجد بصلاة الإمام.
واشترط الإمام أحمد أن يكون ذلك بقرب الإمام، أو يسمع قراءته -: نقله عنه حنبل، ولم يشترط غير ذلك.
واشترط أكثر أصحابنا - كالخرقي وأبي بكر عبد العزيز وابن أبي موسى والقاضي -: إيصال الصفوف دون قرب الإمام.
وقد أشار إليه أحمد في رواية أبي طالب، في الرجل يصلي فوق السطح بصلاة الإمام: أن كان بينهما طريق أو نهر فلا.
قيل له: فأنس صلى يوم الجمعة في سطح؟ فقال: يوم جمعة لا يكون طريق الناس.
يشير إلى أن يوم الجمعة تمتلئ الطرقات بالمصلين، فتتصل الصفوف.
قال أبو طالب: فإن الناس يصلون خلفي في رمضان فوق سطح بيتهم؟ فقال أحمد ذاك تطوع.
ففرق أحمد بين الفريضة والنافلة في إيصال الصفوف.
ونقل حرب، عن أحمد خلاف ذلك، في أمرآة تصلي فوق بيت، وبينها وبين الإمام طريق، فقال: أرجو أن لا يكون به بأس.
وذكر أن أنس ابن مالك كان يفعل ذلك.
ونقل صالح بن أحمد، عن أبيه، أن ذلك يجوز يوم الجمعة، إذا ضاق المكان، كما فعل أنس.
وظاهر هذه الرواية: أنه لا يجوز لغير ضرورة.
والمذهب المنشور عنه: جوازه مطلقا، كما تقدم.
وذكر أبو بكر الرازي: أن المشهور عند أصحابهم - يعني: أصحاب أبي حنيفة - أنه يكره ارتفاع المأموم على الإمام، والإمام على المأموم، خلافا لما قاله الطحاوي من التفريق بينهما.
ومنها: إذا بني على قنطرة مسجد أو غيره، فإنه تجوز الصلاة إليه، حكاه عن الحسن، وخالفه غيره في ذلك.
روى حرب بإسناده، عن همام: سئل قتادة عن المسجد يكون على القنطرة؟ فكرهه.
قال همام: فذكرت ذلك لمطر، فقال: كان الحسن لا يرى به بأسا.
قال حرب: وقلت لأحمد: المسجد يبنى على القنطرة؟ فكرهه، وذكر: أراه عن ابن مسعود كراهته.
ونقل المروذي عن أحمد، قال: كره ابن مسعود أن يصلى في المسجد الذي بنى على القنطرة.
قال: وقلت لأبي عبد الله - يعني: أحمد -: ترى أن أصلي في المسجد بني على ساباط؟ قال: لا؛ هذا طريق المسلمين.
وأصل هذه المسألة: أن طريق المسلمين لا يبنى فيه مسجد ولا غيره عند الإمام أحمد.
وهواء الطريق حكمه عنده حكم أسفله، فلا يجوز عنده إحداث ساباط على الطريق، ولا البناء عليه.
والنهر الذي تجري فيه السفن حكمه عنده كحكم الطريق، لا يجوز البناء عليه.
ورخص آخرون في بناء المساجد في الطريق الواسع، إذا لم يضر بالمارة.
ومنهم من اشترط لذلك إذن الإمام، وحكي رواية عن أحمد - أيضا.
قال الشالنجي: سألت أحمد: هل يبنى على خندق مدينة المسلمين مسجد للمسلمين عامة؟ قال: لا بأس بذلك، إذا لم يضيق الطريق.
قال: وقال أبو أيوب - يعني: سليمان بن داود الهاشمي -: لا بأس بذلك، إلا أن يكون في الثغر مخافة العدو.
وبه قال أبو خيثمة.
والبخاري يميل إلى الجواز، وقد ذكره في ( ( أبواب: المساجد) ) ، وفي( ( البيوع) ) ، واستدل بحديث الهجرة، وأن أبا بكر ابتنى بفناء بيته بمكة مسجدا يقرأ فيه القران.
وسيأتي في موضعه - إن شاء الله تعالى.
وأما ما حكاه أحمد، عن ابن مسعود، فروى وكيع وحرب بإسنادهما، عن ابن سيرين، أنه رأى مسجدا فوق قنطرة تحتها قذر، فقال: كان ابن مسعود يكره الصلاة في مثل هذا.
وهذه الكراهة: يحتمل أن تكون لكون القنطرة طريقا للناس، فلا يبنى عليها، كما قاله الإمام أحمد، ويحتمل أن تكون لكون القذر تحت هذا المسجد؛ فإن في جواز الصلاة في علو الأماكن المنهي عن الصلاة فيها كالحش ونحوه لأصحابنا وجهين.
ولو صلى على سرير قوائمه على نجاسة صحت صلاته، وأن تحرك بحركته، عند أصحابنا وأصحاب الشافعي.
وحكي عن الحنفية، أنه أن تحرك بحركته لم تصح، وإلا صحت.
وقد حكى البخاري عن الحسن، أنه يصلي على القناطر وأن جرى تحتها بول، أو فوقها أو أمامها، إذا كان بينهما سترة.
فأما أن كان البول يجري تحتها فقد ذكرنا حكمه آنفا، واما أن كان أمامها أو فوقها، وبينهما سترة فقد رخص فيه الحسن، كما حكاه عنه.
وعن أحمد في الصلاة إلى الحش من غير حائل روايتان: إحداهما: تصح مع الكراهة.
والثانية: لا تصح، وهي اختيار ابن حامد وغيره.
ولا يكفي حائط المسجد، ولا يكون حائلا -: نص عليه أحمد.
ومن الأصحاب من تأول قوله على أن النجاسة كانت تصل إلى ما تحت مقام المصلى، فإن لم يكن كذلك كفى حائط المسجد.
ونقل حرب عن إسحاق، أنه كره الصلاة في مسجد في قبلته كنيف، إلا أن يكون للكنيف حائط من قصب أو خشب غير حائط المسجد، وأنصلى فيه أعاد وأن كان للكنيف سترة من لبود، فلا يصلي في المسجد من ورائه، وأن كان الكنيف عن يمين القبلة أو يسارها فلا بأس.
ونقل أبو طالب، عن أحمد: إذا كان الكنيف أسفل من المسجد بذراع ونصف فلا بأس.
ورخصت طائفة في الصلاة إلى الحش إذا كان بينهما سترة.
وقال الأوزاعي، في رجل يصلي وبين يديه حش، ودونه جدار من قصب، وهو يصلي نحوه: لا أعلم به بأسا.
وقال الليث بن سعد: كتب إلي عبد الله بن نافع مولى ابن عمر: أما ما ذكرت من مصلى قبلته إلى مرحاض، فإنما جعلت السترة لتستر من المرحاض وغيره، وقد حدثني نافع، أن دار ابن عمر التي هي وراء جدار قبلة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت مربدا لأزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذهبن فيه، ثم ابتاعته حفصه زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهن، فاتخذته دارا.
ولكن؛ عبد الله بن نافع منكر الحديث ـ: قَالَ البخاري وغيره.
والعجب أن البخاري اعتمد على ما ذكره في رسالته إلى الليث في إنكار النهي عن الصَّلاة في أعطان الإبل، واستدل بما استدل به، ولا دلالة فيه، كما سيأتي في موضعه ـ أن شاء الله تعالى.
وعند الشافعي وأصحابه: تكره الصلاة على مدفن النجاسة، وتصح.
ومن أصحابه من كره الصلاة إلى النجاسة ـ أيضا.
وحكي عن ابن حبيب المالكي، أن من تعمد الصلاة إلى نجاسة بطلت صلاته، إلا أن تكون بعيدة جدا.
المسألة الثالثة: إذا كان المستعلي على وجه الأرض مما لا يبقى علىحاله كالثلج والجليد، فقد حكى عن الحسن جواز الصلاة على الجليد.
ومعناه: إذا جمد النهر جازت الصلاة فوقه.
وقد صرح بجوازه أصحابنا وغيرهم من الفقهاء؛ فإنه يصير قرارا متمكنا كالأرض، وليس بطريق مسلوك في العادة حتى تلحق الصلاة عليه بقارعة الطريق في الكراهة.
وحكى البخاري عن ابن عمر، أنه صلى على الثلج.
ونص أحمد على جواز الصلاة عليه والسجود عليه.
ونقل عنه حرب، قال: يبسط عليه ثوباً ويصلي.
قلت: فإن لم يكن معه إلا الثوب الذي على جسده؟ قال: أن أمكنه السجود عليه سجد، وإلا أومأ.
قال وإذا كان الثلج باردا فإنه عذر، وسهل فيه.
قَالَ: وسمعت إسحاق - يعني: ابن راهويه - يقول: إذا صليت في الثلج أو الرمضاء أو البرد أو الطين فآذاك فاسجد على ثوبك، وإذا اشتد عليك وضع اليدين على الأرض فضعهما على ثوبك، أو أدخلهما كميك، ثم اسجد كذلك.
قال: وسمعته - مرة أخرى - يقول: أن كنت في ردغة أو ماء أو الثلج، لا تستطيع أن تسجد، فاومئ إيماء، كذلك فعل أنس بن مالك وجابر بن زيد وغيرهما.
انتهى.
وأنس إنما صلى على راحلته في الطين، لا على الأرض.
وحاصل الأمر: أنه يلزمه السجود على الثلج ما لم يكن عليه فيه ضرر، فإن كان عليه ضرر لم يلزمه، وأجزأه أن يومئ.
ولأصحابنا وجه آخر: أنه يلزمه السجود عليه بكل حال، ولا يجزئه الإيماء.
والثلج نوعان: تارة يكون متجلدا صلبا، فهذا حكمه حكم الجليد كما تقدم، وتارة يكون رخوا لا تستقر الأعضاء عليه، فيصير كالقطن والحشيش ونحوهما.
ومن سجد على ذلك لم يجزئه إلا من عذر، صرح بذلك طائفة من أصحابنا، وجعلوا استقرار الجبهة بالأرض شرطاً، واستدلوا بأنه لو علق بساطا في الهواء وصلى عليه لم يجزئه، وكذا لو سجد على الهواء أو الماء.
وللشافعية في ذلك وجهان: أصحابنا عندهم: أنه يلزمه أن يتحامل على ما يسجد عليه بثقل رأسه وعنقه حتى يستر جبهته، ولا تصح صلاة بدون ذلك.
والثاني: لا يجب ذلك.
ولهم - أيضا - في الصلاة على الأرجوحة، وعلى سرير تحمله الرجال وجهان، أصحهما: الصحة.
وروى عبد الرحمان بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، قال: سمعت ابن عباس يقول: سأل رجل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن شيء من أمر الصلاة، فقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض، حتى تجد حجم الأرض) ) .
خرجه الإمام أحمد.
وفي إسناده لين.
وروى حرب الكرماني: ثنا إسحاق - هو: ابن راهويه -: ثنا سويد بن عبد العزيز، عن أبي جبيرة زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أصاب الناس الثلج على عهد عمر بن الخطاب، فبسط بساطا ثم صلى عليه، وقال: أن الثلج لا يتيمم به، ولا يصلي عليه.
واحتج إسحاق بهذا الحديث.
وإسناده ضعيف؛ فإن زيد بن جبيرة وسويد بن عبد العزيز ضعيفان.
وقد روى أبو عبيد في ( ( كتاب الطهور) ) بإسناد آخر، وفيه ضعف - أيضا -: أن عمر أصابه الثلج بالجابية لما قدم الشام، فقال: أن الثلج لا يتيمم به.
ولم يذكر الصلاة.
واختلف الرواة عن أحمد في الغريق في الماء: هل يومي بالسجود، أم يلزمه أن يسجد بجبهته على الماء؟ على روايتين عنه.
وقال القاضي أبو يعلى في بعض كتبه: لم يوجب أحمد السجود على الماء؛ لأنه ليس بقرار، وإنما أراد أنه يجب عليه أن يومي في الماء إلى قرب الأرض، وإن غاص وجهه في الماء.
وهذا الذي قاله بعيد جدا.
وحمل أبو بكر عبد العزيز الروايتين عن أحمد على حاليين: فإن أمكنه السجود على متن الماء سجد، وألا أومأ.
وقال أبو بكر الخلال: قول أحمد: يومئ، يريد بالركوع.
وقوله: يسجد على متن الماء، في السجود.
فلم يثبت عن أحمد في الإيماء بالسجود خلافا.
ولو كان في وحل وطين لم يلزمه السجود عليه، وإنما عليه أن يومئ، ولم يحك أكثر الأصحاب فيه خلافاً، بل قال ابن أبي موسى: لا يلزمه ذلك - قولا واحدا.
ومنهم من خرج فيه وجها آخر: بوجوب السجود على الطين إذا قلنا: لا تجوز له الصلاة في الطين على راحلته، بل تلزمه الصلاة بالأرض، وهو رواية عن أحمد واختارها ابن أبي موسى.
وفرق ابن أبي موسى بين المسألتين، ووجه الفرق: أن المانع من الصلاة على الراحلة امتناع القيام والاستقرار الأرض دون امتناع السجود بالأرض، ولأن في السجود على الطين ضررا؛ فإنه ربما دخل في عينيه وأنفه وفمه، وربما غاص فيه رأسه وشق عليه رفعه، فلا يلزمه، بخلاف السجود على متن الماء.
وممن قال: يومئ بالسجود ولا يسجد على الطين: أبو الشعثاء وعمارة بن غزية.
وفيه حديث مرفوع: خرجه الطبراني وابن عدي من طريق محمد بن فضاء، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا لم يقدر أحدكم على الأرض، إذا كنتم في طين أو قصب أومئوا إيماءا) ) .
وفي رواية لابن عدي: ( ( أو في ماء أو في ثلج) ) .
ومحمد بن فضاء، ضعيف؛ ضعفه يحيى والنسائي وغيرهما.
ومذهب مالك: أنه يصلي في الطين بالأرض، ولا يصلي على الراحلة.
واختلفت الرواية عنه في السجود في الطين: فروي عنه: أنه يسجد عليه.
وروي عنه أنه يومئ.
وحمل ذلك طائفة من أصحابه على اختلاف حالين: فالحال التي يسجد عليه: إذا كان خفيفا، كما سجد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في اعتكافه في الماء والطين، وانصرف وعلى جبهته أثر الماء والطين.
والحال التي يومئ: إذا كان كثيرا، يغرق فيه المصلي.
ونص أحمد على أنه إذا خشي أن تفسد ثيابه بالسجود على الطين أومأ، ولم يسجد عليه.
وكذا قال أبو الشعثاء جابر بن زيد.
خرج البخاري في هذا الباب حديثين: الحديث الأول: قال:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرَ)
يُشِيرُ إِلَى الْجَوَازِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُكْرَهُ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ الْبَابِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حُلَّةً مِنْ بُرُودٍ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ كَذَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فَقَدْ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الرَّدِّ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَحَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ.

.
وَأَمَّا مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ فَلَا كَرَاهِيَة فِيهِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لُبْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتِلْكَ الْحُلَّةِ كَانَ مِنْ أَجْلِ الْغَزْوِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ كَانَ عَقِبَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِذْ ذَاكَ غَزْوٌ

[ قــ :372 ... غــ :376] .

     قَوْلُهُ  أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيِ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَأْتِي بَاقِي مَبَاحِثِهِ فِي أَبْوَابِ السُّتْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
الصلاة في الثوب الأحمر
[ قــ :372 ... غــ :376 ]
- حدثنا محمد بن عرعرة: حدثني عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي
جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة فركزها، وخرج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء مشمرا، صلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة.

هذا الحديث قد خرجه في مواضع متعددة، مختصرا وتاما، وقد سبق في ( ( أبواب الوضوء) ) بعضه، ويأتي في مواضع متفرقة - أيضا.

والمقصود منه هاهنا: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج في حلة حمراء مشمرا وصلى بالناس، فدل على جواز الصلاة في الثوب الأحمر.

قال أبو عبيد: الخلة: برود اليمن من مواضع مختلفة منها.
قال: والحلة إزار ورداء، لا يسمى حلة حتى يكون ثوبين.
انتهى.

وكذلك فسر سفيان الثوري الحلة الحمراء في هذا الحديث ببرد الحبرة -: حكاه عنه عبد الرزاق، وهو في ( ( مسند الإمام أحمد) ) وكتاب الترمذي.

وحينئذ؛ فالحلة الحمراء التي لبسها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانت بردا مخططا فيه خطط
حمر، ولم يكن كله أحمر.

وقد بوب البخاري في ( ( كتاب: اللباس) ) : ( ( باب: الثوب الأحمر) ) ، ثم خرج فيه من حديث البراء بن عازب، قال: رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حلة حمراء.

والقول في هذا الحديث كالقول في حديث أبي جحيفة.

ثم قال: ( ( باب: الميثرة الحمراء) ) ، وخرج فيه من حديث البراء، قال: نهانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لبس الحرير والديباج والقسي والإستبرق ومياثر الحمر.

( ( المياثر) ) : مراكب، سميت مياثر لوثارتها – وهو لينها ووطأتها، وكانت من زي العجم.

وقد قيل: أنها كانت من ديباج أو حرير -: قاله أبو عبيد وغيره.

وفسر يزيد بن أبي زياد المثيرة بجلود السباع.

وقد خرج النسائي من حديث المقدام بن معدي كرب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه نهى عن مياثر النمور.

وفي الصلاة في الثوب الأحمر حديث آخر:
خرجه الطبراني من رواية سعد بن الصلت، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبس يوم العيد بردة حمراء.

ورواه حجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبس بردة الأحمر في العيدين والجمعة.

كذا رواه حفص بن غياث، عن حجاج.

وخالفه هشيم، فرواه عن حجاج، عن أبي جعفر – مرسلا -، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يلبس يوم الجمعة بردة الأحمر، ويعتم يوم العيدين.

خرجه ابن سعد من هذين الوجهين.

والمرسل أشبه.

وقد اختلف العلماء في لبس الأحمر:
فرخص فيه ابن المسيب، والشعبي، والنخعي، والحسن، وعلي بن حسين، وابنه أبو جعفر.

وروي عن علي بن أبي طالب، أنه كان يلبس بردا أحمر.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) ، أن أسماء بنت أبي بكر أرسلت إلى ابن عمر تقول له: بلغني انك تحرم مياثر الأرجوان، فقال: هذه مثيرتي أرجوان.

والأرجوان: الشديد الحمرة.

وكرهت طائفة الثياب الحمر، منهم: طاوس، ومجاهد، وعطاء.

وروي عن الحسن وابن سيرين، قالا: هو زينة آل قارون.

وهو المنصوص عن أحمد في رواية المروذي، وسوى بين الرجال والنساء في كراهته.

وروى عن عطاء وطاوس ومجاهد الرخصة فيه للنساء خاصة.

وروي عن عائشة، أنها كانت تلبس درعا أحمر.

وفي كراهة الأحمر من اللباس أحاديث متعددة، خرجها أبو داود وغيره، يطول ذكرها هاهنا، وربما تذكر في موضع آخر – أن شاء الله تعالى.

ومنهم من رخص فيما حمرته خفيفة، وكره الشديد الحمرة، وروي ذلك عن مالك وأحمد، ورجحه كثير من أصحابنا.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) ، عن علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن لبس المعصفر.

وخرجه النسائي، وزاد فيه: المفدم.

والمفدم: المشبع بالعصفر.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) – أيضا – عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علي ثوبين معصفرين، فقال: ( ( إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها) ) .

وقد اختلف في لبس المعصفر:
فكرهه طائفة، روي عن عمر وعثمان وابن عمر وأنس، وهو قول الزهري وسعيد بن جبير ومالك وأحمد.

ورخصوا فيه للنساء.

وحكى ابن عبد البر الاجماع على جوازه لهن.

وفي الرخصة لهن فيه حديث مرفوع.

خرجه أبو داود.

وهذا قد يخالف رواية المروذي عن أحمد بكراهة الأحمر للنساء، كما تقدم، لكن تلك مقيدة بإرادة الزينة به، فقد تكون الرخصة محمولة على من لم يرد به الزينة.

وهذا القول روي عن ابن عباس، أنه يكره المعصفر للتزين به، ويرخص فيما امتهن منه.

ورخص طائفة في المعصفر مطلقا للرجال والنساء، روي عن أنس، وعن أبي وائل، وعروة، وموسى بن طلحة، والشعبي، وأبي قلابة، وابن سيرين، والنخعي وغيرهم، وهو قول الشافعي.

وكرهت طائفة المشبع منه – وهو المفدم – دون التخفيف، روي عن عطاء وطاوس ومجاهد.

وحكي عن مالك وأحمد – أيضا -؛ فإنه قال في المصبوغ بالدم: أن كانت حمرته تشبه المعصفر أكرهه، وقال: لا بأس بالمورد، وما كان خفيفا.

وحكى الترمذي في ( ( كتابه) ) هذا القول عن أهل الحديث: أنهم كرهوا لبس المعصفر، ورأوا: أن ما صبغ بالمدر أو غير ذلك فلا بأس به، إذا لم يكن معصفرا.

وقد روي عن علي وابن عمر الرخصة في المصبوغ بالمشق – وهو المغرة -، وقالا: إنما هو مدر أو تراب.

وفي كراهة المصبوغ بالمغرة: حديث خرجه أبو داود، في إسناده مقال.

ومن الناس من قال: يكره المعصفر خاصة، دون سائر ألوان الحمرة.
وقال: لم يصح في غيره نهي.

ومنهم من حمل أحاديث الرخصة على الجواز، وأحاديث النهي على كراهة التنزيه، وهذه هي طريقة ابن جرير الطبري.

وزعم الخطابي أن المكروه من الأحمر ما صبغ من الثياب بعد نسجه، فأما ما صبغ غزله ثم نسج – كعصب اليمن – فغير داخل في النهي.

وكذلك الشافعي فرق في المصبوغات بين ما صبغ قبل نسجه وبعده، واستحسن لبس ما صبغ غزله، دون ما صبغ بعد نسجه للزينة.

واختلف القائلون بكراهة الأحمر، فيما إذا كان في الثوب شيء من حمرة: هل يكره أم لا؟
فروي عن ابن عمر، أنه اشترى عمامة واعتم بها، فرأى فيها خيطا أحمر، فردها.

وكذلك روى المروذي عن أحمد، أنه أمره أن يشتري له تكة لا تكون فيها
حمرة.

وخرج أبو داود من حديث رافع بن خديج، قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر، فرأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط عهن حمر، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( ألا أرى الحمرة قد علتكم؟) ) فقمنا سراعا، فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها.

وفي إسناده رجل لا يعرف.

وخرج الطبراني وغيره من حديث إسحاق بن راهويه، قال: قلت لأبي قرة: أذكر ابن جريج، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الله بن سرجس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى يوما وعليه نمرة، فقال لرجل من أصحابه: ( ( أعطني نمرتك، وخذ نمرتي) ) ، فقال: يا رسول الله، نمرتك أجود من نمرتي.
قال: ( ( اجل؛ ولكن فيها خيط احمر، فخشيت أن انظر، إليه فيفتنني) ) -؟ فأقر به أبو قرة، وقال نعم.

وهذا غريب.

ورخص فيه آخرون.
روي عن الحسن، وقد سبق.

ونص عيه أحمد في رواية أخرى عنه في كساء أسود عليه علم أحمر، قال: لا بأس به.

ويستدل لهذا.
بحديث لبس النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حلة حمراء وبردا أحمر؛ فإن المراد بالحلة البرد المخطط بحمرة، كما قاله سفيان الثوري وغيره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الأَحْمَرِ

[ قــ :372 ... غــ : 376 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ

مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلاً أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَىِ الْعَنَزَةِ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن عرعرة) بالعينين المهملتين وسكون الراء الأولى ( قال: حدّثني) بالإفراد ( عمر بن أبي زائدة) بضم العين الكوفي ( عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وهب بن عبد الله السوائي بضم السين المهملة وتخفيف الواو الكوفي ( عن أبيه) أبي جحيفة رضي الله عنه ( قال) :
( رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهو بالأبطح ( في قبة حمراء من أدم) بفتح الهمزة والدال جلد ( ورأيت
بلالاً أخذ وضوء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
بفتح الواو أي الماء الذي يتوضأ به ( ورأيت الناس يبتدرون) أي يتسارعون ويتسابقون إلى ( ذاك) بغير لام وللأصيلي وابن عساكر ذلك ( الوضوء) تبرّكًا بآثاره الشريفة ( فمَن أصاب منه شيئًا تمسح به ومن لم يصب منه شيئًا أخذه من بلل صاحبه) وفي رواية من بلال بفتح الباء وكسرها ( ثم رأيت بلالاً أخذ عنزة) بفتح العين المهملة والنون والزاي مثل نصف الرمح أو أكبر لها سنّان كسنّان الرمح، وفي رواية عنزة له ( فركّزها، وخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( في حلّة حمراء) بردين إزار ورداء يمانيين منسوجين بخطوط حمر مع الأسود حال كونه ( مشمّرًا) ثوبه بكسر الميم الثاني قد كشف شيئًا من ساقيه.
قال في مسلم: كأني أنظر إلى بياض ساقيه ( صلى) ولمسلم تقدم فصلّى ( إلى العنزة بالناس) الظهر ( ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرّون بين يدي العنزة) ، ولأبي ذر في نسخة من بين يدي العنزة وفيه استعمال المجاز وإلاّ فالعنزة لا يد لها.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري وكوفيين، وفى التحديث والعنعنة.
والقول، وأخرجه المؤلّف في اللباس وفي الصلاة وكذا أبو داود والترمذي وأخرجه النسائي في الزينة وابن ماجة في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الأحْمَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْأَحْمَر، يَعْنِي: تجوز..
     وَقَالَ  بَعضهم: يُشِير إِلَى الْجَوَاز، وَالْخلاف فِي ذَلِك مَعَ الْحَنَفِيَّة.
قلت: لَا خلاف للحنيفة فِي جَوَاز ذَلِك، وَلَو عرف هَذَا الْقَائِل مَذْهَب الْحَنَفِيَّة لما قَالَ ذَلِك، وَلم يكتف بِهَذَا حَتَّى قَالَ: وتأولوا حَدِيث الْبابُُ بِأَنَّهَا كَانَت حلَّة من برود فِيهَا خطوط حمر، وَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّأْوِيل، لأَنهم لم يَقُولُوا بِحرْمَة لبس الْأَحْمَر حَتَّى تأولوا هَذَا، وَإِنَّمَا قَالُوا: مَكْرُوه لحَدِيث آخر، وَهُوَ نَهْيه عَن لبس المعصفر، وَالْعَمَل بِمَا رُوِيَ من الْحَدِيثين أولى من الْعَمَل بِأَحَدِهِمَا، فاحتجوا بِالْأولِ على الْجَوَاز، وَبِالثَّانِي على الْكَرَاهَة..
     وَقَالَ  أَيْضا: وَمن أدلتهم مَا أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد ابْن عَمْرو قَالَ: ( مر بِالنَّبِيِّ رجل وَعَلِيهِ ثَوْبَان أَحْمَرَانِ، فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ) .
وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد.
قلت: عرق العصبية حِين تحرّك حمله على أَن سكت عَن قَول التِّرْمِذِيّ، عقيب إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث: هَذَا حَدِيث حسن.



[ قــ :372 ... غــ :376]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ قالَ حدّثني عُمَرُ بنُ أبي زَائِدَةَ عنْ عَوْنِ ابْنِ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ قالَ رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ فِي قُبَّةٍ حَمْراءَ مِنْ أَدَمٍ وَرَأيْتُ بلاَلاً أخَذَ وَضُوءَ رسولِ الله وَرَأيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الوَضُوءَ فَمَنْ أصابَ مِنْهُ شيْئاً تَمَسَّحَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئاً أخذَ مِنْ بَلَلٍ يَدِ صاحِبِهِ ثُمَّ رَأيْتُ بِلاَلاً أخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَها وخَرَجَ النَّبيُّ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّراً صَلَّى إلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَرَأيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَي العَنَزَةِ.
.


مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد بن عرْعرة، بالمهملتين المفتوحتين وَسُكُون الرَّاء الأولى، مر فِي بابُُ خوف الْمُؤمن أَن يحبط عمله.
الثَّانِي: عمر بن أبي زَائِدَة، أَخُو زَكَرِيَّا الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَعمر بِدُونِ: الْوَاو.
الثَّالِث: عون، بالنُّون فِي آخِره: ابْن أبي جُحَيْفَة.
الرَّابِع: أَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء المهلة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء وَفِي آخِره هَاء: واسْمه وهب بن عبد االسوائي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وبالهمزة بعد الْألف: الْكُوفِي، مر فِي كتاب الْعلم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وبصري.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن مُحَمَّد بن عرْعرة عَن عون بِهِ، وَفِي اللبَاس أَيْضا عَن إِسْحَاق عَن النَّضر بن شُمَيْل عَنهُ بِبَعْضِه.
وَأخرجه أَيْضا فِي بابُُ ستْرَة الإِمَام ستْرَة من خَلفه، وَبعده بِقَلِيل فِي بابُُ الصَّلَاة إِلَى العنزة.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن بهز عَنهُ، وَأخرجه أَيْضا عَن مُحَمَّد بن مثنى وَمُحَمّد بن بشار، وَعَن زُهَيْر بن حَرْب.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي عَن وَكِيع.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرَّزَّاق.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام عَن إِسْحَاق الْأَزْرَق.
وَأخرجه ابْن ماجة فِي الصَّلَاة عَن أَيُّوب بن مُحَمَّد الْهَاشِمِي عَن عبد الْوَاحِد بن زِيَاد.
ذكر مَعَانِيه قَوْله: ( فِي قبَّة حَمْرَاء من أَدَم) قَالَ الْجَوْهَرِي: الْقبَّة من الْبناء، وَالْجمع: قبب وقبابُ قلت: المُرَاد من الْقبَّة هُنَا هِيَ الَّتِي تعْمل من الْجلد، وَقد فسر ذَلِك بِكَلِمَة: من، البيانية، والأدم، بِفَتْح الْهمزَة وَالدَّال جمع: الْأَدِيم.
وَفِي ( الْمُحكم) الْأَدِيم: الْجلد مَا كَانَ، وَقيل: الْأَحْمَر، وَقيل: هُوَ المدبوغ.
وَقيل: هُوَ بعد الأفيق، وَذَلِكَ إِذا تمّ واحمر، والأفيق: هُوَ الْجلد الَّذِي لم يتم دباغه.
وَقيل: هُوَ مَا دبغ بِغَيْر الْقرظ، قَالَه ابْن الْأَثِير.
والأدم اسْم الْجمع عِنْد سِيبَوَيْهٍ.
والأدام جمع أَدِيم: كيتيم وأيتام، وَإِن كَانَ هَذَا فِي الصّفة أَكثر، وَقد يجوز أَن يكون جمع: أَدَم.
وَفِي ( الْمُخَصّص) : عَن أبي حنيفَة: إِذا رشف الْجلد وَبسط حَتَّى يُبَالغ فِيهِ مَا قبل من الدّباغ فَهُوَ حينئذٍ أَدِيم، وأدم وأدمة.
وَفِي ( نَوَادِر اللحياني) من خطّ الْحَافِظ: الْأدم والأدم جمع الْأَدِيم، وَهُوَ الْجلد.
وَفِي ( الْجَامِع) : الْأَدِيم بَاطِن الْجلد.
ورؤية أبي جيحيفة النَّبِي كَانَت بِالْأَبْطح بِمَكَّة، صرح بذلك فِي رِوَايَة مُسلم: ( أتيت النَّبِي بِمَكَّة وَهُوَ بِالْأَبْطح) .
وَهُوَ الْموضع العروف، وَيُقَال لَهُ: الْبَطْحَاء، وَيُقَال: إِنَّه إِلَى منى أقرب، وَهُوَ: المحصب، وَهُوَ: خيف بني كنَانَة.
وَزعم بَعضهم: أَنه ذُو طوى وَلَيْسَ كَذَلِك، كَمَا نبه عَلَيْهِ ابْن قرقول، وَعند النَّسَائِيّ: ( وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء فِي نَحْو من أَرْبَعِينَ رجلا) .

قَوْله: ( وضوء رَسُول ا) بِفَتْح الْوَاو: هُوَ المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ.
وَقَوله: ( يبتدرون) أَي: يتسارعون ويتسابقون إِلَيْهِ تبركاً بآثاره الشَّرِيفَة.
وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( وَقَامَ النَّاس فَجعلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فيمسحون بهَا وُجُوههم، قَالَ: فَأخذت بِيَدِهِ فَوَضَعتهَا على وَجْهي فَإِذا هِيَ أبرد من الثَّلج وَأطيب رَائِحَة من الْمسك) .
وَفِي رِوَايَة: ( فَأخْرج فضل وضوء رَسُول الله فَابْتَدَرَهُ النَّاس، فنلت مِنْهُ شَيْئا) .
قَوْله: ( ذَلِك) ويروى: ( ذَاك الْوضُوء) .
قَوْله: ( من بَلل يَد صَاحبه) ويروى: ( من بِلَال يَد صَاحبه) .
قَوْله: ( عنزة) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالنُّون وَالزَّاي، وَهِي مثل نصف الرمْح أَو أكبر شَيْئا.
وفيهَا سِنَان مثل سِنَان الرمْح، والعكازة قريب مِنْهَا.
قَوْله: ( فِي حلَّة حَمْرَاء) فِي مَوضِع النصب على الْحَال، والحلة: ثَوْبَان: إِزَار ورداء، وَقيل: أَن يكون ثَوْبَيْنِ من جنس وَاحِد سميا بذلك، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يحل على الآخر.
وَقيل: أصل تَسْمِيَتهَا بِهَذَا إِذا كَانَ الثوبان جديدين، فَمَا حل طيهما فَقيل لَهما: حلَّة، لهَذَا، ثمَّ اسْتمرّ عَلَيْهِمَا الإسم..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الْحلَّة وَاحِدَة الْحلَل، وَهِي: برود الْيمن، وَلَا تسمى حلَّة إلاَّ أَن تكون ثَوْبَيْنِ من جنس وَاحِد..
     وَقَالَ  غَيره: وَالْجمع: حلل وحلال، وحلله الْحلَّة: ألبسهُ إِيَّاهَا.
وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: ( وَعَلِيهِ حلَّة حَمْرَاء برود يَمَانِية قطري) .
قَوْله: ( برود) جمع: برد، مَرْفُوع لِأَنَّهُ صفة للحلة.
وَقَوله: ( يَمَانِية) صفة للبرود أَي منسوبة إِلَى الْيمن.
قَوْله ( قطري) بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الطَّاء، وَالْأَصْل: قطري، بِفَتْح الْقَاف والطاء لِأَنَّهُ نِسْبَة إِلَى؛ قطر، بلد بَين عمان وَسيف الْبَحْر، فَفِي النِّسْبَة خففوها وكسروا الْقَاف وَسَكنُوا الطَّاء، وَيُقَال: القطري، ضرب من البرود فِيهَا حمرَة، وَيُقَال: ثِيَاب حمر لَهَا أَعْلَام فِيهَا بعض الخشونة.
وَقيل: حلل جِيَاد تحمل من قبل الْبَحْرين، وَإِنَّمَا لم يقل: قطرية، مَعَ أَن التطابق بَين الصّفة والموصوف شَرط لِأَنَّهُ بِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال صَار كالاسم.
لذَلِك النَّوْع من الْحلَل، وَوصف الْحلَّة بِثَلَاث صِفَات: الأولى: صفة الذَّات وَهِي قَوْله: ( حَمْرَاء) وَالثَّانيَِة: صفة الْجِنْس وَهِي قَوْله: ( برود) بَين بِهِ أَن جنس هَذِه الْحلَّة الْحَمْرَاء من البرود اليمانية.
وَالثَّالِثَة: صفة النَّوْع، وَهِي قَوْله: ( قطري) ، لِأَن البرود اليمانية أَنْوَاع، نوع مِنْهَا قطري بَينه بقوله: ( قطري) .
وَقيل: إِنَّمَا لبس النَّبِي الْحلَّة الْحَمْرَاء فِي السّفر ليتأهب لِلْعَدو، وَيجوز أَن يلبس فِي الْغَزْو مَا لَا يلبس فِي غَيره.
قلت: فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ لم يكن فِي هَذَا السّفر للغزو، لِأَنَّهُ كَانَ عقيب حجَّة الْوَدَاع، وَلم يبْق لَهُ غَزْو إِذْ ذَاك، وَكَأَنَّهُ هَذَا الْقَائِل نقل عَن بعض الْحَنَفِيَّة أَنه ذهب إِلَى عدم جَوَاز لبس الثَّوْب الْأَحْمَر، ثمَّ لما أوردوا عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الحَدِيث أجَاب بِمَا ذكرنَا.
قلت: لَا النَّقْل عَنهُ صَحِيح، وَلَا هُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة، فَلَا يحْتَاج إِلَى الْجَواب الْمَذْكُور.
قَوْله: ( مشمراً) بِكَسْر الْمِيم الثَّانِيَة، نصب على الْحَال من النَّبِي.
يُقَال: شمر إزَاره تشميراً، أَي: رَفعه، وشمر عَن سَاقه، وشمر فِي أمره أَي: خف، وَالْمعْنَى: رَفعهَا إِلَى أَنْصَاف سَاقيه، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة مُسلم؛ ( كَأَنِّي أنظر إِلَيّ بَيَاض سَاقيه) .
قَوْله: ( صلى بِالنَّاسِ) صلَاته هَذِه هِيَ صَلَاة الظّهْر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( فَتقدم فصلى الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ صلى الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ لم يزل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة) .
قَوْله: ( يَمرونَ بَين يَدي العنزة) ، وَفِي رِوَايَة: ( تمر من وَرَائِهَا الْمَرْأَة) .
وَفِي لفظ: ( يمر بَين يَدَيْهِ الْحمار وَالْكَلب لَا يمْنَع) .

ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز لبس الثَّوْب الْأَحْمَر وَالصَّلَاة فِيهِ، وَالْبابُُ مَعْقُود عَلَيْهِ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
وَفِيه: جَوَاز ضرب الْخيام والقبابُ.
وَفِيه: التَّبَرُّك بآثار الصَّالِحين.
وَفِيه: نصب عَلامَة بَين يَدي الْمُصَلِّي فِي الصَّحرَاء.
وَفِيه: جَوَاز قصر الصَّلَاة فِي السّفر، وَهُوَ الْأَفْضَل عِنْد أَصْحَابنَا، وَالَّذِي فِي مُسلم يدل عَلَيْهِ.
وَفِيه: جَوَاز الْمُرُور وَرَاء ستْرَة الْمُصَلِّي،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: فِيهِ: أَنه يجوز لِبَاس الثِّيَاب الملونة للسَّيِّد الْكَبِير والزاهد فِي الدُّنْيَا، والحمرة أشهر الملونات وَأجل الزِّينَة فِي الدُّنْيَا.
وَفِيه: طَهَارَة المَاء الْمُسْتَعْمل.
قيل: فِيهِ حجَّة على الْحَنَفِيَّة فِي قَوْلهم بِنَجَاسَة المَاء الْمُسْتَعْمل.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الْمَذْهَب أَن المَاء الْمُسْتَعْمل طَاهِر حَتَّى يجوز شربه والتعجين بِهِ، غير أَنه لَيْسَ بِطهُور، فَلَا يجوز بِهِ الْوضُوء وَلَا الِاغْتِسَال، وَكَونه نجسا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَلَيْسَ الْعَمَل عَلَيْهَا، على أَن حكم النَّجَاسَة فِي هَذِه الرِّوَايَة بِاعْتِبَار إِزَالَة الآثام النَّجِسَة عَن الْبدن المذنب فيتنجس حكما، بِخِلَاف فضل وضوء النَّبِي فَإِنَّهُ طَاهِر من بدن طَاهِر وَهُوَ طهُور أَيْضا أطهر من كل طَاهِر وَأطيب.