هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2147 حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا ، وَكَانَتْ عَرُوسًا ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ قَالَ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2147 حدثنا عبد الغفار بن داود ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ، فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب ، وقد قتل زوجها ، وكانت عروسا ، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، فخرج بها حتى بلغنا سد الروحاء حلت فبنى بها ، ثم صنع حيسا في نطع صغير ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آذن من حولك ، فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية ، ثم خرجنا إلى المدينة قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة ، ثم يجلس عند بعيره ، فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Anas bin Malik:

The Prophet (ﷺ) came to Khaibar and when Allah made him victorious and he conquered the town by breaking the enemy's defense, the beauty of Safiya bint Huyai bin Akhtab was mentioned to him and her husband had been killed while she was a bride. Allah's Messenger (ﷺ) selected her for himself and he set out in her company till he reached Sadd-ar-Rawha' where her menses were over and he married her. Then Hais (a kind of meal) was prepared and served on a small leather sheet (used for serving meals). Allah's Messenger (ﷺ) then said to me, Inform those who are around you (about the wedding banquet). So that was the marriage banquet given by Allah's Messenger (ﷺ) for (his marriage with) Safiya. After that we proceeded to Medina and I saw that Allah's Messenger (ﷺ) was covering her with a cloak while she was behind him. Then he would sit beside his camel and let Safiya put her feet on his knees to ride (the camel).

D'après 'Amrû ibn Abu 'Amrû, 'Anas ibn Mâlik (radiallahanho) dit: «Le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) arriva à Khaybar; et après que Allah lui avait accordé la conquête du fort, on vint lui parler de la beauté de Safîya bent Huyay ibn Akhtab dont le mari fut abattu alors qu'elle était encore une nouvelle mariée. Le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) la choisit alors pour sa propre personne. Ensuite, il l'emmena avec lui; et à notre arrivée à SadarRawhâ', son écoulement menstruel cessa, d'où le Prophète put consommer ensuite le mariage avec elle. Après quoi, il prépara du hays(2) sur une petite natte en cuir puis [me] dit: Invite ceux qui sont autour de toi! Tel fut le banquet de mariage du Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) avec Safîya. Après cela, nous nous dirigeâmes vers Médine... Je vis alors le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) préparer à Safîya un petit coussin et le mettre derrière lui [sur sa selle]. Il se mit ensuite près de son chameau et avança son genou afin que Safîya puisse mettre le pied dessus et monter.»

D'après 'Amrû ibn Abu 'Amrû, 'Anas ibn Mâlik (radiallahanho) dit: «Le Prophète (salallahou alayhi wa sallam) arriva à Khaybar; et après que Allah lui avait accordé la conquête du fort, on vint lui parler de la beauté de Safîya bent Huyay ibn Akhtab dont le mari fut abattu alors qu'elle était encore une nouvelle mariée. Le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) la choisit alors pour sa propre personne. Ensuite, il l'emmena avec lui; et à notre arrivée à SadarRawhâ', son écoulement menstruel cessa, d'où le Prophète put consommer ensuite le mariage avec elle. Après quoi, il prépara du hays(2) sur une petite natte en cuir puis [me] dit: Invite ceux qui sont autour de toi! Tel fut le banquet de mariage du Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) avec Safîya. Après cela, nous nous dirigeâmes vers Médine... Je vis alors le Messager d'Allah (salallahou alayhi wa sallam) préparer à Safîya un petit coussin et le mettre derrière lui [sur sa selle]. Il se mit ensuite près de son chameau et avança son genou afin que Safîya puisse mettre le pied dessus et monter.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2235] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ ثُمَّ قَالَ كِلِ للْقَوْم فَإِنَّهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الْكَيْلُ عَلَى الْمُعْطِي وَقَولُهُ فِيهِ صَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا أَيِ اعْزِلْ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُ وَحْدَهُ وَقَولُهُ فِيهِ وعذق بن زَيْدٍ الْعِذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ النَّخْلَةُ وَبِكَسْرِهَا الْعُرْجُونُ والذال فيهمَا مُعْجمَة وبن زَيْدٍ شَخْصٌ نُسِبَ إِلَيْهِ النَّوْعُ الْمَذْكُورُ مِنَ التَّمْرِ وَأَصْنَافُ تَمْرِ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَدُّوا عِنْدَ أَمِيرِهَا صُنُوفَ التَّمْرِ الْأَسْوَدِ خَاصَّةً فَزَادَتْ عَلَى السِّتِّينَ قَالَ وَالتَّمْرُ الْأَحْمَرُ أَكْثَرُ مِنَ الْأَسْوَدِ عِنْدَهُمْ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي آخَرِ أَبْوَابِ الْوَصَايَا بِتَمَامِهِ وَفِيهِ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ وَهَذَا أَيْضًا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الاستقراض بِتَمَامِهِ وَهِشَام الْمَذْكُور هُوَ بن عُرْوَة ووهب هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَولُهُ جُذَّ بِلَفْظِ الْأَمْرِ مِنَ الْجُذَاذِ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْعَرَاجِينِ وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ قَدْرَ الدَّيْنِ وَقَدْرَ الَّذِي فَضَلَ بَعْدَ وَفَائِهِ وَقَدْ تَضَمَّنَ .

     قَوْلُهُ  فَأَوْفِ لَهُ معنى قَوْله كل للْقَوْم ( قَولُهُ بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْكَيْلِ) أَيْ فِي المبايعات

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُعْطِي)
أَيْ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْمُعْطِي بَائِعًا كَانَ أَوْ مُوَفِّي دَيْنٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَيُلْتَحَقُ بِالْكَيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ مِنَ السِّلَعِ وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ وَزْنِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا نَقْدَ الثَّمَنِ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وزنوهم يخسرون يَعْنِي كَالُوا لَهُمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُمْ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَبِهِ جَزَمَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَكَانَ يَقِفُ عَلَى كَالُوا وَعَلَى وَزَنُوا ثُمَّ يَقُولُ هُمْ وَزَيَّفَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْجُمْهُورُ أَعْرَبُوهُ عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ وَوَصَلَ الْفِعْلِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَهُوَ الْمَكِيلُ مَثَلًا أَيْ كَالُوا مَكِيلَهُمْ وَقَولُهُ كَقَوْلِهِ يَسْمَعُونَكُمْ أَيْ يَسْمَعُونَ لَكُمْ وَمَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْمَرْءَ يَكِيلُ لَهُ غَيْرُهُ إِذَا اشْتَرَى وَيَكِيلُ هُوَ إِذَا بَاعَ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيث وَصله النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ إِذْ أَتَى رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ وَمَعَنَا جَمَلٌ أَحْمَرُ فَقَالَ أَتَبِيعُونَ الْجَمَلَ قُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ بِكَمْ قُلْنَا بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ قَدْ أَخَذْتُ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى تَوَارَى فَلَمَّا كَانَ الْعِشَاءُ أَتَانَا رَجُلٌ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ وَهُوَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ هَذَا التَّمْرِ حَتَّى تَشْبَعُوا وَتَكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا فَفَعَلْنَا ثُمَّ قَدِمْنَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الِاكْتِيَالَ يُسْتَعْمَلُ لِمَا يَأْخُذهُ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ كَمَا يُقَالُ اشْتَوَى إِذَا اتَّخَذَ الشِّوَاءَ وَاكْتَسَبَ إِذَا حَصَّلَ الْكَسْبَ وَيُفَسِّرُ ذَلِكَ حَدِيثُ عُثْمَانَ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  وَيُذْكَرُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِذَا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن الْمُغيرَة الْمصْرِيّ عَن منقذ مولى بن سِرَاقَةَ عَنْ عُثْمَانَ بِهَذَا وَمُنْقِذٌ مَجْهُولُ الْحَالِ لَكِن لَهُ طَرِيق أُخْرَى أخرجهَا أَحْمد وبن ماجة وَالْبَزَّار مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ عَنْ سَعِيدِ بن الْمسيب عَن عُثْمَان بِهِ وَفِيه بن لَهِيعَة وَلكنه من قديم حَدِيثه لِأَن بن عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْرَدَهُ فِي فُتُوحِ مِصْرَ مِنْ طَرِيق اللَّيْث عَنهُ وَأَشَارَ بن التِّينِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ قَالَ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا بِعْتَ فَكِلْ أَيْ فَأَوْفِ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ أَيْ فَاسْتَوْفِ قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أَعْطَى أَوْ أَخَذَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ أَيْ لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ انْتَهَى لَكِنْ فِي طَرِيقِ اللَّيْثِ زِيَادَةٌ تُسَاعِدُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَلَفْظُهُ إِنَّ عُثْمَانَ قَالَ كُنْتُ أَشْتَرِي التَّمْرَ مِنْ سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثُمَّ أَجْلِبُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَفْرُغُهُ لَهُمْ وَأُخْبِرُهُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَكِيلَةِ فَيُعْطُونِي مَا رَضِيتُ بِهِ مِنَ الرِّبْحِ فَيَأْخُذُونَهُ وَيَأْخُذُونَهُ بِخَبَرِي فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَعَاطِي الْكَيْلِ حَقِيقَةً لَا خُصُوصَ طَلَبِ عَدَمِ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَله شَاهد مُرْسل أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ قَالَ قَدِمَ لِعُثْمَانَ طَعَامٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ ثُمَّ أَوْرَدَ المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ مَنْ بَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ دَيْنِ أَبِيهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا اخْتَلَفَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَطُرُقِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ

[ قــ :2147 ... غــ :2235] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ ثُمَّ قَالَ كِلِ للْقَوْم فَإِنَّهُ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ الْكَيْلُ عَلَى الْمُعْطِي وَقَولُهُ فِيهِ صَنِّفْ تَمْرَكَ أَصْنَافًا أَيِ اعْزِلْ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُ وَحْدَهُ وَقَولُهُ فِيهِ وعذق بن زَيْدٍ الْعِذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ النَّخْلَةُ وَبِكَسْرِهَا الْعُرْجُونُ والذال فيهمَا مُعْجمَة وبن زَيْدٍ شَخْصٌ نُسِبَ إِلَيْهِ النَّوْعُ الْمَذْكُورُ مِنَ التَّمْرِ وَأَصْنَافُ تَمْرِ الْمَدِينَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَدُّوا عِنْدَ أَمِيرِهَا صُنُوفَ التَّمْرِ الْأَسْوَدِ خَاصَّةً فَزَادَتْ عَلَى السِّتِّينَ قَالَ وَالتَّمْرُ الْأَحْمَرُ أَكْثَرُ مِنَ الْأَسْوَدِ عِنْدَهُمْ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي آخَرِ أَبْوَابِ الْوَصَايَا بِتَمَامِهِ وَفِيهِ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  هِشَامٌ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُذَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ وَهَذَا أَيْضًا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الاستقراض بِتَمَامِهِ وَهِشَام الْمَذْكُور هُوَ بن عُرْوَة ووهب هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَولُهُ جُذَّ بِلَفْظِ الْأَمْرِ مِنَ الْجُذَاذِ بِالْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْعَرَاجِينِ وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ قَدْرَ الدَّيْنِ وَقَدْرَ الَّذِي فَضَلَ بَعْدَ وَفَائِهِ وَقَدْ تَضَمَّنَ .

     قَوْلُهُ  فَأَوْفِ لَهُ معنى قَوْله كل للْقَوْم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا)

هَكَذَا قَيَّدَ بِالسَّفَرِ وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنهُ قَالَ وَكَانَ بن سِيرِينَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ يُصِيبُ مَا دُونَ الْفَرْجِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ قَوْلُ الْحَسَنِ إِنْ كَانَ فِي المسبية صَوَاب وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بَيْنَ المسبية وَغَيرهَا قَوْله.

     وَقَالَ  بن عُمَرَ إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عُتِقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ وَلَا تستبرأ الْعَذْرَاء أما قَوْله الأول فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ وَكَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ الْحَمْلَ أَوْ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ الْوَطْءِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَفِي الِاسْتِبْرَاءِ شَائِبَةُ تَعَبُّدٍ وَلِهَذَا تُسْتَبْرَأُ الَّتِي أَيِسَتْ مِنَ الْحَيْضِ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا ملكت أَيْمَانهم قَالَ بن التِّينِ إِنْ أَرَادَ عَطَاءٌ بِالْحَامِلِ مَنْ حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا يُرْتَابُ فِي حِلِّهِ وَإِنْ أَرَادَ مِنْ غَيْرِهِ فَفِيهِ خلاف قُلْتُ وَالثَّانِي أَشْبَهَ بِمُرَادِهِ وَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ بِالآيةِ أَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ بِجَمِيعِ وُجُوهِهِ فَخَرَجَ الْوَطْءُ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي الْمَغَازِي وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا

[ قــ :2147 ... غــ :2235] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ حَلَّتْ أَيْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَبْرَأَ صَفِيَّةَ بِحَيْضَةٍ.

.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ صَفِيَّةَ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَقَدْ شَكَّ حَمَّادٌ رَاوِيهِ عَنْ ثَابِتٍ فِي رَفْعِهِ وَفِي ظَاهِرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بِهَا مُنْصَرِفَهُ مِنْ خَيْبَرَ بَعْدَ قَتْلِ زَوْجِهَا بِيَسِيرٍ فَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَلَا نَقَلُوا أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا فَتُحْمَلُ الْعِدَّةُ عَلَى طُهْرِهَا مِنَ الْمَحِيضِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالصَّرِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضُ حَيْضَةً قَالَهُ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ عَلَى شَرط الصَّحِيح

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب هَلْ يُسَافِرُ بِالْجَارِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا؟
وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُقَبِّلَهَا أَوْ يُبَاشِرَهَا..
     وَقَالَ  ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: إِذَا وُهِبَتِ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرَأْ رَحِمُهَا بِحَيْضَةٍ؛ وَلاَ تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ..
     وَقَالَ  عَطَاءٌ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الْحَامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ..
     وَقَالَ  اللَّهُ تَعَالَى: { إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} .

(باب) بالتنوين (هل يسافر) الشخص (بالجارية) التي اشتراها (قبل أن يستبرئها).

(ولم ير الحسن) البصري فيما وصله ابن أبي شيبة (بأسًا أن يقبلها) أي الجارية (أو يباشرها) يعني فيما دون الفرج، وفي بعض الأصول ويباشرها بحذف الألف.

(وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: إذا وهبت الوليدة) بضم الواو وكسر الهاء والوليدة بفتح الواو وبعد اللام المكسورة مثناة تحتية ساكنة ثم دال مهملة الجارية (التي توطأ) مبنيًّا للمفعول (أو بيعت) بكسر الموحدة مبنيًّا للمفعول أيضًا (أو أعتقت) بفتح العين (فليستبرأ) بضم التحتية مبنيًّا للمفعول أيضًا مجزوم بلام الأمر (رحمها) بالرفع نائب عن الفاعل (بحيضة).
وهذا وصله ابن أبي شيبة من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وأما قوله: (ولا تستبرأ العذراء) بضم الفوقية وفتح الراء مبنيًّا للمفعول أيضًا ولا نافية، والعذراء بفتح العين المهملة وسكون المعجمة ممدودًا البكر فوصله عبد الرزاق من طريق أيوب عن نافع عنه، وكأنه كان يرى أن البكارة مانعة من الحمل أو تدل على عدمه أو عدم الوطء وفيه نظر وعلى تقديره ففي الاستبراء شائبة تعبد، ولهذا تستبرأ التي أيست من الحيض وفي بعض الأصول فليستبرئ مبنيًّا للفاعل وكذا قوله: ولا تستبرئ العذراء بكسر همزة تستبرئ على أن لا نافية فهو مجزوم كسر لالتقاء الساكنين.

(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح: (لا بأس أن يصيب) الرجل (من جاريته الحامل) من غيره (ما دون الفرج، وقال الله تعالى) في كتابه العزيز: { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} ) [المعارج: 30] من السراري ووجه الاستدلال بهذه الآية دلالتها على جواز الاستمتاع بجميع وجوهه فخرج الوطء بدليل فبقي الباقي على الأصل.

[ قــ :2147 ... غــ : 2235 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ -وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا- فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى صَفِيَّةَ.
ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ".

وبه قال: (حدّثنا عبد الغفار بن داود) بن مهران أبو صالح الحرّاني نزيل مصر قال: (حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن) القاريّ بتشديد الياء نسبة إلى القارة (عن عروة بن أبي عمرو) بفتح العين وسكون الميم فيهما مولى المطلب المدني أبي عثمان واسم أبيه ميسرة (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خيبر) مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة قال ابن إسحاق خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بقية المحرم سنة سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة (فلما فتح الله عليه الحصن) وهو القموص بالقاف المفتوحة والصاد المهملة (ذكر له) بضم الذال وكسر الكاف مبنيًّا للمفعول (جمال صفية بنت حيي بن أخطب) بالخاء المعجمة وكان سباها من هذا الحصن (وقد قتل زوجها) كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق (وكانت عروسًا) يستوي فيه المذكر والمؤنث (فاصطفاها)

اختارها (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنفسه) صفيًّا من مغنم خيبر والصفي ما يختار من سلاح أو دابّة أو جارية أو غير ذلك قبل القسمة، (فخرج بها) عليه الصلاة والسلام (حتى بلغنا سد الروحاء) بفتح الراء وسكون الواو ممدودًا موضع قريب من المدينة.
وقال في المصابيح كالتنقيح: جبلها (حلت) أي طهرت من حيضها، وقد روى البيهقي بإسناد لين أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استبرأ صفية بحيضة (فبنى) أي دخل (بها) عليه الصلاة والسلام (ثم صنع) عليه الصلاة والسلام (حيسًا) بفتح الحاء وبعد التحتية الساكنة سين مهملتين من تمر وسمن وأقط (في نطع صغير) بكسر النون وفتح الطاء المهملة على المشهور (ثم قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأنس:
(آذن) بهمزة ممدودة وكسر المعجمة أي أعلم (من حولك) من الناس لإشهار النكاح.
قال أنس: (فكانت تلك) الأخلاط التي من التمر والسمن والأقط (وليمة) عرس (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على صفية) بنصب وليمة ورفعها.
(ثم خرجنا إلى المدينة قال: فرأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحوي لها) بضم التحتية وفتح المهملة وتشديد الواو المكسورة (وراءه بعباءة) بعين مهملة مفتوحة وهمزة بعد الألف كساء صغير أي يدير العباءة على سنام البعير يحجبها بذلك لكونها صارت من أمهات المؤمنين ويهيئ لها من ورائه بالعباءة مركبًا وطيئًا ويسمى ذلك المركب حوية، (ثم يجلس) عليه الصلاة والسلام (عند بعيره فيضع ركبته) الشريفة (فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب) وقد ولد صفية مائة نبي ومائة ملك ثم صيرها الله تعالى أمة لسيد الرسل صلوات الله وسلامه عليه وكانت من سبط هارون قاله الجاحظ في كتاب الموالي.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في المغازي عن عبد الغفار وعن غيره في الجهاد وفي الأطعمة والدعوات، وأخرجه أبو داود في الخراج.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ هَلْ يُسَافِرُ بالجَارِيَةِ أنْ يَسْتَبْرِئَها)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: هَل يُسَافر شخص بالجارية الَّتِي اشْتَرَاهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا؟ وَإِنَّمَا قيد بِالسَّفرِ، وَإِن كَانَ فِي الْحَضَر أَيْضا لَا بُد من الِاسْتِبْرَاء، لِأَن السّفر مَظَنَّة المخالطة وَالْمُلَامَسَة غَالِبا، واستبراء الْجَارِيَة طلب بَرَاءَة رَحمهَا من الْحمل، وَأَصله من: استبرأت الشَّيْء إِذا طلبت أمره لتعرفه وتقطع الشُّبْهَة.
وَقيل: الِاسْتِبْرَاء عبارَة عَن التعرف والتبصر احْتِيَاطًا، والاستبراء الَّذِي يذكر مَعَ الِاسْتِنْجَاء فِي الطَّهَارَة هُوَ أَن يستفرغ بَقِيَّة الْبَوْل وينقي مَوْضِعه وَمَجْرَاهُ، وَكلمَة: هَل: هُنَا للاستفهام على سَبِيل الاستخبار، وَلم يذكر جَوَابه لمَكَان الِاخْتِلَاف فِيهِ.

ولَمْ يَرَ الحَسَنُ بَأْسا أَن يُقَبِّلَها أوْ يُبَاشِرَهَا
الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة عَن ابْن علية، قَالَ: سُئِلَ يُونُس عَن الرجل يَشْتَرِي الْأمة فيستبرئها يُصِيب مِنْهَا الْقبْلَة والمباشرة؟ فَقَالَ ابْن سِيرِين: يكره ذَلِك، وَيذكر عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بالقبلة بَأْسا.
قَوْله: ( أَو يُبَاشِرهَا) يَعْنِي فِيمَا دون الْفرج، ويروى: ويباشرها بِالْوَاو، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَادِهِ عَن الْحسن، قَالَ: يُصِيب مَا دون الْفرج، وَلَفظ الْمُبَاشرَة أَعم من التَّقْبِيل وَغَيره، وَلَكِن الْفرج مُسْتَثْنى لأجل الْمعرفَة بِبَرَاءَة الرَّحِم.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إذَا وُهِبَتِ الوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطأ أوْ بِيعَتْ أوْ عَتَقَتْ فَلْيُسْتَبْرأ رَحِمُها بِحَيْضَةٍ ولاَ تَسْتَبُرَأُ العَذْرَاءُ
ابْن عمر هُوَ عبد الله بن عمر.
قَوْله: ( إِذا وهبت) إِلَى قَوْله: ( بِحَيْضَة) ، تَعْلِيق وَصله أَبُو بكر بن أبي شيبَة من طَرِيق عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر والوليدة الْجَارِيَة.
قَوْله: ( الَّتِي تُوطأ) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( أَو بِيعَتْ) ، بِكَسْر الْبَاء على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا.
قَوْله: ( أَو عتقت) ، بِفَتْح الْعين وَقيل بضَمهَا، وَلَيْسَ بِشَيْء.
قَوْله: ( فليستبرأ) على صِيغَة الْمَجْهُول أَو الْمَعْلُوم أَي: ليستبرىء الْمُتَّهب وَالْمُشْتَرِي والمتزوج بهَا الْغَيْر الْمُعْتق.
قَوْله: ( وَلَا تستبرأ الْعَذْرَاء) وَهِي الْبكر إِذْ لَا شكّ فِي بَرَاءَة رَحمهَا من الْوَلَد، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْوَهَّاب عَن سعيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: إِن اشْترى أمة عذراء فَلَا يَسْتَبْرِئهَا..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: هَذَا خلاف مَا يَقُوله مَالك.
قيل: وَالشَّافِعِيّ أَيْضا.
وَقيل: يستبرىء اسْتِحْبابُُا، وَعَن ابْن سِيرِين فِي الرجل يَشْتَرِي الْأمة الْعَذْرَاء، قَالَ لَا يقربن رَحمهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا.
وَعَن الْحسن: يَسْتَبْرِئهَا وَإِن كَانَت بكرا، وَكَذَا قَالَه عِكْرِمَة،.

     وَقَالَ  عَطاء فِي رجل اشْترى جَارِيَة من أَبَوَيْهَا عذراء،.

     وَقَالَ : يَسْتَبْرِئهَا بحيضتين.
وَمذهب جمَاعَة مِنْهُم: ابْن الْقَاسِم وَسَالم وَاللَّيْث وَأَبُو يُوسُف: لَا اسْتِبْرَاء إلاَّ على الْبَالِغَة، وَكَانَ أَبُو يُوسُف لَا يرى اسْتِبْرَاء الْعَذْرَاء وَإِن كَانَت بَالِغَة، ذكره ابْن الْجَوْزِيّ عَنهُ،.

     وَقَالَ  إِيَاس بن مُعَاوِيَة فِي رجل اشْترى جَارِيَة صَغِيرَة، لَا يُجَامع مثلهَا، قَالَ: لَا بَأْس أَن يَطَأهَا وَلَا يَسْتَبْرِئهَا، وَكره قَتَادَة تقبيلها حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا..
     وَقَالَ  أَيُّوب اللَّخْمِيّ، وَقعت فِي سهم ابْن عمر جَارِيَة يَوْم جَلُولَاء، فَمَا ملك نَفسه حَتَّى قبلهَا.
قَالَ ابْن بطال: ثَبت هَذَا عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

وَقَالَ عَطاءٌ لاَ بأسَ أنْ يُصِيبَ مِنْ جَارِيَتِهِ الحامِلِ مَا دُونَ الْفَرْجِ.

     وَقَالَ  الله تَعَالَى: {إلاَّ عَلى أزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ

عَطاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح الْمَكِّيّ، وَالْمرَاد بقوله: ( الْحَامِل) من غير سَيِّدهَا، لِأَنَّهَا: إِذا كَانَت حَامِلا من سَيِّدهَا فَلَا يرتاب فِي حلّه، ثمَّ وَجه الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ هُوَ أَن الله تَعَالَى مدح الحافظين فروجهم إلاَّ عَلى أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم، فَإِنَّهَا دلّت على جَوَاز الِاسْتِمْتَاع بِجَمِيعِ وجوهه لَكِن خرج الْوَطْء بِدَلِيل، فَبَقيَ الْبَاقِي على أَصله.

[ قــ :2147 ... غــ :2235 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ داوُدَ قَالَ حدَّثنا يَعْقوبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَمْرِو بنِ أبِي عَمْرٍ وعنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَرَ فَلَمَّا فتَحَ الله عَلَيْهِ الحصْنَ ذكِرَ لَهُ جَمالُ صفيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بن أخْطَبَ وقَدْ قتلَ زَوْجُها وكانَتْ عَرُوسا فاصْطَفاها رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِنَفْسهِ فخَرَجَ بِها حتَّى بلغْنَا سَدَّ الرَّوْحاءِ حلَّتْ فبَنَى بهَا ثُمَّ صنَعَ حَيْسا فِي نطَعٍ صغيرٍ ثمَّ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فكانَتْ تِلُكَ وَلِيمَةَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى صفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنا إِلَى المَدِينَةِ قَالَ فرأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحَوِّي لَها ورَاءَهُ بِعَباءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فيَضَعُ رُكْبَتَهُ فتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تَرْكَبَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما اصْطفى صَفِيَّة استبرأها بِحَيْضَة ثمَّ بنى بهَا، وَهَذَا يفهم من قَوْله: حَتَّى بلغنَا سد الروحاء حلت، فَإِن المُرَاد بقوله: حلت أَي: طهرت من حَيْضهَا.
وَقد روى الْبَيْهَقِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَبْرَأَ صَفِيَّة بِحَيْضَة.

ذكر رِجَاله وهم أَرْبَعَة: الأول: عبد الْغفار بن دَاوُد بن مهْرَان، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْقَارِي، من القارة، حَلِيف بني زهرَة، وَقد مر فِي: بابُُ الْخطْبَة على الْمِنْبَر.
الثَّالِث: عَمْرو بن أبي عَمْرو، واسْمه: ميسرَة يكنى أَبَا عُثْمَان.
الرَّابِع: أنس بن مَالك.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع.
وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَعبد الْغفار حراني سكن مصر وَأَن يَعْقُوب مدنِي سكن إسكندرية وَأَن عَمْرو بن أبي عَمْرو مدنِي مَاتَ فِي أول خلَافَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور سنة ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عبد الْغفار، وَفِي الْجِهَاد عَن قُتَيْبَة، وَفِي الْمَغَازِي أَيْضا عَن أَحْمد عَن ابْن وهب، وَفِي الْأَطْعِمَة وَفِي الدَّعْوَات عَن قُتَيْبَة أَيْضا.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن سعيد بن مَنْصُور.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( خَيْبَر) ، كَانَت غَزْوَة خَيْبَر سنة سِتّ، وَقيل: سبع.
قَوْله: ( الْحصن) ، اسْمه القموص وَكَانَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سبى صَفِيَّة وَابْنَة عَم لَهَا من هَذَا الْحصن.
قَوْله: ( صَفِيَّة) ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.
الصَّحِيح: أَن هَذَا كَانَ اسْمهَا قبل السَّبي، وَقيل: كَانَ اسْمهَا: زَيْنَب، فسميت صَفِيَّة بعد السَّبي.
قَوْله: ( بنت حييّ) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الأولى وَتَشْديد الثَّانِيَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: المحدثون يَقُولُونَهُ بِكَسْر الْحَاء، وَأهل اللُّغَة بضَمهَا.
قَوْله: ( ابْن أَخطب) ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
قَوْله: ( وَقد قتل زَوجهَا) ، وَهُوَ كنَانَة بن أبي الْحقيق وَكَانَ زَوجهَا أَو لأسلام بن مشْكم، وَكَانَ خمارا فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ خلف عَلَيْهَا كنَانَة، وَكَانَت صَفِيَّة رَأَتْ فِي الْمَنَام قمرا أقبل من يثرب وَوَقع فِي حجرها، فقصت على زَوجهَا، فلطم وَجههَا.

     وَقَالَ : أَنْت تزعمين أَن ملك يثرب يتزوجك، وَفِي لفظ: تحبين أَن يكون هَذَا الْملك الَّذِي يَأْتِي من الْمَدِينَة زَوجك، وَفِي لفظ: رَأَيْت كَأَنِّي وَهَذَا الَّذِي يزْعم أَن الله أرْسلهُ وَملك يسترنا بجناحه، وَكَانَ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأى بوجهها أثر خضرَة قَرِيبا من عينهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَت: يَا رَسُول الله رَأَيْت فِي الْمَنَام ... فَذكرت مَا مضى إِلَى آخِره، و: هَذِه الخضرة من لطمة على وَجْهي، وَفِي ( الإكليل) للْحَاكِم، وَجُوَيْرِية رَأَتْ فِي الْمَنَام كرؤية صَفِيَّة قبل تزَوجهَا برَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر ابْن سعد أَن أم حَبِيبَة، قَالَت: رَأَيْت فِي النّوم كَأَن آتِيَا يَقُول لي: يَا أم الْمُؤمنِينَ، فَفَزِعت وأولت أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَتَزَوَّجنِي، وَعَن ابْن عَبَّاس: رَأَتْ سَوْدَة فِي الْمَنَام كَأَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل يمشي حَتَّى وطىء على عُنُقهَا، فَقَالَ زَوجهَا: إِن صدقت رُؤْيَاك لتتزوجي بِهِ، ثمَّ رَأَيْت لَيْلَة أُخْرَى أَن قمرا أَبيض انقض عَلَيْهَا من السَّمَاء وَهِي مُضْطَجِعَة، فَأخْبرت زَوجهَا السَّكْرَان، فَقَالَ: إِن صدقت رُؤْيَاك لم ألبث إلاَّ يَسِيرا حَتَّى أَمُوت وتتزوجيه من بعدِي، فاشتكى من يَوْمه ذَلِك وَلم يلبث إلاَّ قَلِيلا حَتَّى مَاتَ.
قَوْله: ( وَكَانَت عروسا) الْعَرُوس: نعت يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث، وَعَن الْخَلِيل: رجل عروس وَامْرَأَة عروس وَنسَاء عرائس..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: يُقَال للرجل عروس كَمَا يُقَال للْمَرْأَة، وَهُوَ اسْم لَهَا عِنْد دُخُول أَحدهمَا بِالْآخرِ، وَيُقَال: أعرس الرجل فَهُوَ معرس إِذا دخل بامرأته عِنْد بنائها.
قَوْله: ( فاصطفاها) أَي: أَخذهَا صفيا، والصفي سهم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْمغنم، كَانَ يَأْخُذهُ من الأَصْل قبل الْقِسْمَة جَارِيَة أَو سِلَاحا، وَقيل: إِنَّمَا سميت صَفِيَّة بذلك لِأَنَّهَا كَانَت صَفِيَّة من غنيمَة خَيْبَر.
قَوْله: ( سد الروحاء) السد، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال، والروحاء، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْوَاو وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وبالمد.
مَوضِع قريب من الْمَدِينَة وَفِي ( الْمطَالع) : الروحاء من عمل الْفَرْع على نَحْو من أَرْبَعِينَ ميلًا من الْمَدِينَة، وَفِي مُسلم: على سِتَّة وَثَلَاثِينَ، وَفِي كتاب ابْن أبي شيبَة: على ثَلَاثِينَ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَقيل: الصَّوَاب الصَّهْبَاء بدل سد الروحاء.
وَفِي ( الْمطَالع) : الصَّهْبَاء من خَيْبَر على رَوْحَة.
قَوْله: ( حلت) قد فسرناه عَن قريب فِي أول الْبابُُ.
قَوْله: ( فَبنى بهَا) أَي: دخل بهَا، قَالَ ابْن الْأَثِير: الابتناء وَالْبناء: الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ، وَالْأَصْل فِيهِ أَن الرجل كَانَ إِذا تزوج بِامْرَأَة بنى عَلَيْهَا قبَّة ليدْخل بهَا فِيهَا.
فَيُقَال: بنى الرجل على أَهله.
قَالَ الْجَوْهَرِي: لَا يُقَال بنى بأَهْله.
قَوْله: ( حَيْسًا) ، بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة.
وَهُوَ: أخلاط من التَّمْر والأقط وَالسمن، وَيُقَال: من الثَّمر والسويق، وَيُقَال: من التَّمْر وَالسمن، وَعَن أبي الْوَلِيد، وَلِيمَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، السّمن والأقط وَالثَّمَر.
وَفِي لفظ: التَّمْر والسويق.
قَوْله: ( فِي نطع) ، بِكَسْر النُّون وَفتح الطَّاء على الْأَفْصَح،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين، يُقَال: قطع، بِسُكُون الطَّاء وَفتحهَا: جُلُود تدبغ وَيجمع بَعْضهَا على بعض وتفرش.
قَوْله: ( آذن من حولك) أَي: أعلمهُ لإشهاد النِّكَاح، وَهُوَ أَمر من: آذن يُؤذن إِيذَانًا، وَالْخطاب لأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( وَلِيمَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، الْوَلِيمَة: هِيَ الطَّعَام الَّذِي يصنع عِنْد الْعرس.
قَوْله: ( يحوِّي) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو الْمَكْسُورَة، وَهُوَ رِوَايَة أبي ذَر، وَقَول أهل اللُّغَة: وَفِي رِوَايَة أبي الْحُسَيْن: يحوى، بِالتَّخْفِيفِ ثلاثي وَهُوَ أَن يُدِير كسَاء فَوق سَنَام الْبَعِير ثمَّ يركبه، والعباءة، مَمْدُود: ضرب من الأكيسة، وَكَذَلِكَ العباء.
قَوْله: ( فَيَضَع ركبته) إِلَى آخِره، قَالَ الْوَاقِدِيّ: كَانَت تعظم أَن تجْعَل رجلهَا على ركبته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكَانَت تضع ركبتها على ركبته، وَلما أركبها على الْبَعِير وحجبها علم النَّاس أَنَّهَا زَوجته، وَكَانُوا قبل ذَلِك لَا يَدْرُونَ أَنه تزَوجهَا أم اتخذها أم ولد..
     وَقَالَ  الجاحظ فِي ( كتاب الموَالِي) ولد صَفِيَّة مائَة نَبِي وَمِائَة ملك ثمَّ صيرها الله تَعَالَى أمة لسيدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت من سبط هَارُون، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام،.

     وَقَالَ  القَاضِي أَبُو عمر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النوقائي فِي ( كتاب المحنة) : إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ الْبناء بصفية استأذنته عَائِشَة أَن تكون فِي المتنقبات، فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يَا عَائِشَة إِنَّك لَو رَأَيْتهَا اقشعر جِلْدك من حسنها) فَلَمَّا رأتها حصل لَهَا ذَلِك، وَقيل: حَدِيث اصطفائه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصفية يُعَارضهُ حَدِيث أنس أَنَّهَا صَارَت لدحية، فَأَخذهَا مِنْهُ وَأَعْطَاهُ سَبْعَة أرؤس، ويروى أَنه أعطَاهُ بِنْتي عَمها عوضا مِنْهَا، ويروى أَنه قَالَ لَهُ: خُذ رَأْسا آخر مَكَانهَا.
وَأجِيب: لَا مُعَارضَة، لِأَن أَخذهَا من دحْيَة قبل الْقسم وَمَا عوضه فِيهَا لَيْسَ على جِهَة البيع، وَلَكِن على جِهَة النَّفْل أَو الْهِبَة، غير أَن بعض رُوَاة الحَدِيث فِي الصَّحِيح يَقُولُونَ فِيهِ: إِنَّه ترى صَفِيَّة من دحْيَة، وَبَعْضهمْ يزِيد فِيهِ بعد الْقسم.
وَالله أعلم أَي ذَلِك كَانَ، وَفِي ( حَوَاشِي السّنَن) : الإِمَام إِذا نفل مَا لم يعلم بمقداره لَهُ استرجاعه والتعويض عَنهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذهُ بِغَيْر عوض، وَإِعْطَاء دحْيَة كَانَ بِرِضَاهُ فَيكون مُعَاوضَة جَارِيَة بِجَارِيَة.
فَإِن قلت: الْوَاهِب مَنْهِيّ عَن شِرَاء هِبته.
قلت: لم يَهبهُ من مَال نَفسه، وَإِنَّمَا أعطَاهُ من مَال الله، عز وَجل، على جِهَة النّظر كَمَا يُعْطي الإِمَام النَّفْل لأحد من أهل الْجَيْش نظرا.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من هَذَا الحَدِيث: أَنه يدل على أَن الِاسْتِبْرَاء أَمَانَة يؤتمن الْمُبْتَاع عَلَيْهَا بِأَن لَا يَطَأهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة إِن لم تكن حَامِلا، لِأَن الْحَامِل لَا تُوطأ حَتَّى تضع لِئَلَّا يسْقِي مَاؤُهُ زرع غَيره.
وَأجْمع الْفُقَهَاء على أَن حَيْضَة وَاحِدَة بَرَاءَة فِي الرَّحِم إلاَّ أَن مَالِكًا وَاللَّيْث قَالَا: إِن اشْتَرَاهَا فِي أول حَيْضهَا اعْتد بهَا، وَإِن كَانَت فِي آخرهَا لم يعْتد بهَا،.

     وَقَالَ  ابْن الْمسيب: حيضتان،.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: ثَلَاث حيض، وَاخْتلف إِذا أَمن فِيهَا الْحمل؟ فَقَالَ مَالك: يستبرىء،.

     وَقَالَ  مطرف وَابْن الْمَاجشون: لَا.

وَاخْتلفُوا فِي قبْلَة الْجَارِيَة ومباشرتها قبل الِاسْتِبْرَاء، فَأجَاز ذَلِك الْحسن الْبَصْرِيّ وَعِكْرِمَة، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وَكَرِهَهُ ابْن سِيرِين، وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَوَجهه قطعا للذريعة وحفظا للأنساب.
وَحجَّة المجيزين قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِض حَتَّى تطهر) .
فَيدل هَذَا على أَن مَا دون الْوَطْء من الْمُبَاشرَة والقبلة فِي حيّز الْمُبَاح، وسفره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصفية قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا حجَّة فِي ذَلِك، لكَونه لَو لم يحل لَهُ من مباشرتها مَا دون الْجِمَاع، لم يُسَافر بهَا مَعَه، لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يرفعها أَو يَتْرُكهَا، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يمس بِيَدِهِ امْرَأَة لَا تحل لَهُ.
وَمن هَذَا اخْتلَافهمْ فِي مُبَاشرَة المظاهرة وقبلتها، فَذهب الزُّهْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: إِلَى أَنه لَا يقبلهَا وَلَا يتلذذ مِنْهَا بِشَيْء..
     وَقَالَ  الْحسن الْبَصْرِيّ: لَا بَأْس أَن ينَال مِنْهَا مَا دون الْجِمَاع، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر، وَلذَلِك فسر عَطاء وَقَتَادَة وَالزهْرِيّ قَوْله تَعَالَى: {من قبل أَن يتماسا} ( المجادلة: 3 و 4) .
أَنه عَنى بالمسيس: الْجِمَاع، فِي هَذِه الْآيَة.