هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1863 حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ ، فَقَالُوا : صَائِمٌ ، فَقَالَ : لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1863 حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : سمعت محمد بن عمرو بن الحسن بن علي ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه ، فقال : ما هذا ؟ ، فقالوا : صائم ، فقال : ليس من البر الصوم في السفر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Jabir bin `Abdullah:

Allah's Messenger (ﷺ) was on a journey and saw a crowd of people, and a man was being shaded (by them). He asked, What is the matter? They said, He (the man) is fasting. The Prophet (ﷺ) said, It is not righteousness that you fast on a journey.

D'après Muhammad ibn 'Amrû ibn alHasan ibn 'Ali, Jâbir ibn 'Abd Allah (que Allah les agrée) rapporta: «Lors d'un voyage, le Messager d'Allah vit un rassemblement autour d'un homme qu'on abritait du soleil. Il demanda: Qu'estce que c'est? — C'est, lui réponditon, un homme qui jeûne.

":"ہم سے آدم بن ایاس نے بیان کیا ، کہا ہم سے شعبہ نے بیان کیا ، ان سے محمد بن عبدالرحمٰن انصاری نے بیان کیا ، کہا کہ میں نے محمد بن عمرو بن حسن بن علی رضی اللہ عنہ سے سنا اور انہوں نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہما سے کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ایک سفر ( غزوہ فتح ) میں تھے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دیکھا کہ ایک شخص پر لوگوں نے سایہ کر رکھا ہے ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے دریافت فرمایا کہ کیا بات ہے ؟ لوگوں نے کہا کہ ایک روزہ دار ہے ، آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ سفر میں رو زہ رکھنا اچھا کام نہیں ہے ۔

D'après Muhammad ibn 'Amrû ibn alHasan ibn 'Ali, Jâbir ibn 'Abd Allah (que Allah les agrée) rapporta: «Lors d'un voyage, le Messager d'Allah vit un rassemblement autour d'un homme qu'on abritait du soleil. Il demanda: Qu'estce que c'est? — C'est, lui réponditon, un homme qui jeûne.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1946] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن يَعْنِي بن سَعْدٍ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي بن سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو إِلَخْ أَدْخَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا خَطَأٌ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الْفِرْيَابِيِّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَابِرٍ ثُمَّ قَالَ ذِكْرُ تَسْمِيَةِ هَذَا الرَّجُلِ الْمُبْهَمِ فَسَاقَ طَرِيقَ شُعْبَةَ ثُمَّ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ يَعْنِي إِدْخَالَ رَجُلٍ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَجَابِرٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْمِزِّيُّ فَقَالَ ظَنَّ النَّسَائِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَيْخَ يَحْيَى هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَشَيْخَ شُعْبَةَ هُوَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ اه وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَظَرِي أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ النَّسَائِيِّ لِأَنَّ مُسْلِمًا لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ شُعْبَةُ كَانَ بَلَغَنِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَلَمَّا سَأَلْتُهُ لَمْ يَحْفَظْهُ اه وَالضَّمِيرُ فِي سَأَلْتُ يَرْجِعُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخِ يَحْيَى لِأَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَلْقَ يَحْيَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ يَحْيَى سَأَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَحْفَظْهَا.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ نَسَبَ مُحَمَّدَ بْنَ عبد الرَّحْمَن فَقَالَ فِيهِ بن ثَوْبَانَ فَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمِزِّيُّ لَكِنْ جَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُهُ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَدْ وَهَمَ وَإِنَّمَا هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ اه وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ وَجُلُّ الرُّوَاةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا يَذْكُرُونَ جَدَّهُ وَلَا جَدَّ جَدِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهَا غَزْوَةُ الْفَتْحِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمَذْكُورَةِ فَشَقَّ عَلَى رَجُلٍ الصَّوْمُ فَجَعَلَتْ رَاحِلَتُهُ تَهِيمُ بِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفْطِرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِوَلَوْلَا مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ لَأَمْكَنَ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ صَائِمًا غَيْرُهُ وَزَعَمَ مُغَلْطَايْ أَنَّهُ أَبُو إِسْرَائِيلَ وَعَزَا ذَلِكَ لِمُبْهَمَاتِ الْخَطِيبِ وَلَمْ يَقُلِ الْخَطِيبُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَجْلِسَ وَيَصُومَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَيُّوبَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ وَيَقُومَ فِي الشَّمْسِ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَزِدِ الْخَطِيبُ عَلَى هَذَا وَبَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ مُغَايِرَاتٌ ظَاهِرَةٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ كَانَ فِي الْحَضَرِ فِي الْمَسْجِدِ وَصَاحِبُ الْقِصَّةِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ فِي السَّفَرِ تَحْتَ ظِلَالِ الشَّجَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّمَسُّكِ بِالرُّخْصَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَكَرَاهَةُ تَرْكِهَا عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ وَالتَّنَطُّعِ تَنْبِيهٌ أَوْهَمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْعُمْدَةِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ مِمَّا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِشَرْطِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ بَقِيَّةٌ فِي الْحَدِيثِ لَمْ يُوصِلْ إِسْنَادَهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ نَعَمْ وَقَعَتْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَوْصُولَةً فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ كَمَا تقدم ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ لَمْ يَعِبْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ)
أَيْ فِي الْأَسْفَارِ وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى تَأْكِيدِ مَا اعْتَمَدَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ بَلَغَ حَالَةً يُجْهَدُ بِهَا وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ لَا يُعَابُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ وَلَا الْفِطْرُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ سَبَبَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السّفر مَا ذكر مِنَ الْمَشَقَّةِ وَأَنَّ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ مُجَرَّدًا فَقَدِ اخْتَصَرَ الْقِصَّةَ وَبِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنِ اعْتِبَارِ شِدَّةِ الْمَشَقَّةِ يُجْمَعُ بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَالَّذِي قَبْلَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوْمَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَالْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْمَشَقَّةَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَنِ الْفَرْضِ بَلْ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي الْحَضَرِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام اخر وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَمُقَابَلَةُ الْبِرِّ الْإِثْمُ وَإِذَا كَانَ آثِمًا بِصَوْمِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وبن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ اخر قَالُوا ظَاهِرُهُ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ أَوْ فَالْوَاجِبُ عِدَّةٌ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوِ الْمَشَقَّةَ الشَّدِيدَةَ حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْفِطْرُ أَفْضَلُ عَمَلًا بِالرُّخْصَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مُخَيَّرٌ مُطْلَقًا.

     وَقَالَ  آخَرُونَ أَفْضَلُهُمَا أَيْسَرُهُمَا لقَوْله تَعَالَى يُرِيد الله بكم الْيُسْر فَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ الصِّيَامُ أَيْسَرَ كَمَنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالصَّوْمُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ عمر بن عبد الْعَزِيز وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذِرِ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ أَفْضَلَ لِمَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَتَضَرَّرَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ ظُنَّ بِهِ الْإِعْرَاضُ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَسَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي طُعْمَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ إِنِّي أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ فِي السّفر فَقَالَ لَهُ بن عُمَرَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ رُخْصَةَ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ جِبَالِ عَرَفَةَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ رَغِبَ عَنِ الرُّخْصَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي وَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُجْبَ أَوِ الرِّيَاءَ إِذَا صَامَ فِي السَّفَرِ فَقَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ أَفْضَلَ لَهُ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن عُمَرَ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ إِذَا سَافَرْتَ فَلَا تَصُمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَصُمْ قَالَ أَصْحَابُكَ اكْفُوا الصَّائِمَ ارْفَعُوا لِلصَّائِمِ وَقَامُوا بِأَمْرِكَ وَقَالُوا فُلَانٌ صَائِمٌ فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَذْهَبَ أَجْرُكَ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَيْضًا عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ مُؤَرَّقٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوُ هَذَا مَرْفُوعًا حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُفْطِرِينَ حَيْثُ خَدَمُوا الصُّيَّامَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ الصَّوْمَ أَيْضًا بِمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْآخِرِ فَالْآخِرُ مِنْ فِعْلِهِ وَزَعَمُوا أَنَّ صَوْمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ مَنْسُوخٌ وَتُعُقِّبَ أَوَّلًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَبِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إِلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ صَامَ وَنَسَبَ مَنْ صَامَ إِلَى الْعِصْيَانِ وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي السَّفَرِ وَلَفْظُهُ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا فَكَانَتْ رُخْصَةً فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ فَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطَرُوا فَكَانَتْ عَزِيمَةً فَأَفْطَرْنَا ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَنْ نِسْبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّائِمِينَ إِلَى الْعِصْيَانِ لِأَنَّهُ عَزَمَ عَلَيْهِمْ فَخَالَفُوا وَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى الْفِطْرِ لِلتَّقَوِّي بِهِ عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مِنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ لَقَدْ أَمَرْتُ غُلَامِي أَنْ يَصُومَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَأَيْنَ هَذِهِ الْآيَةُ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام اخر فَقَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ وَنَحْنُ نَرْتَحِلُ جِيَاعًا وَنَنْزِلُ عَلَى غَيْرِ شِبَعٍ.

.
وَأَمَّا الْيَوْمَ فَنَرْتَحِلُ شِبَاعًا وَنَنْزِلُ عَلَى شِبَعٍ فَأَشَارَ أَنَسٌ إِلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْفِطْرُ أَفْضَلَ مِنَ الصَّوْمِ.

.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ الصَّائِمُ فِي السَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي الْحَضَر فقد أخرجه بن ماجة مَرْفُوعا من حَدِيث بن عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَفِيهِ بن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وبن الْمُنْذِرِ وَمَعَ وَقْفِهِ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ أَبَا سَلَمَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا حَيْثُ يَكُونُ الْفِطْرُ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ فَسَلَكَ الْمُجِيزُونَ فِيهِ طُرُقًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِ وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الْبُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ وَلِذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ وَلَفْظُهُ سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَدْ دَخَلَ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ كَضَجْعَةِ الْوَجِعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِصَاحِبِكُمْ أَيُّ وَجَعٍ بِهِ فَقَالُوا لَيْسَ بِهِ وَجَعٌ وَلَكِنَّهُ صَائِمٌ وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَكَانَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْحَال.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ أُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ كَرَاهَةَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ هُوَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ مِمَّنْ يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَوْ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى تَرْكِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ مِنْ وُجُوهِ الْقُرَبِ فَيُنَزَّلُ .

     قَوْلُهُ  لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ قَالَ وَالْمَانِعُونَ فِي السَّفَرِ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ وَالْعِبْرَةَ بِعُمُومِهِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَنَبَّهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ دَلَالَةِ السَّبَبِ وَالسِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَعَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَبَيْنَ مُجَرَّدِ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ فَإِنَّ بَيْنَ الْعَامَّيْنِ فَرْقًا وَاضِحًا وَمَنْ أَجْرَاهُمَا مُجْرًى وَاحِدًا لَمْ يُصِبْ فَإِنَّ مُجَرَّدَ وُرُودِ الْعَامِّ عَلَى سَبَبٍ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِهِ كَنُزُولِ آيَةِ السَّرِقَةِ فِي قِصَّةِ سَرِقَةِ رِدَاءِ صَفْوَانَ.

.
وَأَمَّا السِّيَاقُ وَالْقَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ فَهِيَ الْمُرْشِدَةُ لِبَيَانِ الْمُجْمَلَاتِ وَتَعْيِينِ المحتملات كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ هَذِهِ الْقِصَّةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَنِ اتَّفَقَ لَهُ مِثْلُ مَا اتَّفَقَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الْحُكْمِ.

.
وَأَمَّا مَنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَهُوَ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ عَلَى أَصْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ نَفْيَ الْبِرِّ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ أَبَى قَبُولَ الرُّخْصَةِ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَبْلُغَ رَجُلٌ هَذَا بِنَفْسِهِ فِي فَرِيضَةِ صَوْمٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الْمَفْرُوضِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ أَثِمَ وَجَزَمَ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ الْمُرَادُ بِالْبِرِّ هُنَا الْبِرُّ الْكَامِلُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْبِرِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِخْرَاجَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَنْ أَنْ يَكُونَ بِرًّا لِأَنَّ الْإِفْطَارَ قَدْ يَكُونُ أَبَرَّ مِنَ الصَّوْمِ إِذَا كَانَ لِلتَّقَوِّي عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ مَثَلًا قَالَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِخْرَاجَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَسْكَنَةِ كُلِّهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْمِسْكِينَ الْكَامِلَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِي لَا يَجِدُ غنى يُغْنِيه ويستحي أَنْ يَسْأَلَ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ

[ قــ :1863 ... غــ :1946] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرَّحْمَن يَعْنِي بن سَعْدٍ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي بن سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو إِلَخْ أَدْخَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَابِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ قَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا خَطَأٌ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الْفِرْيَابِيِّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَابِرٍ ثُمَّ قَالَ ذِكْرُ تَسْمِيَةِ هَذَا الرَّجُلِ الْمُبْهَمِ فَسَاقَ طَرِيقَ شُعْبَةَ ثُمَّ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ يَعْنِي إِدْخَالَ رَجُلٍ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَجَابِرٍ.

.
وَتَعَقَّبَهُ الْمِزِّيُّ فَقَالَ ظَنَّ النَّسَائِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَيْخَ يَحْيَى هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَشَيْخَ شُعْبَةَ هُوَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ اه وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَظَرِي أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ النَّسَائِيِّ لِأَنَّ مُسْلِمًا لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ فِي آخِرِهِ قَالَ شُعْبَةُ كَانَ بَلَغَنِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَلَمَّا سَأَلْتُهُ لَمْ يَحْفَظْهُ اه وَالضَّمِيرُ فِي سَأَلْتُ يَرْجِعُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخِ يَحْيَى لِأَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَلْقَ يَحْيَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُهُ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ يَحْيَى سَأَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَحْفَظْهَا.

.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ نَسَبَ مُحَمَّدَ بْنَ عبد الرَّحْمَن فَقَالَ فِيهِ بن ثَوْبَانَ فَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمِزِّيُّ لَكِنْ جَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُهُ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَدْ وَهَمَ وَإِنَّمَا هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ اه وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ وَجُلُّ الرُّوَاةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا يَذْكُرُونَ جَدَّهُ وَلَا جَدَّ جَدِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهَا غَزْوَةُ الْفَتْحِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمَذْكُورَةِ فَشَقَّ عَلَى رَجُلٍ الصَّوْمُ فَجَعَلَتْ رَاحِلَتُهُ تَهِيمُ بِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفْطِرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ وَلَوْلَا مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ غَزْوَةِ الْفَتْحِ لَأَمْكَنَ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ صَائِمًا غَيْرُهُ وَزَعَمَ مُغَلْطَايْ أَنَّهُ أَبُو إِسْرَائِيلَ وَعَزَا ذَلِكَ لِمُبْهَمَاتِ الْخَطِيبِ وَلَمْ يَقُلِ الْخَطِيبُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَجْلِسَ وَيَصُومَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَبُو إِسْرَائِيلَ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَيُّوبَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ وَيَقُومَ فِي الشَّمْسِ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَزِدِ الْخَطِيبُ عَلَى هَذَا وَبَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ مُغَايِرَاتٌ ظَاهِرَةٌ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ كَانَ فِي الْحَضَرِ فِي الْمَسْجِدِ وَصَاحِبُ الْقِصَّةِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ فِي السَّفَرِ تَحْتَ ظِلَالِ الشَّجَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ التَّمَسُّكِ بِالرُّخْصَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا وَكَرَاهَةُ تَرْكِهَا عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ وَالتَّنَطُّعِ تَنْبِيهٌ أَوْهَمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْعُمْدَةِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ مِمَّا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِشَرْطِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ بَقِيَّةٌ فِي الْحَدِيثِ لَمْ يُوصِلْ إِسْنَادَهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ نَعَمْ وَقَعَتْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَوْصُولَةً فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ كَمَا تقدم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»
( باب قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن ظلل عليه) بشيء له ظل ( واشتد الحر) جملة فعلية حالية ( ليس من البر
الصوم في السفر)
.


[ قــ :1863 ... غــ : 1946 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهم- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: " لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( حدّثنا محمد بن عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة ( الأنصاري قال: سمعت محمد بن عمرو بن الحسن بن علي) بفتح العين وسكون الميم من عمرو وفتح الحاء من الحسن وجده أبو طالب ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهم- قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر) في غزوة الفتح كما في الترمذي ( فرأى زحامًا) بكسر الزاي اسم للزحمة والمراد هنا الوصف لمحذوف أي فرأى قومًا مزدحمين ( ورجلاً) قيل: وأبو إسرائيل العامري واسمه قيس، وعزاه مغلطاي لمبهمات الخطيب ونوزع في نسبة ذلك للخطيب ( فقد ظلل عليه) أي جعل عليه شيء يظلله من الشمس لما حصل له من شدة العطش

وحرارة الصوم وقوله: ظلل بضم الظاء مبنيًّا للمفعول والجملة حالية ( فقال) : عليه الصلاة والسلام:
( ما هذا) وللنسائي: ما بال صاحبكم هذا؟ ( فقالوا) أي من حضر من الصحابة، ولابن عساكر قالوا بإسقاط الفاء ( صائم فقال) : عليه الصلاة والسلام ( ليس من البر) بكسر الباء أي ليس من الطاعة والعبادة ( الصوم في السفر) إذا بلغ بالصائم هذا المبلغ من المشقّة ولا تمسك بهذا الحديث لبعض الظاهرية القائلين بأنه لا ينعقد الصوم في السفر لأنه عام خرج على سبب.

فإن قيل: بقصره عليه لم تقم به حجة وإن لم يقل بقصره عليه حمل على من حاله مثل حال الرجل وبلغ به ذلك المبلغ، وحديث صومه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى بلغ الكديد، وحديث فمنا الصائم ومنا المفطر يرد عليهم، وقول الزركشي وتبعه صاحب جمع العدّة لفهم العمدة من في قوله ليس من البر زائدة لتأكيد النفي، وقيل للتبعيض وليس بشيء تعقبه البدر الدماميني فقال: هذا عجيب لأنه أجاز ما المانع منه قائم ومنع ما لا مانع منه، وذلك أن من شروط زيادة من أن يكون مجرورها نكرة وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهب المعوّل عليه وهو مذهب البصريين خلافًا للأخفش والكوفيين، وأما كونها للتبعيض فلا يظهر لمنعه وجه إذ المعنى أن الصوم في السفر ليس معدودًا من أنواع البر، وأما رواية ليس من امبرامصيام في امسفر بإبدال اللام ميمًا في لغة أهل اليمن فهي في مسند الإمام أحمد لا في البخاري، وحديث الباب رواه مسلم في الصوم وكذا أبو داود والنسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ قَولِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ واشْتَدَّ الحَرُّ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل الَّذِي ظللوا عَلَيْهِ بِشَيْء مِمَّا لَهُ ظلّ لشدَّة الْحر.
قَوْله: (وَاشْتَدَّ الْحر) ، جملَة فعلية وَقعت حَالا.
قَوْله: (لَيْسَ من الْبر) مقول القَوْل، وَلَفظ الحَدِيث يظْهر من هَذَا أَن السَّبَب لقَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (هَذَا هُوَ الْمَشَقَّة) ، وَالْبر، بِكَسْر الْبَاء: الطَّاعَة، يَعْنِي: لَيْسَ من الطَّاعَة وَالْعِبَادَة أَن تَصُومُوا فِي حَالَة السّفر، وَالْبر أَيْضا الْإِحْسَان وَالْخَيْر، وَمِنْه: بر الْوَالِدين، يُقَال: بر يبر فَهُوَ بار، وَجمعه: بررة، وَجمع الْبر بِفَتْح الْبَاء: أبرار، وَالْبر، بِالْفَتْح: الحيد وَالْخَيْر، وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (صلوا خلف كل بر وَفَاجِر) .
وَيَجِيء بِمَعْنى الْمَعْطُوف، وَفِي أَسمَاء الله تَعَالَى: الْبر العطوف على عباده ببره ولطفه، وَالْبر والبار بِمَعْنى، وَإِنَّمَا جَاءَ فِي إسم الله تَعَالَى: الْبر، دون: الْبَار، وَالْبر بِالْفَتْح أَيْضا خلاف الْبَحْر، وَجمعه: برور، وَيُقَال: إِن كلمة: من، فِي قَوْله: (لَيْسَ من الْبر) زَائِدَة أَي: لَيْسَ الْبر، كَمَا فِي قَوْلهم: مَا جَاءَنِي من أحد.
أَي: مَا جَاءَنِي أحدٌ، وَلَا خلاف فِي زِيَادَة: من، فِي النَّفْي، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الْإِثْبَات، فَأَجَازَهُ قوم وَمنعه آخَرُونَ.



[ قــ :1863 ... غــ :1946 ]
- حدَّثنا آدمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرحْمانِ الأنْصَارِي قَالَ سَمِعْتُ محَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهمْ قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَرٍ فَرَأى زِحاما ورَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ علَيْهِ فَقَالَ مَا هَذا فقالُوا صائِمٌ فَقَالَ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ.


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة قِطْعَة من الحَدِيث وَرِجَاله مَشْهُورُونَ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن (عَن جَابر، قَالَ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي سفر.
فَرَأى رجلا قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس وَقد ظلل عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: رجل صَائِم.
فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر) .
وَفِي لفظ لَهُ فِي آخِره، قَالَ شُعْبَة: وَكَانَ يبلغنِي عَن يحيى بن أبي كثير أَنه كَانَ يزِيد فِي هَذَا الحَدِيث، وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد أَنه قَالَ: (عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّذِي رخص لكم.
قَالَ: فَلَمَّا سَأَلته لم يحفظه) .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا،.

     وَقَالَ : حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، يَعْنِي ابْن أسعد بن زُرَارَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن (عَن جَابر: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأى رجلا يظلل عَلَيْهِ والزحام عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر) .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ،.

     وَقَالَ : أَخْبرنِي شُعَيْب بن شُعَيْب بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا شُعَيْب عَن الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل إِلَى ظلّ شَجَرَة يرش عَلَيْهِ المَاء، قَالَ: مَا بَال صَاحبكُم هَذَا؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله صَائِم.
قَالَ: لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر، وَعَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها) .

وَفِي الْبابُُ عَن ابْن عمر رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من رِوَايَة نَافِع عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فيس من الْبر الصّيام فِي السّفر) ، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن مصفي الْحِمصِي ... إِلَى آخِره نَحوه، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث كَعْب بن مَالك بن عَاصِم الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر) .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) .
وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن النُّعْمَان، قَالَ: حَدثنَا الْحميدِي قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، قَالَ: سَمِعت الزُّهْرِيّ يَقُول: أَخْبرنِي صَفْوَان بن عبد الله ... الحَدِيث.
قَالَ سُفْيَان: فَذكر لي أَن الزُّهْرِيّ كَانَ يَقُول: وَلم أسمع أَنا مِنْهُ: (لَيْسَ من أمبرا مصيام فِي امسفر) ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هِيَ لُغَة طَيء فَإِنَّهُم يبدلون اللَّام ميما.
وروى ابْن عدي من حَدِيث عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر) ، وَفِيه مقَال.
وروى ابْن عدي أَيْضا من حَدِيث مَيْمُون بن مهْرَان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر) ، وَفِيه مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْعُكَّاشِي، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: ذهب قوم إِلَى هَذِه الْأَحَادِيث، وَقَالُوا: الْإِفْطَار فِي شهر رَمَضَان فِي السّفر أفضل من الصّيام قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ: سعيد بن جُبَير وَابْن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَتَادَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقد ذكرنَا فِيمَا مضى مَذَاهِب الْعلمَاء.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر) ، ظهر من رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَنَّهَا غَزْوَة الْفَتْح لِأَنَّهُ صرح فِيهِ بقوله: (خرج إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح) الحَدِيث.
قَوْله: (ورجلاً قد ظلل عَلَيْهِ).

     وَقَالَ  صَاحب (التَّلْوِيح) : وَالرجل المجهود فِي الصَّوْم هُنَا، قيل: هُوَ أَبُو إِسْرَائِيل، ذكر الْخَطِيب فِي كتاب (المبهمات) : (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ يهادي بَين ابنيه، وَقد ظلّ عَلَيْهِ، فَسَأَلَ عَنهُ، فَقَالُوا: نذر أَن يمشي إِلَى بَيت الله الْحَرَام، فَقَالَ: إِن الله لَغَنِيّ عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه، مروه فليمش وليركب) .
وَفِي مُسْند أَحْمد مَا يشْعر بِأَنَّهُ غير المظلل عَلَيْهِ، وَهُوَ: (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، دخل الْمَسْجِد وَأَبُو إِسْرَائِيل يُصَلِّي، فَقيل للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ ذَا يَا رَسُول الله، لَا يقْعد وَلَا يكلم النَّاس وَلَا يستظل وَلَا يفْطر، فَقَالَ: ليقعد وليتكلم وليستظل وليفطر) ..
     وَقَالَ  بَعضهم: زعم مغلطاي أَنه أَبُو إِسْرَائِيل، وعزى ذَلِك (بمبهمات الْخَطِيب) ، وَلم يقل الْخَطِيب ذَلِك فِي هَذِه الْقِصَّة، ثمَّ أَطَالَ الْكَلَام بِمَا لَا يفِيدهُ، فَكيف يَقُول: زعم مغلطاي، وَهُوَ لم يزْعم ذَلِك؟ وَإِنَّمَا قَالَ: قيل: هُوَ أَبُو إِسْرَائِيل، ثمَّ قَالَ أَيْضا: وَفِي (مُسْند) أَحْمد مَا يشْعر أَنه غَيره، وَبَين ذَلِك، فَهَذَا مُجَرّد تشنيع عَلَيْهِ مَعَ ترك محَاسِن الْأَدَب فِي ذكره بِصَرِيح اسْمه، وَلَيْسَ هَذَا من دأب الْعلمَاء..
     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) عِنْدَمَا ينْقل عَنهُ شَيْئا، قَالَ شَيخنَا عَلَاء الدّين.
قَوْله: (قد ظلل عَلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: (فَقَالَ) أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا للرجل؟) يَعْنِي: مَا شَأْنه؟ وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (مَا بَال صَاحبكُم هَذَا؟) قَوْله: (لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر) ، قد مر تَفْسِير الْبر آنِفا، وَتمسك بعض أهل الظَّاهِر بِهَذَا،.

     وَقَالَ : إِذا لم يكن من الْبر فَهُوَ من الْإِثْم، فَدلَّ أَن صَوْم رَمَضَان لَا يجزىء فِي السّفر..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: هَذَا الحَدِيث خرج لَفظه على شخص معِين، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث، وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ الْبر أَن يبلغ الْإِنْسَان بِنَفسِهِ هَذَا الْمبلغ، وَالله قد رخص فِي الْفطر، وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل صَوْمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّفر فِي شدَّة الْحر، وَلَو كَانَ إِثْمًا لَكَانَ أبعد النَّاس مِنْهُ، أَو يُقَال: لَيْسَ هُوَ أبر الْبر، لِأَنَّهُ قد يكون الْإِفْطَار أبر مِنْهُ للقوة فِي الْحَج وَالْجهَاد وشبههما..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: أَي: لَيْسَ من الْبر الْوَاجِب.

قيل: هَذَا التَّأْوِيل إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من قطع الحَدِيث عَن سَببه وَحمله على عُمُومه، وَأما من حمله على الْقَاعِدَة الشَّرْعِيَّة فِي رفع مَا لَا يُطَاق عَن هَذِه الْأمة.
فبأن للْمَرِيض الْمُقِيم وَمن أجهده الصَّوْم أَن يفْطر، فَإِن خَافَ على نَفسه التّلف من الصَّوْم عصى بصومه، وعَلى هَذَا يحمل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أُولَئِكَ العصاة) ، وَأما من كَانَ على غير حَال المظلل عَلَيْهِ فَحكمه مَا تقدم من التَّخْيِير، وَبِهَذَا يرْتَفع التَّعَارُض، وتجتمع الْأَدِلَّة وَلَا يحْتَاج إِلَى فرض نسخ، إِذْ لَا تعَارض.
فَإِن قلت: روى النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي أُميَّة الضمرِي فِيهِ: (فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصّيام وَنصف الصَّلَاة) ، وروى أَيْضا من حَدِيث (عبد الله بن الشخير، قَالَ: كنت مُسَافِرًا فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْكُل وَأَنا صَائِم، فَقَالَ: هَلُمَّ! فَقلت: إِنِّي صَائِم.
قَالَ: أَتَدْرِي مَا وضع الله، عز وَجل، عَن الْمُسَافِر؟ قلت: وَمَا وضع الله عَن الْمُسَافِر؟ قَالَ: الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة.
قلت: يجوز أَن يكون ذَلِك الصّيام الَّذِي وَضعه عَنهُ هُوَ الصّيام الَّذِي لَا يكون لَهُ مِنْهُ بُد فِي تِلْكَ الْأَيَّام، كَمَا لَا بُد للمقيم من ذَلِك.