هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1525 حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَهُوَ بِمِنًى : نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ يَعْنِي ذَلِكَ المُحَصَّبَ ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ ، تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ ، أَوْ بَنِي المُطَّلِبِ : أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ ، حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ سَلاَمَةُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، وَقَالاَ : بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي المُطَّلِبِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : بَنِي المُطَّلِبِ أَشْبَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1525 حدثنا الحميدي ، حدثنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، قال : حدثني الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر ، وهو بمنى : نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر يعني ذلك المحصب ، وذلك أن قريشا وكنانة ، تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب ، أو بني المطلب : أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ، حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال سلامة ، عن عقيل ، ويحيى بن الضحاك ، عن الأوزاعي ، أخبرني ابن شهاب ، وقالا : بني هاشم ، وبني المطلب ، قال أبو عبد الله : بني المطلب أشبه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

On the Day of Nahr at Mina, the Prophet (ﷺ) said, Tomorrow we shall stay at Khaif Bani Kinana where the pagans had taken the oath of Kufr (heathenism). He meant (by that place) Al-Muhassab where the Quraish tribe and Bani Kinana concluded a contract against Bani Hashim and Bani `Abdul-Muttalib or Bani Al-Muttalib that they would not intermarry with them or deal with them in business until they handed over the Prophet (ﷺ) to them.

Abu Hurayra () dit: Etant à Mina, le lendemain du jour de l'Immolation, le Prophète () dit: Nous descendrons demain à la pente des béni Kinâna, là où ils s'étaient jurés [de persister] sur la mécréance. C'estàdire, alMuhassab. C'est que Quraych et Kinâna s'étaient jurés, contre les béni Hâchim et les béni 'AbdalMuttalib — ou: les béni alMuttalib —, de ne pas contracter avec eux des mariages ou des opérations commerciales, et ce jusqu'à ce qu'ils délivrassent le Prophète (). De Salâma, de 'Aqîl et de Yahya ibn adDahhak, d'al'Awza'y, directement d'ibn Chihâb: ... les béni Hâchim et les béni alMuttalib...

":"ہم سے حمیدی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے ولیدبن مسلم نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے امام اوزاعی نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ مجھ سے زہری نے بیان کیا ، ان سے ابوسلمہ نے بیان کیا اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہگیارہویں کی صبح کو جب آنحضور صلی اللہ علیہ وسلم منیٰ میں تھے تو یہ فرمایا تھا کہ کل ہم خیف بنی کنانہ میں قیام کریں گے جہاں قریش نے کفر کی حمایت کی قسم کھائی تھی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کی مراد محصب سے تھی کیونکہ یہیں قریش اور کنانہ نے بنوہاشم اور بنو عبدالمطلب یا ( راوی نے ) بنوالمطلب ( کہا ) کے خلاف حلف اٹھایا تھا کہ جب تک وہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو ان کے حوالہ نہ کر دیں ، ان کے یہاں شادی بیاہ نہ کریں گے اور نہ ان سے خریدوفروخت کریں گے ۔ اور سلامہ بن روح نے عقیل اور یحییٰ بن ضحاک سے روایت کیا ، ان سے امام اوزاعی نے بیان کیا کہ مجھے ابن شہاب نے خبر دی ، انہوں نے ( اپنی روایت میں ) بنوہاشم اور بنوالمطلب کہا ۔ ابوعبداللہ امام بخاری نے کہا کہ بنوالمطلب زیادہ صحیح ہے ۔

Abu Hurayra () dit: Etant à Mina, le lendemain du jour de l'Immolation, le Prophète () dit: Nous descendrons demain à la pente des béni Kinâna, là où ils s'étaient jurés [de persister] sur la mécréance. C'estàdire, alMuhassab. C'est que Quraych et Kinâna s'étaient jurés, contre les béni Hâchim et les béni 'AbdalMuttalib — ou: les béni alMuttalib —, de ne pas contracter avec eux des mariages ou des opérations commerciales, et ce jusqu'à ce qu'ils délivrassent le Prophète (). De Salâma, de 'Aqîl et de Yahya ibn adDahhak, d'al'Awza'y, directement d'ibn Chihâb: ... les béni Hâchim et les béni alMuttalib...

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1590] حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ -وَهُوَ بِمِنًى- نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ- أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
وَقَالَ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ.
وَقَالاَ: بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَنِي الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: (حدّثنا الوليد) بن مسلم القرشي الأموي الدمشقي قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو (قال: حدثني) بالإفراد (الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي) ولأبي ذر: قال رسول الله: (من الغد) وهو ما بين الصبح وطلوع الشمس (يوم النحر).
نصب على الظرفية (وهو بمنى) أي قال في غداة يوم النحر حال كونه بمنى ومقول قوله عليه الصلاة والسلام (نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة) والمراد بالغد هنا ثالث عشر ذي الحجة يوم النزول بالمحصب فهو مجاز في إطلاقه كما يطلق أمس على الماضي مطلقًا وإلا فثاني العيد هو الغد حقيقة، وليس مرادًا قاله البرماوي كالكرماني (حيث تقاسموا) تحالفوا (على الكفر).
قال الزهري مما أدرجه من قوله (يعني) عليه الصلاة والسلام (ذلك) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: بذلك أي بخيف بني كنانة (المحصب)، بضم الميم وفتح الحاء والصاد المشددة المهملتين، (وذلك) أي تقاسمهم على الكفر (أن قريشًا وكنانة).
قال في الفتح: فيه إشعار بأن في كنانة من ليس قرشيًا إذ العطف يقتضي المغايرة فترجح القول بأن قريشًا من ولد فهر بن مالك على القول بأنهم ولد كنانة.
نعم، لم يعقب النضر غير مالك ولا مالك غير فهر فقريش ولد النضر بن كنانة وأما كنانة فأعقب من غير النضر، ولهذا وقعت المغايرة اهـ.
(تحالفت) بالحاء المهملة وكان القياس فيه تحالفوا لكنه أفرد بصيغة المفرد والمؤنث باعتبار الجماعة (على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب) بالشك في جميع الأصول، وعند البيهقي من طريق أخرى: وبني عبد المطلب بغير شك (أن لا يناكحوهم) فلا يتزوج قريش وكنانة امرأة من بني هاشم وبني عبد المطلب ولا يزوجون امرأة منهم إياهم، (ولا ببايعوهم) لا يبيعوا لهم ولا يشتروا منهم، وعند الإسماعيلي: ولا يكون بينهم وبينهم شيء (حتى يسلموا) بضم أوله وإسكان السين المهملة وكسر اللام المخففة (إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكتبوا بذلك كتابًا بخط منصور بن عكرمة العبدري فشلت يده، أو بخط بغيض بن عامر بن هاشم وعلقوه في جوف الكعبة فاشتد الأمر على بني هاشم وبني عبد المطلب في الشعب الذي انحازوا إليه، فبعث الله الأرضة فلحست كل ما فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فأطلع الله رسوله على ذلك فأخبر به عمه أبا طالب فقال أبو طالب لكفار قريش: إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من ظلم وجور وبقي فيها ما كان من ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه.
قالوا: قد أنصفتنا فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبر بالحق فسقط في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم، وإنما اختار النزول هناك شكرًا لله تعالى على النعمة في دخوله ظاهرًا ونقضًا لما تعاقدوه بينهم وتقاسموا عليه من ذلك.
(وقال سلامة) بن روح بن خالد الأيلي مما وصله ابن خزيمة في صحيحه (عن) عمه (عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي (ويحيى عن الضحاك) كذا في غير فرع لليونينية.
قال الحافظ ابن حجر: وهي رواية أبي ذر وكريمة وهو وهم، ولغيرهما ويحيى بن الضحاك نسبة لجده وأبوه عبد الله البابلتي بفتح الموحدة الثانية كما رأيته بخط شيخنا الحافظ السخاوي.
وقال العيني: بضمها وبعد اللام المضمومة مثناة فوقية مشدّدة.
وقال الحافظ ابن حجر: بموحدتين وبعد اللام المضمومة مثناة مشددة منسوب إلى جده، وليس له في هذا الكتاب غير هذا الموضع المعلق، وقد وصله أبو عوانة في صحيحه والخطيب في المدرج (عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ولكن قال يحيى بن معين: يحيى البابلتي والله لم يسمع عن الأوزاعي شيئًا نعم.
ذكر الهيثم بن خلف الدوري أن أمهكانت تحت الأوزاعي وحينئذٍ فلا يبعد سماعه منه لأنه في حجره.
(أخبرني) بالإِفراد (ابن شهاب) الزهري (وقالا): أي سلامة ويحيى (بني هاشم وبني المطلب) دون لفظ عبد، وقد تابعه على الجزم بقوله بني هاشم وبني المطلب محمد بن مصعب عن الأوزاعي كما عند أحمد.
(قال أبو عبد الله) البخاري قوله (بني المطلب) بحذف عبد (أشبه) أي بالصواب لأن عبد المطلب هو ابن هاشم فلفظ هاشم مغن عنه، وأما المطلب فهو أخو هاشم وهما ابنان لعبد مناف فالمراد أنهم تحالفوا على بني عبد مناف.
46 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: [إبراهيم: 35] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} الآيَةَ.
(باب قول الله تعالى): ({وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد) مكة ({آمنًا}) ذا أمن لمن فيها ((واجنبني) بعدني ({وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس) فلذلك سألت منك العصمة واستعذت بك من إضلالهن وأسند الإضلال إليهن باعتبار السبب ({فمن تبعني}) على ديني ({فإنه مني}) بعضي ({ومن عصاني}) لم يطعني ولم يوحدك ({فإنك غفور رحيم}) تقدر أن تغفر له وترحمه ولا يجب عليك شيء، وقيل معناه ومن عصاني فيما دون الشرك أو أنك غفور بعد الإِنابة ({ربنا إني أسكنت من ذريتي}) بعضها إسماعيل ({بواد غير ذي زرع}) يعني مكة ({عند بيتك المحرم})، الذي في علمك أنه يحدث في ذلك الوادي ({ربنا ليقيموا الصلاة}) أي أسكنتهم كي يقيموا الصلاة عند بيتك ({فاجعل أفئدة من الناس}) أي قلوبًا ومن للتبعيض ({تهوي}) تسرع ({إليهم}) [إبراهيم: 35، 36، 37] شوقًا وودًّا، وعن بعض السلف لو قال أفئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم والناس كلهم لكنه قال فمن الناس فاختص به المسلمون، وقال إليهم لأنه أوحي إليه أنه ستكثر ذريته بها.
وقال تهوي لأن تهامة غور منخفضة وذكر القلوب لأن الأجساد تبع لها (الآية) بالنصب بتقدير أعني أو اقرأ، وسقط في رواية ابن عساكر من قوله: {رب إنهن أضللن} ولفظ رواية أبي ذر: أن تعبد الأصنام إلى قوله {لعلهم يشكرون} أي نعمتك ولم يذكر المصنف في هذا الباب حديثًا لأنه لم يجد حديثًا على شرطه.
47 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [المائدة: 97] {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}.
(باب قول الله تعالى): ({جعل الله}) أي صير ({الكعبة}) وسميت بذلك لتكعبها ({البيت الحرام}) عطف بيان على جهة المدح ({قيامًا للناس}) انتعاشًا لهم من أي سبب انتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم يلوذ به الخائف ويأمن فيه الضعيف ويربح فيه التجار ويتوجه إليه الحجاج والعمار أو ما يقوم به أمر دينهم ودنياهم ({والشهر الحرام}) الذي يؤدى فيه الحج وهو ذو الحجة ({والهدي والقلائد ذلك}) إشارة إلى الجعل أو إلى ما ذكر من الأمر بحفظ حرمة الإحرام وغيره ({لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض}) فإن شرع الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها وجلب المنافع المترتبة عليها دليل حكمة الشارع وكمال علمه ({وأن الله بكل شيء عليم}) [المائدة: 97] تعميم بعد تخصيص، وقد أشار المؤلّف بهذه الآية الكريمة إلى أن قوام أمور الناس وانتعاش أمر دينهم بالكعبة المشرفة فإذا زالت الكعبة على يد ذي السويقتين تختل أمور الناس فلذا أورد حديث أبي هريرة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1525 ... غــ : 1590 ]
- حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ -وَهُوَ بِمِنًى- نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ- أَنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وَقَالَ سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ.
وَقَالاَ: بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: بَنِي الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي قال: ( حدّثنا الوليد) بن مسلم القرشي الأموي الدمشقي قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ( قال: حدثني) بالإفراد ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي) ولأبي ذر: قال رسول الله:
( من الغد) وهو ما بين الصبح وطلوع الشمس ( يوم النحر) .
نصب على الظرفية ( وهو بمنى) أي قال في غداة يوم النحر حال كونه بمنى ومقول قوله عليه الصلاة والسلام ( نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة) والمراد بالغد هنا ثالث عشر ذي الحجة يوم النزول بالمحصب فهو مجاز في إطلاقه كما يطلق أمس على الماضي مطلقًا وإلا فثاني العيد هو الغد حقيقة، وليس مرادًا قاله البرماوي كالكرماني ( حيث تقاسموا) تحالفوا ( على الكفر) .

قال الزهري مما أدرجه من قوله ( يعني) عليه الصلاة والسلام ( ذلك) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: بذلك أي بخيف بني كنانة ( المحصب) ، بضم الميم وفتح الحاء والصاد المشددة المهملتين، ( وذلك) أي تقاسمهم على الكفر ( أن قريشًا وكنانة) .

قال في الفتح: فيه إشعار بأن في كنانة من ليس قرشيًا إذ العطف يقتضي المغايرة فترجح القول بأن قريشًا من ولد فهر بن مالك على القول بأنهم ولد كنانة.
نعم، لم يعقب النضر غير مالك ولا مالك غير فهر فقريش ولد النضر بن كنانة وأما كنانة فأعقب من غير النضر، ولهذا وقعت المغايرة اهـ.


( تحالفت) بالحاء المهملة وكان القياس فيه تحالفوا لكنه أفرد بصيغة المفرد والمؤنث باعتبار الجماعة ( على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب) بالشك في جميع الأصول، وعند البيهقي من طريق أخرى: وبني عبد المطلب بغير شك ( أن لا يناكحوهم) فلا يتزوج قريش وكنانة امرأة من بني هاشم وبني عبد المطلب ولا يزوجون امرأة منهم إياهم، ( ولا ببايعوهم) لا يبيعوا لهم ولا يشتروا منهم، وعند الإسماعيلي: ولا يكون بينهم وبينهم شيء ( حتى يسلموا) بضم أوله وإسكان السين المهملة وكسر اللام المخففة ( إليهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكتبوا بذلك كتابًا بخط منصور بن عكرمة العبدري فشلت يده، أو بخط بغيض بن عامر بن هاشم وعلقوه في جوف الكعبة فاشتد الأمر على بني هاشم وبني عبد المطلب في الشعب الذي انحازوا إليه، فبعث الله الأرضة فلحست كل ما فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فأطلع الله رسوله على ذلك فأخبر به عمه أبا طالب
فقال أبو طالب لكفار قريش: إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من ظلم وجور وبقي فيها ما كان من ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقًا نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذبًا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه.
قالوا: قد أنصفتنا فوجدوا الصادق المصدوق قد أخبر بالحق فسقط في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم، وإنما اختار النزول هناك شكرًا لله تعالى على النعمة في دخوله ظاهرًا ونقضًا لما تعاقدوه بينهم وتقاسموا عليه من ذلك.

( وقال سلامة) بن روح بن خالد الأيلي مما وصله ابن خزيمة في صحيحه ( عن) عمه ( عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد الأيلي ( ويحيى عن الضحاك) كذا في غير فرع لليونينية.
قال الحافظ ابن حجر: وهي رواية أبي ذر وكريمة وهو وهم، ولغيرهما ويحيى بن الضحاك نسبة لجده وأبوه عبد الله البابلتي بفتح الموحدة الثانية كما رأيته بخط شيخنا الحافظ السخاوي.
وقال العيني: بضمها وبعد اللام المضمومة مثناة فوقية مشدّدة.
وقال الحافظ ابن حجر: بموحدتين وبعد اللام المضمومة مثناة مشددة منسوب إلى جده، وليس له في هذا الكتاب غير هذا الموضع المعلق، وقد وصله أبو عوانة في صحيحه والخطيب في المدرج ( عن الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ولكن قال يحيى بن معين: يحيى البابلتي والله لم يسمع عن الأوزاعي شيئًا نعم.
ذكر الهيثم بن خلف الدوري أن أمه كانت تحت الأوزاعي وحينئذٍ فلا يبعد سماعه منه لأنه في حجره.
( أخبرني) بالإِفراد ( ابن شهاب) الزهري ( وقالا) : أي سلامة ويحيى ( بني هاشم وبني المطلب) دون لفظ عبد، وقد تابعه على الجزم بقوله بني هاشم وبني المطلب محمد بن مصعب عن الأوزاعي كما عند أحمد.

( قال أبو عبد الله) البخاري قوله ( بني المطلب) بحذف عبد ( أشبه) أي بالصواب لأن عبد المطلب هو ابن هاشم فلفظ هاشم مغن عنه، وأما المطلب فهو أخو هاشم وهما ابنان لعبد مناف فالمراد أنهم تحالفوا على بني عبد مناف.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1525 ... غــ :1590 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ قَالَ حدَّثنا الوَلِيدُ قَالَ حَدثنَا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حدَّثني الزُّهرِيُّ عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وهْوَ بِمِنًى نَحْنُ نازُلُونَ غَدا بِخَيْفِ بَني كِنَانَةَ حَيْثَ تَقاسَمُوا عَلى الكُفْرِ يَعْني ذالِكَ المُحَصَّبَ وذالِكَ أنَّ قُرَيْشا وكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وبَنِي عَبْدِ المُطَّلِبُ أوْ بَنِي المُطَّلِّبِ أنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمِوا إلَيْهِمُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ عَن عبد الله بن الزبير الْحميدِي الْمَكِّيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي الْأمَوِي الدِّمَشْقِي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة.

قَوْله: ( من الْغَد) أَصله: من الغدو، فحذفوا اللَّام وَهُوَ أول النَّهَار،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الغدوة، بِضَم الْغَيْن: مَا بَين الصُّبْح وطلوع الشَّمْس.
قَوْله: ( يَوْم النَّحْر) ، نصب على الظّرْف، أَي: قَالَ: فِي غَدَاة يَوْم النَّحْر.
قَوْله: ( وَهُوَ بمنى) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا.
قَوْله: ( نَحن نازلون) ، مقول قَوْله: قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( يَعْنِي ذَلِك المحصب) ، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( يَعْنِي بذلك المحصب) ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: النُّزُول فِي المحصب هُوَ فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر من ذِي الْحجَّة لَا فِي الْيَوْم الثَّانِي من الْعِيد الَّذِي هُوَ الْغَد حَقِيقَة؟ قلت: تجوز عَن الزَّمَان الْمُسْتَقْبل الْقَرِيب بِلَفْظ الْغَد، كَمَا يتجوز بالْأَمْس عَن الْمَاضِي.
قَوْله: ( وَذَلِكَ أَن قُريْشًا وكنانة) ، عطف على قُرَيْش مَعَ أَن قُريْشًا هم أَوْلَاد النَّضر بن كنَانَة، فَيكون من بابُُ التَّعْمِيم بعد التَّخْصِيص، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بكنانة غير قُرَيْش، فقريش قسيم لَهُ لَا قسم مِنْهُ قيل: لم يعقب النَّضر غير مَالك، وَلَا مَالك غير فهر، فقريش ولد النَّضر بن كنَانَة، وَأما كنَانَة فأعقب من غير النَّضر، فَلهَذَا وَقعت الْمُغَايرَة.
قَوْله: ( أَو بني الْمطلب) كَذَا وَقع عِنْده بِالشَّكِّ، وَوَقع عِنْد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أُخْرَى عَن الْوَلِيد.
( وَبني الْمطلب) بِغَيْر شكّ..
     وَقَالَ  الدَّاودِيّ قَوْله: ( بني عبد الْمطلب) .
وهم قَوْله: ( تحالفت) كَانَ الْقيَاس فِيهِ: تحالفوا، وَلَكِن أفرده بِصِيغَة الْمُفْرد الْمُؤَنَّث بِاعْتِبَار الْجَمَاعَة.
قَوْله: ( أَن لَا يناكحوهم) ، يَعْنِي: لَا يَقع بَينهم عقد نِكَاح بِأَن لَا يتَزَوَّج قُرَيْش وكنانة امْرَأَة من بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب، وَلَا يزوجوا امْرَأَة مِنْهُم إيَّاهُم، وَكَذَلِكَ الْمَعْنى فِي قَوْله: ( وَلَا يبايعوهم) ، بِأَن لَا يبيعوا لَهُم وَلَا يشتروا مِنْهُم، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مُصعب عَن الْأَوْزَاعِيّ عِنْد أَحْمد: ( أَن لَا يناكحوهم وَلَا يخالطوهم) .
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( وَلَا يكون بَينهم وَبينهمْ شَيْء) ، وَهَذَا أَعم.
قَوْله: ( حَتَّى يسلمُوا) ، بِضَم الْيَاء.
وَكَانَت هَذِه الْقِصَّة فِيمَا ذكر فِي ( الطَّبَقَات) : لما بلغ قُريْشًا فعل النَّجَاشِيّ بِجَعْفَر وَأَصْحَابه، وإكرامه لَهُم، كبر ذَلِك عَلَيْهِم جدا وغضبوا وَأَجْمعُوا على قتل سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَتَبُوا كتابا على بني هَاشم أَن لَا يناكحوهم وَلَا يبايعوهم وَلَا يخالطوهم، وَكَانَ الَّذِي كتب الصَّحِيفَة مَنْصُور بن عِكْرِمَة الْعَبدَرِي فشُلَّت يَده، وَفِي الْأَنْسَاب للزبير بن أبي بكر، اسْمه: بغيض بن عَامر بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار،.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ: هُوَ مَنْصُور بن عَامر بن هَاشم أَخُو عِكْرِمَة بن عَامر بن هَاشم، ثمَّ ذكر فِي ( الطَّبَقَات) : وعلقوا الصَّحِيفَة فِي جَوف الْكَعْبَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: بل كَانَت عِنْد أم الْجلاس بنت مخربة الحنظلية، خَالَة أبي جهل، وحصروا بني هَاشم فِي شعب أبي طَالب لَيْلَة هِلَال الْمحرم سنة سبع من حِين النُّبُوَّة، وانحاز بَنو الْمطلب بن عبد منَاف إِلَى أبي طَالب فِي شُعْبَة، وَخرج أَبُو لَهب إِلَى قُرَيْش فظاهرهم على بني هَاشم وَبني الْمطلب، وَقَطعُوا عَنْهُم الْميرَة والمارة، فَكَانُوا لَا يخرجُون إلاَّ من موسم إِلَى موسم حَتَّى بَلغهُمْ الْجهد، فأقاموا فِيهِ ثَلَاث سِنِين، ثمَّ أطلع الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَمر صحيفتهم وَأَن الأرضة أكلت مَا كَانَ فِيهَا من جور وظلم.
وَبَقِي مَا كَانَ فِيهَا من ذكر الله، عز وَجل، وَفِي لفظ: ( ختموا على الْكتاب ثَلَاثَة خَوَاتِيم) فَذكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي طَالب، فَقَالَ أَبُو طَالب لكفار قُرَيْش: إِن ابْن أخي أَخْبرنِي، وَلم يكذبنِي قطّ، أَن الله تَعَالَى قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست مَا كَانَ فِيهَا من جور وظلم وَبَقِي فِيهَا كل مَا ذكر بِهِ الله تَعَالَى، فَإِن كَانَ ابْن أخي صَادِقا نزعتم عَن سوء رَأْيكُمْ، وَإِن كَانَ كَاذِبًا دَفعته إِلَيْكُم فقتلتموه أَو استحييتموه.
قَالُوا: قد أنصفتنا، فَإِذا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسقط فِي أَيْديهم ونكسوا على رؤوسهم، فَقَالَ أَبُو طَالب: علام نحبس ونحصر، وَقد بَان الْأَمر؟ فتلاوم رجال من قُرَيْش على مَا صَنَعُوا ببني هَاشم، مِنْهُم مطعم بن عدي وعدي بن قيس وَزَمعَة بن الْأسود وَأَبُو البحتري بن هَاشم وَزُهَيْر بن أبي أُميَّة، ولبسوا السِّلَاح ثمَّ خَرجُوا إِلَى بني هَاشم وَبني الْمطلب فأمروهم بِالْخرُوجِ إِلَى مساكنهم، فَفَعَلُوا، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش ذَلِك سقط فِي أَيْديهم وَعرفُوا أَن لن يسلموهم، وَكَانَ خُرُوجهمْ من الشّعب فِي السّنة الْعَاشِرَة.

وقالَ سَلاَمَةُ عنْ عُقَيْلٍ ويَحْيى بنُ الضَّحاكِ عنِ الأوْزَاعِيِّ: أخبَرَنِي ابْن شِهَابٍ وقَالا بَنِي هاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله بَنِي المطَّلِبِ أشْبِهُ
سَلامَة هُوَ ابْن روح، بِفَتْح الرَّاء: الْأَيْلِي، هُوَ يروي عَن عَمه عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد الْأَيْلِي، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) من طَرِيقه.
قَوْله: ( وَيحيى عَن الضَّحَّاك) ، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وكريمة بِلَفْظ: عَن الضَّحَّاك، وَالصَّحِيح: وَيحيى بن الصحاك، وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك الْبابُُلُتِّي، بباءين موحدتين الثَّانِيَة مَضْمُومَة وَبعدهَا اللَّام المضمومة وَبعدهَا تَاء مثناة من فَوق مُشَدّدَة، نِسْبَة إِلَى: بابُلت، قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: وظني أَنَّهَا مَوضِع بالجزيرة،.

     وَقَالَ  الرشاطي: مَوضِع بِالريِّ، وَنسبَة يحيى هَذَا إِلَى جده وَلَيْسَ لَهُ رِوَايَة فِي البُخَارِيّ إلاَّ فِي هَذَا الْموضع، وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ،.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك الْبابُُلُتِّي، وَالله لم يسمع من الْأَوْزَاعِيّ شَيْئا، وَذكر الْهَيْثَم بن خلف الدوري أَن أمه كَانَت تَحت الْأَوْزَاعِيّ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا يبعد سَمَاعه مِنْهُ، لِأَنَّهُ فِي حجره،.

     وَقَالَ  عَنْبَسَة بن خَالِد: لم يكن لِسَلَامَةِ ابْن روح من السن مَا يسمع من عقيل بن خَالِد، وَتَعْلِيق يحيى عَن الضَّحَّاك وَصله أَبُو عوَانَة فِي ( صَحِيحه) والخطيب فِي ( المدرج) .
قَوْله: ( وَقَالا) ، أَي: سَلامَة وَيحيى أَن روايتهما عَن شيخهما عَن ابْن شهَاب هُوَ بني الْمطلب دون لفظ: عبد، بِخِلَاف رِوَايَة الْوَلِيد فَإِنَّهَا مترددة بَين الْمطلب وَعبد الْمطلب.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو عبد الله) هُوَ البُخَارِيّ نَفسه بني الْمطلب أشبه بِالصَّوَابِ يَعْنِي بِحَذْف العَبْد، لِأَن عبد الْمطلب هُوَ ابْن هَاشم، وَلَفظ هَاشم مغن عَنهُ، وَأما الْمطلب فَهُوَ أَخُو هَاشم وهما ابْنَانِ لعبد منَاف، فالمقصود أَنهم تحالفوا على بني عبد منَاف.

[با 64

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { وإذُ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هاذا البَلدَ آمِنا وَاجْنُبْني وبَنِيَّ أنْ نَعْبُدَ الأصْنامَ رَبِّ أنَّهُنَّ أضْللْنَ كَثيرا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَني فإنَّهُ مِنِّي ومَنْ عصَاني فإنَّكَ غَفُورٌ رحيمٌ.
ربَّنا
إنِّي أسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فاجْعَلْ أفئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إلَيْهِم} الْآيَة ( إِبْرَاهِيم: 53) .
)
أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله عز وَجل { وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم} ( إِبْرَاهِيم: 53) .
إِلَى آخِره إِنَّمَا لم يذكر البُخَارِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة حَدِيثا، فَقَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فِي قصَّة إسكان إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، هَاجر وَابْنهَا فِي مَكَان مَكَّة..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي، رَحمَه الله تَعَالَى، لَعَلَّ غَرَضه مِنْهُ الْإِشْعَار بِأَنَّهُ لم يجد حَدِيثا بِشَرْطِهِ مناسبا لَهَا، أَو ترْجم الْأَبْوَاب أَولا ثمَّ ألحق بِكُل بابُُ كل مَا اتّفق وَلم يساعده الزَّمَان بإلحاق حَدِيث بِهَذَا الْبابُُ، وَهَكَذَا حكم كل تَرْجَمَة هِيَ مثلهَا.
قلت: الْوَجْه الأول: من الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا الْكرْمَانِي بعيد، وَأبْعد مِنْهُ مَا ذكره بَعضهم، لِأَن الْإِشَارَة لَا تكون إلاَّ للحاضر، فَالَّذِي يطلع على هَذِه التَّرْجَمَة كَيفَ يَقُول: هَذِه إِشَارَة إِلَى حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهُوَ لم يطلع عَلَيْهِ وَلَا عرفه؟ وَلَا أقرب فِي هَذَا من الْوَجْه الثَّانِي: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي، فَافْهَم.
قَوْله: { وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم} ( إِبْرَاهِيم: 53) .
أَي: أذكر { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد} أَي: مَكَّة { آمنا} من الْقَتْل والغارة، وَيُقَال من الجذام والبرص.
{ واجنبني وَبني} أَي: احفظني، وَبني { أَن نعْبد الْأَصْنَام} وَذَلِكَ أَن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، لما فرغ من بِنَاء الْبَيْت سَأَلَ ربه أَن يَجْعَل الْبَلَد آمنا، وَخَافَ على بنيه لِأَنَّهُ رأى قوما يعْبدُونَ الْأَصْنَام والأوثان، فَسَأَلَ أَن يجتنبهم عَن عبادتها.
قَوْله: { أَن نعْبد} أَي: بِأَن نعْبد أَي: عبَادَة الْأَوْثَان، لِأَن: أَن، مَصْدَرِيَّة.
قَوْله: { رب} يَعْنِي: يَا رب.
{ إنَّهُنَّ} أَي: الْأَصْنَام { أضللن كثيرا من النَّاس} لِأَنَّهُنَّ كُنَّ سَببا لضلالهم، فنسب الضلال إلَيْهِنَّ، وَإِن لم يكن مِنْهُنَّ عمل فِي الْحَقِيقَة، وَقيل: كَانَ الإضلال مِنْهُنَّ لِأَن الشَّيْطَان كَانَ يدْخل فِي جَوف الْأَصْنَام وَيتَكَلَّم قلت: هَذَا أَيْضا لَيْسَ مِنْهُنَّ فِي الْحَقِيقَة.
قَوْله: { فَمن تَبِعنِي} يَعْنِي من آمن بِي { فَإِنَّهُ مني} أَي: على ديني، وَيُقَال: فَهُوَ من أمتِي { وَمن عَصَانِي} فَلم يطعني وَلم يوحدك { فَإنَّك غَفُور رَحِيم} إِن تَابَ أَو توفقه حَتَّى يسلم.
قَوْله: { رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي} أَي: أنزلت بعض ذريتي، وَهُوَ إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، بوادٍ غير ذِي زرع، وَهُوَ مَكَّة وَهُوَ: قَوْله: { عِنْد بَيْتك الْمحرم} يَعْنِي: الَّذِي فِيهِ حرم الْقِتَال والاصطياد، وَأَن يدْخل فِيهِ أحد بِغَيْر إِحْرَام.
قَوْله: { رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة} يَعْنِي: وفقهم ليقيموها، وَإِنَّمَا ذكر الصَّلَاة لِأَنَّهَا أولى الْعِبَادَات وأفضلها، قَوْله: { فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس} أَي: قلوبا، وَهُوَ جمع فؤاد { تهوى إِلَيْهِم} أَي: تشتاق إِلَيْهِم وتسرع إِلَيْهِم..
     وَقَالَ  سعيد بن جُبَير: لَو قَالَ: أَفْئِدَة النَّاس، يَعْنِي بِغَيْر: من، لحجت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس، وَلكنه خص قَوْله: { وارزقهم من الثمرات} يَعْنِي: من الثمرات الَّتِي تكون فِي بِلَاد الرِّيف، يَجِيء بهَا النَّاس.
قَوْله: { لَعَلَّهُم يشكرون} أَي: لكَي يشكروا فِيمَا ترزقهم.



[ قــ :1525 ... غــ :1590 ]
- حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ قَالَ حدَّثنا الوَلِيدُ قَالَ حَدثنَا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حدَّثني الزُّهرِيُّ عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وهْوَ بِمِنًى نَحْنُ نازُلُونَ غَدا بِخَيْفِ بَني كِنَانَةَ حَيْثَ تَقاسَمُوا عَلى الكُفْرِ يَعْني ذالِكَ المُحَصَّبَ وذالِكَ أنَّ قُرَيْشا وكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وبَنِي عَبْدِ المُطَّلِبُ أوْ بَنِي المُطَّلِّبِ أنْ لاَ يُنَاكِحُوهُمْ وَلاَ يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمِوا إلَيْهِمُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ عَن عبد الله بن الزبير الْحميدِي الْمَكِّيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي الْأمَوِي الدِّمَشْقِي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة.

قَوْله: ( من الْغَد) أَصله: من الغدو، فحذفوا اللَّام وَهُوَ أول النَّهَار،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الغدوة، بِضَم الْغَيْن: مَا بَين الصُّبْح وطلوع الشَّمْس.
قَوْله: ( يَوْم النَّحْر) ، نصب على الظّرْف، أَي: قَالَ: فِي غَدَاة يَوْم النَّحْر.
قَوْله: ( وَهُوَ بمنى) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا.
قَوْله: ( نَحن نازلون) ، مقول قَوْله: قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( يَعْنِي ذَلِك المحصب) ، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( يَعْنِي بذلك المحصب) ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: النُّزُول فِي المحصب هُوَ فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر من ذِي الْحجَّة لَا فِي الْيَوْم الثَّانِي من الْعِيد الَّذِي هُوَ الْغَد حَقِيقَة؟ قلت: تجوز عَن الزَّمَان الْمُسْتَقْبل الْقَرِيب بِلَفْظ الْغَد، كَمَا يتجوز بالْأَمْس عَن الْمَاضِي.
قَوْله: ( وَذَلِكَ أَن قُريْشًا وكنانة) ، عطف على قُرَيْش مَعَ أَن قُريْشًا هم أَوْلَاد النَّضر بن كنَانَة، فَيكون من بابُُ التَّعْمِيم بعد التَّخْصِيص، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بكنانة غير قُرَيْش، فقريش قسيم لَهُ لَا قسم مِنْهُ قيل: لم يعقب النَّضر غير مَالك، وَلَا مَالك غير فهر، فقريش ولد النَّضر بن كنَانَة، وَأما كنَانَة فأعقب من غير النَّضر، فَلهَذَا وَقعت الْمُغَايرَة.
قَوْله: ( أَو بني الْمطلب) كَذَا وَقع عِنْده بِالشَّكِّ، وَوَقع عِنْد الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أُخْرَى عَن الْوَلِيد.
( وَبني الْمطلب) بِغَيْر شكّ..
     وَقَالَ  الدَّاودِيّ قَوْله: ( بني عبد الْمطلب) .
وهم قَوْله: ( تحالفت) كَانَ الْقيَاس فِيهِ: تحالفوا، وَلَكِن أفرده بِصِيغَة الْمُفْرد الْمُؤَنَّث بِاعْتِبَار الْجَمَاعَة.
قَوْله: ( أَن لَا يناكحوهم) ، يَعْنِي: لَا يَقع بَينهم عقد نِكَاح بِأَن لَا يتَزَوَّج قُرَيْش وكنانة امْرَأَة من بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب، وَلَا يزوجوا امْرَأَة مِنْهُم إيَّاهُم، وَكَذَلِكَ الْمَعْنى فِي قَوْله: ( وَلَا يبايعوهم) ، بِأَن لَا يبيعوا لَهُم وَلَا يشتروا مِنْهُم، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مُصعب عَن الْأَوْزَاعِيّ عِنْد أَحْمد: ( أَن لَا يناكحوهم وَلَا يخالطوهم) .
وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: ( وَلَا يكون بَينهم وَبينهمْ شَيْء) ، وَهَذَا أَعم.
قَوْله: ( حَتَّى يسلمُوا) ، بِضَم الْيَاء.
وَكَانَت هَذِه الْقِصَّة فِيمَا ذكر فِي ( الطَّبَقَات) : لما بلغ قُريْشًا فعل النَّجَاشِيّ بِجَعْفَر وَأَصْحَابه، وإكرامه لَهُم، كبر ذَلِك عَلَيْهِم جدا وغضبوا وَأَجْمعُوا على قتل سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَتَبُوا كتابا على بني هَاشم أَن لَا يناكحوهم وَلَا يبايعوهم وَلَا يخالطوهم، وَكَانَ الَّذِي كتب الصَّحِيفَة مَنْصُور بن عِكْرِمَة الْعَبدَرِي فشُلَّت يَده، وَفِي الْأَنْسَاب للزبير بن أبي بكر، اسْمه: بغيض بن عَامر بن هَاشم بن عبد منَاف بن عبد الدَّار،.

     وَقَالَ  الْكَلْبِيّ: هُوَ مَنْصُور بن عَامر بن هَاشم أَخُو عِكْرِمَة بن عَامر بن هَاشم، ثمَّ ذكر فِي ( الطَّبَقَات) : وعلقوا الصَّحِيفَة فِي جَوف الْكَعْبَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: بل كَانَت عِنْد أم الْجلاس بنت مخربة الحنظلية، خَالَة أبي جهل، وحصروا بني هَاشم فِي شعب أبي طَالب لَيْلَة هِلَال الْمحرم سنة سبع من حِين النُّبُوَّة، وانحاز بَنو الْمطلب بن عبد منَاف إِلَى أبي طَالب فِي شُعْبَة، وَخرج أَبُو لَهب إِلَى قُرَيْش فظاهرهم على بني هَاشم وَبني الْمطلب، وَقَطعُوا عَنْهُم الْميرَة والمارة، فَكَانُوا لَا يخرجُون إلاَّ من موسم إِلَى موسم حَتَّى بَلغهُمْ الْجهد، فأقاموا فِيهِ ثَلَاث سِنِين، ثمَّ أطلع الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَمر صحيفتهم وَأَن الأرضة أكلت مَا كَانَ فِيهَا من جور وظلم.
وَبَقِي مَا كَانَ فِيهَا من ذكر الله، عز وَجل، وَفِي لفظ: ( ختموا على الْكتاب ثَلَاثَة خَوَاتِيم) فَذكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي طَالب، فَقَالَ أَبُو طَالب لكفار قُرَيْش: إِن ابْن أخي أَخْبرنِي، وَلم يكذبنِي قطّ، أَن الله تَعَالَى قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست مَا كَانَ فِيهَا من جور وظلم وَبَقِي فِيهَا كل مَا ذكر بِهِ الله تَعَالَى، فَإِن كَانَ ابْن أخي صَادِقا نزعتم عَن سوء رَأْيكُمْ، وَإِن كَانَ كَاذِبًا دَفعته إِلَيْكُم فقتلتموه أَو استحييتموه.
قَالُوا: قد أنصفتنا، فَإِذا هِيَ كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسقط فِي أَيْديهم ونكسوا على رؤوسهم، فَقَالَ أَبُو طَالب: علام نحبس ونحصر، وَقد بَان الْأَمر؟ فتلاوم رجال من قُرَيْش على مَا صَنَعُوا ببني هَاشم، مِنْهُم مطعم بن عدي وعدي بن قيس وَزَمعَة بن الْأسود وَأَبُو البحتري بن هَاشم وَزُهَيْر بن أبي أُميَّة، ولبسوا السِّلَاح ثمَّ خَرجُوا إِلَى بني هَاشم وَبني الْمطلب فأمروهم بِالْخرُوجِ إِلَى مساكنهم، فَفَعَلُوا، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش ذَلِك سقط فِي أَيْديهم وَعرفُوا أَن لن يسلموهم، وَكَانَ خُرُوجهمْ من الشّعب فِي السّنة الْعَاشِرَة.

وقالَ سَلاَمَةُ عنْ عُقَيْلٍ ويَحْيى بنُ الضَّحاكِ عنِ الأوْزَاعِيِّ: أخبَرَنِي ابْن شِهَابٍ وقَالا بَنِي هاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله بَنِي المطَّلِبِ أشْبِهُ
سَلامَة هُوَ ابْن روح، بِفَتْح الرَّاء: الْأَيْلِي، هُوَ يروي عَن عَمه عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد الْأَيْلِي، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن خُزَيْمَة فِي ( صَحِيحه) من طَرِيقه.
قَوْله: ( وَيحيى عَن الضَّحَّاك) ، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وكريمة بِلَفْظ: عَن الضَّحَّاك، وَالصَّحِيح: وَيحيى بن الصحاك، وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك الْبابُُلُتِّي، بباءين موحدتين الثَّانِيَة مَضْمُومَة وَبعدهَا اللَّام المضمومة وَبعدهَا تَاء مثناة من فَوق مُشَدّدَة، نِسْبَة إِلَى: بابُلت، قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: وظني أَنَّهَا مَوضِع بالجزيرة،.

     وَقَالَ  الرشاطي: مَوضِع بِالريِّ، وَنسبَة يحيى هَذَا إِلَى جده وَلَيْسَ لَهُ رِوَايَة فِي البُخَارِيّ إلاَّ فِي هَذَا الْموضع، وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ،.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: يحيى بن عبد الله بن الضَّحَّاك الْبابُُلُتِّي، وَالله لم يسمع من الْأَوْزَاعِيّ شَيْئا، وَذكر الْهَيْثَم بن خلف الدوري أَن أمه كَانَت تَحت الْأَوْزَاعِيّ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا يبعد سَمَاعه مِنْهُ، لِأَنَّهُ فِي حجره،.

     وَقَالَ  عَنْبَسَة بن خَالِد: لم يكن لِسَلَامَةِ ابْن روح من السن مَا يسمع من عقيل بن خَالِد، وَتَعْلِيق يحيى عَن الضَّحَّاك وَصله أَبُو عوَانَة فِي ( صَحِيحه) والخطيب فِي ( المدرج) .
قَوْله: ( وَقَالا) ، أَي: سَلامَة وَيحيى أَن روايتهما عَن شيخهما عَن ابْن شهَاب هُوَ بني الْمطلب دون لفظ: عبد، بِخِلَاف رِوَايَة الْوَلِيد فَإِنَّهَا مترددة بَين الْمطلب وَعبد الْمطلب.
قَوْله: ( قَالَ أَبُو عبد الله) هُوَ البُخَارِيّ نَفسه بني الْمطلب أشبه بِالصَّوَابِ يَعْنِي بِحَذْف العَبْد، لِأَن عبد الْمطلب هُوَ ابْن هَاشم، وَلَفظ هَاشم مغن عَنهُ، وَأما الْمطلب فَهُوَ أَخُو هَاشم وهما ابْنَانِ لعبد منَاف، فالمقصود أَنهم تحالفوا على بني عبد منَاف.

[با 64