هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1298 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ ، فَقَالَ : مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا ، فَأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1298 حدثنا مسدد ، أخبرنا بشر بن المفضل ، حدثنا حسين المعلم ، عن عطاء ، عن جابر رضي الله عنه ، قال : لما حضر أحد دعاني أبي من الليل ، فقال : ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك ، غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن علي دينا فاقض ، واستوص بأخواتك خيرا ، فأصبحنا ، فكان أول قتيل ودفن معه آخر في قبر ، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر ، فاستخرجته بعد ستة أشهر ، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ ، فَقَالَ : مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا ، فَأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ .

Narrated Jabir:

When the time of the Battle of Uhud approached, my father called me at night and said, I think that I will be the first amongst the companions of the Prophet (ﷺ) to be martyred. I do not leave anyone after me dearer to me than you, except Allah's Messenger (ﷺ)'s soul and I owe some debt and you should repay it and treat your sisters favorably (nicely and politely). So in the morning he was the first to be martyred and was buried along with another (martyr). I did not like to leave him with the other (martyr) so I took him out of the grave after six months of his burial and he was in the same condition as he was on the day of burial, except a slight change near his ear.

Jâbir () dit: «La nuit qui précéda la bataille d Uhud mon père me convoqua et me dit: Je crois que je vais être tué avec les premiers Compagnons du Prophète; et à part le Messager d'Allah () je ne laisserai après moi que toi qui m'es très cher. J'ai des dettes, tu les payeras; je te recommande de traiter tes sœurs avec bonté. Le lendemain, mon père fut le premier tué des Musulmans. «On l'inhuma avec un autre mort dans une même tombe, mais j'étais tourmenté à l'idée de laisser mon père avec un autre individu. Aussi le fisje exhumer six mois après. A ce moment, le corps, sauf une légère altération d'un oreille, était dans le même état que le jour où je l'avais enterré.»

":"ہم سے مسدد نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم کو بشربن مفضل نے خبر دی ‘ کہا کہ ہم سے حسین معلم نے بیان کیا ‘ ان سے عطاء بن ابی رباح نے ‘ ان سے جابر رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہجب جنگ احد کا وقت قریب آ گیا تو مجھے میرے باپ عبداللہ نے رات کو بلا کر کہا کہ مجھے ایسا دکھائی دیتا ہے کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے اصحاب میں سب سے پہلا مقتول میں ہی ہوں گا اور دیکھو نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے سوا دوسرا کوئی مجھے ( اپنے عزیزوں اور وارثوں میں ) تم سے زیادہ عزیز نہیں ہے ‘ میں مقروض ہوں اس لیے تم میرا قرض ادا کر دینا اور اپنی ( نو ) بہنوں سے اچھا سلوک کرنا ۔ چنانچہ جب صبح ہوئی تو سب سے پہلے میرے والد ہی شہید ہوئے ۔ قبر میں آپ کے ساتھ میں نے ایک دوسرے شخص کو بھی دفن کیا تھا ۔ پر میرا دل نہیں مانا کہ انہیں دوسرے صاحب کے ساتھ یوں ہی قبر میں رہنے دوں ۔ چنانچہ چھ مہینے کے بعد میں نے ان کی لاش کو قبر سے نکالا دیکھا تو صرف کان تھوڑا سا گلنے کے سوا باقی سارا جسم اسی طرح تھا جیسے دفن کیا گیا تھا ۔

Jâbir () dit: «La nuit qui précéda la bataille d Uhud mon père me convoqua et me dit: Je crois que je vais être tué avec les premiers Compagnons du Prophète; et à part le Messager d'Allah () je ne laisserai après moi que toi qui m'es très cher. J'ai des dettes, tu les payeras; je te recommande de traiter tes sœurs avec bonté. Le lendemain, mon père fut le premier tué des Musulmans. «On l'inhuma avec un autre mort dans une même tombe, mais j'étais tourmenté à l'idée de laisser mon père avec un autre individu. Aussi le fisje exhumer six mois après. A ce moment, le corps, sauf une légère altération d'un oreille, était dans le même état que le jour où je l'avais enterré.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1351] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ هَكَذَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُسَيْنٍ وَلَمْ أَرَهُ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الْكَثِيرِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ إِلَّا فِي الْبُخَارِيِّ وَقَدْ عَزَّ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَخْرَجُهُ فَأَخْرَجَهُ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ.

.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فَقَالَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ لَيْسَ أَبُو نَضْرَةَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ حُسَيْنٍ عَنْ عَطَاءٍ عَزِيزَةٌ جِدًّا.

.

قُلْتُ وَطَرِيقُ سَعِيدٍ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وبن سَعْدٍ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ وَاحْتَمَلَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ لِبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فِيهِ شَيْخَانِ إِلَى أَنْ رَأَيْتُهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُعَاذِ بْنِالْمُثَنَّى عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو الْأَشْعَثِ عَنْ بِشْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ فِي الْإِكْلِيلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ سَوَاءٌ فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حِينَئِذٍ أَنَّ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَ وَهْمًا لَكِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي مِمَّنْ هُوَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَشْعَرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَقَّبَ هَذِهِ الطَّرِيقَ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا لِيُوَضِّحَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مَا أُرَانِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ سَبَبَ ظَنِّهِ ذَلِكَ مَنَامٌ رَآهُ أَنَّهُ رَأَى مُبَشِّرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَكَانَ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ يَقُولُ لَهُ أَنْتَ قَادِمٌ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ الْمَذْكُورَةِ عِنْد بن السَّكَنِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَهُ إِنِّي معرض نَفسِي للْقَتْل الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِشَارَةً إِلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ سَيُقْتَلُ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا فِي الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  وَإنَّ عَلَيَّ دَيْنًا سَيَأْتِي مِقْدَارُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَاقْضِ كَذَا فِي الْأَصْلِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فَاقْضِهِ .

     قَوْلُهُ  بِأَخَوَاتِكَ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذِكْرِ عِدَّتِهِنَّ وَمَنْ عُرِفَ اسْمُهَا مِنْهُنَّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ صَدِيقَ وَالِدِ جَابِرٍ وَزَوْجِ أُخْتِهِ هِنْدِ بِنْتِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ جَابِرًا سَمَّاهُ عَمُّهُ تَعْظِيمًا قَالَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَادِقَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتْ هِنْدَ بِنْتَ عَمْرٍو تَسُوقُ بَعِيرًا لَهَا عَلَيْهِ زَوْجُهَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَأَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ لِتَدْفِنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدِّمْيَاطِيِّ إِنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي وَهَمٌ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ لَهُ مَحْمَلًا سَائِغًا وَالتَّجَوُّزُ فِي مِثْلِ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي تَصْحِيفٌ مِنْ عَمْرٍو وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قُتِلَ عَمْرو بن الجموح وبن أَخِيهِ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِد قَالَ بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد لَيْسَ هُوَ بن أَخِيه وَإِنَّمَا هُوَ بن عَمِّهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ مِنْ يَوْمِ دَفْنِهِ وَهَذَا يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ مَا وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي صعصعة أَنه بلغه أَن عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سنة وَقد جمع بَينهمَا بن عَبْدِ الْبَرِّ بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ دَفَنَ أَبَاهُ فِي قَبْرٍ وَحْدَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُمَا وُجِدَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ قُرْبَ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّ السَّيْلَ خَرَقَ أَحَدَ الْقَبْرَيْنِ فَصَارَا كقبر وَاحِد وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ الْقِصَّةَ فِي الْمَغَازِي فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي مَرَّتْ عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ عَلَيْهِمْ فَجِئْنَا فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَعْنِي عَمْرًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غُطِّيَ بِهِمَا وُجُوهُهُمَا وَعَلَى أَقْدَامِهِمْا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَتَثَنَّيَانِ تَثَنِّيًا كَأَنَّهُمَا دُفِنَا بِالْأَمْسِ وَلَهُ شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي السَّكَنِ وَالنَّسَفِيِّ غَيْرَ هُنَيَّةٍ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ بِتَقْدِيمِ غَيْرَ وَزِيَادَةِ فِي وَفِي الْأَوَّلِ تَغْيِيرٌ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ هُنَيَّةًالْمُثَنَّى عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو الْأَشْعَثِ عَنْ بِشْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ فِي الْإِكْلِيلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ سَوَاءٌ فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حِينَئِذٍ أَنَّ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَ وَهْمًا لَكِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي مِمَّنْ هُوَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَشْعَرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَقَّبَ هَذِهِ الطَّرِيقَ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا لِيُوَضِّحَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مَا أُرَانِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ سَبَبَ ظَنِّهِ ذَلِكَ مَنَامٌ رَآهُ أَنَّهُ رَأَى مُبَشِّرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَكَانَ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ يَقُولُ لَهُ أَنْتَ قَادِمٌ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ الْمَذْكُورَةِ عِنْد بن السَّكَنِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَهُ إِنِّي معرض نَفسِي للْقَتْل الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِشَارَةً إِلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ سَيُقْتَلُ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا فِي الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  وَإنَّ عَلَيَّ دَيْنًا سَيَأْتِي مِقْدَارُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَاقْضِ كَذَا فِي الْأَصْلِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فَاقْضِهِ .

     قَوْلُهُ  بِأَخَوَاتِكَ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذِكْرِ عِدَّتِهِنَّ وَمَنْ عُرِفَ اسْمُهَا مِنْهُنَّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ صَدِيقَ وَالِدِ جَابِرٍ وَزَوْجِ أُخْتِهِ هِنْدِ بِنْتِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ جَابِرًا سَمَّاهُ عَمُّهُ تَعْظِيمًا قَالَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَادِقَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتْ هِنْدَ بِنْتَ عَمْرٍو تَسُوقُ بَعِيرًا لَهَا عَلَيْهِ زَوْجُهَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَأَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ لِتَدْفِنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدِّمْيَاطِيِّ إِنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي وَهَمٌ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ لَهُ مَحْمَلًا سَائِغًا وَالتَّجَوُّزُ فِي مِثْلِ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي تَصْحِيفٌ مِنْ عَمْرٍو وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قُتِلَ عَمْرو بن الجموح وبن أَخِيهِ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِد قَالَ بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد لَيْسَ هُوَ بن أَخِيه وَإِنَّمَا هُوَ بن عَمِّهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ مِنْ يَوْمِ دَفْنِهِ وَهَذَا يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ مَا وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي صعصعة أَنه بلغه أَن عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سنة وَقد جمع بَينهمَا بن عَبْدِ الْبَرِّ بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ دَفَنَ أَبَاهُ فِي قَبْرٍ وَحْدَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُمَا وُجِدَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ قُرْبَ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّ السَّيْلَ خَرَقَ أَحَدَ الْقَبْرَيْنِ فَصَارَا كقبر وَاحِد وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ الْقِصَّةَ فِي الْمَغَازِي فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي مَرَّتْ عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ عَلَيْهِمْ فَجِئْنَا فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَعْنِي عَمْرًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غُطِّيَ بِهِمَا وُجُوهُهُمَا وَعَلَى أَقْدَامِهِمْا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَتَثَنَّيَانِ تَثَنِّيًا كَأَنَّهُمَا دُفِنَا بِالْأَمْسِ وَلَهُ شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي السَّكَنِ وَالنَّسَفِيِّ غَيْرَ هُنَيَّةٍ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ بِتَقْدِيمِ غَيْرَ وَزِيَادَةِ فِي وَفِي الْأَوَّلِ تَغْيِيرٌ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ هُنَيَّةً( .

     قَوْلُهُ  بَاب هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ أَيْ لِسَبَبٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ إِخْرَاجَ الْمَيِّتِ)
مِنْ قَبْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ لِسَبَبٍ دُونَ سَبَبٍ كَمَنْ خَصَّ الْجَوَازَ بِمَا لَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ أَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْأَوَّلِ دَلَالَةٌ عَلَى الْجَوَازِ إِذَا كَانَ فِي نَبْشِهِ مَصْلَحَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْبَرَكَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ .

     قَوْلُهُ  فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ الْقَبْرِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الثَّانِي دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِخْرَاجِ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالْحَيِّ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَيِّتِ فِي دَفْنِ مَيِّتٍ آخَرَ مَعَهُ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ جَابِرٌ بِقَوْلِهِ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ .

     قَوْلُهُ  وَاللَّحْدُ لِأَنَّ وَالِدَ جَابِرٍ كَانَ فِي لَحْدٍ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَابِلَةٌ لِلتَّخْصِيصِ وَقِصَّةَ وَالِدِ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِالرَّفْعِ قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ عَمْرو وَهُوَ بن دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْكَفَنِ فِي الْقَمِيصِ وَزَادَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَمِيصه وَالْعَبَّاس الْمَذْكُور هُوَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1351] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا، فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا.
فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ".
[الحديث طرفه في: 1352] .
وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد قال: ( أخبرنا) ولأبي الوقت: حدّثنا ( بشر بن المفضل) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة في الأول، وضم الميم وفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة في الآخر، قال: ( حدّثنا حسين المعلم عن عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر) هو: ابن عبد الله ( رضي الله عنه) كذا أخرجه المؤلّف: عن مسدد، عن بشر بن المفضل، عن حسين.
إلا أبا علي بن السكن وحده، فإنه قال في روايته: عن شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن جابر.
وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي الأشعث، عن بشر بن المفضل، فقال: سعيد بن يزيد عن أبي نضرة، عن جابر.
وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاري.
قال: وروايته عن حسين، عن عطاء عزيزة جدًّا وأخرجه أبو داود، وابن سعد، والحاكم، والطبراني من طريقه، عن أبي نضرة عن جابر.
وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك العبدي.
ولفظ رواية أبي داود: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر، قال: دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد سبعة أشهر، فما أنكرت منه شيئًا إلا شعرات كن في لحيته مما يلي الأرض.
( قال) جابر: ( لما حضر أحد) أي: وقعته في سنة ثلاث من الهجرة ( دعاني أبي) عبد الله ( من الليل، فقال: ما أراني) بضم الهمزة، أي: ما أظنني، أي ما أظن نفسي ( إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وفي المستدرك للحاكم، عن الواقدي: أن سبب ظنه ذلك منام رآه، وذلك أنه رأى مبشر بن عبد المنذر، وكان ممن استشهد ببدر يقول له: أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال هذه شهادة.
( وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن علي) بالفاء، ولأبوي ذر، والوقت، وإن علي ( دينًا فاقض) بحذف ضمير المفعول وفي رواية الحاكم: فاقضه، ( واستوص) أي: اطلب الوصية ( بأخواتك خيرًا) وكان له تسع أخوات ( فأصبحنا، فكان) أبي ( أول قتيل) قتل ودفن ( ودفن معه آخر) هو: عمرو بن الجموح بن زيد الأنصاري، وكان صديق عبد الله، والد جابر، ولأبي ذر: ودفنت بفتح الدال أي: دفنته ودفنت معه رجلاً آخر، بالنصب على المفعول ( في قبر) واحد، ولأبوي الوقت، وذر: في قبره ( ثم لم تطب نفسي أن أتركه) أن مصدرية، أي: لم تطب نفسي بتركه ( مع الآخر) وهو: عمرو بن الجموح، كما مر، ولأبي الوقت: مع آخر، بالتنكير ( فاستخرجته) من قبره ( بعد ستة أشهر) من يوم دفنه ( فإذا هو كيوم وضعته) فيه ( هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية.
قال في القاموس: مصغرة هنة، أي: شيء يسير.
قال: ويروى بإبدال الياء هاء.
( غير أذنه) قال في المشارق: كذا في رواية أبي ذر، والجرجاني، والمروزي: هنية غير أذنه، بالتقديم والتأخير، وهو تغيير، وصوابه ما جاء في رواية ابن السكن، والنسفي: غير هنية في أذنه بتقديم غير، وزيادة: في.
لكن حكى السفاقسي أن بعضهم ضبطه: هيئته، بفتح الهاء وسكون التحتية بعدها همزة ثم مثناة فوقية منصوبة ثم هاء الضمير أي: على حالته.
قال: وبعضهم ضبطه بضم الهاء، ثم الياء المشددة تصغير: هنا، أي: قريبًا.
قال في المصابيح: وهو وجه يستقيم الكلام به، ولا تقديم ولا تأخير اهـ.
وقوله، هو، مبتدأ خبره: كيوم وضعته، والكاف بمعنى: المثل، واليوم بمعنى: الوقت، وانتصاب: هنية على الحال، والمعنى: استخرجت أبي من قبره، فإذا هو مثل الوقت الذي وضعته فيه، لم يتغير فيه شيء غير شيء يسير في أذنه، أسرع إليه البلاء، فتغير عن حاله.
وقد أخرجه ابن السكن من طريق شعبة، عن أبي سلمة، بلفظ: غير أن طرف أذن أحدهم تغير، ولابن سعد، من طريق أبي هلال، عن أبي سلمة: إلا قليلاً من شحمة أذنه.
ولأبي داود من طريق حماد بن زيد، عن أبي سلمة: إلا شعيرات كن من لحيته مما يلي الأرض.
ويجمع بين هذه الرواية وغيرها بأن المراد الشعيرات التي تتصل بشحمة الأذن.
ووقع في رواية الكشميهني: كيوم وضعته هنية عند أذنه، بلفظ: عند بالدال بدل: غير، لكن يبقى في الكلام نقص، وبينه ما في رواية ابن أبي خيثمة، والطبراني من طريق غسان بن نصر، عن أبي سلمة بلفظ: وهو كيوم دفنته إلا هنية عند أذنه.
وعند أبي نعيم من طريق الأشعث: غير هنية عند أذنه، فجمع بين لفظ: غير، ولفظ: عند، وفي الكواكب، وفي بعضها: هيئة بالهمزة أي صورة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :1298 ... غــ :1351] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ هَكَذَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُسَيْنٍ وَلَمْ أَرَهُ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الْكَثِيرِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ إِلَّا فِي الْبُخَارِيِّ وَقَدْ عَزَّ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَخْرَجُهُ فَأَخْرَجَهُ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ.

.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فَقَالَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ لَيْسَ أَبُو نَضْرَةَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ قَالَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ حُسَيْنٍ عَنْ عَطَاءٍ عَزِيزَةٌ جِدًّا.

.

قُلْتُ وَطَرِيقُ سَعِيدٍ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ وبن سَعْدٍ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ وَاحْتَمَلَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ لِبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فِيهِ شَيْخَانِ إِلَى أَنْ رَأَيْتُهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرٍ كَمَا رَوَاهُ أَبُو الْأَشْعَثِ عَنْ بِشْرٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ فِي الْإِكْلِيلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ سَوَاءٌ فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حِينَئِذٍ أَنَّ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَ وَهْمًا لَكِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي مِمَّنْ هُوَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ اسْتَشْعَرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَعَقَّبَ هَذِهِ الطَّرِيقَ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا لِيُوَضِّحَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  مَا أُرَانِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى الظَّنِّ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ سَبَبَ ظَنِّهِ ذَلِكَ مَنَامٌ رَآهُ أَنَّهُ رَأَى مُبَشِّرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَكَانَ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ يَقُولُ لَهُ أَنْتَ قَادِمٌ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَصَّهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نَضْرَةَ الْمَذْكُورَةِ عِنْد بن السَّكَنِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ لَهُ إِنِّي معرض نَفسِي للْقَتْل الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِشَارَةً إِلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ سَيُقْتَلُ كَمَا سَيَأْتِي وَاضِحًا فِي الْمَغَازِي .

     قَوْلُهُ  وَإنَّ عَلَيَّ دَيْنًا سَيَأْتِي مِقْدَارُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَاقْضِ كَذَا فِي الْأَصْلِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فَاقْضِهِ .

     قَوْلُهُ  بِأَخَوَاتِكَ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذِكْرِ عِدَّتِهِنَّ وَمَنْ عُرِفَ اسْمُهَا مِنْهُنَّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ وَكَانَ صَدِيقَ وَالِدِ جَابِرٍ وَزَوْجِ أُخْتِهِ هِنْدِ بِنْتِ عَمْرٍو وَكَأَنَّ جَابِرًا سَمَّاهُ عَمُّهُ تَعْظِيمًا قَالَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أُصِيبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَعَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ اجْمَعُوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا كَانَا مُتَصَادِقَيْنِ فِي الدُّنْيَا وَفِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَأَتْ هِنْدَ بِنْتَ عَمْرٍو تَسُوقُ بَعِيرًا لَهَا عَلَيْهِ زَوْجُهَا عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَأَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ لِتَدْفِنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ.

.
وَأَمَّا قَوْلُ الدِّمْيَاطِيِّ إِنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي وَهَمٌ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ لَهُ مَحْمَلًا سَائِغًا وَالتَّجَوُّزُ فِي مِثْلِ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَمِّي تَصْحِيفٌ مِنْ عَمْرٍو وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قُتِلَ عَمْرو بن الجموح وبن أَخِيهِ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُعِلَا فِي قَبْرٍ وَاحِد قَالَ بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد لَيْسَ هُوَ بن أَخِيه وَإِنَّمَا هُوَ بن عَمِّهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَلَعَلَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ مِنْ يَوْمِ دَفْنِهِ وَهَذَا يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ مَا وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي صعصعة أَنه بلغه أَن عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّيْنِ كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سنة وَقد جمع بَينهمَا بن عَبْدِ الْبَرِّ بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ دَفَنَ أَبَاهُ فِي قَبْرٍ وَحْدَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُمَا وُجِدَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ قُرْبَ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّ السَّيْلَ خَرَقَ أَحَدَ الْقَبْرَيْنِ فَصَارَا كقبر وَاحِد وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ الْقِصَّةَ فِي الْمَغَازِي فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَشْيَاخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا لَمَّا ضَرَبَ مُعَاوِيَةُ عَيْنَهُ الَّتِي مَرَّتْ عَلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ انْفَجَرَتِ الْعَيْنُ عَلَيْهِمْ فَجِئْنَا فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَعْنِي عَمْرًا وَعَبْدَ اللَّهِ وَعَلَيْهِمَا بُرْدَتَانِ قَدْ غُطِّيَ بِهِمَا وُجُوهُهُمَا وَعَلَى أَقْدَامِهِمْا شَيْءٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَأَخْرَجْنَاهُمَا يَتَثَنَّيَانِ تَثَنِّيًا كَأَنَّهُمَا دُفِنَا بِالْأَمْسِ وَلَهُ شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي السَّكَنِ وَالنَّسَفِيِّ غَيْرَ هُنَيَّةٍ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ بِتَقْدِيمِ غَيْرَ وَزِيَادَةِ فِي وَفِي الْأَوَّلِ تَغْيِيرٌ قَالَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ هُنَيَّةً أَيْ شَيْئًا يَسِيرًا وَهُوَ بِنُونٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مُصَغَّرًا وَهُوَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ أَيْ شَيْءٍ فَصَغَّرَهُ لِكَوْنِهِ أَثَرًا يَسِيرًا انْتَهَى وَقَدْ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَقِبَ سِيَاقِهِ بِلَفْظِ الْأَكْثَرِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ.

.

قُلْتُ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيٍّ لَكِنْ يَبْقَى فِي الْكَلَامِ نَقْصٌ ويبينه مَا فِي رِوَايَة بن أَبِي خَيْثَمَةَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ غَسَّانَ بْنِ مُضَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ وَهُوَ كَيَوْمِ دَفَنْتُهُ إِلَّا هُنَيَّةً عِنْدَ أُذُنِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ من حَيْثُ الْمَعْنى لرِوَايَة بن السَّكَنِ الَّتِي صَوَّبَهَا عِيَاضٌ وَجَمَعَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْعَثِ بَيْنَ لَفْظِ غَيْرَ وَلَفْظِ عِنْدَ فَقَالَ غَيْرَ هُنَيَّةٍ عِنْدَ أُذُنِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ سَقَطَ مِنْهَا لَفْظُ هُنَيَّةٍ وَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ فِي أَفْرَادِ البُخَارِيّ وَالْمرَاد بالاذن بَعْضهَا وَحكى بن التِّينِ أَنَّهُ فِي رِوَايَتِهِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ مَنْصُوبَةٌ ثُمَّ هَاءُ الضَّمِيرِ أَيْ عَلَى حَالَتِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ بن السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ بِلَفْظِ غَيْرَ أَنَّ طَرَفَ أُذُنِ أَحَدِهِمْ تَغَيَّرَ وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ إِلَّا قَلِيلًا مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ إِلَّا شَعَرَاتٍ كُنَّ مِنْ لَحَيَّتِهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّعَرَاتُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِشَحْمَةِ الْأُذُنِ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ سَبَبَ تَغَيُّرِ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ مَثَّلُوا بِهِ فَجَدَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ الْحَدِيثَ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَطَعُوا بَعْضَ أُذُنَيْهِ لَا جَمِيعَهَمَا وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1298 ... غــ : 1351 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا، فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا.
فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ".
[الحديث 1351 - طرفه في: 1352] .


وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد قال: ( أخبرنا) ولأبي الوقت: حدّثنا ( بشر بن المفضل) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة في الأول، وضم الميم وفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة في الآخر، قال: ( حدّثنا حسين المعلم عن عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر) هو: ابن عبد الله ( رضي الله عنه) كذا أخرجه المؤلّف: عن مسدد، عن بشر بن المفضل، عن حسين.
إلا أبا علي بن السكن وحده، فإنه قال في روايته: عن شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن جابر.

وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي الأشعث، عن بشر بن المفضل، فقال: سعيد بن يزيد عن أبي نضرة، عن جابر.
وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاري.
قال: وروايته عن حسين، عن عطاء عزيزة جدًّا وأخرجه أبو داود، وابن سعد، والحاكم، والطبراني من طريقه، عن أبي نضرة عن جابر.
وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك العبدي.
ولفظ رواية أبي داود: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر، قال: دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد سبعة أشهر، فما أنكرت منه شيئًا إلا شعرات كن في لحيته مما يلي الأرض.

( قال) جابر:
( لما حضر أحد) أي: وقعته في سنة ثلاث من الهجرة ( دعاني أبي) عبد الله ( من الليل، فقال: ما أراني) بضم الهمزة، أي: ما أظنني، أي ما أظن نفسي ( إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وفي المستدرك للحاكم، عن الواقدي: أن سبب ظنه ذلك منام رآه، وذلك أنه رأى مبشر بن عبد المنذر، وكان ممن استشهد ببدر يقول له: أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال هذه شهادة.
( وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن علي) بالفاء، ولأبوي ذر، والوقت، وإن علي ( دينًا فاقض) بحذف ضمير المفعول وفي رواية الحاكم: فاقضه، ( واستوص) أي: اطلب الوصية ( بأخواتك خيرًا) وكان له تسع أخوات ( فأصبحنا، فكان) أبي ( أول قتيل) قتل ودفن ( ودفن معه آخر) هو: عمرو بن الجموح بن زيد الأنصاري، وكان صديق عبد الله، والد جابر، ولأبي ذر: ودفنت بفتح الدال أي: دفنته ودفنت معه رجلاً آخر، بالنصب على المفعول ( في قبر) واحد، ولأبوي الوقت، وذر: في قبره ( ثم لم تطب نفسي أن أتركه) أن مصدرية، أي: لم تطب نفسي بتركه ( مع الآخر) وهو: عمرو بن الجموح، كما مر، ولأبي الوقت: مع آخر، بالتنكير ( فاستخرجته) من قبره ( بعد ستة أشهر) من يوم دفنه ( فإذا هو كيوم وضعته) فيه ( هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية.
قال في القاموس: مصغرة هنة، أي: شيء يسير.
قال: ويروى بإبدال الياء هاء.
( غير أذنه) قال في المشارق: كذا في رواية أبي ذر، والجرجاني، والمروزي: هنية غير أذنه، بالتقديم والتأخير، وهو تغيير، وصوابه ما جاء في رواية ابن السكن، والنسفي: غير هنية في أذنه بتقديم غير، وزيادة: في.

لكن حكى السفاقسي أن بعضهم ضبطه: هيئته، بفتح الهاء وسكون التحتية بعدها همزة ثم مثناة فوقية منصوبة ثم هاء الضمير أي: على حالته.
قال: وبعضهم ضبطه بضم الهاء، ثم الياء المشددة تصغير: هنا، أي: قريبًا.
قال في المصابيح: وهو وجه يستقيم الكلام به، ولا تقديم ولا تأخير اهـ.

وقوله، هو، مبتدأ خبره: كيوم وضعته، والكاف بمعنى: المثل، واليوم بمعنى: الوقت، وانتصاب: هنية على الحال، والمعنى: استخرجت أبي من قبره، فإذا هو مثل الوقت الذي وضعته فيه، لم يتغير فيه شيء غير شيء يسير في أذنه، أسرع إليه البلاء، فتغير عن حاله.
وقد أخرجه ابن السكن من طريق شعبة، عن أبي سلمة، بلفظ: غير أن طرف أذن أحدهم تغير، ولابن سعد، من طريق أبي هلال، عن أبي سلمة: إلا قليلاً من شحمة أذنه.

ولأبي داود من طريق حماد بن زيد، عن أبي سلمة: إلا شعيرات كن من لحيته مما يلي الأرض.
ويجمع بين هذه الرواية وغيرها بأن المراد الشعيرات التي تتصل بشحمة الأذن.
ووقع في رواية الكشميهني: كيوم وضعته هنية عند أذنه، بلفظ: عند بالدال بدل: غير، لكن يبقى في الكلام نقص، وبينه ما في رواية ابن أبي خيثمة، والطبراني من طريق غسان بن نصر، عن أبي سلمة بلفظ: وهو كيوم دفنته إلا هنية عند أذنه.

وعند أبي نعيم من طريق الأشعث: غير هنية عند أذنه، فجمع بين لفظ: غير، ولفظ: عند، وفي الكواكب، وفي بعضها: هيئة بالهمزة أي صورة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :1298 ... غــ :1351 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ أخبرنَا بِشْرً بنُ المُفَضَّلِ قَالَ حدَّثنا حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ عنْ عَطَاءٍ عنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ.
قَالَ لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أبي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أُرَانِي إلاَّ مَقْتُولاً فِي أوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أصْحَابَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإنِّي لاَ أتْرُكُ بَعْدِي أعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإنَّ عَلَيَّ دَيْنا فاقْضِ وَاسْتَوْصِ بِأخَوَاتِكَ خَيْرا فأصْبَحْنَا فَكانَ أوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ فإذَا هُوَ كَيَوْمَ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.

( الحَدِيث 1531 طرفه فِي: 2531) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فاستخرجته) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، و: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، والمفضل، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح..
     وَقَالَ  الجياني: كَذَا رُوِيَ هَذَا الْإِسْنَاد عَن البُخَارِيّ إلاَّ أَبَا عَليّ بن السكن وَحده، فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَته: شُعْبَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن جَابر.

وَأخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق أبي الْأَشْعَث عَن بشر بن الْمفضل، فَقَالَ: سعيد بن يزِيد عَن أبي نَضرة عَن جَابر..
     وَقَالَ  بعده: لَيْسَ أَبُو نَضرة من شَرط البُخَارِيّ.
قَالَ: وَرِوَايَته عَن حُسَيْن عَن عَطاء عزيزة جدا.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن سعيد بن يزِيد أبي سَلمَة عَن أبي نَضرة عَن جَابر، قَالَ: دفن مَعَ أبي رجل فَكَانَ فِي نَفسِي من ذَلِك حَاجَة.
فَأَخْرَجته بعد سِتَّة أشهر، فَمَا أنْكرت مِنْهُ شَيْئا إلاَّ شعيرات كن فِي لحيته مِمَّا يَلِي الأَرْض، وَأَبُو نَضرة: الْمُنْذر بن مَالك الْعَوْفِيّ.
وَأخرجه أَيْضا ابْن سعد وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سعيد عَن أبي نَضرة عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لما حضر أحد) ، أَي: وقْعَة أحد، وَإسْنَاد الْحُضُور إِلَيْهِ مجازي، وَكَانَت وقْعَة أحد فِي سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَيْهَا عَشِيَّة الْجُمُعَة لأَرْبَع عشرَة خلت من شَوَّال،.

     وَقَالَ  مَالك: كَانَت أحد وخيبر فِي أول النَّهَار.
قَوْله: ( مَا أَرَانِي) ، بِضَم الْهمزَة أَي: مَا أظنني، أَي: مَا أَظن نَفسِي، وَذكر الْحَاكِم فِي ( مُسْتَدْركه) عَن الْوَاقِدِيّ: أَن سَبَب ظَنّه ذَلِك مَنَام رَآهُ أَنه رأى مُبشر بن عبد الله الْمُنْذر، وَكَانَ مِمَّن اسْتشْهد ببدر، يَقُول لَهُ: أَنْت قادم علينا فِي هَذِه الْأَيَّام، فَقَصَّهَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَذِه شَهَادَة، وَفِي رِوَايَة أبي عَليّ بن السكن عَن أبي نَضرة.
( عَن جَابر: أَن أَبَاهُ قَالَ لَهُ: إِنِّي معرض نَفسِي للْقَتْل.
.
)
الحَدِيث..
     وَقَالَ  ابْن التِّين: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك بِنَاء على مَا كَانَ عزم عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِشَارَة إِلَى مَا أخبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن بعض أَصْحَابه سيقتل.
قَوْله: ( فَإِن عَليّ دينا) كَانَت عَلَيْهِ أوسق تمر ليهودي.
قَوْله: ( فَاقْض) ، من: قضى يقْضِي أَي: أدِّ الدّين، ويروى: ( فاقضه) ، بِذكر الضَّمِير الَّذِي هُوَ الْمَفْعُول.
قَوْله: ( واستوصِ) أَي: أطلب الْوَصْل بأخواتك خيرا، يُقَال: وصيت الشَّيْء بِكَذَا إِذا وصلته بِهِ.
قَالَ ابْن بطال: أَي: إقبل وصيتي بِالْخَيرِ إلَيْهِنَّ، وَكَانَت لَهُ تسع أَخَوَات باخْتلَاف فِيهِ، فوكد عَلَيْهِ فِيهِنَّ مَعَ مَا كَانَ فِي جَابر من الْخَيْر، فَوَجَبَ لَهُنَّ: حق الْقَرَابَة، وَحقّ وَصِيَّة الْأَب، وَحقّ الْيَتِيم، وَحقّ الْإِسْلَام.
وَفِي ( الصَّحِيح) : ( لما قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تزوجت بكرا أم ثَيِّبًا؟ قَالَ: بل ثَيِّبًا، فَقَالَ: هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟ قَالَ: إِن أبي ترك أَخَوَات كرهت أَن أضم إلَيْهِنَّ خرقاء مِثْلهنَّ) .
فَلم يُنكر عَلَيْهِ ذَلِك.
قَوْله: ( أَن أتركه) ، أَن: مَصْدَرِيَّة أَي: لم تطب نَفسِي تَركه مَعَ الآخر، وَهُوَ عَمْرو بن الجموح بن زيد بن حرَام الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ صديق وَالِد جَابر وَزوج أُخْته هِنْد بنت عَمْرو، فَكَانَ جَابر سَمَّاهُ عَمَّا تَعْظِيمًا..
     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق فِي ( الْمَغَازِي) : حَدثنِي أبي عَن رجال من بني سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين أُصِيب عبد الله بن عَمْرو وَعَمْرو بن الجموح: إجمعوا بَينهمَا، فَإِنَّهُمَا كَانَا متصادقين فِي الدُّنْيَا.
وَفِي ( مغازي الْوَاقِدِيّ) عَن عَائِشَة: أَنَّهَا رَأَتْ هِنْد بنت عَمْرو تَسوق بَعِيرًا لَهَا عَلَيْهِ زَوجهَا عَمْرو بن الجموح وأخوها عبد الله بن عَمْرو بن حرَام لتدفنها بِالْمَدِينَةِ ثمَّ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برد الْقَتْلَى إِلَى مضاجعهم، وروى أَحْمد فِي ( مُسْنده) : بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث أبي قَتَادَة، قَالَ: قتل عَمْرو بن الجموح وَابْن أَخِيه يَوْم أحد فَأمر بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلَا فِي قبر وَاحِد،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر فِي ( التَّمْهِيد) : لَيْسَ هُوَ ابْن أَخِيه، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن عَمه، قَوْله: ( فاستخرجته بعد سِتَّة أشهر) أَي: من يَوْم دَفَنته.
فَإِن قلت: وَقع فِي ( الْمُوَطَّأ) عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة لَهُ: بلغه أَن عَمْرو بن الجموح وَعبد الله بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ كَانَا قد حفر السَّيْل قبرهما، وَكَانَا فِي قبر وَاحِد، فحفر عَنْهُمَا ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيرا كَأَنَّهُمَا مَاتَا بالْأَمْس، وَكَانَ بَين أحد وَيَوْم حفر عَنْهُمَا سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة.
انْتهى.
وَهَذَا يُخَالف مَا ذكره جَابر.
قلت: أجَاب ابْن عبد الْبر بِتَعَدُّد الْقِصَّة، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بقوله: لِأَن الَّذِي فِي حَدِيث جَابر أَنه دفن أَبَاهُ فِي قبر وَاحِد بعد سِتَّة أشهر، وَفِي حَدِيث ( الْمُوَطَّأ) أَنَّهُمَا وجدا فِي قبر وَاحِد بعد سِتَّة وَأَرْبَعين سنة، فإمَّا أَن المُرَاد بكونهما فِي قبر وَاحِد قرب الْمُجَاورَة، أَو أَن السَّيْل غرق أحد القبرين فصارا كقبر وَاحِد.
قلت: فِيهِ مَا لَا يخفى، وَالْأَوْجه أَن يُقَال: الْمَنْقُول عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة بَلَاغ فَلَا يُقَاوم الْمَرْوِيّ عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: ( فَإِذا هُوَ) كلمة: إِذا، للمفاجأة.
وَقَوله: هُوَ، مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله: ( كَيَوْم وَضعته) بِإِضَافَة: يَوْم، إِلَى: وَضعته، و: الْكَاف، بِمَعْنى: الْمثل، وَالْيَوْم بِمَعْنى: الْوَقْت.
قَوْله: ( هنيَّة) ، بِضَم الْهَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، مصغر هُنَا، أَي: قَرِيبا وانتصابه على الْحَال، وَقَوله: ( غير إِذْنه) مُسْتَثْنى مِمَّا قبله، وَحَاصِل الْمَعْنى: استخرجت أبي من قَبره ففاجأته قَرِيبا مثل الْوَقْت الَّذِي وَضعته فِيهِ، غير أَن أُذُنه تغير بِسَبَب التصاقها بِالْأَرْضِ، وَهَذَا الْمَذْكُور هُوَ رِوَايَة الْمروزِي والجرجاني وَأبي ذَر، وَفِي رِوَايَة ابْن السكن والنسفي: ( كَيَوْم وَضعته فِي الْقَبْر غير هنيَّة فِي أُذُنه) ، يُرِيد غير أثر يسير غيرته الأَرْض من أُذُنه، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَحكى ابْن التِّين: أَنه فِي رِوَايَته، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا همزَة ثمَّ تَاء مثناة من فَوق ثمَّ هَاء الضَّمِير، وَمَعْنَاهُ: على حَالَته، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي خَيْثَمَة وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق غَسَّان بن نصر عَن أبي سَلمَة بِلَفْظ: ( وَهُوَ كَيَوْم دَفَنته إلاَّ هنيَّة عِنْد أُذُنَيْهِ) ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي نعيم من طَرِيق الْأَشْعَث: ( غير هنيَّة عِنْد أُذُنه) .
وَوَقع فِي رِوَايَة الْحَاكِم: ( فَإِذا هُوَ كَيَوْم وَضعته غير أُذُنه) ، سقط مِنْهُ لفظ: هنيَّة، وَكَذَا ذكره الْحميدِي فِي ( الْجمع فِي أَفْرَاد البُخَارِيّ) وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن من طَرِيق شُعْبَة عَن أبي مسلمة بِلَفْظ: ( غير أَن طرف أذن أحدهم تغير) ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن سعد من طَرِيق أبي هِلَال عَن أبي مسلمة: ( إلاَّ قَلِيلا من شحمة أُذُنه) ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد، وَقد ذَكرنَاهَا من طَرِيق حَمَّاد بن زيد عَن أبي مسلمة: ( إلاَّ شعيرات كن من لحيته مِمَّا يَلِي الأَرْض) .
فَإِن قلت: مَا وَجه رِوَايَة أبي دَاوُد بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرِّوَايَات الْمَذْكُورَة؟ قلت: المُرَاد بالشعيرات الَّتِي تتصل بشحمة الْأذن.
فَإِن قلت: روى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَن أَبَاهُ قتل يَوْم أحد، ثمَّ مثلُوا بِهِ فجدعوا أَنفه وَأُذُنَيْهِ.
.
الحَدِيث؟ قلت: يحمل هَذَا على أَنهم قطعُوا بعض أُذُنَيْهِ لَا جميعهما.
فَافْهَم.