هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1774 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْ وَالٍ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ : بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا , فَمَنْ وُقِيَ شَرَّهَا فَقَدْ وُقِيَ , وَهُوَ مِنَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ لِنَقِفَ عَلَى مَا أُرِيدَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ , وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ عَلَى مَا ذُكِرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ تَيْنِكَ الْبِطَانَتَيْنِ بِمَا ذَكَرَهُمَا بِهِ فِيهِمَا مِنْ حَمْدٍ وَغَيْرِهِ . فَوَجَدْنَا الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مَا أُرْسِلُوا بِهِ إِلَيْهِمْ , فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِتْيَانِهِمْ إِيَّاهُمْ , وَخِلْطَتِهِمْ بِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا بِذَلِكَ بَطَائِنَ لَهُمْ , وَتَسْتَعْمِلُ الْأَنْبِيَاءُ فِي ذَلِكَ فِي أُمُورِهِمْ مَا يَقِفُونَ عَلَيْهِ مِنْهَا , فَيَحْمَدُونَ فِي ذَلِكَ مَنْ يَقِفُونَ عَلَى مَنْ يَجِبُ حَمْدُهُ بِظَاهِرِهِ , فَيُقَرِّبُونَهُ مِنْهُمْ , وَيَعُدُّونَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ , وَيُبَاعِدُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَقِفُونَ مِنْهُ عَلَى مَا لَا يَحْمَدُونَهُ مِنْهُمْ , وَيَعُدُّونَهُ مِنْ أَعْدَائِهِمْ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُبْطِنُ مِمَّنْ يُعَرِّفُونَهُ مِنْ حَمْدٍ وَمِنْ ذَمٍّ , ثُمَّ يُوقِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْبِيَاءَهُ عَلَى مَا يُوقِفُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ بَاطِنِهِمْ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ . . . } الْآيَةَ . فَهَذِهِ الْبِطَانَةُ الْمَذْمُومَةُ الَّتِي لَا تَأْلُو مَنْ هِيَ مَعَهُ خَبَالًا . وَالْبِطَانَةُ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي يُوقِفُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ضَدِّهَا , وَعَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ لِنَبِيِّهَا , كَمَا أَوْقَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا أَوْقَفَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ تَعْزِيرِهِمْ إِيَّاهُ , وَنُصْرَتِهِمْ لَهُ , وَاتِّبَاعِهِمْ لِمَا يَجِبُ أَنْ يُتَّبَعَ بِهِ , كَمَا قَالَ تَعَالَى : { فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَاتِهِمْ : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } ثُمَّ وَصَفَهُمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمَا وَصَفَهُمْ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ الَّتِي أُنْزِلَ ذَلِكَ فِيهَا . فَهَاتَانِ الْبِطَانَتَانِ هُمَا الْبِطَانَتَانِ اللَّتَانِ كَانَتَا مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَلِكَ الْبَطَائِنُ اللَّاتِي كُنَّ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَهُ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهُوَ مِنَ الْغَالِبَةِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ , لَا إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ , لَا يَكُونُونَ مَعَ مَنْ لَا تُحْمَدُ خَلَائِقُهُ وَلَا مَذَاهِبُهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ وَإِنَّمَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ رُجُوعُ الْكَلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ , خُوطِبَ بِهِ قَوْمٌ عَرَبٌ يَعْقِلُونَ مَا أَرَادَ بِهِ مُخَاطِبُهُمْ , وَالْعَرَبُ قَدْ تُخَاطِبُ بِمِثْلِ هَذَا عَلَى جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَرُدُّهُ إِلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ , فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } فَكَانَ الْخِطَابَ فِي ذَلِكَ بِذِكْرِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ , وَمَعْقُولٌ أَنَّ الرُّسُلَ مِنَ الْإِنْسِ لَا مِنَ الْجِنِّ , وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَقَرَأَ آيَةَ الْمُمْتَحِنَةِ وَفِيهَا الشِّرْكُ , وَالسَّرِقَةُ , وَالزِّنَا , وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ } وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَفِيهِ : فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُوقِبَ بِالشِّرْكِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةً . وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِنَّمَا هُوَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي الْآيَةِ لَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيهَا . فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا : وَهُوَ مِنَ الَّتِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ , لَا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ , صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ , الَّذِينَ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ . فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ جَمِيعُ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُشْكِلَاتِ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1774 حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال : حدثنا بشر بن بكر قال : حدثني الأوزاعي قال : حدثنا الزهري قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من وال إلا له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر , وبطانة لا تألوه خبالا , فمن وقي شرها فقد وقي , وهو من التي تغلب عليه منهما . قال أبو جعفر : فتأملنا هذه الآثار لنقف على ما أريد بها إن شاء الله , فكان قوله صلى الله عليه وسلم : ما بعث الله من نبي , ولا استخلف من خليفة إلا له بطانتان على ما ذكرت كل واحدة من تينك البطانتين بما ذكرهما به فيهما من حمد وغيره . فوجدنا الأنبياء صلوات الله عليهم يدعون الناس إلى ما أرسلوا به إليهم , فيكون ذلك سببا لإتيانهم إياهم , وخلطتهم بهم حتى يكونوا بذلك بطائن لهم , وتستعمل الأنبياء في ذلك في أمورهم ما يقفون عليه منها , فيحمدون في ذلك من يقفون على من يجب حمده بظاهره , فيقربونه منهم , ويعدونه من أوليائهم , ويباعدون منهم من يقفون منه على ما لا يحمدونه منهم , ويعدونه من أعدائهم , والله أعلم بما يبطن ممن يعرفونه من حمد ومن ذم , ثم يوقف الله عز وجل أنبياءه على ما يوقفهم عليه من باطنهم , كما قال عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم : { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم . . . } الآية . فهذه البطانة المذمومة التي لا تألو من هي معه خبالا . والبطانة الأخرى هي التي يوقفهم الله تعالى على ضدها , وعلى ما هي عليه لنبيها , كما أوقف الله عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام على ما أوقفه عليه من أحوال المؤمنين به من تعزيرهم إياه , ونصرتهم له , واتباعهم لما يجب أن يتبع به , كما قال تعالى : { فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } وكما قال عز وجل في صفاتهم : { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } ثم وصفهم رضوان الله عليهم بما وصفهم حتى ختم السورة التي أنزل ذلك فيها . فهاتان البطانتان هما البطانتان اللتان كانتا مع نبينا صلى الله عليه وسلم , وكذلك البطائن اللاتي كن مع الأنبياء صلوات الله عليهم قبله . ثم تأملنا قوله صلى الله عليه وسلم : وهو من الغالبة عليه منهما فكان ذلك عندنا , والله أعلم , مما يرجع إلى غير الأنبياء ممن ذكر في هذه الآثار , لا إلى الأنبياء ؛ لأن الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون , لا يكونون مع من لا تحمد خلائقه ولا مذاهبه . فقال قائل : وكيف يجوز أن يكون ذلك كما ذكرت وإنما في هذه الآثار رجوع الكلام على من ذكر فيها من الأنبياء عليهم السلام وممن سواهم ؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن هذا الكلام كلام عربي , خوطب به قوم عرب يعقلون ما أراد به مخاطبهم , والعرب قد تخاطب بمثل هذا على جماعة ثم ترده إلى بعضهم دون بقيتهم , فمن ذلك قوله عز وجل : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } فكان الخطاب في ذلك بذكر الجن والإنس , ومعقول أن الرسل من الإنس لا من الجن , ومثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت : بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا وقرأ آية الممتحنة وفيها الشرك , والسرقة , والزنا , وهي قوله تعالى : { يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين } وسنذكر ذلك الحديث فيما بعد من كتابنا هذا , إن شاء الله تعالى . وفيه : فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له ونحن نعلم أن من عوقب بالشرك فليس ذلك له كفارة . وعقلنا بذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم : فمن أصاب من ذلك شيئا إنما هو على شيء من بعض تلك الأشياء التي في الآية لا على كل شيء من تلك الأشياء التي فيها . فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الآثار التي رويناها : وهو من التي تغلب عليه منهما يرجع ذلك على من قد يجوز أن يكون منه مثل ذلك , لا على الأنبياء , صلوات الله عليهم , الذين لا يكون منهم مثل ذلك . فبان بما ذكرناه جميع ما في هذه الآثار من المعاني المشكلات فيها بحمد الله ونعمته , وإياه نسأله التوفيق
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،