323 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حُجْرِ بْنِ النُّعْمَانِ السَّامِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْأَنْبَارِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَقَّاصِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، قَالَ : بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ ، فَقِيلَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَتَعْرِفُ هَذَا الْمَارَّ ؟ قَالَ : وَمَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الَّذِي أَتَاهُ رَئِيُّهُ بِظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : أَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ ؟ قَالَ : فَغَضِبَ وَقَالَ : مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهَذَا أَحَدٌ مُنْذُ أَسْلَمْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ عُمَرُ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي رَئِيِّي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ، فَاسْمَعْ مَقَالَتِي ، وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ . ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ لَيْسَ قُدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا قَالَ : قُلْتُ : دَعْنِي أَنَامُ ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا . قَالَ : فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ، فَاسْمَعْ مَقَالَتِي ، وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ . ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَخْبَارِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا مُؤْمِنُ الْجِنِّ كَكَفَّارِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ بَيْنَ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا قَالَ : قُلْتُ : دَعْنِي أَنَامُ ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا . فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي ، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ يَا سَوَادُ بْنَ قَارِبٍ ، فَاسْمَعْ مَقَالَتِي ، وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ ، فَإِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ . ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَحْسَاسِهَا وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى مَا خَيْرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ فَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَاسِهَا فَقُمْتُ ، فَقُلْتُ : قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبِي ، فَرَحَلْتُ نَاقَتِي ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ ، فَدَنَوْتُ ، فَقُلْتُ : اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : هَاتِ . فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ : أَتَانِي نَجِيِّي بَيْنَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ تَلَوْتُ بِكَاذِبِ ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِي الْإِزَارَ وَوَسَّطَتْ بِيَ الذِّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ الْأَطَايِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شَيْبُ الذَّوَائِبِ وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ قَالَ : فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمَقَالَتِي فَرَحًا شَدِيدًا ، حَتَّى رُئِيَ الْفَرَحُ فِي وُجُوهِهِمْ . قَالَ : فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ ، فَالْتَزَمَهُ ، وَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْكَ ، فَهَلْ يَأْتِيكَ رَئِيُّكَ الْيَوْمَ ؟ قَالَ : أَمَّا مُنْذُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَلَا ، وَنِعْمَ الْعِوَضُ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْجِنِّ . ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ يَقُولُ : كُنَّا يَوْمًا فِي حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُمْ آلُ ذَرِيحٍ ، وَقَدْ ذَبَحُوا عِجْلًا لَهُمْ ، فَالْجَزَّارُ يُعَالِجُهُ ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ ، وَلَا نَرَى شَيْئًا : يَا آلَ ذَرِيحٍ ، أَمْرٌ نَجِيحٌ ، صَائِحٌ يَصِيحُ ، بِلِسَانٍ فَصِيحٍ ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ |
وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم
ليس قداماها كأذنابها
قال : قلت : دعني أنام ، فإني أمسيت ناعسا . قال : فلما كانت الليلة الثانية أتاني ، فضربني برجله ، وقال : قم يا سواد بن قارب ، فاسمع مقالتي ، واعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل ، وإلى عبادته . ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وتخبارها