هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
78 حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَخْطُبُ يَقُولُ : لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُسَافِرَ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنَّ امْرَأَتِي انْطَلَقَتْ حَاجَّةً ، قَالَ : فَانْطَلِقْ فَاحْجُجْ بِامْرَأَتِكَ . قَالَ : فَقُلْتُ : أَفَتَرَى أَنَّ فَرْضًا عَلَى قَيِّمِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا أَكْبَرَ مَسَاجِدِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ أَكْبَرَهَا أَوْجَبُهَا ، وَمِنْ كُلِّ سَفَرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : فَمِنْ أَيْنَ قُلْتَهُ ؟ قَالَ : قُلْتُهُ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ سَفَرَهَا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مَعْصِيَةٌ ، وَفَرْضُ اللَّهِ أَنْ تُمْنَعَ الْمَعْصِيَةُ . قُلْتُ : فَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ أَنْ تُمْنَعَ أَكْبَرَ مَسَاجِدِ اللَّهِ ، قَالَ : مَا أَكْبَرَ مَسَاجِدِ اللَّهِ قَالَ : مَا أَجِدُ مِنْ هَذَا أَبَدًا . وَقَالَ غَيْرُهُ : أَنَا أُكَلِّمُكُ بِغَيْرِ مَا كَلَّمَكَ بِهِ فَأَقُولُ : لَيْسَ لِقَيِّمِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا أَنْ تُسَافِرَ إِلَى مَسْجِدٍ ، قُلْتُ : وَلَا يَمْنَعُهَا الْوَالِي ، وَلَا زَوْجُهَا ، وَلَا وَلِيُّهَا مَنْ كَانَ ؟ قَالَ : لَا ، قُلْتُ : فَقَدْ أَمَرْتَ بِأنْ لَا تُمْنَعَ الْمَعْصِيَةُ بِالسَّفَرِ ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : فَعَلَى ذِي مَحْرَمِهَا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ السَّفَرَ مَعَهَا مَا يُوجِبُ عَلَى الْوَالِي مَنْعَهَا مِنَ السَّفَرِ بِلَا مَحْرَمٍ ، قُلْتُ : فَإِنَّ قَيِّمَهَا أَخُوهَا ، وَهُوَ مُوسِرٌ ، عَلَى مَنِ النَّفَقَةُ فِي السَّفَرِ ، أَعَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَخِيهَا ؟ قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ ، وَعَلَيْهَا نَفَقَتُهَا ، قُلْتُ : فَقَدْ جَعَلْتَ لَهَا أَنْ تُكَلِّفَهُ إِخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ ، وَأَنْتَ لَا تَجْعَلُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مُوسِرَةً ، وَلَا مُعْسِرَةً صَحِيحَةً ، وَتُكَلِّفُهَا الْمَسْأَلَةَ ، فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ أَلْزَمَ لَكَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا ، مُعْسِرَةً صَحِيحَةً شَرِيفَةً تَسْتَحِي مِنَ الْمَسْأَلَةِ ، خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فِي الشَّهْرِ ، أَوْ يُكَلَّفَ فِي سَفَرٍ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهَا ، قُلْتُ : فَأَقُولُ لَكَ : فَكَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا ، أَتُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا ؟ قَالَ : بَلْ لَا أُنْفِقُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا إِلَّا مَا لَا صَلَاحَ لَهَا إِلَّا بِهِ ، فَكَيْفَ أُنْفِقُ عَلَى آخَرِهِ مِنْ مَالِهَا ؟ قُلْتُ : فَقَدْ مَنَعْتَهَا إِذًا أَكْثَرَ مَسَاجِدِ اللَّهِ ، قَالَ : فَكُلُّ مَا قُلْتَ مِنْ هَذَا مُخَالِفٌ قَوْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، قُلْتُ : أَجَلْ ، وَقَدْ تَرَكْتُ إِبَانَةَ ذَلِكَ ؛ لِتَعْرِفَ أَنَّ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ فِيهِ كُلُّهُ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ ، وَهَلْ عَلِمْتَ مُخَالِفًا فِي أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مَسْجِدَ عَشِيرَتِهَا ، وَإِنْ كَانَ عَلَى بَابِهَا ، وَالْجُمُعَةَ الَّتِي لَا أَوْجَبَ مِنْهَا فِي الْمِصْرِ ؟ قَالَ : وَمَا عَلِمْتُهُ ، قُلْتُ : فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَسَاءَلْتَ عَنْهُ حُجَّةٌ إِلَّا مَا وَصَفْتُ اسْتَدْلَلْتُ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا كَانَ لِزَوْجِ الْمَرْأَةِ وَقَيِّمِهَا مَنْعُهَا مِنَ الْجُمُعَةِ وَمَسْجِدِ عَشِيرَتِهَا ، كَانَ مَعْنَى : لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ خَاصًّا عَلَى مَا قُلْتُ لَكَ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَجْهَلُ مَعْنَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ عَامَّةُ مَنْ حَضَرَ هَذَا كَمَا قُلْتَ فِيمَا أَدْخَلْتَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ شَيْئًا مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْكَ أَنْ تَسْأَلَ : مَا مَعْنَى : لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ؟ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ خَاصٌّ ، فَأَيُّ الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إِمَاءَ اللَّهِ ؟ قُلْتُ : لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مَسْجِدَ اللَّهِ الْحَرَامَ لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ تَطَوُّعًا ، وَمِنِ الْمَسَاجِدِ غَيْرِهِ ، قَالَ : فَمَا دَلَّ عَلَى مَا قُلْتَ ؟ قُلْتُ : قَالَ اللَّهُ { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : السَّبِيلُ الزَّادُ وَالْمَرْكَبُ ، فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجِدُ مَرْكَبًا وَزَادًا ، وَتُطِيقُ السَّفَرَ لِلْحَجِّ ، فَهِيَ مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْحَجِّ ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ تُمْنَعَ فَرِيضَةَ الْحَجِّ ، كَمَا لَا تُمْنَعُ فَرِيضَةَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْفَرَائِضِ . قَالَ : فَهَلْ عَلَى وَلِيِّهَا أَنْ يُحِجَّهَا مِنْ مَالِهَا لَوْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، كَمَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ عَنْهَا ، قَالَ : فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مَعَهَا ؟ قُلْتُ : لَا ، وَالِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ، وَقَلَّ مُسْلِمٌ يَدَعُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَجَدَتْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ حَجَّتْ مَعَهُنَّ ، وَأَجْبَرَتْ وَلِيَّهَا عَلَى تَرْكِهَا وَالْحَجِّ مَعَ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ إِذَا كَانَتْ طَرِيقُهَا آمِنَةً ، مَنْ كَانَ وَلِيُّهَا زَوْجُهَا أَوْ غَيْرُهُ . قَالَ : فَمَا مَعْنَى نَهْيِهَا عَنِ السَّفَرِ ؟ قُلْتُ : نَهْيُهَا عَنِ السَّفَرِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا ، قَالَ : فَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتَ مِنْ أَنَّهَا إِنَّمَا نُهِيَتْ عَنِ السَّفَرِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا ؟ قُلْتُ : بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ أَنَّ حَدَّ الزَّانِيَيْنِ الْبِكْرَيْنِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ، وَالتَّغْرِيبُ سَفَرٌ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْلَى بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَفِي التَّغْرِيبِ خَلْوَةٌ بِهَا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَسَفَرٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ سَفَرِهَا فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا ، وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ امْرَأَةً لَوْ كَانَتْ بِبَلَدٍ نَاءٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ ، فَأَحْدَثَتْ حَدَثًا يَكُونُ عَلَيْهَا فِيهِ حَدٌّ ، أَوْ حَقٌّ لِمُسْلِمٍ ، أَوْ خُصُومَةٌ لَهُ ، جُلِبَتْ إِلَى الْحَاكِمِ ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّهَا إِنَّمَا نُهِيَتْ عَنِ السَّفَرِ فِيمَا لَا يَلْزَمُهَا ، فَإِذَا قَضَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَلِوَلِيِّهَا مَنْ كَانَ مَنْعُهَا مِنَ الْحَجِّ مِنْ جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا شَيْئًا سَأَذْكُرُهُ فِي الْعِيدَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : أَفَتَجِدُ عَلَى هَذَا دَلَالَةً ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَى أَحَدٍ قَطُّ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلْحَجِّ ، وَأَنَّ الْأَسْفَارَ إِلَى الْمَسَاجِدِ نَافِلَةٌ ، غَيْرَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ ، وَفِي مَنْعِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الْحَجَّةُ ، ثُمَّ ظُهُورَ الْحَصْرِ . قَالَ : وَإِنَّ إِتْيَانَ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ عَلَى الرِّجَالِ إِلَّا مَنْ عُذْرٍ ، وَلَمْ نَعْلَمْ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ امْرَأَةً خَرَجَتْ إِلَى جُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ ، وَأَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ ، فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّهُنَّ قَدْ ضُرِبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ ، قِيلَ : وَقَدْ كُنَّ لَا حِجَابَ عَلَيْهِنَّ ، ثُمَّ ضُرِبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ ، فَلَمْ يُرْفَعْ عَنْهُنَّ مِنَ الْفَرَائِضْ شَيْءٌ ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا أَوْجَبَ عَلَى النِّسَاءِ إِتْيَانَ الْجُمُعَةِ ، كُلٌّ رَوَى أَنَّ الْجُمُعَةَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ إِلَّا امْرَأَةً أَوْ مُسَافِرًا أَوْ عَبْدًا ، فَإِذَا سَقَطَ عَنِ الْمَرْأَةِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ ، كَانَ فَرْضُ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ ، وَالنَّافِلَةُ فِي الْمَسَاجِدِ ، عَنْهُنَّ أَسْقَطَ ، قَالَ : فَقَالَ : وَمَا فُرِضَ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ إِلَّا عَلَى الرِّجَالِ ، وَلَيْسَ هَذَا عَلَى النِّسَاءِ بِفَرْضٍ ، وَمَا هُنَّ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ لِلْجَمَاعَاتِ كَالرِّجَالِ ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ الْحُجَّةَ لَتَقُومُ بِأَقَلَّ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ ، وَعَرَفْتَ بِنَفْسِكَ وَعَرَفَ النَّاسُ مَعَكَ ، وَقَدْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَبَنَاتِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَمَوْلَيَاتِهِ وَخَدَمِهِ وَخَدَمِ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَمَا عَلِمْتُ مِنْهُنَّ امْرَأَةً خَرَجَتْ إِلَى شُهُودِ جُمُعَةٍ ، وَالْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ بِأَكْثَرَ مِنْ وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَوَاتِ غَيْرِهَا ، وَلَا إِلَى جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، وَلَا إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا ، وَلَا إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ ، وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُنَّ كُنَّ عَلَى الْخَيْرِ بِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَصَ ، وَبِهِ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ أَنْ يَأْمُرَهُنَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ ، وَعَلَيْهِ فِيهِنَّ ، وَمَا لَهُنَّ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِنَّ ، كَمَا أَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَاتِ وَالسُّنَنِ ، وَأَمَرَ أَزْوَاجَهُ بِالْحِجَابِ ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ سَلَفِ الْمُسْلِمِينَ أَمَرَ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ بِإِتْيَانِ جُمُعَةٍ ، وَلَا جَمَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ ، وَلَوْ كَانَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ فَضْلٌ أَمَرُوهُنَّ بِهِ ، وَأَذِنُوا لَهُنَّ إِلَيْهِ ، بَلْ قَدْ رُوِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا ، وَصَلَاتُهَا فِي حُجْرَتِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْمَسْجِدِ ، أَوِ الْمَسَاجِدِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
78 حدثنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي معبد ، عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله يخطب يقول : لا يخلون رجل بامرأة ، ولا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا ، وإن امرأتي انطلقت حاجة ، قال : فانطلق فاحجج بامرأتك . قال : فقلت : أفترى أن فرضا على قيمها أن يمنعها أكبر مساجد الله ؛ لأن أكبرها أوجبها ، ومن كل سفر ؟ قال : نعم ، قلت : فمن أين قلته ؟ قال : قلته بالخبر عن رسول الله ؛ لأن سفرها مع غير ذي محرم معصية ، وفرض الله أن تمنع المعصية . قلت : فقد زعمت أن فرض الله أن تمنع أكبر مساجد الله ، قال : ما أكبر مساجد الله قال : ما أجد من هذا أبدا . وقال غيره : أنا أكلمك بغير ما كلمك به فأقول : ليس لقيمها أن يمنعها أن تسافر إلى مسجد ، قلت : ولا يمنعها الوالي ، ولا زوجها ، ولا وليها من كان ؟ قال : لا ، قلت : فقد أمرت بأن لا تمنع المعصية بالسفر ، قال : فإن قلت : فعلى ذي محرمها أن يسافر معها ؛ لأن في تركه السفر معها ما يوجب على الوالي منعها من السفر بلا محرم ، قلت : فإن قيمها أخوها ، وهو موسر ، على من النفقة في السفر ، أعليها أو على أخيها ؟ قال : فإن قلت : عليه نفقته ، وعليها نفقتها ، قلت : فقد جعلت لها أن تكلفه إخراج شيء من ماله ، وأنت لا تجعل عليه أن ينفق عليها موسرة ، ولا معسرة صحيحة ، وتكلفها المسألة ، فأي الأمرين كان ألزم لك أن ينفق عليها ، معسرة صحيحة شريفة تستحي من المسألة ، خمسة دراهم في الشهر ، أو يكلف في سفر خمسمائة درهم ؟ قال : فإن قلت : فنفقته عليها ، قلت : فأقول لك : فكانت محجورا عليها ، أتنفق عليه من مالها ؟ قال : بل لا أنفق على المحجور عليها إلا ما لا صلاح لها إلا به ، فكيف أنفق على آخره من مالها ؟ قلت : فقد منعتها إذا أكثر مساجد الله ، قال : فكل ما قلت من هذا مخالف قول أهل العلم ، قلت : أجل ، وقد تركت إبانة ذلك ؛ لتعرف أن ما ذهبت إليه فيه كله على غير ما ذهبت إليه ، وهل علمت مخالفا في أن للرجل أن يمنع امرأته مسجد عشيرتها ، وإن كان على بابها ، والجمعة التي لا أوجب منها في المصر ؟ قال : وما علمته ، قلت : فلو لم يكن فيما تساءلت عنه حجة إلا ما وصفت استدللت بأن أكثر أهل العلم يقولون : إذا كان لزوج المرأة وقيمها منعها من الجمعة ومسجد عشيرتها ، كان معنى : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله خاصا على ما قلت لك ؛ لأن أكثرهم لا يجهل معنى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الشافعي : فقال عامة من حضر هذا كما قلت فيما أدخلت على من ذهب إلى أن ليس لأحد أن يمنع امرأته شيئا من مساجد الله ، وقد بقي عليك أن تسأل : ما معنى : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ؟ فقد علمنا أنه خاص ، فأي المساجد لا يجوز له أن يمنعه إماء الله ؟ قلت : لا يجوز له أن يمنعها مسجد الله الحرام لفريضة الحج ، وله أن يمنعها منه تطوعا ، ومن المساجد غيره ، قال : فما دل على ما قلت ؟ قلت : قال الله { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ، وروي عن النبي أنه قال : السبيل الزاد والمركب ، فإذا كانت المرأة ممن يجد مركبا وزادا ، وتطيق السفر للحج ، فهي ممن عليه فرض الحج ، ولا يحل أن تمنع فريضة الحج ، كما لا تمنع فريضة الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض . قال : فهل على وليها أن يحجها من مالها لو كانت محجورا عليها ؟ قلت : نعم ، كما يؤدي الزكاة عنها ، قال : فهل عليه أن يحج معها ؟ قلت : لا ، والاختيار له أن يفعل ، وقل مسلم يدع ذلك إن شاء الله ، فإن لم يفعل لم أجبره عليه ، وإذا وجدت نسوة ثقات حجت معهن ، وأجبرت وليها على تركها والحج مع نسوة ثقات إذا كانت طريقها آمنة ، من كان وليها زوجها أو غيره . قال : فما معنى نهيها عن السفر ؟ قلت : نهيها عن السفر فيما لا يلزمها ، قال : فما دل على ما وصفت من أنها إنما نهيت عن السفر فيما لا يلزمها ؟ قلت : بين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله أن حد الزانيين البكرين جلد مائة وتغريب عام ، والتغريب سفر ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلى بامرأة إلا مع ذي محرم ، وفي التغريب خلوة بها مع غير ذي محرم وسفر ، فدل ذلك على أنه ينهى عن سفرها فيما لا يلزمها ، ولم أعلم مخالفا في أن امرأة لو كانت ببلد ناء لا حاكم فيه ، فأحدثت حدثا يكون عليها فيه حد ، أو حق لمسلم ، أو خصومة له ، جلبت إلى الحاكم ، فدل هذا على ما وصفت من أنها إنما نهيت عن السفر فيما لا يلزمها ، فإذا قضت حجة الإسلام فلوليها من كان منعها من الحج من جميع المساجد إلا شيئا سأذكره في العيدين إن شاء الله ، قال : أفتجد على هذا دلالة ؟ قلت : نعم ، ما وصفت لك من أن الله لم يفرض على أحد قط أن يسافر إلى مسجد غير المسجد الحرام للحج ، وأن الأسفار إلى المساجد نافلة ، غير السفر للحج ، وفي منع عمر بن الخطاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هي هذه الحجة ، ثم ظهور الحصر . قال : وإن إتيان الجمعة فرض على الرجال إلا من عذر ، ولم نعلم من أمهات المؤمنين امرأة خرجت إلى جمعة ولا جماعة في مسجد ، وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بأداء الفرائض ، فإن قيل : فإنهن قد ضرب عليهن الحجاب ، قيل : وقد كن لا حجاب عليهن ، ثم ضرب عليهن الحجاب ، فلم يرفع عنهن من الفرائض شيء ، ولم نعلم أحدا أوجب على النساء إتيان الجمعة ، كل روى أن الجمعة على كل أحد إلا امرأة أو مسافرا أو عبدا ، فإذا سقط عن المرأة فرض الجمعة ، كان فرض غيرها من الصلوات المكتوبات ، والنافلة في المساجد ، عنهن أسقط ، قال : فقال : وما فرض إتيان الجمعة إلا على الرجال ، وليس هذا على النساء بفرض ، وما هن في إتيان المساجد للجماعات كالرجال ، فقلت له : إن الحجة لتقوم بأقل مما وصفت لك ، وعرفت بنفسك وعرف الناس معك ، وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء من أهل بيته وبناته وأزواجه ومولياته وخدمه وخدم أهل بيته ، فما علمت منهن امرأة خرجت إلى شهود جمعة ، والجمعة واجبة على الرجال بأكثر من وجوب الجماعة في الصلوات غيرها ، ولا إلى جماعة غيرها في ليل أو نهار ، ولا إلى مسجد قباء ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه راكبا وماشيا ، ولا إلى غيره من المساجد ، وما أشك أنهن كن على الخير بمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص ، وبه أعلم من غيرهن ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليدع أن يأمرهن بما يجب عليهن ، وعليه فيهن ، وما لهن فيه من الخير وإن لم يجب عليهن ، كما أمرهن بالصدقات والسنن ، وأمر أزواجه بالحجاب ، وما علمت أحدا من سلف المسلمين أمر أحدا من نسائه بإتيان جمعة ، ولا جماعة من ليل ولا نهار ، ولو كان لهن في ذلك فضل أمروهن به ، وأذنوا لهن إليه ، بل قد روي والله أعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها ، وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في المسجد ، أو المساجد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،