فهرس الكتاب

شرح السيوطى - بَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

رقم الحديث 160 [160] بن سرح بِفَتْح أَوله ومهملات أَن عَائِشَة أخْبرته قَالَت كَانَ أول مَا بُدِئَ بِهِ هُوَ مُرْسل صحابية فَإِنَّهَا لم تدْرك هَذِه الْقَضِيَّة فإمَّا أَن تكون سَمعتهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من صَحَابِيّ قَالَ بن حجر وَيُؤَيّد سماعهَا مِنْهُ قَوْلهَا فِي أثْنَاء الحَدِيث قَالَ فأخذني فغطني من الْوَحْي من بَيَانِيَّة أَو تبعيضية مثل بِالنّصب حَال فلق الصُّبْح بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام وَحكي سكونها ضياؤه يضْرب مثلا للشَّيْء الْوَاضِح الْبَين الْخَلَاء بِالْمدِّ الْخلْوَة بِغَار حراء بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَالْمدّ مَصْرُوف وروى بِفَتْح الْحَاء وَالْقصر جبل بَينه وَبَين مَكَّة ثَلَاثَة أَمْيَال على يسَار الذَّاهِب من مَكَّة إِلَى منى يَتَحَنَّث فِيهِ فِي سيرة بن هِشَام يتحنف بِالْفَاءِ أَي يتتبع الحنيفية وَهِي دين إِبْرَاهِيم وَالْفَاء تبدل ثاء فِي كثير من كَلَامهم وَهُوَ التَّعَبُّد مدرج فِي الْخَبَر قطعا قَالَ بن حجر وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون من كَلَام عُرْوَة أَو من دونه قَالَ وَجزم الطَّيِّبِيّ بِأَنَّهُ من تَفْسِير الزُّهْرِيّ وَلم يذكر دَلِيله قَالَ وَلم يَأْتِ التَّصْرِيح بِصفة تعبده لَكِن فِي رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر عِنْد بن إِسْحَاق فيطعم من يرد عَلَيْهِ من الْمُشْركين وَجَاء عَن بعض الْمَشَايِخ أَنه كَانَ يتعبد بالتفكر اللَّيَالِي بِالنّصب على الظّرْف وتعلقه بيتحنث لَا بالتعبد أولات الْعدَد فِي رِوَايَة بن إِسْحَاق أَنه كَانَ يعْتَكف شهر رَمَضَان إِلَى أَهله أَي خَدِيجَة لمثلهَا أَي اللَّيَالِي فجئه الْحق بِكَسْر الْجِيم وهمزة أَي بغته وَيُقَال بِفَتْح الْجِيم أَيْضا فَجَاءَهُ الْملك الْفَاء تفسيرية لَا تعقبية فَقَالَ اقْرَأ عِنْد بن إِسْحَاق من مُرْسل عبيد بن عُمَيْر أَتَانِي جِبْرِيل بنمط من ديباج فِيهِ كتاب فَقَالَ اقْرَأ مَا أَنا بقارئ مَا نَافِيَة أَي مَا أحسن الْقِرَاءَة وَقيل استفهامية ورد بِدُخُول الْبَاء فِي الْخَبَر فغطني بغين مُعْجمَة وطاء مُهْملَة أَي عصرني وضمني وَفِي مُسْند الطَّيَالِسِيّ فأخذني بحلقي وَلابْن أبي شيبَة فغمني وَلابْن إِسْحَاق فغتني وَالْكل بِمَعْنى حَتَّى بلغ مني الْجهد بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا لُغَتَانِ وَهُوَ الْغَايَة وَالْمَشَقَّة وبرفع الدَّال ونصبها أَي بلغ الْجهد مني مبلغه وغايته أَو بلغ جِبْرِيل مني الْجهد أَرْسلنِي أطلقني فَرجع بهَا أَي بِالْآيَاتِ ترجف ترْعد وتضطرب بوادره بِالْمُوَحَّدَةِ جمع بادرة وَهِي اللحمة الَّتِي بَين الْمنْكب والعنق تضطرب عِنْد فزع الْإِنْسَان زَمِّلُونِي أَي غطوني بالثياب ولفوني بهَا الروع بِفَتْح الرَّاء الْفَزع لقد خشيت على نَفسِي قيل خشِي الْجُنُون وَأَن يكون مَا رَآهُ من جنس الكهانة قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَذَلِكَ قبل حُصُول الْعلم الضَّرُورِيّ لَهُ أَن الَّذِي جَاءَهُ ملك وَأَنه من عِنْد الله وَقيل الْمَوْت من شدَّة الرعب وَقيل الْمَرَض وَقيل الْعَجز عَن حمل أعباء النُّبُوَّة وَقيل عدم الصَّبْر على أَذَى قومه وَقيل أَن يقتلوه وَقيل أَن يكذبوه وَقيل أَن يعيروه كلا نفي وإبعاد لَا يخزيك الله بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي من الخزي وَهُوَ الفضيحة والهوان الْكل بِفَتْح الْكَاف الثّقل قَالَ النَّوَوِيّ وَيدخل فِي حمل الْكل الْإِنْفَاق على الضَّعِيف واليتيم والعيال وَغير ذَلِك وتكسب الْمَعْدُوم بِفَتْح التَّاء فِي الْأَشْهر وَرُوِيَ بضَمهَا وَعَلِيهِ فَالْمَعْنى تكسب غَيْرك المَال الْمَعْدُوم أَي تعطيه إِيَّاه تَبَرعا فَحذف أحد المفعولين وَقيل تُعْطِي النَّاس مَا لَا يجدونه عِنْد غَيْرك من نفائس الْفَوَائِد وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَأما الْفَتْح فَقيل مَعْنَاهُ كالضم وَقيل مَعْنَاهُ تكسب المَال الْمَعْدُوم وتصيب مِنْهُ مَا يعجز غَيْرك عَن تَحْصِيله وَكَانَت الْعَرَب تتمادح بكسب المَال لَا سِيمَا قُرَيْش وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محظوظا فِي تِجَارَته وتقري بِفَتْح أَوله بِلَا همز نَوَائِب جمع نائبة وَهِي الْحَادِثَة ورقة بِفَتْح الرَّاء تنصر بالنُّون أَي صَار نَصْرَانِيّا فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة يَا عَم قَالَ بن حجر هَذَا وهم فَإِنَّهُ بن عَمها لَا عَمها فَالصَّوَاب مَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ يَا بن عَم قَالَ وَمَا أجَاب بِهِ النَّوَوِيّ من أَنَّهَا سمته عَمَّا مجَازًا للاحترام على عَادَة الْعَرَب فِي خطابهم الْكَبِير ب يَا عَم احتراما لَهُ فَغير مُتَّجه لِأَن الْقِصَّة لم تَتَعَدَّد ومخرجها مُتحد فَلَا يحمل على أَنَّهَا قَالَت ذَلِك مرَّتَيْنِ فَتعين الْحمل على الْحَقِيقَة انْتهى قلت وَعِنْدِي أَنَّهَا قَالَت بن عَم على حذف حرف النداء فتصحفت بن بِأَيّ هَذَا الناموس إِشَارَة إِلَى الْملك الَّذِي ذكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَبره وَهُوَ اسْم لجبريل وَأَصله فِي اللُّغَة صَاحب سر الْخَيْر يُقَال نمست الرجل أَي ساررته ونمست السِّرّ كتمته أنزل على مُوسَى فِي رِوَايَة عِنْد أبي نعيم فِي الدَّلَائِل على عِيسَى قَالَ النَّوَوِيّ وَكِلَاهُمَا صَحِيح يَا لَيْتَني فِيهَا أَي فِي أَيَّام النُّبُوَّة ومدتها جذعا أَي شَابًّا قَوِيا حَتَّى أبالغ فِي نصرتك وَأَصله للدواب فاستعير هُنَا ونصبه على الْحَال فِيمَا رَجحه القَاضِي وَالنَّوَوِيّ وَفِي رِوَايَة بن ماهان بِالرَّفْع خبر لَيْت قَالَ بن بَرى الْمَشْهُور عِنْد أهل اللُّغَة والْحَدِيث جذع بِسُكُون الْعين قلت هُوَ رجز مَشْهُور عِنْدهم يتمثلون بِهِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَني فِيهَا جذع أخب فِيهَا وأضع أَو مخرجي هم بِهَمْزَة الإستفهام وَاو الْعَطف الْمَفْتُوحَة ومخرجي بتَشْديد الْيَاء جمع مخرج قلبت وَاو الْجمع يَاء وأدغمت فِي يَاء الْإِضَافَة وَهُوَ خبر مقدم وهم مُبْتَدأ مُؤخر وَإِن يدركني يَوْمك أَي وَقت خُرُوجك مؤزرا بِهَمْزَة وزاي وَرَاء أَي قَوِيا بَالغا من الأزر وَهُوَ الشدَّة وَالْقُوَّة وَأنكر الْقَزاز فَقَالَ لَيْسَ فِي اللُّغَة مؤزرا من الأزر وَإِنَّمَا هُوَ مؤازر من وازرته أَي عاونته غير أَنه قَالَ فوَاللَّه لَا يحزنك الله يَعْنِي بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون من الْحزن وَفِي أَوله الْفَتْح وَالضَّم من حزنه لُغَة قُرَيْش وأحزنه لُغَة تَمِيم.

     وَقَالَ  قَالَت خَدِيجَة أَي بن عَم أَي بدل قَول الرَّاوِي فِي الطَّرِيق الأولى أَي عَم وَهُوَ الصَّوَاب فَكَأَنَّهُ سقط من تِلْكَ لَفْظَة بن

رقم الحديث 161 [161] يرجف فُؤَاده أَي قلبه وَقيل هُوَ وعَاء الْقلب قَالَ النَّوَوِيّ وَعلم خَدِيجَة برجفان فُؤَاده الظَّاهِر أَنَّهَا رَأَتْهُ حَقِيقَة وَيجوز أَنَّهَا لم تره وعلمته بقرائن وَصُورَة الْحَال عَن فَتْرَة الْوَحْي أَي احتباسه وَورد عَن بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن مدَّتهَا كَانَت أَيَّامًا وَعَن الشّعبِيّ كَانَت سنتَيْن وَنصفا جزم بِهِ السُّهيْلي جَالِسا كَذَا فِي الْأُصُول بِالنّصب على الْحَال فجئثت بِضَم الْجِيم ثمَّ همزَة مَكْسُورَة ثمَّ ثاء مُثَلّثَة سَاكِنة ثمَّ تَاء الضَّمِير يُقَال جئث الرجل فَهُوَ مجئوث إِذا فزع فَدَثَّرُونِي أَي لفوني وَهِي الْأَوْثَان هُوَ من قَول أبي سَلمَة كَمَا بَين بعد تتَابع الْوَحْي فِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ تَوَاتر أَي جَاءَ يَتْلُو بعضه بَعْضًا من غير تخَلّل غير أَنه قَالَ فجثثت قَالَ النَّوَوِيّ بمثلثتين بعد الْجِيم بِمَعْنى الأول يُقَال جثث الرجل فَهُوَ مجثوث وجيث فَهُوَ مجيوث أَي مذعور نَص عَلَيْهِ الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ هويت بِفَتْح الْوَاو أَي سَقَطت.

     وَقَالَ  أَبُو سَلمَة وَالرجز الْأَوْثَان زَاد البُخَارِيّ الَّتِي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعْبدُونَ ثمَّ حمى الْوَحْي أَي كثر نُزُوله وازداد وَفِيه طباق لفترة الْوَحْي وَلما لم يكن انْقِطَاعًا كليا عبر بالفترة لَا بالبرود تتَابع تَأْكِيد معنوي فجثثت مِنْهُ كَمَا قَالَ عقيل يَعْنِي بمثلثتين بعد الْجِيم بحراء شهرا هَذَا شَاهد قوي لرِوَايَة بن إِسْحَاق أَن خلوته بحراء كَانَت شهر رَمَضَان فَاسْتَبْطَنْت الْوَادي أَي صرت فِي بَاطِنه على عرش أَي كرْسِي فِي الْهَوَاء بِالْمدِّ أَي الجو بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَأَخَذَتْنِي رَجْفَة بالراء وَرَوَاهُ السَّمرقَنْدِي وجفة بِالْوَاو وَكِلَاهُمَا صَحِيح بِمَعْنى الِاضْطِرَاب قَالَ تَعَالَى يَوْم ترجف الأَرْض وَالْجِبَال.

     وَقَالَ  قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة فصبوا عَليّ مَاء قَالَ بن حجر كَأَن الْحِكْمَة فِيهِ طلب حُصُول الشكوى لما وَقع فِي الْبَاطِن من الانزعاج إِذْ جرت الْعَادة أَن الرعدة تعقبها الْحمى وَقد عرف من الطِّبّ النَّبَوِيّ معالجتها بِالْمَاءِ الْبَارِد