فهرس الكتاب

شرح السيوطى - بَابُ أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ

رقم الحديث 1599 [1599] إِن الْحَلَال بَين وَإِن الْحَرَام بَين قَالَ النَّوَوِيّ أجمع الْعلمَاء على عظم موقع هَذَا الحَدِيث وَكَثْرَة فَوَائده وَأَنه أحد الْأَحَادِيث الَّتِي عَلَيْهَا مدَار الْإِسْلَام وَمَعْنَاهُ أَن الْأَشْيَاء ثَلَاثَة أَقسَام 1 حَلَال وَاضح لَا يخفى حكمه كالخبز والفواكه وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَنَحْوهَا 2 وَحرَام كَذَلِك كَالْخمرِ وَالْخِنْزِير وَالْميتَة وَالْكذب والغيبة وَنَحْوهَا 3 وَبَينهمَا مُشْتَبهَات أَي لَيست بواضحة الْحل وَالْحُرْمَة لَا يعلمهُنَّ كثير من النَّاس وَإِنَّمَا يعلمهَا الْعلمَاء بِنَصّ أَو قِيَاس أَو اسْتِصْحَاب أَو غير ذَلِك فَمن اتَّقى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه أَي حصل لَهُ الْبَرَاءَة لدينِهِ من الذَّم الشَّرْعِيّ وصان عرضه عَن كَلَام النَّاس فِيهِ وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا انه من كَثْرَة تعاطيه الشُّبُهَات يُصَادف الْحَرَام وَإِن لم يتعمده وَالثَّانِي أَن يعْتَاد التساهل ويتمرن عَلَيْهِ ويجسر على شُبْهَة ثمَّ أُخْرَى أغْلظ مِنْهَا وَهَكَذَا حَتَّى يَقع فِي الْحَرَام عمدا يُوشك بِضَم الْيَاء وَكسر الشين أَي يُسَارع وَيُقَارب أَلا وَإِن لكل ملك حمى أَلا وَإِن حمى الله مَحَارمه مَعْنَاهُ أَن الْمُلُوك من الْعَرَب وَغَيرهم يكون لكل ملك مِنْهُم حمى يحميه عَن النَّاس ويمنعهم من دُخُوله فَمن دخله أوقع بِهِ الْعقُوبَة وَمن احتاط لنَفسِهِ لَا يُقَارب ذَلِك الْحمى خوفًا من الْوُقُوع فِيهِ وَللَّه تَعَالَى أَيْضا حمى وَهِي مَحَارمه أَي الْمعاصِي الَّتِي حرمهَا كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وأشباهها فَكل هَذَا حمى الله من دخله بارتكابه شَيْئا من الْمعاصِي اسْتحق الْعقُوبَة وَمن قاربه يُوشك أَن يَقع فِيهِ فَمن احتاط لنَفسِهِ وَلم يُقَارِبه فَلَا يتَعَلَّق بِشَيْء يقربهُ من الْمعْصِيَة وَلَا يدْخل فِي شَيْء من الشُّبُهَات أَلا وَإِن فِي الْجَسَد مُضْغَة هِيَ الْقطعَة من اللَّحْم سميت بذلك لِأَنَّهَا تمضغ فِي الْفَم لصغرها قَالُوا وَالْمرَاد تَصْغِير الْقلب بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْجَسَد إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال صلح وَفَسَد بِفَتْح اللَّام وَالسِّين وضمهما وَالْفَتْح أفْصح وَأشهر أَلا وَهِي الْقلب اسْتدلَّ بِهَذَا على أَن الْعقل فِي الْقلب لَا فِي الرَّأْس أتم من حَدِيثهمْ وَأكْثر ضبط بِالْمُثَلثَةِ وبالموحدة