فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، ولا يعيد إلا تلك الصلاة

باب
من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها
ولا يعيد إلا تلك الصلاة
وقال إبراهيم: من ترك صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة.

يدخل تحت تبويب البخاري - رحمه الله - هاهنا مسألتان:
إحداهما.

أن من نسي صلاة، ثم ذكرها، فإنه يعيدها مرة واحدة، ولا يعيدها مرة ثانية.

وهذا قول جمهور أهل العلم.

وروي عن سمرة بن جندب، أنه يعيدها إذا ذكرها، ثم يعيدها من الغد لوقتها.

وق سبق عنه في النوم كذلك.

وروي مرفوعاً:
فخرج أبو داود من حديث أبي قتادة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم لما قضى الصلاة التي نام عنها: ( إذا سها أحدكم عن الصلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت) .

وخرج الإمام أحمد من طريق حماد، عن بشر بن حرب، قال: سمعت سمرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( من نسي صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت) .

خرجه الإمام أحمد.

وخرجه - أيضا - من طريق همام، عن بشر، عن سمرة، قال: أحسبه مرفوعاً - فذكره.

قال أحمد في رواية أبي طالب: هو موقوف.

يعني: أن رفعه وهم.

وبشر بن حرب، ضعفه غير واحد.

وخرجه البزار في ( مسنده) من طريق أولاد سمرة، به، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمرنا إذا نام أحدنا عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها التي تصلى فيه أن نصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة.

وفي إسناده يوسف السمتي، وهو ضعيف جداً.

وفيه: دليل على أنه لا يجب قضاؤها على الفور.

المسألة الثانية:
إذا نسي صلاةً، ثم ذكرها بعد أن صلى صلوات في مواقيتهن، فإنه يعيد تلك الصلاة المنسية وحدها.

وهذا هو معنى ما حكاه عن النخعي.

وهذا يبنى على أصل، وهو: أن ترتيب القضاء، هل هو واجب، أم لا؟ وفيه اختلاف، سيذكر في الباب الآتي - إن شاء الله تعالى.

ومذهب الشافعي: أنه مستحب غير واجب، وحكي رواية عن أحمد، وجزم بها بعض الأصحاب.

ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد - في المشهور عنه -: أنه واجب.

ثم اختلفوا:
فقال أبو حنيفة ومالك: يجب الترتيب فيما دون ست صلوات، ولا يجب في ست صلوات فصاعداً.

وقال أحمد: يجب بكل حال.

وحكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه.

فمن قال: إنه غير واجب، قال: لا يجب الترتيب بين الصلوات الفوائت في القضاء، ولا بين الفائت والحاضر.

ومن قال: إنه واجب، فهل يسقط الترتيب عندهم بنسيان الثانية حتى يصلي صلوات حاضرة، أم لا يسقط بالنسيان؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه يسقط بالنسيان، وهو قول النخعي، كما ذكره البخاري عنه، وقول الحسن وحماد والحكم وأبي حنيفة والحسن بن حي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وإسحاق.

والثاني: لا يسقط بالنسيان - أيضا -، فيعيد الفائتة وما صلى بعدها.

وحكي رواية عن أحمد، حكاها بعض المتأخرين عنه، والله أعلم بصحتها عنه.

وأماملك، فعنده: إن ذكر قبل أن يذهب وقت الحاضرة، وقد بقي منه قدر ركعة فصاعداً أعادهما، وإن بقي دون ذلك، أو كان الوقت قد ذهب بالكلية أجزأه.

وأماإن صلى الحاضرة، وعليه فائتة، وهو ذاكر لها:
فمن اشترط الترتيب أوجب قضاء ما صلاه وهو ذاكر للفائتة.

ومن لم يوجب الترتيب، لم يوجب سوى قضاء الفائتة.

ويحتمله كلام النخعي الذي حكاه عنه البخاري، ولكن روي عنه صريحاً خلافه.

فروى مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا ترك صلاة متعمداً عاد، وعاد كل صلاة صلاها بعدها.

فيكون الذي حكاه البخاري عنه محمولاً على حال النسيان، أو يكون عن النخعي روايتان.

وكان الإمام أحمد لشدة ورعه واحتياطه في الدين يأخذ في مثل هذه المسائل المختلف فيها بالاحتياط، وإلا فإيجاب سنين عديدة فيها صلاة واحدة فائتة في الذمة لا يكاد يقوم عليه دليل قوي.

والذي صح عن ابن عمر في ذلك، إنما هو في صلاة واحدة فائتة ذكرت مع اتساع وقت الحاضرة لهما، فلا يلزم ذلك أن يكون حكم الصلوات إذا كثرت أو تأخر قضاؤها حتى صلى صلوات كثيرة في أوقاتها كذلك.

وبهذا فرق أكثر العلماء بين أن تكثر الفوائت أو تقل.

ولم ير مالك إلا إعادة الصلاة التي وقتها باق خاصة، فإن إيجاب إعادة صلوات سنين عديدة لأجل صلاة واحدة فيه عسر عظيم، تأباه قواعد الحنيفية السمحة.

وقد أخبرني بعض أعيان علماء شيوخنا الحنبليين، أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منامه، وسأله عما يقوله الشافعي وأحمد في هذه المسائل: أيهما أرجح؟ قال: ففهمت منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه أشار إلى رجحان ما يقوله الشافعي - رحمه الله.
ومما يدل على صحة ذلك: حديث عمران بن حصين، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ( لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم) .

فهذا يدل على أن من عليه صلاة واحدة لم يأمره الله بأن يصلي زيادة عليها.

قال البخاري - رحمه الله -:
[ قــ :581 ... غــ :597 ]
- ثنا أبو نعيم وموسى بن إسماعيل، قالا: ثنا همام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، [لا كفارة] لها إلا ذلك؛
{ وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] )
.


قال موسى: قال همام: سمعته يقول بعد: { ?وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} .

وقال حبان: ثنا همام: ثنا قتادة: ثنا أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحوه.

هذا الحديث قد رواه جماعة عن همام، وجماعة عن قتادة.

وقد خرجه مسلم من طريق همام وأبي عوانة وسعيد والمثني، كلهم عن قتادة، عن أنس، وليس في رواية أحد منهم: التصريح بقول قتادة: ( ثنا أنس) ، كما ذكر البخاري أن حباناً رواه عن همام.

وإنما احتاج إلى ذلك؛ لما عرف من تدليس قتادة.

ولفظ رواية سعيد، عن قتادة التي خرجها مسلم: ( من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) .

ولفظ حديث المثني، عن قتادة، عنده: ( إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) .

وقد دل الحديث على وجوب القضاء على النائم إذا استيقظ، والناسي إذا ذكر، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد.

وذكر ابن عبد البر أن محمد بن رستم روى عن محمد بن الحسن، أن النائم إذا فاته في نومه أكثر من خمس صلوات لا قضاء عليه، إلحاقاً للنوم الطويل إذا زاد على يوم وليلة بالإغماء، والمغمى عليه لا قضاء عليه عنده، ويكون الأمر عنده بالقضاء في النوم المعتاد، وهو ما تفوت فيه صلاة أو صلاتان أو دون خمس أو أكثر.

وأخذ الجمهور بعموم الحديث.

وقوله: ( فليصل إذا ذكر) استدل به من يقول بوجوب قضاء الصلوات على الفور؛ وهو قول أبي حنيفة ومالك.

وأحمد يوجبه بكل حال، قلت الصلوات أو كثرت.

واستدلوا - أيضا -: بقوله: ( لا كفارة لها إلا ذلك) .

وذهب الشافعي إلى أن القضاء على التراخي، كقضاء صيام رمضان، وليس الصوم كالصلاة عندهم، فإن الصيام لا يجوز تأخيره حتى يدخل نظيره من العام القابل والصلاة عندهم بخلاف ذلك.

واستدلوا - أيضا -: بتأخير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلاة حتى خرج من الوادي.

وفيه نظر؛ فإن ذلك تأخير يسير لمصلحة تتعلق بالصلاة، وهو التباعد عن موضع يكره الصلاة فيه.

وقد روي عن سمرة بن جندب، فيمن عليه صلوات فائتة، أنه يصلي مع كل صلاة صلاة.

وقد روي عنه - مرفوعاً.

خرجه البزار بإسناد ضعيف.

ولأصحاب الشافعي فيما إذا كان الفوائت بغير عذر في وجوب القضاء على الفور وجهان.

وحمل الخطأبي قوله: ( لا كفارة لها إلا ذلك) على وجهين:
أحدهما: أن المعنى أنه لا يجوز له تركها إلى بدل، ولا يكفرها غير قضائها.

والثاني: أن المعنى أنه لا يلزمه في نسيانها كفارة ولا غرامة.
قال: إنما عليه أن يصلي ما فاته.

وقد روي عن أبي هريرة - مرفوعاً -: ( من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها) .

خرجه الطبراني والدارقطني والبيهقي من رواية حفص بن أبي العطاف.

واختلف عليه في إسناده إلى أبي هريرة.

وحفص هذا، قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث.
وقال يحيى بن يحيى: كذاب.

فلا يلتفت إلى ما تفرد به.

وأماتلاوته قوله تعالى: { ?وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}
وقد رواه قتادة - مرة -، فقال: { للذِكْرِى} ومرة، قال: { لِذِكْرِي} ، كما هي القراءة المتواترة.

وكان الزهري - أيضا - يقرؤها: { للذِكْرِى} .

وهذه القراءة أظهر في الدلالة على الفور؟ لأن المعنى: أدَّ الصلاة حين الذكرى، والمعنى: أنه يصلي الصلاة إذا ذكرها.

وبذلك فسرها أبو العالية والشعبي والنخعي.

وقال مجاهد: { ?َأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} : أي تذكرني.
قال: فإذا صلى عبد ذكر ربه.

ومعنى قوله: أن قوله: { ?َأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} - أي: لأجل ذكري بها.

والصلاة إنما فرضت ليذكر الله بها، كما في حديث عائشة المرفوع: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .

خرجه الترمذي وأبو داود.

فأوجب الله على خلقه كل يوم وليلة أن يذكروه خمس مرار بالصلاة المكتوبة، فمن ترك شيئاً من ذكر الله الواجب عليه سهواً فليعد إليه إذا ذكره، كما قال تعالى:
{ واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24] ، فقد أمره إذا نسي ربه أن يذكره بعد ذلك، فمن نسي الصلاة فقد نسي ذكر ربه، فإذا ذكر أنه نسي فليعد إلى ذكر ربه بعد نسيانه.

وأماترك الصلاة متعمداً، فذهب أكثر العلماء إلى لزوم القضاء له، ومنهم من يحكيه إجماعاً.

واستدل بعضهم بعموم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( اقضوا الله الذي له، فالله أحق بالقضاء) .
واستدل بعضهم: بأنه إذا أمر المعذور بالنوم والنسيان بالقضاء، فغير المعذور أولى.

وفي هذا الاستدلال نظر؛ فإن المعذور إنما أمره بالقضاء لأنه جعل قضاءه كفارة له، والعامد ليس القضاء كفارة له؛ فإنه عاص تلزمه التوبة من ذنبه بالاتفاق.

ولهذا قال الأكثرون: لا كفارة على قاتل العمد، ولا على من حلف يميناً متعمداً فيها الكذب؛ لأن الكفارة لا تمحو ذنب هذا.

وأيضا؛ فإذا قيل: إن القضاء إنما يجب بأمر جديد، وهو ألزم لكل من يقول بالمفهوم، فلا دليل على إلزام بالقضاء؛ فإنه ليس لنا أمر جديد يقتضي أمره بالقضاء، كالنائم والناسي.

واستدل بعضهم للزوم العامد القضاء: بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المجامع في رمضان عمداً بالقضاء.

كما خرجه أبو داود.

وهو حديث في إسناده مقال؛ تفرد به من لا يوثق بحفظه وإتقانه.

وأيضا؛ فيفرق بين من ترك الصلاة والصيام، ومن دخل فيهما ثم أفسدهما.

فالثاني عليه القضاء، كمن أفسد حجه، والأول كمن وجب عليه الحج ولم يحج، وإنما أمره أن يحج بعد ذلك؛ لأن الحج فريضة العمر.

ومذهب الظاهرية - أو أكثرهم: أنه لا قضاء على المتعمد.

وحكي عن عبد الرحمن صاحب الشافعي بالعراق، وعن ابن بنت الشافعي.
وهو قول أبي بكر الحميدي في الصوم والصلاة إذا تركهما عمداً، أنه لا يجزئه قضاؤهما.

ذكره في عقيدته في آخر ( مسنده) .

ووقع مثله في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين، منهم: الجوزجاني وأبو محمد البربهاري وابن بطة.

قال ابن بطة: أعلم أن للصلاة أوقاتاً، فمن قدمها على وقتها فلا فرض له من عذر وغيره، ومن اخرها عن وقتها مختاراً لذلك من غير عذر، فلا فرض له.

فجعل الصلاة بعد الوقت لغير عذر، كالصلاة قبل الوقت، وقال في كل منهما: ( إنه ليس بفرض) - يريد: أنها تقع نفلاً في الحالين.

وقال البربهاري: الصلوات لا يقبل الله منها شيئاً إلا أن تكون لوقتها، إلا أن يكون نسياناً؛ فإنه معذور، يأتي بها إذا ذكرها، فيجمع بين الصلاتين إن شاء.

وقد نص الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: على أن المصلي لغير الوقت كالتارك للصلاة في استتابته وقتله، فكيف يؤمر بفعل صلاة حكمها حكم ترك الصلاة.

وروي عن طائفة من السلف، منهم: الحسن.

وحكى الخلاف في ذلك: إسحاق بن راهويه ومحمد بن نصر المروزي.

قال محمد بن نصر في ( كتاب الصلاة) : إذا ترك الرجل صلاة مكتوبة متعمداً حتى ذهب وقتها فعليه قضاؤها، لا نعلم في ذلك خلافاً، إلا ما روي عن الحسن، فمن أكفره بتركها استتابه، وجعل توبته وقضاءها رجوعاً منه إلى الإسلام، ومن لم يكفر تاركها ألزمه المعصية، وأوجب عليه قضاءها.

وكان إسحاق يكفر بترك الصلاة، ويرى عليه القضاء إذا تاب، وقال: أخبرني عبد العزيز بن أبي رزمة، عن ابن المبارك، أنه سأله رجل عن رجل ترك صلاة أياماً، ثم ندم؟ قال: ليقض ما ترك من الصلاة.
قال: ثم أقبل ابن المبارك علي، فقال: هذا لا يستقيم على الحديث.

قال إسحاق: يقول: القياس على الأصل أن لا يقضي، وريما بنى على الأصل، ثم يوجد في ذلك الشيء بعينه خلاف البناء، فمن هاهنا خاف ابن المبارك أن يقيس تارك الصلاة في الإعادة على ما جاء أنه قد كفر، فيجعله كالمشرك، ورأى أحكام المرتدين على غير أحكام الكفار، رأى قوم أن يورثوا المسلمين من ميرات المرتد، فأخذنا بالاحتياط، فرأى القضاء على تارك الصلاة عمداً، وكان يكفره إذا تركها عمداً حتى يذهب وقتها.

قال إسحاق: وأكثر اهل العلم على إعادة الصلاة إذا تاب من تركها، والاحتياط في ذلك، فأمامن مال إلى ما قال الحسن: إذا ترك صلاة متعمداً لا يقضيها، فهو كما قال ابن المبارك: الإعادة لا تستقيم على الحديث، ثم ترك القياس في ذلك، فاحتاط في القضاء.

قال إسحاق: ولقد قال بعض أهل العلم: إذا ارتد عن الإسلام، ثم أسلم أعاد كل صلاة تركها في ردته، وحجته: أن ارتداده معصية، ومن كان في معصية لم يجعل له من الرخصة شيء كالباغي وقاطع الطريق.

قلت: قد اعترف ابن المبارك وإسحاق بأن القياس أن تارك الصلاة إذا حكمنا بكفره أنه يكون مرتداً، ولا قضاء عليه، وإنما أوجبنا القضاء على المرتد احتياطاً.

وفي وجوب القضاء على المرتد لما فاته في مدة الردة قولان مشهوران للعلماء، هما روايتان عن أحمد.

ومذهب الشافعي وغيره: الوجوب.

وهذا الكلام من ابن المبارك وإسحاق يدل على أن من كفر تارك الصلاة عمداً كفره بذلك بمجرد خروج وقت الصلاة عليه، ولم يعتبر أن يستتاب، ولا أن يدعى إليها، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وغيره من الأئمة - أيضا -، وعليه يدل كلام المتقدمين من أصحابنا كالخرقي، وأبي بكر، وابن أبي موسى.

ثم قال محمد بن نصر: فأماالمروي عن الحسن، فإن إسحاق ثنا، قال: ثنا النضر، عن الاشعث، عن الحسن، قال: إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمداً، فإنه لا يقضيها.

قال محمد بن نصر: قول الحسن هذا يحتمل معنيين:
أحدهما: أنه كان يكفره بترك الصلاة متعمداً، فلذلك لم ير عليه القضاء؛ لأن الكافر لا يؤمر بقضاء ما ترك من الفرائض في كفره.

والمعنى الثاني: أنه إن لم يكن يكفره بتركها، فإنه ذهب إلى أن الله عز وجل إنما افترض عليه أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم، فإذا تركها حتى يذهب وقتها فقد لزمته المعصية؛ لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه به فيه، فإذا أتى به بعد ذلك، فقد أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه به فيه، فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور به، عن المأمور به.

قال: وهذا قول غير مستنكر في النظر، لولا أن العلماء قد اجتمعت على خلافه.

قال: ومن ذهب إلى هذا، قال في الناسي للصلاة حتى يذهب وقتها، وفي النائم - أيضا -: إنه لو لم يأتي الخبر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) ، لما وجب عليه في النظر قضاؤها - أيضا.

انتهى ما ذكره ملخصاً.

وقد اعترف بأن القياس يقتضي أنه لا يجب القضاء على من تركها متعمداً، فإنه إن كان كافراً بالترك متعمداً، فالقياس أن لا قضاء على الكافر، وإن كان مرتداً.

وإن لم يكن كافراً بالترك، فالقياس أنه لا قضاء بعد الوقت؛ لأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، وليس فيه أمر جديد، وإنما أمر بالقضاء من يكون القضاء كفارة له، وهو المعذور، والعامد لم يأت نص بأن القضاء كفارة له، بل ولا يدل عليه النظر؛ لأنه عاص آثم يحتاج إلى توبة، كقاتل العمد، وحالف اليمني الغموس.

وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة الحسن، مع عظمته وجلالته، وفضله وسعة علمه، وزهده وورعه؟
ولا يعرف عن أحد من الصحابة في وجوب القضاء على العامد شيء، بل ولم أجد صريحاً عن التابعين - أيضا - فيه شيئاً، إلا عن النخعي.

وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في تارك الصلاة عمداً، أنه لا تقبل منه صلاة، كما روي عن الصديق - رضي الله عنه -، أنه قال لعمر في وصيته له: إن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وحقاً بالنهار لا يقبله بالليل.

يشير إلى صلوات الليل والنهار.

وفي حديث مرفوع: ( ثلاثة لا يقبل لهم صلاة) ، ذكر منهم: ( الذي لا يأتي الصلاة إلا دباراً) - يعني: [بعد] فوات الوقت.

خرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو - مرفوعاً.

وفي إسناده ضعف.

ولكن مجرد نفي القبول لا يستلزم عدم وجوب الفعل، كصلاة السكران في مدة الأربعين، وصلاة الآبق والمرأة التي زوجها عليها ساخط.

فإن قيل: فقد قال تعالى: { فويل للمصلين ... .
ساهون}
[الماعون: 4، 5] ، وفسره الصحابة بإضاعة مواقيتها.

وكذا قال ابن مسعود في المحافظة على الصلاة: أي المحافظة على مواقيتها، وأن تركها كفر.

ففرقوا بين تركها وبين صلاتها بعد وقتها.

وقد أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصلاة خلف من أخبر أنه يضيع الصلاة ويصليها لغير وقتها، وهذا يدل على أن صلاتهم صحيحة.

وقد سئل عن الأمراء وقتالهم؟ قال: ( لا، ما صلوا، وكانت على هذا الوجه) ، فدل على إجزائها.

قيل: السهو عن مواقيت الصلاة لا يستلزم تعمد التأخير عن الوقت الحاضر؛ فإنه قد يقع على وجه التهاون بتأخير الصلاة حتى يفوت الوقت - أحياناً - عن غير تعمد لذلك، وقد يكون تأخيرها إلى وقت الكراهة، أو إلى الوقت المشترك الذي يجمع فيه أهل الأعذار عند جمهور العلماء، وغيرهم على رأي طائفة من المدنيين.

وهذه الصلاة كلها مجزئة، ولا يكون المصلي لها كالتارك بالإتفاق.

وقد سئل سعيد بن جبير، عن قوله: { فويل للمصلين ... .
ساهون}
؟ فدخل المسجد، فرأى قوماً قد أخروا الصلاة، لا يتمون ركوعاً ولا سجوداً، فقال: الذي سألتني عنهم هم هؤلاء.

وهذه الصلاة مثل الصلاة التي سماها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( صلاة المنافقين) .
وهكذا كانت صلاة الأمراء الذين أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصلاة خلفهم نافلة، فإنهم كانوا يؤخرون العصر إلى اصفرار الشمس، وربما أخروا الصلاتين إلى ذلك الوقت، وهو تأخير إلى الوقت المشترك لأهل الأعذار، وكغيرهم عند طائفة من العلماء.

فليس حكمهم حكم من ترك الصلاة؛ فإن التارك هو المؤخر عمداً إلى وقت مجمع على أنه غير جائز، كتأخير صلاة الليل إلى النهار، وصلاة النهار إلى الليل عمداً، وتأخير الصبح إلى بعد طلوع الشمس عمداً.

وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على أن نقص الفرائض يجبر من النوافل يوم القيامة.

فروى أبو هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب تبارك وتعالى: انظروا، هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك) .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي - وهذا لفظه، وقال: حسن غريب - وابن ماجه.

وله طرق عن أبي هريرة، أشهرها: رواية الحسن، وقد اختلفوا عليه في إسناده إلى أبي هريرة:
فقيل: عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة.

وقيل: عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.

وقيل غير ذلك.

ورواه حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

خرجه النسائي.

وقيل - بهذا الإسناد -: عن يحيى بن يعمر، عن رجل من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

خرجه الإمام أحمد.

وهذا إسناد جيد.

وروي عن أبي هريرة من وجه آخر.

وروى حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعنى حديث أبي هريرة.

خرجه أبو داود وابن ماجه.

وزرارة، قال الإمام أحمد: ما أحسبه لقي تميماً.
وقد روي حديث أبي هريرة وتميم موقوفاً عليهما.

وقد خرج الإمام أحمد هذا المعنى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طريق الأشعث بن سليم، عن أبيه، عن رجل من بني يربوع، سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول ذلك.

وخرج - أيضا - من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج: سمعت رجلاً من كندة يقول: حدثني رجل من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأنصار، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( لا ينتقص أحدكم من صلاته شيئاً إلا أتمها الله من سبحته) .

وخرجه أبو القاسم البغوي بنحو هذا اللفظ من حديث عائذ بن قرط، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقد روي هذا المعنى - أيضا -، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث ابن عمر وابن عباس، وفي إسنادهما ضعف.
واختلف الناس في معنى تكميل الفرائض من النوافل يوم القيامة:
فقالت طائفة: معنى ذلك أن من سها في صلاته عن شيء من فرائضها أو مندوباتها كمل ذلك من نوافله يوم القيامة، وأمامن ترك شيئاً من فرائضها أو سننها عمداً، فإنه لا يكمل له من النوافل؛ لأن نية النفل لا تنوب عن نية الفرض.

هذا قول عبد الملك بن حبيب المالكي وغيره.

وقالت طائفة: بل الحديث على ظاهره في ترك الفرائض والسنن عمداً وغير عمد.

واليه ذهب الحارث المحاسبي وغيره.

وهو قول طائفة من أصحابنا وابن عبد البر، إلا أنهم خصوه بغير العامد.

وحمله آخرون على العامد وغيره، وهو الأظهر - إن شاء الله تعالى.

وقولهم: ( نية الفرض لا ينوب عنها نية النفل) إنما هو بالنسبة إلى أحكام تكليف العباد في الدنيا، فأمابالنسبة إلى فضل الله في الآخرة فلا؛ لأن فضله واسع لا حجر عليه، بل هو تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

مع أن في تأدية الفرائض بنية التطوع اختلافاً مشهوراً بين العلماء في الحج والصيام والزكاة، وكذا في الصلاة.

وأيضا؛ فقد حكينا فيما سبق في ( كتاب الإيمان) عن سفيان، أن من نسي صلاة فدخل مع قوم يصلونها، وهو ينوي أنها تطوع، أنها تقع عن الفرض الذي عليه.

وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي الفريأبي: صل ركعتي الفجر في البيت، فإن مت قبل الفريضة أجزأتك من الفريضة.
وروي عن بعض الصحابة، أنه دخل المسجد ولم يكن صلى الظهر، وإن الإمام يصلي العصر، فصلى معه وهو يظن أنها الظهر، فاعتد بها عن العصر، ثم صلى الظهر.

خرجه الجوزجاني.

واستدل الأولون بالأحاديث التي فيها: أن من ضيع بعض حدود الصلاة، أنه لا عهد له عند الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.

ولا حجة في ذلك؛ لأن الله إذا شاء أن يغفر لعبد أكمل فرائضه من نوافله، وذلك فضل من عنده يفعله مع من يشاء أن يرحمه ولا يعذبه.

واستدلوا - أيضا - بما روى موسى بن عبيدة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( مثل المصلي مثل التاجر، لا يخلص له ربحه حتى يأخذ رأس ماله، فكذلك المصلي لا يقبل له صلاة نافلة حتى يؤدي الفريضة) .

خرجه البزار والهيثم بن كليب في ( مسنديهما) والإسماعيلي.

وموسى بن عبيدة، ضعيف جداً من قبل حفظه، وقد تفرد بهذا.

وخرج أبو الشيخ الأصبهاني من طريق أبي أمية، عن الحسن، عن أبي هريرة - مرفوعاً -: ( من صلى المتكوبة فلم يتم ركوعها ولا سجودها، ثم يكثر من التطوع، فمثله كمثل من لا شف له حتى يؤدي رأس ماله) .

وأبو أمية، هو: عبد الكريم، متروك الحديث.

و ( الشف) : من أسماء الأضداد، يكون بمعنى الزيادة، وبمعنى النقص.

وخرجه إسحاق بن راهويه في ( مسنده) ، عن كلثوم بن محمد بن أبي سدرة، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( إذا صلى الرجل الصلاة المكتوبة، فلم يتم ركوعها ولا سجودها وتكبيرها والتضرع فيها، كان كمثل التاجر لا شف له، حتى يفي رأس ماله) .

وكلثوم، ضعفه ابن عدي وغيره.
وعطاء، لم يسمع من أبي هريرة.

ومعنى هذه الأحاديث - إن صح منها شيء -: أن النوافل يكمل بها نقص الفرائض، فلا يسلم له شيء من النوافل حتى يكمل نقص الفرائض؛ ولهذا شبهه بالتاجر الذي [لا] يخلص له ربح حتى يستوفي رأس ماله، ويظهر هذا في المضارب بمال غيره، ولهذا يقول الفقهاء: إن ربحه وقاية لرأس المال.

ومن هنا؛ قال طائفة من السلف - منهم: ابن عباس وأبو أمامة -: إنما النافلة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة.

يعنون: أن غيره تكمل فرائضه بنوافله، فلا يخلص له نافلة، فنوافله جبرانات لفرائضه.

وروى إسحاق بن راهويه في ( مسنده) : ثنا عبد الل بن واقد: ثنا حيوة بن شريح، عن أبي الأسود، عن ابن رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( من كان عليه من رمضان شيء، فأدركه رمضان ولم يقضه لم يتقبل منه، ومن صلى تطوعاً وعليه مكتوبة، لم يتقبل منه) .

عبد الله بن واقد، هو: أبو قتادة الحراني، تكلموا فيه.

وهذا غريب من حديث حيوة، وإنما هو مشهور من حديث أبن لهيعة.

وقد خرجه الإمام أحمد عن حسن الأشيب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه) .

ولم يذكر في حديثه: ( الصلاة) .

وقد روي مرفوعاً.

وقال أبو زرعة: الصحيح المرفوع.

ونفي القبول لا يستلزم [نفي] الصحة بالكلية، وقد سبق ذكر ذلك غير مرة.

ويدل على ذلك: أن في تمام الحديث الذي خرجه الإمام أحمد: ( من أدرك رمضان، وعليه من رمضان شيء لم يقضه لم يتقبل منه) ، ومعلوم أنه يلزمه قضاؤه بعد رمضان مع الإطعام.

ولا يعلم في لزوم القضاء خلاف، إلا عن ابن عمر من وجه فيه ضعف، والخلاف مشهور في وجوب الإطعام مع القضاء.

وقد نقل إبراهيم الحربي، عن أحمد، انه سئل عن حديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( لا صلاة لمن عليه صلاة) ؟ قال: لا أعرف هذا اللفظ.

قال الحربي: ولا سمعت بهذا عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وهذا يدل على أن الحديث الذي خرجه إسحاق لا أصل له.
وقد اختلف العلماء فيمن عليه قضاء رمضان: هل يجوز له أن يتنفل بالصيام قبل القضاء، أم لا؟ فيه قولان معروفان، هما روايتان عن أحمد.

وأكثر العلماء على جوازه، وروي عن طائفة من السلف المنع منه.

وقال هشام بن عروة، عن أبيه: مثل الذي يتطوع بالصوم وعليه قضاء رمضان، كمثل الذي يسبح وهو يخاف أن تفوته المكتوبة.

وكذلك لو كان عليه صلاة فائتة، فتطوع قبل قضائها، فإن كان التطوع بسنتها الراتبة، فهو جائز، بل يستحب عند جمهور العلماء، خلافاً لمالك، وقد سبق ذلك، وإن كان تطوعاً مطلقاً، فقال أصحابنا: لا يجوز؛ لأن القضاء عندهم على الفور، بخلاف قضاء رمضان؛ فإنه على التراخي حتى يتضايق وقته في شعبان.

وفي انعقاده - لو فعل - وجهان، وحكي روايتان.

ورجح بعضهم عدم الانعقاد، وحمل حديث تكميل الفرائض بالنوافل على السنن الرواتب، أو على من تطوع ونسي أن عليه فائتة.

والذين لا يرون على العامد القضاء بالكلية، لا يتصور هذه المسألة عندهم، لأنهم يقولون: ليس يلزمه قضاء بالكلية.