فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب القراءة في العصر

باب
القراءة في العصر
[ قــ :740 ... غــ :761 ]
- حدثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة ابن عمير، عن أبي معمر، قالَ: قلنا لخباب بن الأرت: أكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ في الظهر والعصر؟ قالَ: نعم.
قلت: بأي شيء كنتم تعلمون قراءته؟ قالَ: باضطراب لحيته.


بَابُ
إذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ وَحَوَّلَهُ
الإِمَامُ خَلْفَهِ إِلَى يَمِيِنِهِ تَمَّتْ صَلاَتُهُ
[ قــ :741 ... غــ :76 ]
- حدثنا قتيبة بن سعيد: ثنا داود، عن عمرو بن دينار، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قالَ: صليت مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برأسي من ورائي، فجعلني عن يمينه فصلى ورقد، فجاءه المؤذن، فقام يصلي، ولم يتوضأ.

مقصود البخاري بهذا الحديث في هذا الباب: أن ابن عباس كانَ قد صف مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن يساره، لكنه لما كان موقفه مكروها حوله النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منه، فأداره من ورائه إلى يمينه، فدل على أن إزالة بعض من في الصف عن مقامه وتحويله من الصف في الصلاة لمصلحة جائز، وصلاته تامة، وإن كانَ قد خرج من الصف وتأخر عنه.

ولا يدخل هذا في ترك تسوية الصفوف المنهي عنه، وإن كانَ فيهِ تأخر عن الصف، إلا أن المقصود منه: أن يعود إلى الصف على وجه أكمل من مقامه، فهوَ شبيه بإبطال الصلاة المكتوبة إذا دخل فيها منفردا، ثم أقيمت الصلاة ليؤديها في جماعة.

وقريب منه: تخريب بناء المسجد لأعادته على وجه أكمل منه.
وفي الحديث - أيضا -: دليل على أن مصير المأموم فذا خلف الإمام - أو خلف الصف - وقتا يسيرا لا تبطل به الصلاة، إذا زالت فذوذيته قبل الركوع؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخرج ابن عباس من جهة يساره إلى ورائه، فصار فذا في تلك الحالة، ثم أعاده إلى يمينه في الحال، فزالت فذوذيته سريعا، ووقف في موقف هوَ أكمل من مقامه الأول قبل الركوع.

وسيأتي القول في ذَلِكَ في ( ( باب: الركوع دون الصف) ) - إن شاء الله تعالى.



[ قــ :741 ... غــ :76 ]
- حدثنا مكي بن إبراهيم، عن هشام، عن يحيى بن كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قالَ: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ في الركعتين ( الأوليين) من الظهر والعصر بفاتحه الكتاب وسورة ( سورةٍ) ، ويسمعنا الآية أحيانا.

هذان الحديثان سبقا في الباب الماضي.

والمقصود منهما هاهنا: القراءة في صلاة العصر.

وقد ذكرنا حديث أبي سعيد الخدري الذي خرجه مسلم، وفيه: أن قيامه في الركعتين الأوليين من صلاة العصر كانَ على قدر قيامه في الأخريين من الظهر.

وفي رواية: أنه قدر خمس عشرة آية.
وفي رواية ابن ماجه: أن قيامه في صلاة العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر.

واختلف العلماء في القراءة في العصر:
فقالَ النخعي: العصر مثل المغرب في القراءة:
يعني: أن قراءتها تخفف.

وعنه قالَ: تضاعف الظهر على العصر أربعة أضعاف.

وكذا قالَ الثوري في قراءة العصر: إنها كقراءة المغرب بقصار المفصل.

وقال إسحاق: الظهر يعدل في القراءة بالعشاء، والعصر تعدل المغرب.

يعني: أنه يقرأ فيها بقصار المفصل.

وسياتي في الباب الذي بعده في تقصير العصر حديث مرفوع.

وقالت طائفة: قراءة العصر على نصف قراءة الظهر، وقراءة الظهر نحو ثلاثين آية، ونص على ذَلِكَ الإمام أحمد، واحتج بحديث أبي سعيد الخدري.

وقال أصحاب الشافعي: يقرأ في الصبح بطوال المفصل كالحجرات والواقعة، وفي الظهر بقريب من ذَلِكَ، وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل، وفي المغرب بقصاره ولإن خالف وقرأ بالطول أو القصر جاز.

وقالت طائفة: يسوى بين قراءة الظهر والعصر، روي ذَلِكَ عن أنس بن مالك، وروي عن ابن عمر من وجه ضيعف.

وحديث جابر بن سمرة الذي خرجه مسلم يشهد لذلك: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى، وفي العصر نحو ذَلِكَ.