فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب الأذان بعد الفجر

باب
الأذان بعد الفجر
فيه ثلاثة أحاديث:
الحديث الأول:
[ قــ :601 ... غــ :618 ]
- ثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: أخبرتني حفصة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا اعتكف المؤذن للصبح، وبدا الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.

كذا في هذه الرواية: ( ( إذا اعتكف المؤذن للصبح) ) ، ولعل المراد باعتكافه للصبح جلوسه للصبح ينتظر طلوع الفجر، وحبسه نفسه لذلك.

ويدل على هذا المعنى: ماخرجه أبو داود من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار، قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم، إني أحمدك واستعينك على قريش ان يقيموا دينك، ثم يؤذن.
قالت: ما علمته كان تركها ليلة واحدة -[تعني] : هذه الكلمات.
والمعروف في حديث حفصة: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.

كذا خرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن مالك.
وكذا هو في ( ( الموطإ) ) .

وليس في هذا الحديث دلالة صريحة على أنه كان لا يؤذن إلا بعد طلوع الفجر؛ فإنها قالت: ( ( كان إذا سكت المؤذن وبدا الفجر صلى) ) ، فلم تذكر أنه [كان] يصلي إلا بعد فراغ الأذان بعد طلوع الفجر، وهذا يشعر بأنه كان الأذان قبل الفجر، وإلا لم تحتج إلى ذكر طلوع الفجر مع الأذان.

وقد خرج مسلم الحديث من رواية الليث بن سعد وأيوب وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، كما رواه مالك.

وخرجه النسائي من طرق أخرى، عن نافع كذلك.

ورواه عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أذن المؤذن للفجر صلى ركعتين، وكان لا يؤذن إلا بعد الفجر.

ذكره أبو بكر الأثرم.

وقال: رواه الناس عن نافع، لم يذكروا ما ذكره عبد الكريم.

وخرجه ابن عبد البر بإسناده، ولفظ حديثه: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سمع أذان الصبح صلى ركعتين، ثم خرج إلى المسجد، وحرم الطعام، وكان لا يؤذن حتى يصبح.

قلت: لعل هذه الزيادة مدرجة فيه.

وقد رواها عبيد الله بن عمر، عن نافع - من قوله.

خرجه ابن أبي شيبة.

ولو كان هذا محفوظاً حمل على أذان ابن أم مكتوم، كما في حديث ابن عمر في الباب الماضي.




[ قــ :60 ... غــ :619 ]
- ثنا أبو نعيم: ثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.

وخرجه مسلم من طريق هشام، عن يحيى - وهو: ابن أبي كثير -، [به] .

وليس صريحاً في أن الأذان كان بعد طلوع الفجر؛ فإنه إذا كان يؤذن قبل طلوع الفجر، ثم يمهل حتى يطلع الفجر، ثم يصلي ركعتين، فقد صلى عليه أنه صلى بين النداء والإقامة.

وقد رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير بهذا اللفظ.

ورواه معاوية بن سلام، عن يحيى، ولفظه: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سمع الصبح قام فركع ركعتين خفيفتين.

خرجه النسائي.

ورواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي سلمة، عن عائشة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سمع النداء قام فصلى ركعتين حتى يأتيه، فيخرج إلى الصلاة.

وأصرح من هذا: ما خرجه البخاري في آواخر ( ( كتاب الصلاة) ) من طريق مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين.

خرجه مسلم من طريق عبدة، عن هشام، ولفظه: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.

ورواه - أيضا - ابن نمير ومحمد بن جعفر بن الزبير، عن هشام كذلك.
وليس صريحاً - أيضا -؛ فقد وردت روايات أخر عن عائشة تدل على انه كان بعد النداء يؤخر الركعتين تارة حتى يتبين له الفجر، وتارة حتى يتوضأ.

فخرج مسلم من طريق عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن أقام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.

وخرجه - أيضا - من طريق يونس، عن ابن شهاب، غير أنه لم يذكر: ( ( وتبين له الفجر وجاءه المؤذن) ) ، ولم يذكر: الإقامة.

وخرج –أيضا - من طريق أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينام أول الليل ويحيى آخره، ثم إن كان له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول وثب فإفاض عليه الماء، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين.

وهذا هو الحديث الذي فيه ( ( أنه ينام ولا يمس ماء) ) ، وقد استنكره الأئمة كما سبق ذكره في ( ( أبواب: غسل الجنابة) ) ، غير أن مسلماً أسقط منه هذه اللفظة.

وقد خرجه البخاري مختصراً، وعنده: ( ( وإلا توضأ) ) .

وخرج الأثرم: روى الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين.

قلت: هذا خرجه أبو داود هكذا.

ثم قال الأثرم: رواه الناس عن الزهري، فلم يذكروا فيه ما ذكر الأوزاعي، وسمعت أبا عبد الله – يعني: أحمد - يضعف رواية الأوزاعي عن الزهري.

قلت: لم يتفرد الأوزاعي بهذا عن الزهري، بل قد تابعه عليه يونس، وتابعه عمرو بن الحارث، وزاد في حديثه: ( ( وتبين له الفجر) ) ، كما خرجه مسلم من حديثهما.

ورواية عمرو بن الحارث تدل على أنه كان يؤخر صلاة الركعتين عن الآذان حتى يتبين له الفجر، ورواية يونس والأوزاعي إن كانت على ظاهرها فهي محمولة على أنه كان يصلي عقب أذان ابن أم مكتوم الثاني، وكان لا يؤذن حتى يقال: أصبحت، أصبحت.

ورواه عقيل وابن أبي ذئب - أيضا -، عن الزهري، كما رواه الأوزاعي.

ورواه ابن الهاد، عن الزهري كذلك، غير أنه زاد فيه: ( ( بعد ان يستنير الفجر) ) .

ورواه عمر بن عثمان، عن أبيه، عن الزهري، ولفظه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر بعدما يتبين الفجر قام فصلى ركعتين من قبل صلاة الصبح.

ورواه شعيب، عن الزهري، ولفظه: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سكت بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، بعد أن يتبين الفجر.

خرجه البخاري.
وسيأتي قريباً - إن شاء الله.

ورواه المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا سمع التثويب صلى ركعتين، ثم خرج.




[ قــ :603 ... غــ :60 ]
- ثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إن بلالاً ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم) ) .

كذا خرج في ( ( الموطإ) ) هذا الحديث.
وخرجه الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) من طريق عن مالك.

وخرجه من طريق عبد الله بن يوسف، وزاد فيه: وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت.

وزعم أن تخريج هذا الحديث في ( ( باب: أذان الأعمى) ) كان أولى؛ لأنه زعم أن هذه الزيادة فيه من قول ابن عمر ومالك مدرجة.
وهذا الذي قاله ليس بشيء، وهذه الزيادة في حديث عبد الله بن دينار ما أراها محفوظة عن مالك بالكلية، والظاهر ان بعض الرواة اشتبه عليه حديث عبد الله بن دينار بحديث سالم المتقدم.
والله اعلم.

وقد رواه - أيضا شعبة، عن عبد الله بن دينار، بدون هذه الزيادة - أيضا.

وقد روي عن مالك بهذه الزيادة من وجه آخر: رواه حرملة، عن ابن وهب والشافعي، كلاهما عن مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) ) ، وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال: أصبحت، اصبحت.

خرجه الطبراني، وذكر أنه تفرد به حرملة، ولا يرويه عن مالك غير الشافعي وابن وهب، وعنده: أن هذه الزيادة في آخره من رواية الشافعي وحده.

وذكر ابن أبي حاتم أن أباه حدثه عن حرملة، عن ابن وهب وحده بهذه الزيادة، وقال: قال أبي: هذا منكر بهذا الإسناد.

وبكل حال؛ فتحمل صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقب الأذان على أذان ابن ام مكتوم الثاني، إلا أن في حديث عائشة ما يدل على [أنه] الأذان الأول في عدة روايات، فيحمل ذلك على أنه كان يصلي بين الأذانين إذا تبين له الفجر قبل أذان ابن أم مكتوم، بدليل رواية من روى أنه كان يصلي إذا سكت المؤذن وتبين له الفجر.

وقد روى جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي ركعتين بني النداءين، لم يكن يدعهما ابداً.

خرجه البخاري.

والمراد: بين النداء والإقامة.

وقد رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، وذكر في حديثه: أنه كان يصلي ركعتين الفجر بين الأذان والإقامة، كما سبق.

فتعين حمل ذلك على الأذان الثاني، ولا بد.

وقد روى بعضهم حديث عراك، وزاد فيه بعد قوله: يصلي ركعتين بين النداءين: ( ( جالساً) ) .

خرجه ابو داود.

ولفظه: ( ( جالساً) ) غير محفوظة.

وإنما كان يصلي ركعتين جالساً بعد وتره، كذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة.

ومما يدل على هذا - أيضا -: حديث ابن عمر المخرج في ( ( الصحيحين) ) من طريق أنس بن سيرين، عنه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلي الركعتين قبل صلاة الغداة كأن الأذان بأذنيه.

زاد البخاري: قال حماد بن زيد: أي: بسرعة.

وروي الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن أبن عباس، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي [ركعتي] الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.

خرجه النسائي.

وقال: هذا حديث منكر.

قلت: نكارته من قبل إسناده، وروايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛ فإن حبيب بن أبي ثابت إنما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، عن أبيه، عن جده.

[وخرج أبو داود] من حديث كريب، عن الفضل بن عباس -، أنه نام ليلة عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لينظر كيف صلاته، [فذكر صلاته] ووتره، ثم قام فنادى المنادي عند ذلك، فقام رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ما سكت المؤذن، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس حتى صلى الصبح.

فهذه الأحاديث المخرجة في هذا الباب كلها ليس فيها دلالة صريحة على ان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن يؤذن له إلا بعد طلوع الفجر، وغاية ما يدل بعضها على أنه كان يؤذن له بعد طلوع الفجر، وذلك لا ينفي أن يكون قد أذن قبل الفجر اذان أول.

والأحاديث التي فيها أن بلالاً كان لا يؤذن إلا بعد طلوع الفجر أسانيدها غير قوية، ويمكن ان تحمل - على تقدير ثبوتها - على أنه كان يؤذن بعد طلوع الفجر الأول، وقبل طلوع الفجر الثاني.

ويدل على ذلك: ما روى ابن وهب، قال: حدثني سالم بن غيلان، أن سليمان بن أبي عثمان التجيبي حدثه، عن حاتم بن عدي الحمصي، عن أبي ذر، أنه صلى مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة - فذكر الحديث - قال: ثم أتاه بلال للصلاة، فقال: ( ( أفعلت.
)
)
فقال: نعم.
قال: ( ( إنك يا بلال مؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء، وليس ذلك الصبح، إنما الصبح هكذا إذا كان معترضاً) ) ، ثم دعا بسحوره فتسحر.

خرجه بقي بن مخلد في ( ( مسنده) ) ويونس بن يعقوب القاضي في ( ( كتاب الصيام) ) .

وخرجه الإمام أحمد – بمعناه من رواية رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن سالم بن غيلان.
ومن طريق ابن لهيعة، عن سالم بن غيلان - أيضا.

وقد اختلف في هذا الإسناد:
فقال البخاري في ( ( تاريخه) ) : هو إسناد مجهول.

وقال الدارقطني - فيما نقله عنه البرقاني - في هؤلاء الثلاثة: سالم وسليمان وحاتم: مصريون متروكون، وذكر أن رواية حاتم، عن أبي ذر لا تثبت.

وخالفه في ذلك آخرون:
أماحاتم، فقال العجلي: تابعي حمصي شامي، ثقة.

وأماسليمان بن أبي عثمان التجيبي، فقال أبو حاتم الرازي: هو مجهول.

وأماسالم بن غيلان، فمشهور، روى عنه جماعة من أهل مصر.
وقال أحمد وأبو داود والنسائي: لا بأس به.
وقال ابن خراش: صدوق، وقال ابن حبان: ثقة.

فلم يبق من هؤلاء من لا يعرف حاله سوى سليمان بن أبي عثمان.

وقد عضد هذا الحديث: ما خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) من حديث سمرة ابن جندب، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا هذا البياض - لعمود الصبح - حتى يستطير) ) .

وحديث ابن مسعود، وقد خرجه البخاري في الباب الآتي.

وفي النهي عن الأذان قبل الفجر أحاديث أخر، لا تصح:
فروى جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال، ان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا) ) ، ومد يديه عرضاً.

خرجه أبو داود.

وقال: شداد لم يلق بلالاً.

قال أبو بكر الأثرم: هو إسناد مجهول منقطع.

يشير إلى جهالة شداد، وأنه لم يلق بلالاً.

وقد خرجه أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) : ثنا جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض، قال: بلغني ان بلالاً أتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكره.

وروى [أبو داود، عن] حماد بن سلمة، عن ايوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن بلالاً أذن بليل، فأمره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ينادي، ألا إن العبد نام.
وقال: تفرد به حماد.

وذكر أن الدراوردي روى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان لعمر مؤذن، يقال له: مسروح - فذكر نحوه.

وقال: هذا أصح من ذلك.

يعني: أنه موقوف على عمر، وأن حماد بن سلمة وهم في رفعه.

وحكى الترمذي عن علي بن المديني، أنه قال: هو غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة.

وكذا قال الترمذي: هو غير محفوظ.

وكذلك انكره الإمام أحمد على حماد.

وقال أبو حاتم الرازي: حديث حماد خطأ.
والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر أمر مسروحاً.
قال: ورواه ابن أبي محذورة، عن عبد العزيز أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً - أيضا -، وابن أبي محذورة شيخ.

وقال محمد [بن] يحيى الذهلي: هو حديث شاذ، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر.

يعين: أنهم رووا عنه حديث: ( ( إن بلالاً يؤذن بليل) ) .

وقال الشافعي: رأينا أهل الحديث من أهل العراق لا يثبتون هذا الحديث، ويزعمون أنها ضعيفة، لا يقوم بمثلها حجة على الانفراد.

وقال الأثرم: هذا الحديث [خطأ] معروف من خطإ حماد بن سلمة.
وقال الدارقطني: أخطأ فيه حماد بن سلمة.
وتابعه سعيد بن زربي - وكان ضعيفاً -، روياه عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر.
والمحفوظ: عن أيوب، عن ابن سيرين أو حميد بن هلال، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لبلال هذا.
قال: ولا يقوم بالمرسل حجة.

قلت: روايات حماد بن سلمة عن أيوب غير قوية.

قال أحمد: أسند عن ايوب [احاديث لا يسندها الناس عنه.

وقال مسلم: حماد يخطئ في حديث أيوب كثيراً.

وقد خولف في رواية هذا عن أيوب، فرواه معمر، عن أيوب]
– مرسلاً.

خرجه عبد الرزاق، عنه.

وأماحديث عبد العزيز بن أبي رواد، فقد روي عنه متصلاً كما تقدم من رواية ابن أبي محذورة عنه.

وتابعه عامر بن مدرك.
قال الدارقطني: هو وهم، والصواب: رواية شعيب بن حرب، عن عبد العزيز، عن نافع، عن مؤذن لعمر، يقال له: مسروح، أن عمر أمره بذلك.

وذكر أبو داود ان حماد بن زيد رواه عن عبيد الله، عن نافع أو غيره، أن مؤذنا لعمر يقال له: مسروح - فذكره.

وذكر الترمذي، ان ابن أبي رواد رواه، عن نافع، ان عمر أمر بذلك.

قال: هذا لا يصح؛ لأنه منقطع.

وقال البيهقي في حديث ابن أبي رواد المتصل: إنه ضعيف لا يصح، والصواب: رواية شعيب بن حرب.

وقال ابن عبد البر: الصحيح: أن عمر هو الذي أمر مؤذنه بذلك.

وقد روي من حديث قتادة، عن أنس - نحو حديث حماد بن سلمة.

والصحيح: أنه عن قتادة مرسل -: قاله الدارقطني.

وروي من حديث الحسن، عن أنس - أيضا - بإسناد لا يصح.

والنهي عن الأذان قبل طلوع الفجر قد روى عن عمر، كما سبق، وعن علي.

قال أبو نعيم: ثنا إسرائيل، عن فضل بن عمير، قال: كان لعلي مؤذن، فجعل علي معه مؤذناً آخر؛ لكيلا يؤذن حتى ينفجر الفجر.

وهذا منقطع.

وروى وكيع: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما كانوا يؤذنون حتى يصبحون.

وخرج الإمام أحمد من رواية يونس، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت لعائشة: متى توترين؟ قالت: ما أوتر حتى يؤذن، وما يؤذن حتى يطلع الفجر.

وعن شريك، عن علي بن علي، عن إبراهيم، قال: سمع علقمة مؤذناً يؤذن بليل، فقال: لقد خالف هذا سنة أصحاب محمد.

وإلى هذا القول ذهب الكوفيون، منهم: أبو الأحوص صاحب ابن مسعود، وقيس بن أبي حازم، والشعبي، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، والحسن بن صالح.
وروى ابن أبي شيبة من طريق حجاج، عن طلحة، عن سويد - هو: ابن علقمة -، عن بلال، انه كان لا يؤذن حتى ينشق الفجر.

وعن حجاج، عن عطاء، عن أبي محذورة، انه أذن لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأبي بكر وعمر، فكان لا يؤذن حتى يطلع الفجر.

حجاج، هو: ابن أرطأة:
قال الاثرم: هذا ضعيف الإسناد.

وقال ابن أبي شيبة: ثنا ابن نمير، عن عبيد الله، قال: قلت لنافع: إنهم كانوا ينادون قبل الفجر؟ قال: ما كان النداء الا مع الفجر.