فهرس الكتاب

أدوا عن كل حر وعبد ، صغير أو كبير نصف صاع

أخرجاه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : قال رجل : لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على سارق ، فقال : اللّهم لك الحمد ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في زانية ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على زانية ، فقال : اللّهم لك الحمد ، لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على غني ، فقال : اللّهم لك الحمد ، على سارق . وعلى زانية . وعلى غني ، فأتى ، فقيل له : أما صدقتك على سارق ، فلعله أن يستعف عن سرقته ، وأما الزانية ، فلعلها أن تستعف عن زناها ، وأما الغني ، فلعله يعتبر ، فينفق مما أعطاه اللّه تعالى ، انتهى . الحديث الثالث والأربعون : حديث معاذ بن جبل رضي اللّه عنه ، تقدم في الباب . باب صدقة الفطر الحديث الأول : روى عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير ، ويقال له : ابن أبي صعير العذري عن أبيه أن النبي عليه السلام ، قال في خطبته : أدوا عن كل حر وعبد ، صغير أو كبير نصف صاع من بر ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير . قلت : رواه الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة ، وله وجوه : أحدها : رواية بكر بن وائل ،

رواه أبو داود في سننه ، فقال : حدثنا علي بن الحسن الدرابجردي ثنا عبد اللّه بن يزيد ثنا همام ثنا بكر بن وائل عن الزهري عن ثعلبة بن عبد اللّه أو قال : عبد اللّه بن ثعلبة ح وحدثنا محمد بن يحيى النيسابوري ثنا موسى بن إسماعيل المنقري حدثنا همام عن بكر بن وائل أن الزهري حدثهم عن عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ، قال : قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطيباً ، فأمر بصدقة الفطر : صاع تمر ، أو صاع شعير عن كل رأس ، زاد عليّ في حديثه : أو صاع بر ، أو قمح بين اثنين ، ثم اتفقا : عن الصغير والكبير ، والحر والعبد ، انتهى .

وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن عاصم عن همام عن بكر بن وائل عن الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير عن أبيه بلفظ : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قام خطيباً ، فأمر بصدقة الفطر عن الصغير والكبير ، والحر والعبد : صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير عن كل واحد ، أو صاع قمح ، انتهى . الوجه الثاني : رواية النعمان بن راشد

أخرجها أبو داود أيضاً ، فقال : حدثنا مسدد ، وسليمان بن داود العتكي ثنا حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري ، قال : مسدد عن ثعلبة بن عبد اللّه بن أبي صعير عن أبيه ، وقال سليمان بن داود : عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، أو ثعلبة بن عبد اللّه بن أبي صعير عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : صاع من بر أو قمح على كل اثنين ، صغير أو كبير ، حر أو عبد ، ذكر أو أنثى ، أما غنيكم فيزكيه اللّه ، وأما فقيركم ، فيرد اللّه عليه أكثر مما أعطاه للّه ، زاد سليمان في حديثه : غني ، أو فقير ، انتهى . وأخرجه الدارقطني رحمه اللّه عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن حماد بن زيد به مرفوعاً : أدوا صدقة الفطر ، صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو نصف صاع من بر ، إلى آخره ، ثم أخرجه عن يزيد بن هارون عن حماد بن زيد به ، قال : أدوا عن كل إنسان : صاعاً من برٍّ عن الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والغني والفقير ، إلى آخره ، ثم أخرجه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد به عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ، بنحو رواية يزيد ، ثم أخرجه عن خالد بن خداش عن حماد بن زيد ، وقال : بهذا الإِسناد نحوه . الوجه الثالث : رواه بن جرجة عن الزهري ،

فأخرج ها الدارقطني عن يحيى بن جرجة عن الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب ، فقال : إن صدقة الفطر مدان من برٍّ عن كل إنسان ، أو صاع مما سواه من الطعام ، انتهى . ويحيى بن جرجة ، روى عنه ابن جريج ، وقزعة بن سويد ، قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عنه ، فقال : هو شيخ ، وقال الدارقطني : ليس بقوي . الوجه الرابع : رواية ابن جريج عن الزهري ،

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد اللّه بن ثعلبة ، قال : خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس قبل الفطر بيوم ، أو يومين ، فقال : أدّوا صاعاً من بر ، أو قمح بين اثنين ، أو صاعاً من تمر ، أو شعير عن كل حر أو عبد ، صغير أو كبير ، انتهى . ومن طريق عبد الرزاق ، رواه الدارقطني في سننه ، والطبراني في معجمه ، وهذا سند صحيح قوي . الوجه الخامس : رواية بحر بن كنيز السقاء عن الزهري ،

أخرجه الحاكم في كتابه المستدرك - في كتاب الفضائل عن بحر بن كنيز حدثنا الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه فرض صدقة الفطر على الصغير ، والكبير : صاعاً من تمر ، أو مدين من قمح ، انتهى . وسكت عنه ، ثم قال : وقد رواه أكثر أصحاب الزهري عنه عن عبد اللّه بن ثعلبة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، لم يذكروا أباه ، انتهى . وقال الدارقطني في عللّه : هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه ، أما سنده ، فرواه الزهري ، واختلف عليه فيه ، فرواه النعمان بن راشد عنه عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ، ورواه بكر بن وائل عن الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، وقيل : عن ابن عيينة عن الزهري عن ابن أبي صعير عن أبي هريرة ، وقيل : عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، وقيل : عن عقيل ، ويونس عن الزهري عن سعيد مرسلا ، ورواه معمر على الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ، وأما اختلاف متنه ففي حديث سفيان بن حسين عن الزهري : صاع من قمح ، وكذلك في حديث النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه : صاع من قمح عن كل إنسان ، وفي حديث الباقين : نصف صاع من قمح ، قال : وأصحها عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلاً ، انتهى كلامه . قال الشيخ في الإِمام : وحاصل ما يعلل به هذا الحديث أمران : أحدهما : الاختلاف في اسم أبي صعير ، فقد تقدم من جهة أبي داود عن مسدد ثعلبة بن أبي صعير ، ومن جهته أيضاً عن سليمان بن داود عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، أو ثعلبة بن عبد اللّه بن أبي صعير ، وكذلك أيضاً عن أبي داود في رواية بكر بن وائل المتقدمة ثعلبة بن عبد الله أو قال عبد الله بن ثعلبة على الشك وعنده أيضا من رواية محمد بن يحيى ، وفيه الجزم بعبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، وكذلك رواية ابن جريج ، وعند الدارقطني من رواية مسدد عن ابن أبي صعير عن أبيه لم يسمه ، ثم أخرجه الدارقطني عن همام عن بكر أن الزهري حدثه عن عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ثعلبة ، قال نحوه - يعني نحو حديث مسدد - فإنه ذكره عقيبه ، وهذا يحتاج إلى نظر ، فإنه ذكره من رواية مسدد عن حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن ابن أبي صعير عن أبيه مرفوعاً : صدقة الفطر صاع من بر ، أو قمح ، عن كل رأس ، كذا في النسخة العتيقة الصحيحة ،

ورواية أبي داود عن مسدد فيها : أدّوا صاعاً من بر ، أو قمح عن كل اثنين ، وهذا مخالف للأول ، واللّه أعلم . وفي رواية سليمان بن حرب عن حماد الجزم بثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ، عند الدارقطني ، والجزم بعبد اللّه بن ثعلبة في رواية بحر بن كنيز ، كما تقدم ، عند الحاكم ، والشك في رواية يزيد بن هارون عن حماد فيها عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير ، أو عن ثعلبة عن أبيه ، عند الدارقطني أيضاً . العلة الثانية : الاختلاف في اللفظ ، ففي حديث سليمان بن حرب ، عند الدارقطني عن حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه مرفوعاً : أدّوا صاعاً من قمح ، الحديث ، ثم أتبعه الدارقطني برواية خالد بن خداش عن حماد بن زيد ، وقال : بهذا الإِسناد مثله ، وقد تقدم من رواية أبي داود عن مسدد : صاع من بر ، أو قمح ، على كل اثنين .

وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن داود المكي عن مسدد حدثنا حماد بن زيد به عن ابن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه مرفوعاً : أدوا صدقة الفطر صاعاً من تمر ، أو قمح ، عن كل رأس ، الحديث . وفي رواية بكر بن وائل ، قيل : عن كل رأس ، وذكر البيهقي عن محمد بن يحيى الذهلي أنه قال في كتاب العلل : إنما هو عبد اللّه بن ثعلبة ، وإنما هو عن كل رأس ، أو كل إنسان ، هكذا رواية بكر بن وائل ، لم يقم الحديث غيره ، قد أصاب الإِسناد والمتن ، قال الشيخ : ويمكن أن تحرف : رأس ، إلى اثنين ، ولكن يبعد هذا بعض الروايات ، كالرواية التي فيها : صاع بر ، أو قمح ، بين كل اثنين ، انتهى كلامه . وقال صاحب تنقيح التحقيق بعد ذكره هذا الاختلاف : وقد روى على الشك في الاثنين ، قال أحمد بن حنبل : حدثنا عفان ، قال : سألت حماد بن زيد عن صدقة الفطر ، فحدثني عن نعمان بن راشد الزهري عن ابن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : أدُّوا صاعاً من قمح ، أو صاعاً من بر ، وشك حماد : عن كل اثنين ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو مملوك ، غني أو فقير ، أما غنيكم فيزكيه اللّه ، وأما فقيركم فيرد عليه اللّه أكثر مما يعطى ، انتهى . ثم قال : قال مهنأ : ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر ، نصف صاع من بر ، فقال : ليس بصحيح ، إنما هو مرسل ، يرويه معمر ، وابن جريج عن الزهري مرسلاً ، قلت : مِن قِبَلٍ مَنْ هذا ؟ قال : من قِبَل النعمان بن راشد ، وليس بالقوي في الحديث ، وضعف حديث ابن أبي صعير ، وسألته عن ابن أبي صعير ، أهو معروف ؟ فقال : ومن يعرف ابن أبي صعير ؟ ليس هو بمعروف ، وذكر أحمد ، وابن المديني ابن أبي صعير ، فضعفاه جميعاً ، وقال ابن عبد البر : ليس دون الزهري من يقوم به الحجة ، والنعمان بن راشد ، قال : معاوية عن ابن معين ضعيف ، وقال عباس عنه : ليس بشيء ، وقال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه : مضطرب الحديث ، وقال البخاري : في حديثه وهم كثير ، وهو في الأصل صدوق ، وقال ابن عدي : النعمان بن راشد ، قد احتمله الناس ، روى عنه الثقات ، مثل حماد بن زيد ، وجرير بن حازم ، ووهيب بن خالد ، وغيرهم من الثقات ، وله نسخة عن الزهري ، لا بأس به ، وقال شيخنا أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال : عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير : ويقال : ابن أبي صعير العذري ، أبو محمد المدني الشاعر ، حليف بني زهرة ، ويقال : ثعلبة بن عبد اللّه بن صعير ، وأمه من بني زهرة ، مسح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجهه ورأسه زمن الفتح ، ودعا له ، روى عن النبي عليه السلام ، وعن أبيه ثعلبة بن صعير ، وجابر بن عبد اللّه ، وسعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه ، وعلي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وأبي هريرة رضي اللّه عنهم ، روى عنه سعد بن إبراهيم ، وعبد اللّه بن مسلم ، أخو الزهري : وعبد الحميد بن جعفر ، ولم يدركه ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، قال سعد بن إبراهيم : ثنا عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير ابن أخت لنا ، وقال محمد بن سعد : كان أبوه ثعلبة بن صعير شاعراً ، كان حليفاً لبني زهرة ، وقال الحاكم : أبو أحمد عبد اللّه بن ثعلبة بن أبي صعير العذري ابن عم خالد بن عرفطة بن صعير ، حليف بني زهرة ، قيل : إنه ولد قبل الهجرة ، وقيل : بعد الهجرة ، وتوفي سنة سبع ، وقيل : سنة تسع وثمانين ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة ، وقيل : ثلاث وتسعين ، وقيل في وفاته ، وسنه غير ذلك ، انتهى . وقال ابن سعد في الطبقات : عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير ، يكنى : بأبي محمد ، وقد رأى النبي عليه السلام صغيراً ، مات سنة سبع وثمانين بالمدينة ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة ، أخبرنا الواقدي عن معمر عن الزهري عن عبد اللّه بن ثعلبة بن صعير ، قال : أنا أعْقِل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وقد مسح رأسي ، انتهى . واعلم أن المصنف رحمه اللّه استدل بحديث عبد اللّه بن ثعلبة هذا على أصل وجوب صدقة الفطر ، لا على مقدار الواجب ، واستدل على مقدار الواجب بحديث أبي سعيد ، وسيأتي في فصل مقدار الواجب إن شاء اللّه تعالى . وفي الباب أحاديث - منها : حديث ابن عمر :

أخرجه البخاري ، ومسلم من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس : صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، على كل حر أو عبد ، ذكر أو أنثى ، من المسلمين ، وفي لفظ لهما : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر بزكاة الفطر : صاع من تمر ، أو صاع من شعير ، قال ابن عمر : فجعل للناس عدله مُدَّيْن من حنطة ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه أبو داود ، وابن ماجه عن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس . قال : فرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو ، والرفث ، وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة ، فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة ، فهي صدقة من الصدقات ، انتهى . ورواه الدارقطني ، وقال : ليس في رواته مجروح ، ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : على شرط البخاري ، ولم يخرجاه ، وقال الشيخ في الإِمام : لم يخرج الشيخان لأبي يزيد ، ولا لسيار شيئاً ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه الحاكم في المستدرك عن داود بن شبيب ثنا يحيى بن عباد السعدي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر صارخاً ببطن مكة ينادي : إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو مملوك ، حاضر أو باد : مدَّان من قمح ، أو صاع من شعير ، أو تمر ، انتهى . وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه بهذه الألفاظ . حديث آخر :