فهرس الكتاب

في خمس من الإِبل شاة ، وليس في الزيادة شيء

أبو داود في سننه : قرأت في كتاب عبد اللّه بن سالم بحمص ، عند آل عمرو بن الحارث الحمصي عن الزبيدي ، قال : وأخبرني يحيى بن جابر عن جبير بن نفير عن عبد اللّه بن معاوية الغاضري - من غاضرة قيس - قال : قال النبي عليه السلام : ثلاث من فعلهن فقد طَعِم طَعٍم الإِيمان : مَنْ عَبَدَ اللّه وحده ، وأنه لا إله إلا اللّه . وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه في كل عام ، ولم يعط الهرِمة ، ولا الدرنة ، ولا المريضة ، ولا الشرط اللئيمة ، ولكن من وسط أموالكم ، فإن اللّه لم يسألكم خيره ، ولم يأمركم بشره ، انتهى . ولم يصل أبو داود به سنده ، ووصله الطبراني ، والبزار . وقد ذكرناه في أحاديث الأصول . الحديث التاسع عشر : قال عليه السلام : في خمس من الإِبل شاة ، وليس في الزيادة شيء حتى تبلغ عشراً . قلت : غريب بهذا اللفظ ، قال ابن الجوزي في التحقيق :

وروى القاضي أبو يعلى ، وأبو إسحاق الشيرازي في كتابيهما : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم : قال : في خمس من الإِبل شاة ولا شيء من الزيادة حتى تبلغ عشراً ، انتهى . وقوله : في خمس من الإِبل شاة ، تقدم في كتاب عمر رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب كتاب الصدقة ، وكان فيه : في خمس من الإِبل شاة ،

أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقد تقدم في كتاب أنس ، عند البخاري ، في خمس ذود شاة . قوله : وليس في الزيادة حتى تبلغ عشراً ، فروى معناه أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أن في # كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكتاب عمر رضي اللّه عنه في الصدقات : أن الإِبل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون العشر شيء - يعني حتى تبلغ ثلاثين ومائة ، انتهى . قوله : وهكذا قال في كل نصاب ، قلت : وقد يستدل لمحمد في قوله : إن الزكاة تجب في النصاب مع العفو ، بظاهر قوله في كتاب أنس : من كل خمس ذود شاة . فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ، ففيها بنت مخاض ، الحديث . وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ، الحديث . وكذلك في كتاب عمرو بن حزم ، ووجه الدليل أنه غير الوجوب إلى النصاب الآخر ، فدل على أن الوجوب الأول منسحب إلى الوجوب الثاني ، وما بينهما هو العفو . قوله : لأن الصلح قد جرى على ضعف ما يؤخذ من المسلمين - يعني مع بني تغلب - ، قلت :

أخرج البيهقي رحمه اللّه عن عبادة بن نعمان التغلبي في حديث طويل ، أن عمر رضي اللّه عنه لما صالحهم - يعني نصارى بني تغلب - على تضعيف الصدقة ، قالوا : نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ، ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض ، يعنون الصدقة ، فقال عمر رضي اللّه عنه : لا ، هذه فرض المسلمين ، قالوا : فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ، ففعل ، فتراضى هو وهم على أن تضعف عليهم الصدقة ، وفي بعض طرقه : سموها ما شئتم ، وروى أيضاً من حديث داود بن كردوس ، قال : صالح عمر رضي اللّه عنه بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصدقة ، ولا يمنعوا فيها أحداً أن يسلم ، ولا أن يغمسوا أولادهم ، وهذا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه : حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن السفاح بن مطر عن داود بن كردوس عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، فذكره . وزاد : وأن لا يُنصِّروا صغيراً ، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني به ، وزاد فيه : من كل عشرين درهماً درهم ، ثم قال : حدثنا سعيد بن سليمان عن هشيم ثنا مغيرة عن السفاح بن المثنى الشيباني عن زرعة بن النعمان ، أو النعمان بن زرعة ، أنه سأل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، وكلمه في نصارى بني تغلب ، قال : وكان عمر رضي اللّه عنه قد همّ أن يأخذ منهم الجزية ، فتفرقوا في البلاد ، فقال النعمان بن زرعة لعمر : يا أمير المؤمنين ، إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية ، وليست لهم أموال ، إنما هم أصحاب حروث ومواشي ، ولهم نكاية في العدو ، فلا تُعِنْ عدوّك عليك بهم ، قال : فصالحهم عمر رضي اللّه عنه على أن تضعف عليهم الصدقة ، واشترط عليهم أن لا ينصروا أولادهم ، انتهى .

ورواه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في كتاب الأموال : حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن المغيرة به أن عمر رضي اللّه عنه أراد أن يأخذ من نصارى بني تغلب الجزية فتفرقوا في البلاد ، إلى آخره ،