فهرس الكتاب

إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة ، فليسبح

روى الزهري حديث التسليم من الركعتين ، وقال فيه : فقال ذو الشمالين ، رجل من بني زهرة ، فقال : أقصرت الصلاة ، أم نسيت ؟ فقال عليه السلام : أصدق ذو اليدين ؟ لم يروه أحد هكذا إلا الزهري ، وهو غلط عند أهل الحديث ، وإنما هو : ذو اليدين السلمي ، واسمه خرباق - وذو الشمالين ، قتل ببدر ، والحديث شهده أبو هريرة ، وكان إسلامه بعد بدر بسنتين ، ومات ذو اليدين السلمي في خلافة معاوية ، وروى هذا الحديث عنه ابنه مطير بن الخرباق ، ورواه عن مطير ابنه شعيث بن مطير ، ولما رأى المبرد حديث الزهري ، قال : ذو اليدين ، هو : ذو الشمالين ، كما يسمى بهما جميعاً ، ذكره في آخر كتابه الكامل ، وجهل ما قاله أهل الحديث والسِّيَر ، انتهى . قلت : وهكذا قال ابن سعد في الطبقات : ذو اليدين ، ويقال : ذو الشمالين ، اسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة من خزاعة ، انتهى . الجواب الثاني لأصحابنا : عن حديث ذي اليدين ، قالوا : إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة ، بدليل أن أبا بكر . وعمر . وغيرهما من الناس تكلموا عامدين ، وأجاب الخطابي عن هذا بأمرين : أحدهما : أنهم لم يتكلموا ، ولكنهم أشاروا ، وقع ذلك في رواية حماد بن زيد عن أيوب ، أنهم أومأوا أي نعم ، ورواية من روى أنهم قالوا : نعم ، إنما هو تجوُّز ، ونقل بالمعنى ، كما يقول الرجل : قلت برأسي : نعم . الثاني : أن ذلك من خصائص النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكل كلام كان جواباً لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فغير منسوخ جوازه في الصلاة ، يدل عليه حديث أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي # في المسجد ، فدعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلم أجبه ، ثم أتيته ، فقلت : يا رسول اللّه إني كنت أصلي ، فقال : ألم يقل اللّه : استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ؟ وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب ، لم يبطل ، انتهى . وقال الشيخ تقي الدين في الإمام : وبهذا الحديث استدل من قال : إن المتكلم بكلام واجب عليه لا يبطل ، واللّه أعلم انتهى . وقال ابن حبان : تحريم الكلام إنما كان بمكة ، فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا ، فقال زيد بن أرقم ، وهو من أهل المدينة ، يحكي # الحال : كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا للّه قانتين فأمرنا بالسكوت ، وقال الخطابي : نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة ، وعلى القولين ، قد كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين ، انتهى . واللّه أعلم . حديث آخر للخصوم : عن معاوية بن حديج رضي اللّه عنه : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى يوماً ، فسلم ، وقد بقيت من الصلاة ركعة ، فأدركه رجل ، فقال : نسيت من الصلاة ركعة ، فرجع ، فدخل المسجد ، وأمر بلالاً ، فأقام الصلاة ، فصلى للناس ركعة ، فأخبرت بذلك الناس ، فقالوا لي : أتعرف الرجل ؟ قلت : لا ، إلا أن أراه ، فمرّ بي ، فقلت : هذا هو ، فقالوا : هذا طلحة بن عبيد اللّه ، انتهى . رواه أبو داود . والنسائي . والحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح الإِسناد ، قال النووي في الخلاصة : قالوا : كان إسلام معاوية هذا قبل وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم بشهرين ، قال : واعلم أنه قد جاء في رواية أبي هريرة - لقصة ذي اليدين - أنها صلاة الظهر ، وفي رواية أنها صلاة العصر ، كما سبق في الصحيح ، قال المحققون : هما قضيتان ، ورواية عمران بن الحصين قضية ، أخرى غيرهما . وكذلك رواية معاوية بن حديج ، وذو اليدين ، اسمه : الخرباق ، وكنيته : أبو العربان ، عاش بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم زماناً ، وأما ذو الشمالين ، فهو عمير بن عبد عمرو الخزاعي ، قتل يوم بدر شهيداً ، وهو غير المتكلم في حديث السهو . هذا قول جميع الحفاظ ، إلا الزهري ، وقد اتفقوا على تغليط الزهري في ذلك ، واللّه أعلم ، انتهى كلامه . الحديث الثامن والسبعون : قال عليه السلام : إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة ، فليسبح ، قلت :

أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي بالناس فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، والناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفق الناس ، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة ، فلما أكثر الناس التصفيق التفت ، فرأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فأشار إليه : أن امكث مكانك ، فرفع أبو بكر يديه ، فحمد اللّه على ما أمره به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من ذلك ، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، وتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصلى ، ثم انصرف ، فقال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك . فقال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق ؟ ! مَنْ نابه شيء في صلاته فليسبح ، فإنه إذا سبح التفت إليه ، وإنما التصفيق للنساء ، انتهى . ولم يعزه الشيخ في الإمام إلا لمسلم فقط ، فإنه قال :