فهرس الكتاب

صلى آخر صلاته قاعداً ، والناس خلفه قيام ،

أخرجه البخاري . ومسلم ، وفيه : فصففت أنا . واليتيم خلفه ، والعجوز من ورائنا وأحكام الرجال . والنساء في ذلك سواء ، قال ابن حبان في صحيحه : وقد أوَهم بعض أئمتنا أن العجوز لم تكن وحدها ، وإنما كان معها أخرى . حديث أخبرنا به الحسين فذكره بسنده عن أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بساط ، فأقامني عن يمينه ، وقامت أم سليم . وأم حرام خلفنا ، انتهى . قال : وليس كذلك ، لأنهما صلاتان في وقتين مختلفين ، فتلك الصلاة كانت على حصير ، وقام فيها أنس . واليتيم معه خلف المصطفى ، والعجوز وحدها وراءهم ، وهذه الصلاة كانت على بساط ، وقام فيها أنس عن يمين المصطفى ، وأم سليم ، وأم حرام خلفهما ، فكانتا صلاتين مختلفتين ، انتهى كلامه . الحديث الحادي والسبعون : روى أنه عليه السلام صلى آخر صلاته قاعداً ، والناس خلفه قيام ، قلت :

أخرجه البخاري ومسلم عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود ، قال : دخلت على عائشة ، فقلت لها : ألا تحدثيني عن مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم ؟ قالت : بلى ، ثقل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : ضعوا لي ماءً في المخضب ، ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمى عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس . فقلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول اللّه ، فقال : ضعوا لي ماءً في المخضب ، ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمى عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول اللّه ، فقال : ضعوا لي ماءً في المخضب ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمى عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، وهم ينتظرونك يا رسول اللّه ، قالت : والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة ، قالت : فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي # بالناس ، فأتاه الرسول ، وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً ، فقال : يا عمر صلِّ أنت ، فقال عمر : أنت أحق بذلك ، قالت : فصلى بهم أبو بكر ، ثم إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجد من نفسه خفة ، فخرج يهادى بين رجلين : أحدهما العباس ، لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلي بالناس ، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر ، فأومأ إليه أن لا يتأخر ، وقال لهما : أجلساني إلى جنبه ، فأجلساه إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي ، وهو قائم بصلاة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم قاعد ، قال عبيد اللّه : فعرضت على ابن عباس حديث عائشة ، فما أنكر منه شيئاً ، غير أنه قال : أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت : لا ، قال : هو عليٌّ ، انتهى .

وأخرجه مسلم عن الأسود عن عائشة ، قالت : لما مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مرضه الذي توفي فيه ، فذكر نحوه .

ورواه البيهقي في المعرفة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه الذي مات فيه ، إلى أن قال : فكان عليه السلام بين يدي أبي بكر يصلى قاعداً ، وأبو بكر يصلي بصلاته قائماً ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ، والناس قيام خلف أبي بكر ، انتهى . أحاديث الخصوم لهم : حديث إذا صلى جالساً ، فصلوا جلوساً .

أخرجه البخاري ومسلم ، وباقي الستة عن الزهري عن أنس ، قال : سقط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا عليه نعوده ، فحضرت الصلاة ، فصلى بنا قاعداً ، فصلينا وراءه قعوداً ، فلما قضى الصلاة ، قال : إنما جعل الإِمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، إلى أن قال : وإذا صلى قاعداً ، فصلوا قعوداً .

وأخرجاه من حديث أبي هريرة نحوه : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إنما جعل الإِمام ليؤتم به ، الحديث ، ليس فيه قصة الفرس .

وأخرجا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، قالت : اشتكى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه ، فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالساً ، فصلوا بصلاته قياماً . فأشار إليهم أن اجلسوا ، فجلسوا ، فلما انصرف ، قال : إنما جعل الإِمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً ، انتهى . وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر نحوه ، سواء ، وقد

أخرج البخاري في صحيحه حديث أنس المذكور ، من رواية حميد الطويل عنه ، مخالفاً لرواية الزهري عنه . ولفظه : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه ، أو كتفه ، و آلى من نسائه شهراً ، فجلس في مشربة له ، فأتاه أصحابه يعودونه ، فصلى بهم جالساً ، وهم قيام ، فلما سلم : قال : إنما جعل الإِمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإن صلى قائماً فصلوا قياماً ، ونزل لتسع وعشرين ، فقالوا : يا رسول اللّه ، إنك آليت شهراً ؟ فقال : إن الشهر تسع وعشرون ، انتهى . ذكره في أوائل الصلاة - في باب الصلاة في السطوح منفرداً به ، دون الباقين ، وتكلف القرطبي في شرح مسلم الجمع بين الروايتين ، فقال : يحتمل أن يكون البعض : صلوا قياماً . والبعض صلوا جلوساً ، فأخبر أنس بالحالتين ، وهذا مع ما فيه من التعسف ، ليس في شيء من الروايات ما يساعده عليه ، وقد ظهر لي فيه وجهان : أحدهما : أنهم صلوا خلفه قياماً . فلما شعر بهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أمرهم بالجلوس ، فجلسوا ، فرآهم أنس على الحالتين ، فأخبر بكل منهما ، مختصراً للأخرى ، لم يذكر القصة بتمامها ، يدل عليه حديث عائشة ، وحديث جابر المتقدمان . الثاني : وهو الأظهر : أنهما كانا في وقتين ، وإنما أقرهم عليه السلام في إحدى الواقعتين على قيامهم خلفه ، لأن تلك الصلاة كانت تطوعاً ، والتطوعات يحتمل فيها مالا يحتمل في الفرائض ، وقد صرح بذلك في بعض طرقه ، كما

أخرجه أبو داود في سننه عن أبي سفيان عن جابر ، قال : ركب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرساً بالمدينة ، فصرعه على جذم نخلة ، فانفكت قدمه ، فأتيناه نعوده ، فوجدناه في مشربة لعائشة ، يسبح جالساً ، قال : فقمنا خلفه ، فسكت عنا ، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده ، فصلى المكتوبة جالساً ، فقمنا خلفه ، أشار إلينا فقعدنا ، قال : فلما قضى الصلاة ، قال : إذا صلى الإِمام جالساً فصلوا جلوساً ، وإذا صلى قائماً ، فصلوا قياماً ، ولا تفعلوا ، كما تفعل فارس بعظمائها ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه كذلك ، ثم قال : وفي هذا الخبر دليل على أن ما في حديث حميد عن أنس أنه صلى بهم قاعداً وهم قيام ، أنه إنما كانت تلك الصلاة سبحة ، فلما حضرت الفريضة أمرهم بالجلوس ، فجلسوا ، فكان أمر فريضة لا فضيلة ، انتهى . قلت : ومما يدل على أن التطوعات يحتمل فيها مالا يحتمل في الفرائض ما

أخرجه الترمذي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس ، قال : قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إياك والالتفات في الصلاة ، فإنه هلكة ، فإن كان لابد ، ففي التطوع لا في الفريضة ، انتهى . وقال : حديث حسن ، انتهى . وأصحابنا يجعلون أحاديث : إذا صلى جالساً ، فصلوا جلوساً ، منسوخة بحديث عائشة المتقدم : أنه صلى آخر صلاته قاعداً ، والناس خلفه قيام ، وبحديث : لا يؤمَّنَّ أحد بعدي جالساً ، وسيأتي ذكره ، لكن حديث عائشة وقع فيه اضطراب لا يقدح فيه ، فالذي تقدم أنه عليه السلام كان إماماً . وأبو بكر مأموم ، وقد ورد فيه العكس ، كما

أخرجه الترمذي والنسائي عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة ، قالت : صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

وأخرج النسائي أيضاً عن حميد عن أنس ، قال : آخر صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع القوم ، صلى في ثوب واحد متوشحاً خلف أبي بكر ، انتهى . ومثل هذا لا يعارض ما وقع في الصحيح ، مع أن العلماء جمعوا بينهما ، قال البيهقي في المعرفة : ولا تعارض بين الخبرين ، فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى اللّه عليه وسلم إماماً هي صلاة الظهر ، يوم السبت أو الأحد ، والتي كان فيها مأموماً هي صلاة الصبح ، من يوم الإثنين ، وهي آخر صلاة صلاها عليه السلام ، حتى خرج من الدنيا ، قال : وهذا لا يخالف ما يثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الإِثنين ، وكشفه عليه السلام الستر ، ثم إرخائه ، فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى ، ثم إنه عليه السلام وجد في نفسه خفة ، فخرج فأدرك معه الركعة الثانية ، يدل عليه ما

ذكره موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري ، وذكره أبو الأسود عن عروة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين ، فغدا إلى صلاة الصبح متوكئاً على الفضل بن & العباس . وغلام له ، وقد سجد الناس مع أبي بكر ، حتى قام إلى جنب أبي بكر ، فاستأخر أبو بكر فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بثوبه ، فقدمه في مصلاه فصفّا جميعاً ، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم جالس ، وأبو بكر يقرأ ، فركع معه الركعة الآخرة ، ثم جلس أبو بكر حتى قضى سجوده ، فتشهد وسلم ، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الركعة الأخرى ، ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد ، فذكر القصة في دعائه أسامة بن زيد ، وعهده إليه فيما بعثه فيه ، ثم في وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يومئذ ، أخبرنا به أبو عبد اللّه الحافظ بسنده إلى ابن لهيعة ، حدثنا أبو الأسود عن عروة ، فذكره ، قال البيهقي : فالصلاة التي صلاها أبو بكر ، وهو مأموم ، هي صلاة الظهر ، وهي التي خرج فيها بين العباس . وعلي ، والتي كان فيها إماماً ، هي صلاة الصبح ، وهي التي خرج فيها بين الفضل بن & العباس . وغلام له ، وفيها الجمع بين الأخبار ، انتهى كلام البيهقي . قلت : وحديث كشف الستارة في الصحيحين ، وليس فيه : أنه عليه السلام صلى خلف أبي بكر ، أخرجاه عن أنس أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي توفي فيه ، حتى إذا كان يوم الاثنين ، وهم صفوف في الصلاة ، كشف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ستر الحجرة ، فنظر إلينا ، وهو قائم ، كأن وجهه ورقة مصحف ، ثم تبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ضاحكاً ، قال : فبهتنا ، ونحن في الصلاة فرحاً برسول اللّه ، ونكص أبو بكر على عقبيه ، وظن أن رسول اللّه خارج للصلاة ، فأشار إليهم بيده ، أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل ، وأرخى الستر ، وتوفى من يومه ذلك ، وفي لفظ للبخاري : أن ذلك كان في صلاة الفجر ، واللّه أعلم ، وقال ابن حبان في صحيحه بعد أن روى حديث عائشة من رواية زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن عائشة بلفظ الصحيحين ، ثم

رواه من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة به : أن أبا بكر صلى بالناس ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الصف خلفه ، انتهى . قال : فهذا شعبة قد خالف زائدة في هذا الخبر ، وهما ثبتان حافظان ، ثم

أخرج عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة ، قالت : أغمى على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ قلنا : لا ، الحديث - إلى أن قال : فخرج بين ثويبة . وبريرة ، فأجلستاه إلى جنب أبي بكر ، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي # ، وهو جالس ، وأبو بكر قائم يصلي # بصلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ، ثم قال : وقد خالف نعيم بن أبي هند في هذا الخبر ، عاصم بن أبي النجود ، ثم أخرج عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة ، قالت : صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعداً ، قال وعاصم بن أبي النجود . ونعيم بن أبي هند حافظان ثقتان . قال : وأقول ، وباللّه التوفيق : إن هذه الأخبار كلها صحيحة ، ليس فيها تعارض ، فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد : في إحداهما : كان إماماً ، وفي الأخرى كان مأموماً ، قال : والدليل على ذلك أن في خبر عبيد اللّه بن عبد اللّه عن عائشة أنه عليه السلام خرج بين رجلين : العباس . وعلي ، وفي خبر مسروق عنها : أنه عليه السلام خرج بين : بريرة . وثويبة انتهى . وفي كلام البخاري ما يقتضي الميل إلى أن حديث : إذا صلى جالساً ، فصلوا جلوساً ، منسوخ ، فإنه قال بعد أن رواه : قال الحميدي : هذا حديث منسوخ ، لأنه عليه السلام آخر ما صلى صلى قاعداً ، والناس خلفه قيام ، وإنما يؤخذ بالآخر ، فالآخر من فعله عليه السلام ، انتهى . ذكره في عدة مواضع من كتابه ، وابن حبان لم ير بالنسخ ، فإنه قال بعد أن رواه في صحيحه : وفي هذا الخبر بيان واضح أن الإِمام إذا صلى قاعداً ، كان على المأمومين أن يصلوا قعوداً ، وأفتى به من الصحابة : جابر بن عبد اللّه . وأبو هريرة . وأسيد بن حضير . وقيس بن قهد ، ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا ، بإِسناد متصل . ولا منقطع ، فكان إجماعاً ، والإِجماع عندنا إجماع الصحابة ، وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد ، ولم يرو عن غيره من التابعين خلافه بإسناد صحيح ، ولا واهٍ . فكان إجماعاً من التابعين أيضاً ، وأول من أبطل ذلك في الأمة : المغيرة بن مقسم ، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان ، ثم أخذه عن حماد أبو حنيفة ، ثم عنه أصحابه ، وأعلى حديث احتجوا به ، حديث

رواه جابر الجعفي عن الشعبي ، قال عليه السلام : لا يؤمَّن أحد بعدي جالساً ، وهذا لو صح إسناده لكان مرسلاً ، والمرسل عندنا . وما لم يرو سيان ، لأنا لو قبلنا إرسال تابعي . وإن كان ثقة ، للزمنا قبول مثله عن أتباع التابعين ، وإذا قبلنا : لزمنا قبوله من أتباع أتباع التابعين ، ويؤدي ذلك إلى أن يقبل من كل أحد ، إذا قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وفي هذا نقض الشريعة ، والعجب أن أبا حنيفة يجرح جابرا الجعفي ويكذبه ، ثم لما اضطره الأمر جعل يحتج بحديثه ، وذلك كما أخبرنا به الحسين بن عبد اللّه بن يزيد القطان بالرقة ، ثنا أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا يحيى الحماني سمعت أبا حنيفة ، يقول : ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ، ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ، ما أتيته بشيء من رأيي قط إلا جاءني فيه بحديث ، وقد ذكرنا ترجمة جابر الجعفي في كتاب الضعفاء ، انتهى كلامه وحديث جابر الجعفي هذا

أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننهما عن جابر الجعفي عن الشعبي ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يؤمَّنَّ أحد بعدي جالساً ، قال الدارقطني : لم يروه عن الشعبي غير جابر الجعفي ، وهو متروك ، والحديث مرسل لا تقوم به حجة ، انتهى . وقال عبد الحق في أحكامه : ورواه عن الجعفي مجالد ، وهو أيضاً ضعيف ، انتهى . وقال البيهقي في المعرفة : الحديث مرسل لا تقوم به حجة ، وفيه جابر الجعفي ، وهو متروك في روايته مذموم في رأيه ، ثم قد اختلف عليه فيه ، فرواه ابن عيينة عنه ، كما تقدم .

ورواه ابن طهمان عنه عن الحكم ، قال : كتب عمر : لا يؤمَّنَّ أحد جالساً بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهذا مرسل موقوف ، ثم أسند عن الشافعي ثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر أنه صلى ، وهو مريض جالساً ، وصلى الناس خلفه جلوساً ، وأخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن حضير فعل مثل ذلك ، قال الشافعي : وإنما فعلا مثل ذلك ، لأنهما لم يعلما بالناسخ ، وكذلك ما حكى عن غيرهم من الصحابة أنهم أمُّوا جالسين ، ومن خلفهم جلوس ، محمول على أنه لم يبلغهم النسخ ، وعلم الخاصة يوجد عند بعض ، ويعزب عن بعض ، انتهى . وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : اختلف الناس في الإِمام يصلي # بالناس جالساً من مرض ، فقالت طائفة : يصلون قعوداً ، اقتداءً به ، واحتجوا بحديث عائشة . وحديث أنس : وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ، وقد فعله أربعة من الصحابة : جابر بن عبد اللّه . وأبو هريرة . وأسيد بن حضير . وقيس بن قهد ، وقال أكثر أهل العلم : يصلون قياماً : ولا يتابعونه في الجلوس ، وبه قال أبو حنيفة . والشافعي ، وادَّعوا نسخ تلك الأحاديث بأحاديث أخرى : منها حديث عائشة

في الصحيحين أنه عليه السلام صلى بالناس جالساً ، وأبو بكر خلفه قائم ، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر ، وليس المراد أن أبا بكر كان إماماً حقيقة ، لأن الصلاة لا تصح بإمامين ولكن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان الإِمام ، وأبو بكر كان يبلغ الناس ، فسمي لذلك إماماً ، واللّه أعلم ، انتهى كلامه واعلم أنه لا يقوى الاحتجاج على أحمد بحديث عائشة المذكور : أنه عليه السلام صلى جالساً ، والناس خلفه قيام ، بل ولا يصلح ، لأنه يجوز صلاة القائم خلف من شرع في صلاته قائماً ، ثم قعد لعذر ، ويجعلون هذا منه ، سيما ، وقد ورد في بعض طرق الحديث : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخذ في القراءة من حيث انتهى إليه أبو بكر ، رواه الدارقطني في سننه . وأحمد في مسنده ، قال ابن القطان في كتابه الوهم والإِيهام : وهي رواية مرسلة ، فإِنها ليست من رواية ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وإنما رواها ابن عباس عن أبيه العباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، لذلك رواه البزار في مسنده بسند فيه قيس بن الربيع ، وهو ضعيف ، ثم ذكر له مثالب في دينه ، قال : وكان ابن عباس كثيراً ما يرسل ، ولا يذكر من حدثه ، حتى قالوا : إن جميع مسموعاته سبعة عشر حديثاً ، وقيل : أكثر من ذلك ، جمعها الحميدي . وغيره ، والصحيح الذي ينبغي العمل به ، هو أن تحمل أحاديثه كلها على السماع المتصل ، حتى يظهر من دليل خارج ، أنه سمع هذا الحديث بواسطة ، فيقال حينئذ : إنه مرسل ، وذلك نحو هذا الحديث ، انتهى . وحديث العباس هذا الذي أشار إليه .

رواه البزار في مسنده من حديث قيس عن عبد اللّه بن أبي السفر عن أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس عن العباس ، قال : خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم . وأبو بكر يصلي بالناس ، فقرأ من حيث انتهى إليه أبو بكر ، انتهى . قال البزار لا نعلم هذا الكلام يروى إلا من هذا الوجه بهذا الإِسناد ، انتهى . قلت :

رواه ابن ماجه من غير طريق قيس ، فقال : حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل عن ابن عباس ، قال : لما مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره ، إلى أن قال قال ابن عباس : وأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، في القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر ، قال وكيع : وكذا السنة ، مختصر . أحاديث الفريضة خلف النافلة : احتج أصحابنا على المنع بحديث

أخرجه البخاري . ومسلم عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، قالوا : واختلاف النية داخل في ذلك ، قال النووي : وحمله الشافعي على الاختلاف في أفعال الصلاة ، بدليل قوله : فإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وبدليل أنه يصح اقتداء المتنفل بالمفترض ، وبقولنا قال مالك . وأحمد . أحاديث الخصوم :

أخرج البخاري ومسلم عن جابر : أن معاذاً كان يصلي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشاء الآخرة ، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة ، هذا لفظ مسلم ، وفي لفظ البخاري : فيصلي # بهم الصلاة المكتوبة ، انتهى . ذكره في كتاب الأدب ، ولأصحابنا عنه أجوبة ، استوفاها الشيخ تقي الدين في شرح العمدة : أحدها : أن الاحتجاج به من باب ترك الإِنكار من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وشرط ذلك علمه بالواقعة ، وجاز أن لا يكون علم بها ، ويدل عليه ما

رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن رفاعة عن سليم ، رجل من بني سلمة ، أنه أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : يا رسول اللّه إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام ، ونكون في أعمالنا بالنهار ، فينادي # بالصلاة ، فنخرج إليه ، فيطوِّل علينا ، فقال له عليه السلام : يا معاذ ! لا تكن فتاناً ، إما أن تصلي معي ، وإما أن تخفف على قومك ، فدل على أنه كان يفعل أحد الأمرين ، ولم يكن يجمعهما ، لأنه قال : إما أن تصلي معي أي ، ولا تصل بقومك ، وإما أن تخفف على قومك ، أي ، ولا تصل معي . الوجه الثاني : أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بإِخبار الناوي ، ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام بنية النفل ، ليتعلم سنة القراءة منه ، وأفعال الصلاة ، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض ، ويؤيده أيضاً حديث أحمد المذكور ، قال ابن تيمية في المنتقى : وقوله عليه السلام لمعاذ : إما أن تصلي معي ، وإما أن تخفف عن قومك ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل ، لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته ، وبالاجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه ، فعلم أنه أراد به صلاة الفرض ، وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلاً ، وأجيب عن هذا العذر ، بوجهين ، أحدهما : الاستبعاد عن معاذ ، أن يترك فضيلة الفرض خلف النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ويأتي به مع قومه ، قالوا : وكيف يظن بمعاذ ، بعد سماعه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : إذا أقيمت الصلاة ، فلا صلاة إلا المكتوبة .

وفي لفظ للطبراني : إلا التي أقيمت ، أن تصلي النافلة مع قيام المكتوبة ، ولعل صلاة واحدة مع النبي صلى اللّه عليه وسلم خير له من كل صلاة صلاها في عمره . والثاني : أنه وقع في رواية الشافعي ، ومن طريقه الدارقطني ، ثم البيهقي : هي له تطوع ، ولهم فريضة .

رواها الشافعي في سننه - ومسنده أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار ، أخبرني جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : كان معاذ بن جبل يصلي # مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العشاء ، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها بهم : هي له تطوع ، ولهم فريضة ، انتهى . قال البيهقي : قال الشافعي : لا أعلمه يروى من طريق أثبت من هذا ، ولا أوثق رجالاً ، قال البيهقي : وكذلك رواه أبو عاصم النبيل . وعبد الرزاق عن ابن جريج ، وذكرا فيه هذه الزيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، وقد رويت من طريق آخر عند الشافعي في مسنده أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن ابن عجلان عن عبيد اللّه بن مقسم عن جابر ، فذكر نحوه ، قلنا : أما الاستبعاد فليس بقدح ، سيما ، وفي الحديث ما يؤيد المستبعد ، كما بيناه ، وأما هذه الزيادة ، فليست من كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وإنما هي من الرواة ، ولعلها من الشافعي ، فإنها دائرة عليه ، ولا تعرف إلا من جهته ، فيكون منه ظناً واجتهاداً ، وأما الجواب عن قوله عليه السلام : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ، فقال الشيخ في شرح العمدة : يمكن أن يقال فيه : إن مفهومه أن لا يصلي # نافلة غير الصلاة التي تقام ، لأن المحذور وقوع الخلاف على الأئمة ، وهذا المحذور منتف ، مع الاتفاق في الصلاة المقامة ، ويؤيد هذا اتفاقهم على جواز اقتداء المتنفل بالمفترض ، ولو تناوله النهى لما جاز مطلقاً ، انتهى كلامه . الوجه الثالث : أنه حديث منسوخ .

قال الطحاوي يحتمل : أن يكون ذلك وقت كانت الفريضة تصلى مرتين ، فإِن ذلك كان يفعل أول الإِسلام حتى نهى عنه ، ثم ذكر حديث ابن عمر : لا تصلي # صلاة في يوم مرتين ، قال ابن دقيق العيد ، وهذا مدخول من وجهين : أحدهما : أنه أثبت النسخ بالاحتمال . والثاني : أنه لم يقم دليلاً على أن ذلك كان واقعاً ، أعني صلاة الفريضة في يوم مرتين ، قال : ولكن قد يستدل على النسخ بتقرير حسن ، وذلك أن إسلام معاذ متقدم ، وقد صلى النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد سنتين من الهجرة صلاة الخوف غير مرة ، على وجه وقع فيه مخالفة ظاهرة بالأفعال المنافية للصلاة ، فيقال : لو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لأمكن إيقاع الصلاة مرتين على وجه لا يقع فيه المنافاة ، والمفسدات في غير هذه الحالة ، وحيث صليت على هذا الوجه مع إمكان رفع المفسدات على تقدير جواز اقتداء المفترض بالمتنفل ، دل على أنه لا يجوز ، وبعد ثبوت هذه الملازمة يبقى النظر في التاريخ ، انتهى كلامه . وهذا التقرير إنما يمشي على تقدير أنه عليه السلام صلى أربعاً بتسليمة واحدة ، وهو ظاهر لفظ حديث جابر في الصحيحين ، يعني فلو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لصلى بهم الصلاة مرتين ، فيصلي بالطائفة الأولى الصلاة كاملة ، على وجه لا يقع فيهما شيء من الأشياء المنافية للصلاة أعني في غير هذه الحالة ، وذلك مثل جلوسهم يحرسون العدو ، ورجوعهم إلى الصلاة ، وإعادتهم لما فاتهم ، فلما لم يصل بهم مرتين على وجه لا يقع فيه ذلك ، دل على أنه لا يجوز اقتداء المفترض ، فإن ثبت أن هذه الصلاة كانت بعد حديث معاذ ، فهي ناسخة له ، هذا معنى كلامه . وقد فهم بعضهم من حديث جابر أنه سلم من الركعتين ، وفسره بحديث أبي بكرة ، كما سيأتي ، وقال البيهقي في المعرفة : ومن ادّعى أن ذلك وقع حين كان الفرض يفعل مرتين في يوم ، فقد ادّعى ما لا يعرفه ، إذ لم يدل على النسخ سبب . ولا تاريخ ، وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان ، مولى ميمونة عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم لا تصلوا صلاة في يوم مرتين لا يقاوم حديث معاذ ، للاختلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب ، والاتفاق على رواة حديث معاذ ، وقد كان عليه السلام يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة ، فنجوز أن يكون بعضهم ذهب وهمه إلى أن الإِعادة واجبة ، فقال : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ، أي كلتاهما على سبيل الوجوب ، انتهى كلامه . الوجه الرابع : نقله الشيخ في شرح العمدة عن بعضهم ، ولم يسمه ، وهو أن الحاجة دعت إليه في ذلك الوقت ، ولم يكن لهم غنى عن معاذ ، ولم يكن لمعاذ غنى عن صلاته مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : وهذا يحتمل أن يريد به قائله معنى النسخ ، فيكون كما تقدم ، ويحتمل أنه مما أبيح بحالة مخصوصة ، فيرتفع الحكم بزوالها ، ولا يكون نسخاً على كل حال ، فهو ضعيف لعدم قيام الدليل على تعيين ذلك ، علة لهذا الفعل ، ولأن القدر المجزئ من القراءة في الصلاة ليس بقليل ، وما زاد عليه فلا يصلح أن يكون سبباً لارتكاب ممنوع شرعاً ، واللّه أعلم انتهى كلامه . حديث آخر :

أخرجه أبو داود عن الحسن عن أبي بكرة ، قال : صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في خوف الظهر ، فصف بعضهم خلفه . وبعضهم بإِزاء العدو ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا معه ، فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك ، فصلوا خلفه ، فصلى بهم ركعتين ، ثم سلم ، فكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربعاً ، ولأصحابه ركعتين ركعتين ، انتهى . فصلاته الثانية وقعت نفلاً له ، وفرضاً لأصحابه ، وهم الفرقة الثانية ، والحديث

في مسلم من رواية جابر ، وليس فيه التسليم من الركعتين ، أخرجه عن أبي سلمة عن جابر ، قال : أقبلنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع ، إلى أن قال : ثم نودي بالصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا ، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، قال : وكانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربع ركعات ، وللقوم ركعتان ، وذكره البخاري معلقاً في المغازي - في غزوة ذات الرقاع ، فقال : وقال أبان : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر ، قال : أقبلنا ، الحديث ، ورواه أيضاً متصلاً بإِسناده ، لكن لم يذكر فيه قصة الصلاة ، ووهم النووي في الخلاصة فذكره باللفظ المذكور ، وقال : متفق عليه ، انتهى . وعزا حديث أبي بكرة ، لأبي داود . والترمذي ، ولم يروه الترمذي أصلاً ، ولكني لم أعتمد على النسخة ، فليراجع ، ولفظ الصحيحين هذا قد يفهم منه أنه لم يسلم من الركعتين ، وهو الأقرب ، كما فهمه القرطبي في شرح مسلم ، وقد يفهم منه أنه سلم من الركعتين ، ويفسره حديث أبي بكرة ، كما فهمه النووي ، بل قد جاء مفسراً من رواية جابر : أنه سلم من الركعتين ، كما

رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا الثقة ابن علية ، أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، كان يصلي بالناس ، صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم سلم ، ثم جاءت طائفة أخرى ، فصلى بهم ركعتين ، ثم سلم ، انتهى .

وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر ، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان محاصراً لبني محارب ، فنودي بالصلاة ، فذكر نحوه ، والأول أصح من هذا ، إلا أن فيه شائبة الانقطاع ، فإن شيخ الشافعي فيه مجهول ، وأما الثاني : ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي ، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة ، قال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، يأتي بالطامات ، وقال الفلاس : كان مختلطاً لا يروى عنه ، وقد روى له أبو داود حديثاً مقروناً بحميد الطويل ، وعلى كل حال ، فالاستدلال على الحنفية بحديث جابر صحيح ، وإن لم يسلم من الركعتين ، لأن فرض المسافر عندهم ركعتان ، والقصر عزيمة ، فإن صلى المسافر أربعاً ، وقعد في الأولى صحت صلاته ، وكانت الأخريان له نافلة ، وقد ذهل عن هذا جماعة من شراح الحديث ، ومنهم النووي ، وقالوا : لا يحسن الاستدلال عليهم ، إلا بحديث أبي بكرة ، وبحديث جابر ، على تقدير أنه سلم في الركعتين ، وقد أجاب الطحاوي عن هذا أيضاً بالنسخ ، وقد تقدم نزاعهم في ذلك ، فإن الطحاوي لما ذكر حديث أبي بكرة ، قال : يحتمل أن يكون ذلك وقت ، كانت الفريضة تصلى مرتين ، فإن ذلك كان يفعل أول الإِسلام ، ثم نهى عنه ، ثم ذكر حديث ابن عمر : نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين ، قال : والنهي لا يكون إلا بعد الإِباحة ، واللّه أعلم . أحاديث إقامة الجماعة مرتين في المساجد : منعها مالك ، وأجازها الباقون ، والحجة عليه ما

أخرجه الترمذي في كتابه عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده ، فقال : ألا رجل يتصدق على هذا ، فيصلي معه ؟ ! ، انتهى . ورواه ابن خزيمة . وابن حبان . والحاكم في صحاحهم ، قال الحاكم : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وسليمان الأسود ، هو ابن سحيم ، وقد احتج به مسلم ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن ، وفي الباب عن أبي أمامة . وأبي موسى . والحكم بن عمير ، انتهى .

ورواه أبو داود ، واللفظ المذكور له ، ولفظ الترمذي ، قال : جاء رجل ، وقد صلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : أيكم يتجر على هذا ؟ فقام رجل فصلى معه ، انتهى . وفي رواية البيهقي أن الذي قام فصلى معه أبو بكر رضي اللّه عنه ، واللّه أعلم . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن الحسن الأسدي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلاً جاء ، وقد صلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقام يصلي # وحده ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من يتجر على هذا ، فيصلي # معه ؟ ، انتهى . وسنده جيد . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني أيضاً عن الفضل بن المختار عن عبيد اللّه بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد صلى الظهر ، وقعد في المسجد إذ دخل رجل يصلي ، فقال عليه السلام : ألا رجل يقوم فيتصدق على هذا ، فيصلي معه ؟ ، انتهى . وهو ضعيف بالفضل بن المختار ، قال ابن عدي : الفضل بن مختار أحاديثه منكرة ، وقال أبو حاتم الرازي : هو مجهول ، وأحاديثه منكرة ، يحدث بالأباطيل ، قاله ابن الجوزي في التحقيق ، ونقل عن أبي حنيفة أنه قال : لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب . حديث آخر :