فهرس الكتاب

إذا عمي الرهن فهو بما فيه

- الحديث الرابع : قال عليه السلام : - إذا عمي الرهن فهو بما فيه قلت : روي مسندًا ومرسلًا . فالمسند : رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن مخلد ثنا أحمد بن محمد بن غالب ثنا عبد الكريم بن روح عن هشام بن زيادة عن حميد عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : الرهن بما فيه ، انتهى . قال الدارقطني : هذا لا يثبت عن حميد ، ومن بينه وبين شيخنا كلهم ضعفاء ، ثم أخرجه عن إسماعيل بن أبي أمية ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس مرفوعًا ، نحوه ، قال : وهذا باطل عن حماد ، وقتادة ، وإسماعيل هذا يضع الحديث ، انتهى . قال ابن الجوزي في التحقيق : الأول فيه أحمد بن محمد بن غالب ، وهو غلام خليل ، كان كذابًا ، يضع الحديث ، وعبد الكريم بن روح ضعفه الدارقطني ، وقال أبو حاتم الرازي : مجهول ، وهشام بن زياد ، قال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالمعضلات ، وفي الثاني : إسماعيل بن أبي أمية ، قال الدارقطني : يضع الحديث ، وسعيد بن راشد ، قال يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به ، انتهى . وأما المرسل :

فرواه أبو داود في مراسيله عن علي بن سهل الرملي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي عن عطاء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : الرهن بما فيه ، انتهى . قال ابن القطان : مرسل صحيح ، انتهى . وأخرجه أيضًا عن طاوس مرفوعًا ، نحوه سواء ، وأخرج أيضًا عن أبي الزناد ، قال : إن ناسًا يوهمون في قوله عليه السلام : الرهن بما فيه ، وإنما قال ذلك فيما أخبرنا الثقة من الفقهاء ، إذا هلك وعميت قيمته ، يقال حينئذ للذي رهنه : زعمت أن قيمته مائة دينار ، أسلمته بعشرين دينارًا ، ورضيت بالرهن ، ويقال للآخر : زعمت أن ثمنه عشرة دنانير ، فقد رضيت به عوضًا من عشرين دينارًا ، وأخرج الطحاوي بسند صحيح عن أبي الزناد ، قال : أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم : منهم سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد ، وعبيد اللّه في مشيخة من نظرائهم ، أهل فقه ، وصلاح ، وفضل ، فذكر ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة ، أنهم قالوا : الرهن بما فيه ، إذا كان هلك ، وعميت قيمته ، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قالوا : الرهن بما فيه ، انتهى . - قوله : وإجماع الصحابة والتابعين على أن الرهن مضمون ، مع اختلافهم في كيفيته ، قلت : . . . . . قوله : عن علي رضي اللّه عنه أنه قال : يترادان الفضل في الرهن ، قلت : رواه عبد الرزاق في مصنفه - في أثناء البيوع أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن الحكم عن علي قال : يترادان الفضل بينهما في الرهن ، انتهى . ورواه ابن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان به ،

وأخرجه البيهقي عن خلاس عن علي ، قال : إذا كان في الرهن فضل ، فإن أصابته جائحة ، فالرهن بما فيه ، فإن لم تصبه جائحة ، فإنه يرد الفضل ، قال البيهقي : وما رواه خلاس عن علي أخذه من صحيفة ، قاله ابن معين ، وغيره من الحفاظ :

وأخرجه أيضًا عن الحارث عن علي ، قال : إذا كان الرهن أفضل من القرض ، أو كان القرض ، أفضل من الرهن ، ثم هلك يترادان الفضل ،

وأخرجه أيضًا عن ابن الحنفية عنه ، قال : إذا كان الرهن أقل رد الفضل ، وإن كان أكثر فهو بما فيه . - قوله : ومذهبنا روي عن ابن مسعود ، وعمر ، قلت : أخرج البيهقي عن عمر ، قال في الرجل يرتهن الرهن ، فيضيع ، قال : إن كان أقل مما فيه رد عليه تمام حقه ، وإن كان أكثر ، فهو أمين ، وروى ابن أبي شيبة ، والطحاوي عنه ، قال : إذا كان الرهن بأكثر مما رهن به ، فهو أمين في الفضل ، وإذا كان بأقل رد عليه ، ورواه البيهقي ، وقال : هذا ليس بمشهور عن عمر ، والرواية عن ابن مسعود غريب . - قوله : وعن علي رضي اللّه عنه أنه قال : المرتهن أمين في الفضل ، قلت : رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن عبد الأعلى بن عامر عن محمد ابن الحنفية عن علي قال : إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك ، فهو بما فيه ، لأنه أمين في الفضل ، وإذا كان أقل مما رهن به فهلك ، رد الراهن الفضل ، انتهى . وأخرج نحوه عن عمر حدثنا أبو عاصم عن عمران القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر ، قال : إذا كان الرهن أكثر مما رهن به فهو أمين في الفضل ، وإذا كان أقل رد عليه ، انتهى . باب ما يجوز ارتهانه - قوله : وجه القياس أنه صفقة في صفقتين ، وهو منهي عنه ، قلت : يشير إلى حديث ابن مسعود أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة ، أخرجه أحمد ، وقد تقدم في باب البيع الفاسد . كتاب الجنايات - قوله : وقد نطق به غير واحد : من السنة - يعني الإثم في القتل العمد - : قلت : الأحاديث في تحريم قتل المسلم كثيرة جدًا : فمنها

ما أخرجه الأئمة الستة عن مسروق عن عبد اللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأني رسول اللّه ، إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ، انتهى . وأخرجه الترمذي في الديات والنسائي في القود والباقون في الحدود وفي لفظ لمسلم : قال : قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأني رسول اللّه ، إلا ثلاثة نفر : التارك للإسلام ، الحديث . وأخرج مسلم عن عائشة نحوه ، محيلًا على حديث ابن مسعود ، ولم يسق المتن ، ولفظه : قال الأعمش : وحدثنا إبراهيم عن الأسود عن عائشة بمثله . - حديث آخر :

أخرجه البخاري ، ومسلم في الإيمان عن محمد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر عن جده عبد اللّه بن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدًا رسول اللّه ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها ، وحسابهم على اللّه ، انتهى . وأخرجاه أيضًا عن أبي هريرة ، وأخرجه البخاري عن أنس ، وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ، ورواه الحاكم في المستدرك وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وهذا وهم من وجهين : أحدهما : أن مسلمًا رواه ، الثاني : أن أبا الزبير ليس على شرط البخاري ، ووقع مثل هذا في حديث آخر ، أخرجه في المغازي عن ابن إسحاق بسنده ، وقال فيه : على شرط الشيخين ، وابن إسحاق ليس من شرط البخاري . - حديث آخر :

أخرجه البخاري في الفتن ، ومسلم في الحدود عن أبي بكرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : أتدرون أي يوم هذا ، أليس بيوم النحر ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه ، قال : فأي شهر هذا ؟ قلنا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : أليس بذي الحجة ، قلنا : بلى يا رسول اللّه ، قال : فأي بلد هذا ؟ قلنا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : أليس البلدة ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه ، قال : فإن دماءكم وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، فليبلغ الشاهد الغائب ، انتهى . - حديث آخر :

أخرجه البخاري في الحدود - في باب ظهر المؤمن حمى عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع : ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا شهرنا هذا ، قال : ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا بلدنا هذا ، قال : ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة ؟ قالوا : ألا يومنا هذا قال : فإن اللّه قد حرم عليكم دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، إلا بحقها ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ، ألا هل بلغت ، مختصر . - حديث آخر :

أخرجه البخاري في الحج - في باب الخطبة أيام منى عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب الناس يوم النحر ، فقال : يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام ، قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال : فإن دماءكم وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ثم رفع رأسه فقال : اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت ، انتهى . - حديث آخر :

رواه أبو داود في الفتن حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني عن محمد بن شعيب عن خالد بن دهقان عن عبد اللّه بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ، قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى اللّه أن يغفره ، إلا من مات مشركًا ، أو مؤمنًا قتل مؤمنًا عمدًا ، فقال هانئ بن كلثوم : سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : من قتل مؤمنًا فاعتبط بقتله ، لم يقبل اللّه منه صرفًا ولا عدلًا ، قال لنا خالد : ثم حدثنا ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن معنقًا صالحًا ، ما لم يصب دمًا حرامًا ، فإذا أصاب دمًا حرامًا بلح ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك - في الحدود وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى . وبعضه في البخاري

وأخرجه عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا ، انتهى .

ورواه النسائي في المحاربة عن محمد بن المثنى عن صفوان بن عيسى عن ثور بن يزيد عن أبي عون عن أبي إدريس الخولاني عائذ اللّه عن معاوية سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره ، إلا الرجل يموت كافرًا ، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا ، انتهى . ورواه الحاكم أيضًا في المستدرك وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . - حديث آخر :

أخرجه الترمذي ، والنسائي عن ابن أبي عدي عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : لزوال الدنيا أهون على اللّه من قتل رجل مسلم ، انتهى . وأخرجاه عن محمد بن جعفر عن شعبة به موقوفًا ، قال الترمذي : وهو أصح من حديث ابن أبي عدي ، انتهى . قلت : رواه ابن أبي شيبة في مصنفه - في الديات حدثنا وكيع ثنا سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو ، فذكره مرفوعًا ، وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ، وله طرق أخرى ذكرناها في أحاديث الكشاف . - حديث آخر :

أخرجه الترمذي عن أبي الحكم ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري ، وأبا هريرة يذكران عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا : لو أن أهل السماء ، وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن ، لأكبهم اللّه في النار ، انتهى . وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عطية العوفي عن الخدري ، وسكت عنه ، وأخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي هريرة مرفوعًا ، نحوه . - حديث آخر :

أخرجه ابن ماجه في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ، لقي اللّه تعالى مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللّه تعالى ، انتهى . وهو حديث ضعيف ، وله طرق أخرى ، ذكرناها في أحاديث الكشاف . - حديث آخر :

أخرجه الحاكم في المستدرك - في الحدود عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إذا أصبح إبليس بث جنوده ، فيقول : من أضل اليوم مسلمًا ألبسته التاج ، فيجيء أحدهم فيقول : لم أزل به حتى عق والديه ، فيقول : يوشك أن يبرهما ، ويجيء الآخر فيقول : لم أزل به حتى طلق زوجته ، فيقول : يوشك أن يتزوج ، فذكر نحو ذلك ، إلى أن قال : ويقول الآخر : لم أزل به حتى قتل ، فيقول أنت أنت ، ويلبسه التاج ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . - حديث آخر :

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب بن عبد اللّه البجلي ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : لا يحولن بين أحدكم وبين الجنة - وهو يرى بابها - ملء كف من دم امرئ مسلم أهراقه ، بغير حله ، مختصر ، وهو في البخاري من قول جندب أن أصحابه قالوا له : أوصنا ، فقال : أول ما ينتن من الإنسان بطنه ، فمن استطاع أن لا يأكل إلا طيبًا ، فليفعل ، ومن استطاع أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم أهراقه ، فليفعل ، أخرجه في كتاب الأحكام .