فهرس الكتاب

منّ على بعض الأسارى يوم بدر

روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم منّ على بعض الأسارى يوم بدر ، قلت :

روى البخاري في صحيحه من حديث نافع أن عمر بن الخطاب أصاب جاريتين من سبي حنين ، فوضعهما في بعض بيوت مكة ، قال : فمنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على سبي حنين ، فجعلوا يسعون في السكك ، قال عمر : يا عبد اللّه ، أنظر ما هذا ؟ فقال : منّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على السبي ، قال : اذهب ، فأرسل الجاريتين ، مختصر ، هذا من أحاديث الباب ، والذي بعده حديث الكتاب . - ومن أحاديث الباب :

ما أخرجه البخاري عن جبير بن مطعم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال في أسارى بدر : لو كان المطعم بن عدي حياً ، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له ، انتهى . - حديث آخر :

أخرجه أبو داود في سننه من طريق ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن عائشة ، قالت : لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال ، وبعث فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ، فلما رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك رق لها رقة شديدة ، وقال لأصحابه : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا ، قالوا : نعم يا رسول اللّه ، ففعلوا ، وأطلقوه ، وردوا عليها الذي لها ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك - في المغازي وزاد فيه : وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي زينب إليه ، ففعل ، انتهى . وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى .

ورواه ابن سعد في الطبقات حدثنا الواقدي حدثني المنذر بن سعد مولى بني أسد بن عبد العزي عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن عائشة أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدراً مع المشركين ، فأسره عبد اللّه بن جبير بن النعمان الأنصاري ، فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمرو بن الربيع ، وبعثت معه زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهي يومئذ بمكة بقلادة لها ، كانت لخديجة بنت خويلد ، فأدخلتها عليه بتلك القلادة ، فبعثت بها في فداء زوجها أبي العاص ، فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القلادة عرفها ، فرق لها ، وترحم على خديجة ، وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها متاعها فافعلوا ، قالوا : نعم يا رسول اللّه ، فأطلقوا أبا العاص ، وردوا على زينب قلادتها ، وأخذ النبي صلى اللّه عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها إليه ، فوعده ذلك وفعل ، انتهى . قال الواقدي : وهذا عندنا أثبت من رواية من روى أن زينب هاجرت مع أبيها صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . وقد تقدم في النكاح أن زينب هاجرت مع أبيها ، واللّه أعلم . وقال ابن هشام في السيرة - في غزوة بدر الكبرى : قال ابن إسحاق : وكان ممن سمى لنا من أسارى بدر ممن منّ عليه بغير فداء أبو العاص بن الربيع ، منّ عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بفدائه ، ورده عليها ، والمطلب بن حنطب أسره أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري ، فخلى سبيله ، فلحق بقومه ، وصيفي بن أبي رفاعة بقي في يدي أصحابه ، فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثن إليهم بفدائه ، فخلوا سبيله ، فلم يف لهم بشيء ، وأبو عزة عمرو بن عبد اللّه بن عثمان بن جمح الجمحي ، كان محتاجاً ذا بنات ، فكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فمنّ عليه ، وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحداً ، وامتدح النبي صلى اللّه عليه وسلم بأبيات ذكرها ، ثم أعاد خبره في غزوة أحد ، وزاد : فقال له يوماً : يا رسول اللّه أقلني ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : واللّه لا تمسح عارضيك بمكة بعدها ، تقول : خدعت محمداً مرتين ، يا زبير اضرب عنقه ، فضرب الزبير عنقه ، انتهى .

وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني محمد بن عبد اللّه عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، قال : أمّن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الأسرى يوم بدر أبا عزة عمرو بن عبد اللّه بن عمير الجمحي ، وكان شاعراً ، فقال : يا محمد لي خمس بنات ليس لهن شيء ، وأنا أعطيك موثقاً لا أقاتلك ، ولا أكثر عليك أبداً ، فتصدق بي عليهن يا محمد ، فأعتقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلما كان يوم أحد جاءه صفوان بن أمية ، فقال له : أخرج معنا ، وضمن له إن قتل أن يجعل بناته مع بناته ، وإن عاش أعطاه مالاً كثيراً ، فخرج معهم ، وجعل يدعو العرب ويحشرها ، فأسر ، ولم يؤسر من قريش غيره ، فقال : يا محمد إنما أخرجت كرهاً ، ولي بنات فامنن علي ، قال : لا واللّه لا تمسح عارضيك بمكة ، تقول : سخرت بمحمد مرتين ، يا عاصم بن ثابت اضرب عنقه ، فقدمه عاصم ، فضرب عنقه ، انتهى . وحدثني عامر بن يحيى عن أبي الحويرث قال : وأسر يومئذ من بني المطلب بن عبد مناف رجلان : السائب بن عبيد ، وعبيد بن عمرو بن علقمة ، وكان لا مال لهما ، ولم يقدم في فدائهما أحد ، فأرسلهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بغير فدية ، انتهى . وحدثني محمد بن يحيى بن سهل عن أبي عفير ، قال : وعمرو بن أبي سفيان صار في سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بالقرعة ، كان أسره علي ، فأرسله النبي صلى اللّه عليه وسلم بغير فدية ، انتهى . قال : ووهب بن عمير بن وهب بن خلف أسره رفاعة بن رافع الزرقي ، فقدم أبوه في فدائه عمير بن وهب بن خلف ، فأسلم ، فأرسل له ابنه بغير فداء . الحديث الرابع :