فهرس الكتاب

والذي نفسي بيده ، لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس

أخرج البخاري في صحيحه ، عن زيد بن أسلم أن عمر قال : والذي نفسي بيده ، لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر ، ولكن أتركها لهم خزانة ، يقتسمونها ،

ورواه مالك في الموطأ أخبرنا زيد بن أسلم عن أبيه ، قال : سمعت عمر يقول : لولا أن نترك آخر الناس لا شيء لهم ، ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا ، كما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر سهمانا ، انتهى . والمصنف ذكر في باب القسامة أنه عليه السلام أقر خيبر على أهلها ، ووضع عليهم الخراج ، قيل : إن الطحاوي بين ذلك ، فلينظر . - أحاديث الباب :

أخرج أبو داود في سننه - في كتاب الخراج عن يحيى بن زكريا عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة ، قال : قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر نصفين ، نصفاً لنوائبه ، ونصفاً بين المسلمين ، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً ، انتهى . قال صاحب التنقيح : إسناده جيد ، ويحيى بن زكريا هو ابن أبي زائدة ، وهو أحد الثقات ، انتهى . ثم

أخرجه أبو داود عن محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً ، جمع كل منهم # مائة سهم ، فكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك ، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود ، والأمور ، ونوائب الناس ، انتهى . ثم

أخرجه عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أفاء اللّه عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهماً جمعاً ، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهماً ، يجمع كل سهم مائة ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم معهم له سهم ، كسهم أحدهم ، وعزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثمانية عشر سهماً ، وهو الشطر لنوائبه ، وما ينزل به من أمر المسلمين ، فكان ذلك الوطيح ، والكتيبة ، والسلالم ، وتوابعها ، فلما صارت الأمور بيد النبي صلى اللّه عليه وسلم والمسلمين ، لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اليهود ، فعاملهم ، انتهى . زاد أبو عبيد في كتاب الأموال : فعاملهم على نصف ما يخرج منها ، فلم يزل على ذلك حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأبي بكر ، حتى كان عمر ، فكثر العمال في المسلمين ، وقووا على العمل ، فأجلا عمر اليهود إلى الشام ، وقسم الأموال بين المسلمين ، إلى اليوم ، انتهى . وبشير بن يسار تابعي ثقة ، يروي عن أنس ، وغيره يروي هذا الخبر عنه يحيى بن سعيد ، وقد اختلف عليه فيه ، فبعض أصحاب يحيى يقول فيه : عن بشير عن سهل بن أبي حثمة ، وبعضهم يقول : عن رجال من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ومنهم من يرسله ، واللّه أعلم . حديث آخر :

أخرجه البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن المرقع ، قال : لما افتتح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيبر قسمها على ثمانية عشر سهماً ، فجعل لكل مائة سهماً ، وهي مخضرة من الفواكه ، فوقع الناس على الفاكهة ، فأخذتهم الحمى ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : إن الحمى قطعة من النار ، فإذا هي أخذتكم فبردوا لها الماء في الشنان ، ثم صبوها عليكم بين الصلاتين - يعني المغرب والعشاء - قال : ففعلوا ، فذهبت ، انتهى . قال أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الأثر : اختلف العلماء في المدينة إذا فتحت عنوة ، هل تقسم أرضها بين المسلمين ، كسائر الغنائم ، أو توقف ؟ فقال الكوفيون : الإِمام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأرض خيبر ، أو يقر أهلها عليها ، ويضع عليهم الخراج ، كما فعل عمر بسواد العراق ، في جماعة من الصحابة ، وبالأول أخذ الشافعي ، وبالثاني أخذ مالك ، نفعاً لمن يأتي بعده من المسلمين ، ثم ذكر حديث البخاري ، ثم قال : وهذا يدل على أن خيبر قسمت كلها سهمانا ، وهو رواية ابن إسحاق عن الزهري ،

رواه أبو داود في سننه عن ابن إسحاق قال : سألت ابن شهاب ، فأخبرني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال ، وروي أيضاً من حديث يونس عن الزهري نحوه ،

وروي أيضاً من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غزا خيبر ، فأصبناها عنوة ، وجمع السبي ، قال أبو عمر في مغازيه : وهذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة ، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين ، وهم أهل الحديبية ، وروى موسى بن عقبة ، وغيره عن الزهري أن بعضها كان عنوة ، وبعضها كان صلحاً ، قال أبو عمر : وهذا وهم ، وإنما دخل عليه ذلك من جهة الحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم ، وهما الوطيح والسلالم ، كما روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما حاصر أهل خيبر في حصنهم الوطيح ، والسلالم ، حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ، وأن يحقن لهم دماءهم ، ففعل ، فحاز رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الأموال وجميع الحصون ، إلا ما كان من ذينك الحصنين ، فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف ، وقالوا : نحن أعلم بها منكم ، فصالحهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على النصف ، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم ، قال أبو عمر : فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين مغنومين ظن أن ذلك صلح ، ولعمري أنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ، ولكنهم لم يتركوا أرضهم ، إلا بالحصار والقتال ، فكان حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها قال وربما شبه على هذا القائل بحديث بشير بن يسار أنه عليه السلام قسم خيبر نصفين ، نصفاً له ، ونصفاً للمسلمين ، قال : وهذا إن صح ، فمعناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه ، لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهماً ، فوقع سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهماً ، ووقع سائر الناس في باقيها ، وكلهم ممن شهد الحديبية ، ثم خيبر ، وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحاً ، ولو كانت صلحاً لملكها أهلها ، كما يملك أهل الصلح أرضهم ، وسائر أموالهم ، قال : فالحق في ذلك ما قاله ابن إسحاق عن الزهري ، دون ما قاله موسى بن عقبة عنه ، انتهى كلام أبي عمر . قال أبو الفتح : ويترجح ما قاله موسى بن عقبة ، وغيره : إن بعض خيبر كان صلحاً ، بما

أخرجه أبو داود من طريق ابن وهب عن مالك عن الزهري أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً ، والكتيبة أكثرها كان عنوة ، وفيها صلح ، قلت لمالك : وما الكتيبة ؟ قال : أرض خيبر ، وهي أربعون ألف عذق ،

وروى أبو داود أيضاً عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة ،

وروى أيضاً من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري ، و عبد اللّه بن أبي بكر ، و بعض ولد محمد بن مسلمة ، قالوا : بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا ، فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يحقن دماءهم ، ويسيرهم ، ففعل ، فسمع بذلك أهل فدك ، فنزلوا على مثل ذلك ، قال :

وروى أبو داود أيضاً من حديث حماد بن سلمة عن عبيد اللّه بن عمر ، قال : أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قاتل أهل خيبر ، فغلب على النخل والأرض ، وألجأهم إلى قصرهم ، فصالحوه على أن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ، ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ، ولا يغيبوا شيئاً ، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ، ولا عهد ، فغيبوا مسكا لحيي بن أخطب ، وقد كان قتل قبل خيبر ، كان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير ، فيه حليهم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لسعية بن عمرو أين مسك حيي بن أخطب ؟ قال : أذهبته الحروب والنفقات ، فوجدوا المسك ، فقتل النبي صلى اللّه عليه وسلم ابني أبي الحقيق ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وأراد أن يجليهم ، فقالوا : يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ، ولنا الشطر مابدا # لكم ، ولكم الشطر ، وزاد البلاذري فيه : قال : فدفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سعية بن عمرو إلى الزبير ، فمسه بعذاب ، فقال : رأيت حيياً يطوف في هذه الخربة ، ففتشوها ، فوجدوا المسك ، فقتل النبي صلى اللّه عليه وسلم ابني أبي الحقيق ، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وقسم أموالهم ، للنكث الذي نكثوا ، ففي هذا أنها فتحت صلحاً ، وأن الصلح انتقض ، فصارت عنوة ، ثم خمسها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقسمها ، وفي رواية بشير بن يسار المرسلة : أنه عليه السلام عزل شطرها ثمانية عشر سهماً لنوائب المسلمين ، فكان منها الوطيح ، والسلالم ، والكتيبة التي كان بعضها صلحاً وبعضها عنوة ، وقد تكون غلب عليها حكم الصلح ، فلذلك لم يقسم فيما قسم بين الغانمين ، والوطيح ، والسلالم ، لم يجر لهما ذكر صريح في العنوة ، فصار هذا القول قوياً ، انتهى كلام أبي الفتح رحمه اللّه . قوله : وإن شاء أقر # أهلها عليها ، ووضع عليهم الجزية ، وعلى أراضيهم الخراج ، هكذا فعل عمر رضي اللّه عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة ، ولم يحمد من خالفه ، قلت :