فهرس الكتاب

لا تقرأ الحائض والجنب شيئاً من القرآن

الحديث الرابع : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : لا تقرأ الحائض والجنب شيئاً من القرآن قلت : روي من حديث ابن عمر . ومن حديث جابر . أما حديث ابن عمر ،

فأخرجه الترمذي وابن ماجه عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول صلى اللّه عليه وسلم : لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ، انتهى . قال الترمذي : لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه ، انتهى . ورواه البيهقي في سننه وقال : قال البخاري فيما بلغني عنه : إنما روى هذا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ، ولا أعرفه من حديث غيره ، وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز . وأهل العراق ، ثم قال : وقد روى عن غيره عن موسى بن عقبة ، وليس بصحيح ، انتهى . وقال في المعرفة : هذا حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش ، وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها ، قاله أحمد بن حنبل . ويحيى بن معين . وغيرهما من الحفاظ . وقد روى هذا عن غيره ، وهو ضعيف ، انتهى . وقال ابن أبي حاتم في علله سمعت أبي ، وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا ، فقال : خطأ ، إنما هو من قول ابن عمر ، انتهى . وقال ابن عدي في الكامل : هذا الحديث بهذا السند لا يرويه غير إسماعيل بن عياش ، وضعفه أحمد . والبخاري . وغيرهما ، وصوب أبو حاتم وقفه على ابن عمر ، انتهى . وله طريقان آخران عند الدارقطني . أحدهما : عن المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به . والثاني عن محمد بن إسماعيل الحساني عن رجل عن أبي معشر عن موسى بن عقبة به وهذا مع أن فيه رجلاً مجهولاً ، فأبو معشر رجل مستضعف إلا أنه يتابع عليه . وأما حديث جابر . فرواه الدارقطني في سننه في آخر الصلاة من حديث محمد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر مرفوعاً نحوه ، ورواه ابن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن الفضل ، وأغلظ في تضعيفه عن البخاري . والنسائي . وأحمد . وابن معين ، ووافقهم انتهى حديث يمكن أن يستدل به الطحاوي في إباحة ما دون الآية للجنب ،

ورواه أحمد في مسنده حدثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن السمط عن أبي العزيف الهمداني ، قال : أُتي عليّ بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثاً ، وغسل وجهه ثلاثاً ، وغسل يديه ثلاثاً ، وذراعيه ثلاثاً ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجليه ، ثم قال : هكذا رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توضأ ، ثم قرأ شيئاً من القرآن ، ثم قال : هذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ، ولا آية ، انتهى . ولكن

الدارقطني رواه في سننه موقوفاً بغير هذا اللفظ ، فأخرجه عن عامر بن السمط ثنا أبو الغريف الهمداني ، قال : كنا مع علي رضي اللّه عنه في الرحبة ، فخرج إلى أقصى الرحبة ، فواللّه ما أدري أبولاً أحدث أم غائطاً ، ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ، ثم قبضهما إليه ، ثم قرأ صدراً من القرآن ، ثم قال : اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة ، فإن أصابه فلا ، ولا حرفاً واحداً ، انتهى . قال الدارقطني : هو صحيح عن علي ، انتهى . حديث آخر في منع القراءة للجنب :

رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عمرو بن مرة عن عبد اللّه بن سلمة عن علي ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يحجبه أو لا يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن حبان في صحيحه . والحاكم في المستدرك وصححه قال : ولم يحتجا بعبد اللّه بن سلمة ، ومدار الحديث عليه ، انتهى . قال النووي في الخلاصة : قال الشافعي : أهل الحديث لا يثبتونه ، قال البيهقي : لأن مداره على عبد الله بن سلمة بكسر اللام وكان قد كبر ، وأنكر حديثه وعقله ، وإنما روى هذا بعد كبره ، قاله شعبة ، انتهى كلامه . والله أعلم .