فهرس الكتاب

دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ،

روى الشافعي من حديث : القران رخصة ، وقول أهل الجاهلية تقدم عند البخاري ، ومسلم عن طاوس عن ابن عباس ، قال : كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدبر وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، فقد حلت العمرة لمن اعتمر ، فقدم النبي عليه السلام صبيحة رابعة مهلين بالحج ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا : يا رسول اللّه أي الحل ؟ قال : الحل كله ، انتهى . ورجح الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ أنه عليه السلام كان مفرداً بوجهين : أحدهما : حديث جابر الطويل ، قال : فإنه أحسن سياقاً ، وأبلغ استقصاءً ، وغيره لم يضبط ضبطه ، والثاني : أن أحد الروايين كان أقرب مكاناً من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فإِن أنساً روى أنه عليه السلام قرن ، وابن عمر روى أنه أفرد ، وقال في حديثه : كنت تحت جران ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولعابها بين كتفي ، فحديثه أولى بالتقديم ، وقال ابن سعد في الطبقات - في باب حجة الوداع : وقد اختلف علينا فيما أهلّ به النبي عليه السلام ، فأهل المدينة يقولون : إنه أهلّ بالحج مفرداً ، وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجه عمرة ، وقال بعضهم : دخل مكة متمتعاً بعمرة ، ثم أضاف إليها حجة ، وفي كلٍّ رواية ، انتهى . الحديث الثالث : قال عليه السلام : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، قلت : أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي عليه السلام أنه قال : هذه عمرة استمتعنا بها ، فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله ، وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن ، ومعناه أنه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج ، انتهى . وقال أبو داود : هذا حديث منكر ، إنما هو قول ابن عباس ، قال المنذري : وفيما قاله نظر ، فقد رواه أحمد بن حنبل ، ومحمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار ، وعثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة مرفوعاً ، ورواه أيضاً يزيد بن هارون ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، وأبو داود الطيالسي ، وعمر بن مرزوق عن شعبة مرفوعاً ، وتقصير من قصر من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ ، واللّه أعلم . حديث آخر :

رواه النسائي حدثنا محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن سراقة بن جعشم ، قال : يا رسول اللّه ، أرأيت عمرتنا هذه ، لعامنا أم للأبد ؟ فقال : لا ، بل للأبد ، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، انتهى . وأخرجه ابن ماجه عن مسعر عن عبد الملك به ، قال في الإِمام : قال شيخنا المنذري : هو حديث حسن ، وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي الزبير عن جابر عن سراقة ، فذكره ، قال الدارقطني : رواته كلهم ثقات ، انتهى . والمصنف احتج بهذا الحديث للشافعي أن القارن يطوف طوافاً واحداً ، ويسعى سعياً واحداً - يعني أن العبادتين تتداخلان - ، وفي حديث جابر الطويل أنه عليه السلام لما طاف وسعى بين الصفا والمروة ، قال : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، ولجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل ، وليجعلها عمرة ، فقال سراقة بن جعشم : يا رسول اللّه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فشبك عليه السلام أصابعه واحدة في الأخرى ، وقال : دخلت العمرة في الحج - مرتين - لا ، لأبد للأبد . أحاديث الباب :

أخرج البخاري ، ومسلم عن الليث عن نافع عن ابن عمر ، أنه أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير ، فقيل له : إن الناس كائن بينهم قتال ، وإنا نخاف أن يصدوك ، فقال : لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة إذاً أصنع كما صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء ، قال : ما شأن الحج والعمرة إلا واحد ، أشهدكم أني قد أوجبت حجاً في عمرتي ، وأهدى هدياً اشتراه بقديد ، فلم ينحر ، ولم يحل من شيء حرم منه ، ولم يحلق ، ولم يقصر حتى كان يوم النحر ، فنحر ، وحلق ، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول ، وقال ابن عمر : كذلك فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . حديث آخر :

أخرجاه في الصحيحين أيضاً عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع ، وأهللنا بعمرة ، ثم قال : من كان معه هدي فليهل بالحج والعمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما ، فطاف الذين أهلوا بالعمرة ، ثم حلوا . ثم طافوا طوافاً آخر ، بعد أن رجعوا من منى ، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة ، فإنما طافوا طوافاً واحداً ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه مسلم عن عائشة أنها حاضت بسرف ، فتطهرت بعرفة ، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يجزئ عنك طوافك : بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك ، انتهى . وفي سماع مجاهد من عائشة كلام ، تقدم في الحديث الخامس والثمانين من الحج . حديث آخر :

أخرجه الترمذي ، وابن ماجه عن الدراوردي عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من أحرم الحج والعمرة أجزأه طواف واحد ، وسعي واحد حتى يحل منهما جميعاً ، ورواه أحمد ، ولفظه : من قرن بين حجة وعمرة أجزأه لهما طواف واحد ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن غريب ، انتهى . حديث آخر :

أخرج ابن ماجه عن ليث بن أبي سليم حدثني عطاء ، وطاوس ، ومجاهد عن جابر بن عبد اللّه ، وابن عمر ، وابن عباس أن النبي عليه السلام لم يطف هو وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً لعمرتهم وحجتهم ، انتهى . قال في التنقيح : قال البرقاني : سألت الدارقطني عن ليث بن أبي سليم ، فقال : صاحب سنة يخرج حديثه ، وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء ، وطاوس ، ومجاهد حسب ، انتهى . وقال ابن سعد في الطبقات : كان رجلاً صالحاً ، إلا أنه ضعيف الحديث ، يقال : إنه كان يسأل عطاء ، وطاوساً عن شيء فيختلفون فيه ، فيرويه باتفاقهم من غير تعمد لذلك ، انتهى . حديث آخر :

رواه الدارقطني حدثنا البغوي حدثنا داود بن عمرو ثنا منصور بن أبي الأسود عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طاف طوافاً واحداً لحجه وعمرته ، قال في التنقيح : إسناده صحيح ، فإن عبد الملك صدوق ، روى له مسلم ، ومنصور ، وثقه ابن معين ، وغيره ، وهو شيعي ، وداود من شيوخ مسلم ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه الترمذي عن حجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام قرن بين الحج والعمرة ، فطاف لهما طوافاً واحداً ، انتهى . والحجاج ضعيف ،

وأخرجه الدارقطني عن الربيع بن صبيح عن عطاء عن جابر ، قال : ما طاف لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا طوافاً واحداً ، وسعياً واحداً لحجته وعمرته ، انتهى . والربيع ضعيف . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني أيضاً عن علي بن عاصم : ثنا أبي عن حصين بن عبد الرحمن ، قال : قال لي منصور : حدثتني أنت يا حصين عن عبد اللّه بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه طافوا لحجتهم وعمرتهم طوافاً واحداً ، انتهى . قال ابن الجوزي : وعلي بن عاصم ضعيف ، قال في التنقيح ، هكذا وجدته في نسختين صحيحتين ، والصواب عاصم بن علي ، واللّه أعلم . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد أن النبي عليه السلام جمع بين الحج والعمرة ، فطاف لهما بالبيت طوافاً واحداً ، وبالصفا والمروة طوافاً واحداً ، انتهى . قال ابن الجوزي : وابن أبي ليلى هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو ضعيف ، قال في التنقيح : وعطية أضعف منه . الحديث الرابع :