فهرس الكتاب

إن اللّه كتب عليكم السعي فاسعوا ،

أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ، قال : رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول لتأخذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ، انتهى . الحديث الثاني والثلاثون : قال عليه السلام : إن اللّه كتب عليكم السعي فاسعوا ، قلت : روي من حديث ابن عباس ، ومن حديث حبيبة بنت أبي تجزأة ، ومن حديث تملك العبدرية ، ومن حديث صفية بنت شيبة . - فحديث ابن عباس :

رواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن النضر الأزدي عن معاوية بن عمرو عن المفضل بن صدقة عن ابن جريج ، وإسماعيل بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ، قال : سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الرمل ، فقال : إن اللّه عز وجل كتب عليكم السعي فاسعوا ، انتهى . - وأما حديث حبيبة بنت أبي تجزأة : فرواه الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق بن راهويه ، والحاكم في المستدرك وسكت عنه ، وأعله ابن عدي في الكامل بابن المؤمل ، وأسند تضعيفه عن أحمد ، والنسائي ، وابن معين ، ووافقهم ، ومن طريق أحمد ، الطبراني في معجمه ، ومن طريق الشافعي رواه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننيهما ، -

قال الشافعي : أخبرنا عبد اللّه بن المؤمل العائذي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبي تجزأة - إحدى نساء بني عبد الدار - ، قالت : رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة ، والناس بين يديه ، وهو وراءهم ، وهو يسعى ، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي ، وهو يقول : اسعوا ، فإن اللّه تعالى كتب عليكم السعي ، انتهى . وأخرجه الحاكم في المستدرك أيضاً في الفضائل عن عبد اللّه بن نبيه عن جدته صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة بنحوه ، وسكت عنه أيضاً ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبد اللّه بن المؤمل حدثنا عبد اللّه بن أبي حسين عن عطاء عن حبيبة بنت أبي تجزأة ، فذكره ، قال أبو عمر بن عبد البر : أخطأ ابن أبي شيبة ، أو شيخه في موضعين منه : أحدهما : أنه جعل موضع ابن محيصن عبد اللّه بن أبي حسين ، والآخر : أنه أسقط صفية بنت شيبة ، قال ابن القطان في كتابه : وعندي أن الوهم من عبد اللّه بن المؤمل ، فإن ابن أبي شيبة إمام كبير ، وشيخه محمد بن بشر ثقة ، وابن المؤمل سيء الحفظ : وقد اضطرب في هذا الحديث اضطراباً كثيراً ، فأسقط عطاء مرة ، وابن محيصن أخرى ، وصفية بنت شيبة أخرى ، وأبدل ابن محيصن ، بابن أبي حسين أخرى ، وجعل المرأة عبدرية تارة ، ويمنية أخرى ، وفي الطواف تارة ، وفي السعي بين الصفا والمروة أخرى ، وكل ذلك دليل على سوء حفظه ، وقلة ضبطه ، واللّه أعلم ، انتهى . طريق آخر :

أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن المبارك أخبرني معروف بن مشكان ، قال : أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية ، قالت : أخبرتني نسوة من بني عبد الدار اللاتي أدركن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قلن : دخلنا دار ابن أبي حسين ، فرأينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوف ، إلى آخره ، قال صاحب التنقيح : إسناده صحيح ، ومعروف بن مشكان باني كعبة الرحمن ، صدوق لا نعلم من تكلم فيه ، ومنصور هذا ثقة ، مخرج له في الصحيحين ، انتهى . وأما حديث تملك العبدرية :

فأخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن مهران بن أبي عمر ثنا سفيان ثنا المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة عن تملك العبدرية ، قالت : نظرت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأنا في غرفة لي بين الصفا والمروة ، وهو يقول : أيها الناس إن اللّه كتب عليكم السعي فاسعوا ، انتهى . تفرد به مهران بن أبي عمر ، قال البخاري : في حديثه اضطراب . - وأما حديث صفية بنت شيبة :

فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا علي بن حكيم الأودي ثنا حميد بن عبد الرحمن عن المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة ، قالت : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اسعوا فإن اللّه كتب عليكم السعي ، انتهى . وذكر الدارقطني في عللّه في هذا الحديث اضطراباً كثيراً ، ثم قال : والصحيح قول من قال : عن عمر بن محيصن عن عطاء عن صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة ، وهو الصواب ، انتهى . وقال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ ، الوجه السادس والعشرون من وجوه الترجيحات ، وهو أن يكون أحد الحديثين من قول النبي عليه السلام ، وهو مقارن فعله ، والآخر مجرد قوله لا غير ، فيكون الأول أولى بالترجيح ، نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجزأة ، قالت : رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم في بطن المسيل يسعى ، وهو يقول : اسعوا فإن ، اللّه كتب عليكم السعي ، فهو أولى من حديث : الحج عرفة ، لأنه مجرد قول ، والأول قول وفعل ، وفيه أيضاً إخباره عن اللّه تعالى أنه أوجبه علينا ، فكان أولى ، انتهى كلامه . -