فهرس الكتاب

شعيب بن حرب

المجلد الثاني (تابع) ذكر المصطفين من التابعين ومن بعدهم على طبقاتهم في بلدانهم ذكر من اصطفى من أهل المدائن شعيب بن حرب ... ذكر من اصطفي من أهل المدائن 372 شعيب بن حرب ويكنى أبا صالح.
نزل المدائن واعتزل بها ثم خرج إلى مكة فنزلها إلى أن مات بها.
ابن إسماعيل قال: ذهبنا إلى المدائن، إلى شعيب بن حرب، وكان قاعداً على شط دجلة، وكان قد بنى كوخاً، وخبز له معلق في شريط، ومطهرة يأخذ كل ليلة رغيفاً يبله في المطهرة ويأكله، فقال بيده هكذا، وإنما كان جلداً وعظماً.
قال: فقال: أترى ههنا بعد لحماً، والله لأعملن في ذوبانه حتى أدخل القبر وأنا عظام تقعقع أريد السمن للدود والحيات؟ قال: فبلع أحمد بن حنبل قوله فقال: شعيب بن حرب حمل على نفسه الورع.
السري بن المغلس السقطي قال: أربعة كانوا في الدنيا أعملوا أنفسهم في طلب الحلال، ولم يدخلوا أجوافهم إلا الحلال.
فقيل له: من هم؟ قال: وهيب بن الورد، وشعيب بن حرب، ويوسف بن أسباط، وسليمان بن الخواص.
عبد الله بن خبيق قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: أكلت في عشرة أيام أكلة وشربت شربة.
ابن عبد العزيز: عن شعيب بن حرب قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فجئت فقال: أوسعوا له فإنه حافظ لكتاب الله عز وجل.
إبراهيم بن عبد الملك قال: جاء رجل إلى شعيب بن حرب وهو بمكة فقال: ما جاء بك؟ قال جئت أؤنسك.
قال: جئت تؤنسني وأنا أعالج الوحدة منذ أربعين سنة.
الحسن بن صالح قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: لا تجلس إلا مع أحد رجلين: رجل جلست إليه يعلمك خيراً فتقبل منه، أو رجل تعلمه خيراً فيقبل منك، والثالث: اهرب منه.
أحمد بن الحواري قال: سمعت شعيب بن حرب يقول لرجل: إن دخلت القبر ومعك الإسلام فأبشر.
أحمد بن الفضل قال: رأيت شعيب بن حرب بمكة وعليه جبة صوف رقيقة نظيفة، وعليه إزار خفيف إلى الصفرة، وعمامة، وهو حاف وقد صفر لحيته على لون، ووجهه مصفر، وفي كمه دريهمات تكون مقدار ثلاثين درهماً، وقال: ما أصبحت أملك شيئاً من الدنيا أستطيبه إلا هذه، ورأيته بكى حتى رأيت دموعه تسيل على لحيته.
وقال لي شعيب: أهدى لي رجل صديق لي سكرة واحدة فأنا أتحلى بها بعد عشائي منذ ثمان ليال.
بشر بن الحارث قال: نزل على شعيب بن حرب أخ له يقال له عبدة.
فلما نادوا بالنفير خرج عبدة فتبعه شعيب.
فلما أراد مفارقته قال له شعيب: اجعلني في حل.
قال: من أي شيء؟ قال: من أجل الأخوة فإني لم أقم بأخوتك.
محمد بن عيسى قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: من أراد الدنيا فليتهيأ للذل.
عبد الوهاب قال: كان ههنا قوم خرجوا إلى المدائن، إلى شعيب بن حرب، فلما رجعوا إلى دورهم ولقد أقام بعضهم يستقي الماء، وكان شعيب يقول لبعضهم الذي يستقي الماء: لو رآك سفيان لقرت عينه.
قال المروزي: وقلت لأبي عبد الله: أرويه عنك؟ فأجازه.
أبو جعفر الحداد، عن شعيب بن حرب، أنه قال: لا تحقرن فلساً تطيع الله في كسبه، ليس الفلس يراد إنما الطاعة تراد، عسى أن تشتري به بقلاً فلا يستقر في جوفك حتى يغفر لك.
محمد بن عبد الله البزاز قال شعيب بن حرب قال: لك أن تطين الحائط من الخارج وليس لك أن تجصصه، لعله يخرج في الطريق.
وسمعت أبا عبد الله يقول: بلغني عن شعيب بن حرب أنه قال: لا تطين الحائط مما يلي السكة لعله أن يخرج في الطريق ثم قال أبو عبد الله: لقد دقق شعيب رحمه الله.
عبد الله بن أيوب المخزومي قال: قال شعيب بن الحرب: من طلب الرياسة ناطحته الكباش، ومن رضي أن يكون ذنباً أبى الله إلا أن يجعله رأساً.
سمع شعيب بن حرب من شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، في خلق كثير.
وكان أحد المفردين بالزهد والتعبد وتوفي بمكة سنة سبع وتسعين ومائة.