فهرس الكتاب

رابعة بنت إسماعيل زوجة أحمد بن أبي الحواري

823 رابعة بنت إسماعيل زوجة أحمد بن أبي الحواري كذا نسبها أبو بكر بن أبي الدنيا.
وقد ذكر أبو عبد الرحمن السلمي أن رابعة العدوية تشارك هذه في اسمها واسم أبيها وعموم ما يأتي في الحديث عن زوجة أحمد أنها رابعة بالباء، والعدوية بصرية وهذه شامية، وقد أخبرنا ابن ناصر قال: أنبأ أبو الغنائم بن النرسي قال: رابعة بالباء بنقطة من تحتها بصرية، ورابعة بالياء باثنتين من تحتها شامية.
أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لرابعة، وهي امرأتي وقد قامت بليل: قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه، ما رأينا من يقوم من أول الليل.
فقالت: سبحان الله مثلك يتكلم بهذا؟ إنما أقوم إذا نوديت.
قال: وجلست آكل وجعلت تذكرني.
فقلت لها: دعينا يهنينا طعامنا.
قالت: ليس أنا وأنت ممن يتبغص عليه الطعام عند ذكر الآخرة.
أحمد بن أبي الحواري قال: قالت لي رابعة: أي أخي أعلمت أن العبد إذا عمل بطاعة الله أطلعه الجبار على مساوئ عمله فيتشاغل به دون خلقه؟.
عن أحمد بن أبي الحواري قال: كانت لرابعة أحوال شتى فمرة يغلب عليها الحب، ومرة يغلب عليها الأنس، ومرة يغلب عليها الخوف فسمعتها تقول في حال الحب: حبيب ليس يعدله حبيب ... ولا لسواه في قلبي نصيب حبيب غاب عن بصري وشخصي ... ولكن عن فؤادي ما يغيب وسمعتها في حال الأنس تقول: ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي ... وأبحت جسمي من أراد جلوسي فالجسم مني للجليس مؤانس ... وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي وسمعتها في حال الخوف تقول: وزادي قليل ما أراه مبلغي ... أللزاد أبكي أم لطول مسافتي؟ أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي فيك؟ أين محبتي؟ أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت رابعة تقول: إني لأضن باللقمة الطيبة أن أطعمها نفسي، وإني لأرى ذراعي قد سمن فأحزن.
قال: وربما قلت لها: أصائمة أنت اليوم؟ فتقول: ما مثلي يفطر في الدنيا.
قال: وربما نظرت إلى وجهها ورقبتها فيتحرك قلبي على رؤيتها ما لايتحرك مع مذاكراتي أصحابنا من أثر العبادة.
وقالت لي: لست أحبك حب الأزواج إنما أحبك حب الإخوان، وإنما رغبت فيك رغبة في خدمتك، وإنما كنت أحب وأتمنى أن يأكل ملكي ومالي مثلك ومثل إخوانك.
قال أحمد: وكانت لها سبعة آلاف درهم فأنفقتها علي.
فكانت إذا طبخت قدراً قالت: كلها يا سيدي فما نضجت إلا بالتسبيح.
وقالت لي: لست أستحل أن أمنعك نفسي وغيري، اذهب فتزوج.
قال: فتزوجت ثلاثاً، وكانت تطعمني اللحم وتقول: اذهب بقوتك إلى أهلك.
وكنت إذا أردت جماعها نهاراً قالت: أسألك بالله لا تفطرني اليوم، وإذا أردتها بالليل قالت: أسألك بالله لما وهبتني لله الليلة.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت رابعة تقول: ما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي القيامة، ولا رأيت الثلج إلا رأيت تطاير الصحف، ولا رأيت جراداً إلا ذكرت الحشر.
أحمد بن أبي الحواري قال: قالت لنا رابعة: نحوا عني ذلك الطست، فإنما عليه مكتوب: مات أمير المؤمنين هارون الرشيد.
قال أحمد: فنظروا فإذا هو مات ذلك اليوم.
أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت رابعة تقول: ربما رأيت الجن يذهبون ويجيئون، وربما رأيت الحور العين يستترن مني بأكمامهن.
وقالت بيدها على رأسها.
قال أحمد: ودعوت رابعة فلم تجبني، فلما كان بعد ساعة أجابتني وقالت: إنما منعني من أن أجيبك أن قلبي قد كان امتلأ فرحاً بالله، فلم أقدر أن أجيبك.